المحكمة العراقية تثبت الجبوري وتبطل تغييرات العبادي

جبهة الإصلاح تعد العدة لإعادة إسقاط رئيس البرلمان

المحكمة العراقية تثبت الجبوري وتبطل تغييرات العبادي
TT

المحكمة العراقية تثبت الجبوري وتبطل تغييرات العبادي

المحكمة العراقية تثبت الجبوري وتبطل تغييرات العبادي

في الوقت الذي أعلن فيه رئيس البرلمان العراقي، سليم الجبوري، ترحيبه بالقرار الذي أصدرته المحكمة الاتحادية العليا في العراق ببطلان جلسة إقالته خلال الجلسة التي عقدت في الرابع عشر من شهر أبريل (نيسان) 2016، بسبب عدم اكتمال النصاب، فإن نواب جبهة الإصلاح الذين تبنوا عملية الإقالة خلال تلك الجلسة عدوا قرار الاتحادية بإبطال جلسة البرلمان يوم السادس والعشرين من أبريل التي تضمنت التصويت على الوجبة الأولى من القائمة الوزارية التي قدمها رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى البرلمان بمثابة انتصار لهم.
وقال المتحدث الرسمي للسلطة القضائية الاتحادية، القاضي عبد الستار بيرقدار، في بيان له أمس الثلاثاء، إن «المحكمة الاتحادية العليا نظرت دعاوى الطعن بدستورية جلستي مجلس النواب المنعقدتين الشهر الماضي»، مبينًا أن «المدة الماضية تفرّغت المحكمة للنظر في الدعاوى لأهمية موضوعها واحترامًا لأطرافها وتقديرًا لوضع البلد». وأضاف بيرقدار أن «المحكمة توصلت إلى أن جلسة يوم 26 كانت غير دستورية للأسباب التي سردتها في الجلسة والتي تشكل مخالفات دستورية، ولا يجوز الأخذ بقراراتها حتى وإن كان العدد الحاضر من النواب بنصاب قانوني».
وتابع المتحدّث الرسمي للسلطة القضائية أن «بخصوص جلسة يوم 14 نيسان فقد قررت المحكمة الأخذ بتقرير الخبراء على أنها غير مكتملة النصاب من خلال حضور 131 نائبا حين اتخاذ القرارات موضوع الطعن أمام المحكمة، ولذا اتخذت قرارها بعدم دستورية هذه الجلسة». إلى ذلك رحب رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري بقرار المحكمة الاتحادية. وقال الجبوري، في بيان له تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن «رئيس مجلس النواب سليم الجبوري يعرب عن احترامه لقرار المحكمة الاتحادية الذي صدر هذا اليوم والمتعلق بعدم دستورية جلستي يومي 14 و26 أبريل الماضي». وأضاف أن «هذا القرار جاء ليؤكد ما ذهبت إليه رئاسة مجلس النواب وأغلب الكتل السياسية من عدم دستورية الممارسات التي قام بها عدد من النواب المعترضين»، مبينا أن «أي تغير داخل مؤسسات الدولة يجب أن يكون منطلقا من مواد قانونية ودستورية». عد الجبوري، أن «هذا القرار جاء في الوقت المناسب، وأنهى كل المحاولات التي تريد عرقلة عمل مجلس النواب في المرحلة المقبلة»، مؤكدا أنه «كان حريصا على أن يصدر حكم المحكمة قبل الشروع بعمل مجلس النواب للسنة التشريعية الثالث، لكي يتسنى للمجلس القيام بمهامه الدستورية بشكل منتظم، وأن يقطع الطريق أمام كل من يحتج بعدم صدور قرار المحكمة الاتحادية، من أجل عدم الالتزام بمهامه الدستورية المكلف بها من قبل الشعب».
من جهته، أكد المستشار الإعلامي لرئيس البرلمان عماد الخفاجي لـ«الشرق الأوسط»، أن «البرلمان سوف يلتئم مع بداية الشهر المقبل، لا سيما أن أمامه مهام كثيرة، وقد عبر رئيس البرلمان عن احترامه لقرار المحكمة الاتحادية الذي عبر عن طبيعة السلوك الديمقراطي في العراق»، مبينا أن «قضية مقاضاة من تسبب بعرقلة عمل البرلمان أو ضلل الشعب والعدالة بادعاء اكتمال النصاب (في إشارة إلى جبهة الإصلاح) وانتحل صفة غير قانونية وغير شرعية».
من جهتهم، فقد أكد نواب جبهة الإصلاح المعارضة أنهم سوف يبدأون إجراءات إقالة رئيس البرلمان. وقالت عضو البرلمان عن جبهة الإصلاح حنان الفتلاوي، في مؤتمر صحافي عقدته مع عدد من نواب الكتلة في قاعة المحكمة الاتحادية، بعد إصدار الحكم، إن «ما صدر اليوم من قرار للمحكمة الاتحادية كان نصرا كبيرا لجبهة الإصلاح في إلغاء جلسة برلمان يوم 26 أبريل، وجرى فيها تعديل وزاري خلاف الدستور والقانون».
وأضافت: «لا يتصور البعض بأن قرار إلغاء جلستنا وإعادة سليم الجبوري إلى منصة رئاسة البرلمان يعني توقف جبهة الإصلاح، بل ستجتمع لإعداد خطة تبدأ بتنفيذها بعد استئناف جلسات البرلمان، ونحترم قرار القضاء حتى وإن كنا غير مقتنعين في بعض منه». في السياق ذاته أكد عضو البرلمان العراقي عن كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري، حاكم الزاملي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «القرار الذي أصدرته المحكمة الاتحادية سيؤدي في النهاية إلى لم شمل البرلمان العراقي بعد أن كان السياسيون سببا في تشتته طوال الفترة الماضية». وأضاف الزاملي أن «الرئاسة الحالية للبرلمان لم تتمكن من النجاح في إدارة دفة البرلمان، خصوصا أنها سوف تواجه جبهة إصلاح قوية، وقد ينضم إليها كثيرون، وبالتالي فإنه سيكون أسهل إقالة رئاسة البرلمان، ومن ثم التوجه إلى الحكومة لإقالتها هي الأخرى».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم