العلم يحول التبغ من مادة سامة إلى مصدر للحياة

إنتاج عقاقير من النبتة مضادة للملاريا والسعار والسرطان الفيروسي

إنتاج المواد الطبية المفيدة للبشر التبغ
إنتاج المواد الطبية المفيدة للبشر التبغ
TT

العلم يحول التبغ من مادة سامة إلى مصدر للحياة

إنتاج المواد الطبية المفيدة للبشر التبغ
إنتاج المواد الطبية المفيدة للبشر التبغ

في حين ينهمك العالم في مكافحة انتشار التدخين، ومعالجة الأمراض الخطيرة الناجمة عنه، تأتي النجدة على يد النبتة ذاتها التي تسبب كل هذا الدخان، أي التبغ، ولكن عن طريق توظيفها في مجالات طبية علاجية. ويعتقد العلماء منذ سنوات أن على صناعة التبغ أن تتحول من إنتاج السجائر، القاتلة للبشر، إلى إنتاج المواد الطبية المفيدة للبشر منها.
وبنى العلماء اعتقادهم هذا على أساس اكتشاف توصلوا إليه يقول إن نبتة التبغ مصدر للأجسام المضادة للملاريا وفيروسات مرض السعار وبعض الفيروسات المسببة للأورام السرطانية الفيروسية المنشأ، مثل سرطان عنق الرحم عند النساء.
ويعرف العلم منذ سنوات، ويعرف الصينيون منذ قرون، أن نبتة التبغ تحتوي على مادة مضادة للملاريا، إلا أن تركيز هذه المادة في التبغ ضعيف، وهذا يعني أن إنتاجها بكميات كافية لمكافحة الملاريا سيكون مكلفًا وطويلاً، يتطلب هدر أطنان من نبتة التبغ. لكن العلماء الألمان من معهد «ماكس بلانك» الألماني لأبحاث الفسلجة النباتية الجزيئية يقولون الآن إنهم توصلوا إلى رفع محتويات نبتة التبغ من المادة المضادة للملاريا باستخدام الهندسة الوراثية.
وعمل العلماء الألمان على زيادة غلة النبتة من مادة ارتيميسينين الفعالة ضد طفيلي الملاريا عن طريق تسريب جين معين إلى تركيبة النبتة الوراثية. ويفتح هذا الاكتشاف الباب أمام إنتاج ارتيميسينين كعقار مضاد للملاريا، وبأسعار مناسبة لمناطق العالم الثالث التي يستوطن فيها المرض.
وذكرت باولينا فوينتس، العاملة ضمن فريق العمل الذي يترأسه البروفسور رالف بوك، من معهد «ماكس بلانك» في بوتسدام، أن النبتة تنتج في الواقع أحماض الارتيميسينين، لكن إنتاج المادة نفسها من الأحماض ليس مشكلة. وأضافت أن إنتاج العقار المضاد للملاريا من الأحماض يحتاج إلى عملية كيمياوية بسيطة لا غير. ويمكن وضع العقار تحت تصرف منظمات الأمم المتحدة التي تكافح من أجل خفض عدد ضحايا الملاريا في العالم، الذي يزيد عن مليون إنسان سنويًا.
وأنتج بوك وزملاؤه في معهد «ماكس بلانك» 600 نبتة تبغ معدلة وراثيًا حتى الآن في مختبراتهم. وتمكنوا من إنتاج 120 ملغم من أحماض ارتيميسينين من كل كيلوغرام من نبتة التبغ. وللمقارنة، وفق تصريح بوك، تنتج الطرق التقليدية 1 ملغم فقط من كل كغم من النبتة الاعتيادية.
وعمل بوك على تعديل نبتة التبغ وراثيًا في خطوتين. جرى في الخطوة الأولى تسريب إنزيم معين ضروري لإنتاج ارتيميسينين إلى خلايا الكلوروبلاست المسؤولة في النباتات عن تحويل ضوء الشمس إلى طاقة. ثم عملوا في الخطوة الثانية على تسريب جين معين إلى نواتات هذه الخلايا يحفز الإنتاج الكبير للمادة المطلوبة.
ويمكن لنبتة التبغ أن تصبح مصدرًا دائمًا لمادة ارتيميسنين، حينما يمنحها العلم عمرًا طويلاً يقترب من السرمدية، وهذا ما توصل إلى معهد «فراونهوفر» الألماني المعروف قبل أشهر. إذ نجح علماء المعهد، بالتعاون مع جامعة مونستر، في تجاوز زراعة التبغ من البذور إلى إنتاجه مباشرة من أوراق النبتة نفسها. والمهم في هذه النبتة أنها دائمة الشباب، وتواصل عطاءها دون أن تموت، لأن العلماء نجحوا في كسر دورة حياتها الطبيعية. وهندس العلماء النبتة بحيث تبقى كنبتة من ورق، ونبتة تبغ شابة، دون أن تصل إلى مرحلة تفتح الزهور ومنح البذور.
وذكرت جامعة مونستر أن الهدف لا يتعلق بنبتة التبغ نفسها، لأن المشروع لا يهتم بإنتاج سجائر «خالدة»، وإنما لأن هناك مشتركات كثيرة بين نبتة التبغ ونبتة البطاطا. وبالتالي، فإن الهدف هو استخدام الطريقة نفسها لإنتاج بطاطا سرمدية، قد تعين العالم في محاربة الفقر والمجاعات في العالم. والهدف الثاني من المشروع هو تحسين إنتاج الأجسام المضادة للفيروسات الخطيرة من نبتة التبغ.
ويعود اهتمام معهد «فراونهوفر» لدراسات الميكروبيولوجيا بنبتة التبغ إلى مشروع أوروبي بدأ العمل به قبل 5 سنوات، وتشارك فيه أكثر من 30 مؤسسة أوروبية. ويرمي المشروع إلى تعديل نبتة التبغ وراثيًا وتأهيلها لتنمية جسيمات مضادة مهمة في المعركة ضد الفيروسات الخطيرة.
وعمل العالم الألماني راينر فيشر، من معهد فراونهوفر، على تسريب جين معين يحمل الجسيم المضاد إلى الخريطة الوراثية لنبتة التبغ. قبل ذلك ثبت للعلماء البريطانيين أن هذا الجسيم فعال ضد الفيروسات المسببة لسرطان الرحم عند النساء، وضد الفيروسات المسببة لمرض الإيدز. ويكلف إنتاج هذا الجسيم المضاد من التبغ 30 - 40 مرة أقل من كلفة تحضيره بالوسائل المختبرية الاعتيادية. وكان العلماء من جامعة «ثوماس جيفرسون» قد توصلوا إلى إنتاج أجسام مضادة لمرض السعار من خلال أبحاثهم حول مكونات التبغ المفيدة لصحة الإنسان. وكتب الباحثون في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences إنهم جربوا الأجسام المضادة في مصل على الحيوانات، ونجحوا في وقف انتقال العدوى بين هذه الحيوانات.
وذكر العلماء أنهم أفلحوا في زرع الجين البشري المسؤول عن تكوين الأجسام المضادة للسعار عند البشر في نبتة التبغ. كما نجح فريق العمل في خطوة أخرى في تحويل الأجسام المضادة المنتجة من قبل التبغ إلى مصل يزرق في الجسم.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.