الملوخية.. قصة عشق تاريخية

طبق له طقوسه وسيد المائدة الرمضانية

طبق يعشقه الفقراء والأغنياء - ملوخية باللحم
طبق يعشقه الفقراء والأغنياء - ملوخية باللحم
TT

الملوخية.. قصة عشق تاريخية

طبق يعشقه الفقراء والأغنياء - ملوخية باللحم
طبق يعشقه الفقراء والأغنياء - ملوخية باللحم

عادة ما تقع ربة المنزل المصرية أو العربية يوميا في حيرة كبيرة عندما يتعلق الأمر بإعداد الطبق الرئيسي على المائدة، إلا أن الأمر يكاد محسوما؛ حيث يتربع طبق الملوخية على عرش موائد الفقراء والأغنياء في انتظار التهامه من قبل الصائمين، حتى إن الفنادق العالمية القائمة على أرض مصر ذات الخمس نجوم تحرص على تقديمها كطبق رئيسي على قائمة طعام الإفطار طوال أيام شهر رمضان.
ويعتبر طبق الملوخية أول درس في الطهي للفتيات المصريات على اختلاف انتماءاتهم الطبقية، ولا بد أن تعلم الأم ابنتها كيفية إعداد التقلية»الثوم والبصل والكسبرة الجافة والبهارات» والتي تعرف بـ«طشة الملوخية» مع توصيتها بضرورة أن تأخذ شهيقا بصوت عال (شهقة) قبل وضعها على الملوخية حتى يصبح لها مذاق سحري، ورائحة نفاذة. ولا بد من الحرص على تقليبها بهدوء حتى يصبح قوامها سميكا ويجب عدم تركها حتى مرحلة الغليان للحافظ على لونها الأخضر اللامع.
وقصة طبق «الملوخية» في مصر هي قصة عشق لا حدود له، فهي جزء من تاريخهم وحضارتهم، وتعتبر رائحة التقلية رمزا نوستالجيا لدى الكثير من المصريين تعود بهم إلى بيت الجدة أو بيت الأسرة. يعود تاريخ الملوخية لعهد الفراعنة الذين ظنوها نبات سام وبعد أن أجبر الهكسوس المصريين على أكلها للتخلص منهم، وجد المصريون أن مذاقها رائع واعتبروها طبقا مفضلا منذ ذلك الحين، كما ذكر «بلينوس» المؤرخ الروماني أنها كانت تؤكل في الإسكندرية في القرن الأول الميلادي، بينما كانت تعرف باسم «ملوكية» حيث كان يتم إعدادها للملوك فقط، خاصة في عهد الفاطميين، ويقال إنها كانت بمثابة علاج من آلام المعدة. ويروي التاريخ أنه في العصر الفاطمي، قام الحاكم بأمر الله الذي اعتلى حكم مصر عام 383 هجرية، بمنع المصريين من أكل الملوخية أو بيعها؛ بل إنه قام بقتل كل من قام ببيعها دون أن يعرف أحد سبب المنع، لكن بالتأكيد كانت تلك من أحلك الأيام على المصريين الذين يذوبون عشقا في مذاقها.
وفي الماضي كان لإعداد طبق الملوخية طقوس احتفالية خاصة، أشبة بالمشهد البارع الشهير في مسرحية «المتزوجون» للكوميديان سمير غانم والفنانة الرقيقة شيرين، تبدأ الطقوس بشرائها كأوراق خضراء طازجة، ثم «لمة» العائلة والتفافهم حول المائدة سوءا من الفتيات أو الصبية لقطف الأوراق من دون الفروع، لتفوح رائحتها المنعشة في أرجاء المنزل، ثم غسل الأوراق جيدا، وتفريقها على سطح نظيف في الشمس والهواء لكي تجف تماما، حتى تبدأ ربة المنزل في خرط الأوراق بسكين خاص (المخرطة) لتبدأ في مزجها بالحساء ومن ثم تقديمها. أما الآن فنظرا لسرعة الحياة وضيق وقت السيدات العاملات فاختفت تلك الطقوس الاحتفالية وأصبحت السيدة تجلب بضع عبوات مجمدة مغلفة تضعها مباشرة على الحساء المغلي، حتى إن إعدادها بات يستغرق دقائق معدودة.
ورغم عشق المصريون وحرصهم على طقس أكل الملوخية بالعيش البلدي المخبوز بالردة، فإنها أيضا تقدم مع الأرز المصري المحمر أو الأرز بالمكسرات أو بالخلطة، فضلا عن تقديم طبق من الرقاق أو الجلاش أو السمبوسك المحشو باللحم المفروم. أما بالنسبة لطبق البروتين الرئيسي فهو إما أن يكون الدجاج أو البط أو الحمام، أو اللحم البتلو أو الأرانب وفي أي حال من الأحوال يفضلها الغالبية العظمى من المصريين «محمرة» مقلية في الزيت الممزوج مع السمن أو الزبد.
ولهذا الطبق مميزات كثيرة؛ فمن الناحية المادية هو في متناول الجميع، فسعر الكيلو لا يتخطى 8 جنيهات (أقل من دولار)، سواء للطازجة أو المجمدة، كما أنها تتميز بالمرونة في إعدادها، فيمكن تحضيرها بالمياه أو بالحساء بكافة أنواعه سواء حساء الطيور أو اللحم أو الأرانب، كما يمكن تجفيفها وتحضيرها في غير موسم زراعتها. ناهيك عن أنها طبق غني بالفيتامينات والمعادن والكربوهيدرات والألياف، فهي توفر للجسم كمية وفيرة من فيتامينات A وb والأملاح المعدنية المهمة: كالحديد والفسفور والكالسيوم والبوتاسيوم والمنجنيز والصوديوم.

طريقة تحضير الملوخية المصرية

* المقادير:

- نصف كيلو أوراق ملوخية خضراء يتم خرطها ناعما - 3 أكواب شوربة دجاج أو لحم أو أرانب - ملعقتان صغيرتان كزبرة جافة - ملعقة ثوم مفروم - ملعقة بصل مفروم. ملعقة زبد. ملح وفلفل حسب الرغبة.

* الطريقة:

توضع الشوربة في وعاء وتوضع فوق النار حتى تغلي. ضعي الملوخية في الشوربة مع مراعاة خفض درجة حرارة الموقد، وتخلط حتى تمتزج مع الشوربة ويتم تقليبها بملعقة خشبية بهدوء، وتترك بعدها لمدة دقائق على النار ولكن دون أن تصل لمرحلة الغليان.
ترفع الملوخية ويوضع الزبد في مقلاة ويحمر الثوم والبصل والكزبرة الجافة والملح والفلفل حتى يتحول لونهما إلى ذهبي، قبل وضعهما فوق الملوخية مع التقليب الجيد وتقدم ساخنة.



«ألذ»... أكل بيت مصري في مطعم

فطور مصري (إنستغرام)
فطور مصري (إنستغرام)
TT

«ألذ»... أكل بيت مصري في مطعم

فطور مصري (إنستغرام)
فطور مصري (إنستغرام)

ألذ الأطباق هي تلك التي تذكرك بمذاق الأكل المنزلي، فهناك إجماع على أن النَفَس في الطهي بالمنزل يزيد من نكهة الطبق لعدة أسباب؛ على رأسها الشغف والحب والسخاء.

شوربة الفطر (الشرق الأوسط)

ألذ الأطباق المصرية تجدها في «ألذ» المطعم المصري الجديد الذي فتح أبوابه أمام الذواقة العرب والأجانب في منطقة «تشيزيك» غرب لندن.

نمط المطعم يمزج ما بين المطعم والمقهى، عندما تدخله سيكون التمثال الفرعوني والكراسي الملكية بالنقوش والتصاميم الفرعونية بانتظارك، والأهم ابتسامة عبير عبد الغني، الطاهية والشريكة في المشروع، وهي تستقبلك بحفاوة ودفء الشعب المصري.

شوربة العدس مع الخضراوات (الشرق الأوسط)

على طاولة ليست بعيدة من الركن الذي جلسنا فيه كانت تجلس عائلة عبير، وهذا المشهد يشوقك لتذوق الطعام من يد أمهم التي قدمت لنا لائحة الطعام، وبدت علامات الفخر واضحة على وجهها في كل مرة سألناها عن طبق تقليدي ما.

لحم الضأن مع الأرز المصري (الشرق الأوسط)

المميز في المطعم بساطته وتركيزه على الأكل التقليدي وكل ما فيه يذكرك بمصر، شاشة عملاقة تشاهد عليها فيديوهات لعالم الآثار والمؤرخ المصري زاهي حواس الذي يعدُّ من بين أحد أبرز الشخصيات في مجال علم المصريات والآثار على مستوى العالم، وهناك واجهة مخصصة لعرض الحلوى المصرية وجلسات مريحة وصوت «كوب الشرق» أم كلثوم يصدح في أرجاء المطعم فتنسى للحظة أنك بمنطقة «تشيزيك» بلندن، وتظن لوهلة أنك في مقهى مصري شهير في قلب «أم الدنيا».

كبدة إسكندراني (الشرق الأوسط)

مهرجان الطعام بدأ بشوربة العدس وشوربة «لسان العصفور» وشوربة «الفطر»، وهنا لا يمكن أن نتخطى شوربة العدس دون شرح مذاقها الرائع، وقالت عبير: «هذا الطبق من بين أشهر الأطباق في المطعم، وأضيف على الوصفة لمساتي الخاصة وأضع كثيراً من الخضراوات الأخرى إلى جانب العدس لتعطيها قواماً متجانساً ونكهة إضافية». تقدم الشوربة مع الخبز المقرمش والليمون، المذاق هو فعلاً «تحفة» كما يقول إخواننا المصريون.

الممبار مع الكبة وكفتة الأرز والبطاطس (الشرق الأوسط)

وبعدها جاء دور الممبار (نقانق على الطريقة المصرية) والكبة والـ«سمبوسة» و«كفتة الأرز» كلها لذيذة، ولكن الألذ هو طبق المحاشي على الطريقة المصرية، وهو عبارة عن تشكيلة من محشي الباذنجان، والكرنب والكوسة والفليفلة وورق العنب أو الـ«دولما»، ميزتها نكهة البهارات التي استخدمت بمعيار معتدل جداً.

محشي الباذنجان والكرنب وورق العنب (الشرق الأوسط)

أما الملوخية، فحدث ولا حرج، فهي فعلاً لذيذة وتقدم مع الأرز الأبيض. ولا يمكن أن تزور مطعماً مصرياً دون أن تتذوق طبق الكشري، وبعدها جربنا لحم الضأن بالصلصة والأرز، ومسقعة الباذنجان التي تقدم في طبق من الفخار تطبخ فيه.

الملوخية على الطريقة المصرية (الشرق الأوسط)

وبعد كل هذه الأطباق اللذيذة كان لا بد من ترك مساحة لـ«أم علي»، فهي فعلاً تستحق السعرات الحرارية التي فيها، إنها لذيذة جداً وأنصح بتذوقها.

لائحة الحلويات طويلة، ولكننا اكتفينا بالطبق المذكور والأرز بالحليب.

أم علي وأرز بالحليب (الشرق الأوسط)

يقدم «ألذ» أيضاً العصير الطبيعي وجربنا عصير المانجو والليمونادة مع النعناع. ويفتح المطعم أبوابه صباحاً ليقدم الفطور المصري، وهو تشكيلة من الأطباق التقليدية التي يتناولها المصريون في الصباح مثل البيض والجبن والفول، مع كأس من الشاي على الطريقة المصرية.

المعروف عن المطبخ المصري أنه غني بالأطباق التي تعكس التراث الثقافي والحضاري لمصر، وهذا ما استطاع مطعم «ألذ» تحقيقه، فهو مزج بين البساطة والمكونات الطبيعية واستخدم المكونات المحلية مثل البقوليات والأرز المصري.

كشري «ألذ» (الشرق الأوسط)

وعن زبائن المطعم تقول عبير إن الغالبية منهم أجانب بحكم جغرافية المنطقة، ولكنهم يواظبون على الزيارة وتذوق الأطباق المصرية التقليدية، وتضيف أن الملوخية والكشري وشوربة العدس من بين الأطباق المحببة لديهم.

وتضيف عبير أن المطعم يقدّم خدمة التوصيل إلى المكاتب والبيوت، كما يقوم بتنظيم حفلات الطعام على طريقة الـCatering للشركات والحفلات العائلية والمناسبات كافة.