عرض أسوأ «يوم استقلال» في تاريخ سينما الخيال العلمي

فيلم اعتمد على ضخامة البصريات لستر ضحالة أفكاره ومضامينه

الممثل الأسترالي الشاب ليام همسوورث وجه جديد في «يوم الاستقلال: الانبعاث»
الممثل الأسترالي الشاب ليام همسوورث وجه جديد في «يوم الاستقلال: الانبعاث»
TT

عرض أسوأ «يوم استقلال» في تاريخ سينما الخيال العلمي

الممثل الأسترالي الشاب ليام همسوورث وجه جديد في «يوم الاستقلال: الانبعاث»
الممثل الأسترالي الشاب ليام همسوورث وجه جديد في «يوم الاستقلال: الانبعاث»

هناك طرق كثيرة لإطلاق فيلم رديء بميزانية ضخمة، أهمها تسليم مهمّة الإخراج إلى رونالد إيميريش. هذا وحده ضمانة على أن العمل المسند إليه سيتميّز بضخامة البصريات وضحالة الأفكار والمضامين، حتى لو كان عنوان العمل «يوم الاستقلال: الانبعاث».
يعتبر هذا الفيلم هو الجزء الثاني من فيلم «يوم الاستقلال» للمخرج ذاته الذي عرضته شاشات السينما قبل عشرين عامًا. وتضمنت قصته اندفاع أبطال الأرض (تحديدًا بطلين هما ويل سميث وجف غولدبلوم) لتحدي غزاة الفضاء والانتصار عليهم. القيمة الحقيقية لذلك الفيلم أنه أعاد الاعتبار إلى فكرة أن أهل الفضاء ليسوا أهل سلم جاءوا إلى الأرض للتواصل مع أهلها، بل هم أشرار قريبو الشبه بما رمز إليه هولاكو عندما جاء غازيًا الشرق الأوسط.
هذا إلى جانب أنه منح مخرجه القدرة لإخراج أفلام مكلفة أخرى ليست دومًا ناجحة تجاريًا.
وكما كان حال «يوم الاستقلال» يجاري الجزء الثاني الجزء الأول، لكن الفارق هو الإخراج على نمط متواصل من اعتماد مدرسة ستيفن سبيلبرغ الأولى في تعزيز الحدث بإطارات كبيرة من العناصر الإبهارية. وهنا، يكمن الفارق الأساسي بأن سبيلبرغ في «إي تي - خارج الأرض» و«لقاءات قريبة من النوع الثالث»، ثم لاحقًا في «حرب العالمين»، حافظ على نسبة مرتفعة من الأحداث الدرامية التي تستحوذ على الانتباه جنبًا إلى جنب الاستعراض البصري. أمر لم يستطع إيميريش معرفة سرّه فبقي على حاله حتى بتصديه لمواضيع تتطلب ميزانيات أعلى وقدرات بصرية أكبر.

5 كتاب سيناريو ومخرج واحد
«عيد الاستقلال: الانبعاث» هو عن محاولة جديدة لاستعمار الأرض. قوى الفضاء تكبدت خسائر فادحة في الفيلم الأول، وكلمة السر هنا أن العودة أكبر حجمًا هذه المرّة، مما سيتطلب صدًّا أكبر حجمًا بدوره، مما يعني فيلمًا أكبر حجمًا من سابقه. كل مشهد يمر هنا هو تذكير ببقايا فيلم سابق كان من الأسهل هضم خيالاته من تلك التي تسود الفيلم الجديد.
في الأساس هو دائمًا أمر لا يدعو للطمأنينة عندما يتجاوز عدد كتاب السيناريو الاثنين. لهذا الفيلم هناك 5 كتّاب، مما يعني أن كل واحد أضاف إلى بركة الأفكار بعضًا من أفكاره ثم تجالس المخرج مع كل نسخة عمل واستخلص منها ما ألف سيناريو الفيلم الماثل.
لا شيء داخل الحكاية جديد على ما سبق للفيلم الأول أن عالجه: هناك الأرض. الشخصيات الطيّبة. ذات يوم يصحو البشر على هجوم ساحق مصدره شعب يريد تدمير البشرية كلها. هذا الإيجاز صالح لا لوصف الفيلم السابق، بل لوصف الفيلم الحالي أيضًا، ولو أن في التفاصيل شخصيات جديدة تريد أن تثبت جدارتها، كما فعل ويل سميث الذي يتم ذكره هنا عارضًا عندما ينظر شريكه غولدبلوم إلى الفراغ ويقول: «كان أجرأ شخص عرفته في حياتي». هذا لا يكفي لضمان دور لسميث لكن ابنًا له (يؤديه ترافيز توب) ينبثق ليحل محل أبيه إلى جانب ليام همسوورث في طائرات الشبح، التي عليها أن تتصدّى لمراكب فضائية، بعضها بحجم ثلث الكرة الأرضية.
ولا يوفر الجزء الثاني الإجابة على أسئلة مثل كيف ولماذا، بل يقدّم ما أعدّه لمشاهديه من أسباب التدمير ونتائجه كحقيقة باترة مجهّزة بحوارات من نوع «شعب واحد، عالم واحد». رغم ذلك، بعض الشخصيات موجودة فيه لمجرد أنها من طائفة معيّنة أو من لون بشرة محددة، مما يعني تمييزًا يتنافى مع ذلك الشعار.
وخصوصًا اختيار أسماء لبعض الشخصيات غير معروف ما إن كانت تَرِد مزاحًا أو جهلاً. تحديدًا ذلك الأفريقي الذي سموه ديكمبي أومبوتو. الواقع يقول إن كل الأسماء حول العالم واردة الاحتمال لكن في السينما هناك خيارات أفضل. الأسوأ أن هذا المحارب الأفريقي الذي له «خبرة» في قتال غزاة الفضاء يستخدم في حربه سيفين قصيرين مثبّتين على ظهره. كل تلك التقنيات الحديثة بيد أهل الأرض وتلك الأفدح منها حداثة ودمارًا بيد غزاة الفضاء لا تعني شيئًا له، ولا الفيلم يستطيع أن يشتري من مشاهديه قبولاً ساذجًا بهذا الدرك.

مشاهد طغى عليها الدمار والغبار
الفيلم يتوقع لهيلاري كلينتون أن تصبح رئيس جمهورية. فرئيس الجمهورية في الفيلم امرأة تأخذ القرار، ثم تتساءل ما إذا كانت على صواب أم لا. لا يقصد الفيلم أن يظهر أنها ليست أهلاً للبيت الأبيض، لكنه واحد من الخرطوش المستخدم على أمل شحذ همّة المشاهدين الذين قد استرخوا خلال العرض، مدركين أنهم هم الضحايا الحقيقيون لهذا العمل.
لكن أن تدخل فيلمًا لرولاند إيميريش فعليك أن تتوقع أن تجد نفسك أمام مخرج سينمائي ليس لديه ما يقدّمه لك سوى طبق كبير من الدمار يعلوه الغبار. ومشاهد لبعض أبطاله وهم ينظرون إلى شاشات عريضة يراقبون عليها ما يقع بذهول. ولد إيميريش قبل 60 سنة في ألمانيا، وبعد فيلمين متباعدين من إنتاج ألماني (غربي آنذاك) انتقل إلى هوليوود ليجرب حظه، كما فعل سواه من السينمائيين الأوروبيين. بدأ هناك كاتبًا ثم جلس على كرسي الإخراج سنة 1990 بفيلم خيال علمي تقع أحداثه فوق كوكب بعيد اسمه «قمر 44». منه عاد إلى الأرض وأخرج من بطولة جان - كلود فان دام أحد أشهر أفلامه «الجندي الدولي» (1992). بعد ذلك قدّم وصفة تاريخية مختلفة عن الواقع لمن بنى الأهرامات المصرية في «ستار غايت» (1994). هذا الفيلم كان الأعلى نجاحًا بين ما سبق أن حققه، وهو ما مهد لحصوله على الضوء الأخضر لإنجاز «يوم الاستقلال» سنة 1996.
الدمار في «يوم الاستقلال» كان شاملاً ولو أن الروح الوطنية بقيت منيعة لم تُمس. لكن الذين اعتقدوا أنه سيكتفي بما تسببه من دمار وخراب ويلجأ إلى عمل متنوع وجدوا أنفسهم مخطئين. ففيلمه التالي كان «غودزيللا» (1998) الذي عانى من كبر حجم الوحش ومن كبر حجم الفيلم ومن كبر حجم الدمار لكن مع صغر حجم الحكاية.
عمد بعد ذلك إلى إخراج «الوطني» مع ميل غيبسون في البطولة بنتيجة أفضل من سوابقها. بعد ذلك عاد لفكرة تدمير الأرض بكاملها في «اليوم التالي للغد» (2004)، ثم اكتشف التاريخ في «10 آلاف سنة قبل الميلاد» (2008)، قبل أن يقرر أنه ما زال بحاجة لتدمير الكوكب من جديد وهذه المرّة، في فيلم بعنوان «2012» استوحى من روزنامة هنود المايان أن نهاية العالم ستقع في تلك السنة. ما وقع هو الفيلم الذي هاجمه معظم النقاد، تمامًا كحال فيلمه الجديد هذا.
في فيلمه اللاحق «سقوط البيت الأبيض» اكتفى إيميريش بتدمير البيت الأبيض وواشنطن في حكاية مفادها حدوث مؤامرة (قادها جيمس وودز في الفيلم) لقتل الرئيس يواجهها شرطي دخل البيت الأبيض مع ابنته، ثم افترق عنها عندما داهم الإرهابيون المكان.
لم يطلق إيميريش نفسه مؤلّفًا ولا مبدعًا بل سينمائي ينفّذ أفلامًا للجموع السائدة، وهذا حسن لو كانت أفلامه تحمل مضامين درامية، ليس بالضرورة اجتماعية أو سياسية أو حتى إنسانية. لكنها لا تفعل ذلك. لا شيء ينضح عن مفارقاته سوى ذلك الحوار الذي كان يمكن تنفيذه على صفحات «فيسبوك» مثل المرّة التي يقول فيها أحدهم: «أنا لست هنا لإنقاذ العالم، بل لإنقاذك»، أو ذلك الذي يقول: «هل هذا المدفع من مركبة الفضاء»؟ وبين العبارة والأخرى هناك كثير من الصريخ وتكرار لازمة «لا أصدق ما يدور»، وهي عبارة أخرى تريد أن تحل محل رأيك كمشاهد، لكن المشكلة أن عدم التصديق الوحيد الذي يجول بين المشاهدين أكثر من سواه هو كيف تتبخر ميزانيات ضخمة على مشاريع ركيكة إلى هذا الحد؟



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».