نشر 1500 شرطي على الشواطئ التونسية تحسباً لعمليات ارهابية

في ذكرى مرور سنة على هجوم سوسة

شرطيان تونسيان يجوبان شاطئ مدينة الحمامات في الذكرى الأولى للهجوم الإرهابي على منتجع سياحي في مدينة سوسة «أ.ف.ب»
شرطيان تونسيان يجوبان شاطئ مدينة الحمامات في الذكرى الأولى للهجوم الإرهابي على منتجع سياحي في مدينة سوسة «أ.ف.ب»
TT

نشر 1500 شرطي على الشواطئ التونسية تحسباً لعمليات ارهابية

شرطيان تونسيان يجوبان شاطئ مدينة الحمامات في الذكرى الأولى للهجوم الإرهابي على منتجع سياحي في مدينة سوسة «أ.ف.ب»
شرطيان تونسيان يجوبان شاطئ مدينة الحمامات في الذكرى الأولى للهجوم الإرهابي على منتجع سياحي في مدينة سوسة «أ.ف.ب»

تحل اليوم الذكرى الأولى للهجوم الإرهابي الذي استهدف منتجعًا سياحيًا في مدينة سوسة السياحية، وخلال هذا الشهر وتحسبًا لعمليات إرهابية مماثلة، قد تكون أثرها مدمرًا على الموسم السياحي والاقتصاد التونسي، نشرت وزارة الداخلية التونسية خلال هذا الشهر نحو 1500 عنصر أمن سياحي، وركزت أكثر من 70 مركز أمن رمليًا (متنقلاً) على طول شواطئ المناطق السياحية، بالإضافة لتحسيس وكالات الأسفار وشركات النقل السياحي. كما أمنت المطارات والمسالك السياحية ومعظم المناطق السياحية الكبرى، في محاولة منها لتجاوز الآثار السلبية التي خلفتها تلك العملية الإرهابية التي أودت بحياة نحو 38 سائحًا بينهم 30 بريطانيًا في اعتداء تبناه تنظيم داعش المتطرف.
وسعت تونس لاستعادة ثقة السياح بتكثيف إجراءات الأمن وترويج ما اتخذته من تدابير أمنية في عدة دول أوروبية تمثل الأسواق التقليدية للسياحة التونسية. وفي هذا الشأن، أكدت سلمى اللومي وزيرة السياحة التونسية لـ«الشرق الأوسط» أن وزارة الداخلية بالتعاون مع وزارة السياحة حددت مجموعة من المواصفات الأمنية في كل الفنادق السياحية، وهي بمثابة دفتر تحملات (كراس شروط) يحدد إسناد رخص استغلال المؤسسات السياحية.
وأشارت إلى استجابة معظم أصحاب الفنادق للقرار الحكومي الداعي إلى التأمين الذاتي للنزل، ومن لم يستجب فقد يعرض مؤسسته إلى الإقفال خلال الموسم السياحي الجديد (2016).
كما قررت وزارة السياحة إجبارية التأمين الذاتي في مجال سلامة الفنادق ومحيطها، ولا يمكن لأي مستثمر أن يفتح منشأة سياحية دون تقديم شهادة في التأمين الذاتي ضمن وثائق الملف الإداري.
وقررت وزارة الداخلية التونسية منذ يوم 28 يونيو (حزيران) 2015 نشر نحو ألف شرطي مسلح في النزل وعلى الشواطئ لتعزيز الحماية ما دامت هناك تهديدات إرهابية، ووضعت مخططًا استثنائيًا لتأمين المناطق السياحية والمواقع الأثرية، ونشر وحدات مسلحة من الأمن السياحي على كامل الشريط الساحلي وداخل الفنادق بداية من الأول من يوليو (تموز) من السنة الماضية.
إلا أن عدة مصادر تونسية تؤكد أن الانطلاقة الحقيقية للنشاط السياحي لم تبدأ بعد، نظرًا لوجود تهديدات إرهابية قائمة وإصدار تحذيرات من قبل دول غربية وتواصل منع بعض الدول على غرار بريطانيا لرعاياها من التوجه إلى تونس.
ومثلت السوق السياحية البريطانية رافدًا مهمًا بالنسبة للسياحة التونسية، وارتفع عدد السياح البريطانيين خلال السنوات التي سبقت 2011 إلى أكثر من 300 ألف أغلبهم يقبلون على السياحة الاستشفائية، لتحتل بريطانيا بذلك المرتبة الرابعة بعد فرنسا وألمانيا وإيطاليا من حيث التدفق السياحي، إلا أن الهجوم الإرهابي الذي شهده منتجع سياحي في مدينة سوسة السياحية يوم 26 يونيو العام الماضي، أثر بشكل حاد على السوق السياحية البريطانية وقررت منع تدفق السياح البريطانيين إلى تونس.
على صعيد متصل، أفادت اعترافات وفرتها مجموعة المنيهلة الإرهابية إثر اعتقال 37 عنصرًا متهمًا بالإرهاب، بأن الإرهابي التونسي بلال الشواشي بات المشرف الميداني الأول على المجموعات الموالية لتنظيم داعش الإرهابي في تونس.
وأكدت وزارة الداخلية التونسية أنه متورط في التخطيط لعمليات إرهابية في البلاد. وأشارت تقارير أمنية تونسية إلى احتمال تسلله إلى التراب التونسي قادمًا من ليبيا واتصاله بمنتسبين لمجموعات إرهابية موالية لتنظيم داعش الإرهابي على غرار مجموعة المنيهلة في انتظار التخطيط لهجمات إرهابية جديدة.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.