الوزير حناوي: لبنان «في عين العاصفة».. والانتخابات الرئاسية ورقة في النزاع الإقليمي

تخوف من حدوث عمليات إرهابية واستبعد التوصل إلى قانون نيابي يؤمن صحة التمثيل

وزير الشباب والرياضة اللبناني عبد المطلب حناوي
وزير الشباب والرياضة اللبناني عبد المطلب حناوي
TT

الوزير حناوي: لبنان «في عين العاصفة».. والانتخابات الرئاسية ورقة في النزاع الإقليمي

وزير الشباب والرياضة اللبناني عبد المطلب حناوي
وزير الشباب والرياضة اللبناني عبد المطلب حناوي

اعتبر وزير الشباب والرياضة اللبناني عبد المطلب حنّاوي، أن لبنان لا يزال في عين العاصفة، مبديا تخوفه من حدوث عمليات إرهابية. وفي حين استبعد إمكانية اتفاق الأفرقاء اللبنانيين على قانون جديد للانتخابات النيابية وفق النظام النسبي، رأى أن الانتخابات البلدية أسقطت ذريعة العامل الأمني الذي استند إليه في التمديد للمجلس النيابي في وقت أصبح الاستحقاق الرئاسي مرتبطا بتطور الأزمة السورية وحولته القيادات اللبنانية إلى ورقة في النزاع الإقليمي.
كلام الوزير حناوي جاء في سياق حوارٍ مع «الشرق الأوسط» وهذا نصه:
* ما هي قراءتك لمسار الانتخابات البلدية التي أنجزت الشهر الماضي؟
- النتيجة الأولى هي تكريس الخيار الديمقراطي في عملية تداول السلطة، وهو يدخل في كونه أساسًا لوجود لبنان الذي لا يمكنه الاستمرار كوطن وكيان بلا حرية وديمقراطية وعيش مشترك هو الأساس الصلب الذي تتلاشى عنده كل محاولات النيل من لبنان. أما النتيجة الثانية فهي أن الانتخابات أظهرت توق الشعب اللبناني إلى التغيير ورفض التركيبة القائمة التي عجزت عن معالجة أبسط الأمور، أما النتيجة الأهم فتمثلت بسلاسة العملية الانتخابية والدور الكبير للجيش والأجهزة الأمنية في حماية العملية الانتخابية، مما أسقط ذريعة العامل الأمني الذي استند إليه في التمديد للمجلس النيابي الحالي.
إلا أن الأهم هو أن كل القوى السياسية بدأت تتحسس رأسها، لأن النتائج دلّت على تحوّل جوهري في توجهات ومزاج المواطن اللبناني.
* برأيك هل هذه الانتخابات ستؤدي إلى انتخاب رئيس للجمهورية؟
- مسألة انتخاب رئيس للجمهورية يجب أن تكون خارج الاختبارات وقياس الظروف، هي مسألة محتومة الحصول قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بشهرين، وعدم انتخاب رئيس هو بمثابة تعليق العمل بالدستور، ولا أعتقد أن انتخابات بلدية أو نيابية هي التي ستؤدي إلى انتخاب رئيس جمهورية لبنان، لأن هذا الاستحقاق أصبح مرتبطا بتطور الأزمة السورية وللأسف القيادات اللبنانية حولت الموضوع الرئاسي إلى ورقة في الكباش الإقليمي.
* هل ترى أن الأفرقاء اللبنانيين سيتمكنون من التوصل إلى اتفاق على قانون جديد للانتخابات النيابية أم أن التوجه هو للإبقاء على «قانون الستين»؟
- في ظل التوازنات القائمة من الصعوبة بمكان الاتفاق على قانون جديد للانتخاب يكون عادلا ويؤمن صحة التمثيل وفق قاعدة النسبية، لأن الانتخابات البلدية بنتائجها جعلت الطبقة السياسية أكثر شراسة في رفض قانون النسبية، لأنه رصاصة الرحمة التي ستقضي عليها في حين أن القانون الحالي يؤمن إعادة ذات التركيبة إلى المجلس النيابي أي تمديد لولاية كاملة عبر الانتخاب.
* أعربت أكثر من جهة سياسية وأمنية مخاوفها من حصول عمليات إرهابية واغتيالات سياسية هل أنتم في الحكومة في هذه الأجواء؟
- لبنان لا يزال في عين العاصفة نتيجة النار السورية الملتهبة والتي أدت إلى نزوح أكثر من مليون ونصف مليون سوري إليه، والخطر دائم من حصول عمليات إرهابية لأن الخلايا النائمة عندما تسنح لها الفرصة كي تنقض وتضرب، لن تتأخر، ولكن الفضل كل الفضل للجيش اللبناني وللقوى الأمنية في ملاحقة ومتابعة الشبكات الإرهابية وضربها وتوقيفها وشلها عن العمل والتحرك، إنما يجب الحفاظ على جهوزية عالية وسهر دائم لمنع أي اختراق إرهابي للساحة اللبنانية.
* هل حسم موضوع الإجراءات المالية الدولية بحق ما يسمى «حزب الله» داخل الحكومة؟
- في جانب ما أعطي الموضوع حجما كبيرا وتم تضخيمه لأنه فسر خطأ، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة بمهارته وحنكته وهندسته المالية، قادر على وضع الأمور في نصابها بلا هلع ومن دون تعريض القطاع المصرفي اللبناني إلى المخاطر.
* كيف ترى علاقة لبنان بالمملكة العربية السعودية في المرحلة الراهنة وتحديدًا بعد عشاء السفير السعودي الدكتور علي عواض عسيري الذي جمع خلاله القيادات والسياسيين اللبنانيين؟
- علاقة لبنان بالمملكة العربية السعودية هي علاقة أشقاء وضاربة عميقا في التاريخ ولن تؤثر فيها غيوم عابرة، ولبنان لن ينسى يد المملكة البيضاء التي وقفت معه في أحلك الظروف، ونحن نتطلع إلى دور طليعي للمملكة في حماية لبنان من المخاطر. وما أقدم عليه السفير علي عواض عسيري ينبع من صدق التوجهات السعودية التي تريد الخير لجميع اللبنانيين بلا تفرقة. وآمل أن تفعل هذه اللقاءات وصولا إلى صياغة وفاق لبناني ينهي الأزمة السياسية استنادا إلى ما نص عليه دستور الطائف الذي أمن شراكة جميع المكونات في إدارة الشأن العام.
* ماذا عن الاتصالات التي تجري على خط بيروت - باريس بشأن انتخاب رئيس للجمهورية وماذا عن طرح اقتراح انتخاب رئيس لمدة سنتين؟
- نتمنى أن تثمر الاتصالات والتحركات التي تقوم بها فرنسا نتائج إيجابية، شرط توفر النوايا الصادقة من قبل القيادات اللبنانية التي عليها الابتعاد عن الشخصانية والأنانية وتغليب المصلحة الوطنية على أي أمر آخر.
أما طرح انتخاب رئيس جمهورية على سنتين فقط، فقد ولد ميتا لأنه يطيح بالدستور ويشكل إهانة موصوفة للموقع الأول في البلاد الذي هو رمز وحدتها.
* باعتبارك عميدا متقاعدا ولك باعٌ طويل في المؤسسة العسكرية كيف تقرأ التصعيد الميداني في سوريا وإلى أين سيؤدي وخصوصًا انعكاساته على الداخل اللبناني؟
- أرى أن الصراع المستشري في سوريا معقد جدا وطويل، وأخشى أن تدخل سوريا في صوملة تؤدي إلى ضياعها بالكامل، والمؤشرات الميدانية تنذر بشر مستطير، لن يسلم لبنان من شظاياه وارتداداته على الصعد الأمنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية.
* هل توطين السوريين في لبنان حقيقة كما قال وزير الخارجية جبران باسيل أمّ دعاية سياسية وشعبوية؟
- للأسف هناك خطاب لبناني يستدعي المشكلات إلى لبنان، وإيجاد حل لأزمة النازحين السوريين مرتبط بتسوية سياسية في سوريا تنهي الحرب وتبدأ معها مرحلة إعادة الأعمار، وحينها لن تجد مواطنا سوريا واحدا في لبنان. نحن نعرف الشعب السوري ومدى تعلقه ببلده وليس مثل آخرين ممن يتحول وطنهم عند الشدائد إلى حقيبة سفر.
* كيف تقرأ خطاب السفير السعودي في بيروت في العشاء الجامع للقيادات اللبنانية، وهل الدور السعودي سيعود إلى ما كان عليه في لبنان؟
- كانت كلمة السفير عسيري بمثابة تذكير بنهج المملكة الجامع في لبنان، علما بأن الدور السعودي لم يتوقف حتى يعود إلى لبنان، لأن المملكة حاضرة في كل ما يحتاجه لبنان على الصعد كافة والأيام القادمة تبشر بالخير إن شاء الله.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».