محاولات فاشلة لاستعادة مواقع الميليشيات.. وجريح في تعز يعلن تبرعه بأعضائه

احتدام المواجهات في مختلف جبهات المحافظة

محاولات فاشلة لاستعادة مواقع الميليشيات.. وجريح في تعز يعلن تبرعه بأعضائه
TT

محاولات فاشلة لاستعادة مواقع الميليشيات.. وجريح في تعز يعلن تبرعه بأعضائه

محاولات فاشلة لاستعادة مواقع الميليشيات.. وجريح في تعز يعلن تبرعه بأعضائه

احتدمت المواجهات العنيفة بين قوات الشرعية والميليشيات الانقلابية في مختلف جبهات تعز، يرافقها القصف العنيف والمستمر وبشكل هستيري على الأحياء السكنية وسط المدينة وقرى وأرياف المحافظة. وتزامن مع ذلك، إعلان موظف بالقطاع الصحي عن تبرعه بأعضائه لقوات الشرعية.
واشتدت حدة المواجهات بين الجيش الوطني وميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع صالح، في جبل المعالي القريب من السجن المركزي بالضباب ومحيط مقر اللواء 35 مدرع في المطار القديم غرب المدينة، والزنوج شمالا، وحي ثعبات والجحملية شرق المدينة، في محاولة مستميتة من الميليشيات الانقلابية لاستعادة عدد من المواقع التي تم دحرهم منها.
وقال الناشط الحقوقي، عبد الواحد الشلالي الدعام، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الانتهاكات مستمرة على أهلنا في محافظة تعز، وهناك قتل ممنهج تمارسه ميليشيات الحوثي والمخلوع.. تلك المجازر الوحشية البشعة التي تجري كل يوم من انتهاك صارخ لحقوق الإنسان ضد أهالي تعز جريمة كبرى، ولا بد من منطلق تحمل المسؤولية جراء ما يحدث من انتهاكات أن يتحمل مجلس الأمن والمجتمع الدولي ودول التحالف مسؤولية ما يحدث من انتهاكات لإخواننا في تعز».
في المقابل، أعلن جمال محمد سالم، وهو موظف في القطاع الصحي بتعز، وأول جريح بقذائف الميليشيات الانقلابية في المحافظة، عن تبرعه بأعضاء جسمه لقوات الشرعية.
وقال جمال سالم، في منشور له كتبه على صفحة التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «جميع من وعدوني تبخرت مواعيدهم ولم يوفوا بوعودهم، لذا أعلن عن استعدادي للتبرع بأعضاء جسمي لأفراد مقاومة تعز الجرحى المخذولين. فهل من مجيب؟».
وكان الجريح المدني، طالب في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، الحكومة اليمنية بسرعة النظر إلى حالاتهم ومعالجتهم في الوقت الذي أصبحوا فيه عاجزين عن إكمال علاجهم أو تسفيرهم إلى خارج البلاد. وأكد أن هناك «جرحى يجب سفرهم وبصورة عاجلة، وتأخيرهم يعني إصابتهم بالعاهات المستديمة، وعلى الرغم من وصولهم إلى مدينة عدن عبر التهريب من مناطق جبلية وعرة وبعد معاناة كثيرة فإنهم فوجئوا بعدم الاهتمام أو التجاوب معهم لتسهيل إجراءات سفرهم».
وأصيب جمال سالم، عندما كان يقود سيارة الإسعاف في 20 أبريل (نيسان) 2015، بعد خروجه من مقر اللواء 35 مدرع، المحاصر حينها، ومعه الجرحى الذين استطاع إخراجهم من اللواء، لكن ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح استهدفته بشكل مباشر فور خروجه من منطقة المطار القديم في تعز، وأدى ذلك إلى إصابته بكسور في القدمين ومفصل اليد اليمني، فيما قتل زميله الممرض الذي كان بجانبه عبد الحليم الأصبحي.
وأجرى جمال محمد سالم أربع عمليات متتابعة لتثبيت العظام وإعادة الشرايين والأوردة، ولم تتم إعادة زراعة الأعصاب، حيث يحتاج إلى زراعة مفصل اليد اليمنى وزراعة الأعصاب للقدمين، ورغم مضي أكثر من عام على إصابته ومتابعته للسفر إلى الخارج للعلاج فإن كل محاولاته ذهبت أدراج الرياح، ولم يستطع الحصول على قيمة تذكرتي سفر إلى مدينة حيدر آباد الهندية بتكلفة 3760 دولارا، رغم تبرع فاعلة خير كويتية بتكاليف العملية.
من جهة أخرى، نفذت مؤسسة «رسالتي لتنمية المرأة»، عضو ائتلاف الإغاثة الإنسانية في تعز، مشروع توزيع السلة الغذائية الرمضانية للنساء اللاتي يعولن أسرهن في تعز، حيث بلغ عدد ما وزعته المؤسسة خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر رمضان ألفا و500 سلة غذائية استفادت منها الأسر اللاتي تعولها امرأة، وذلك ضمن مشروع الخطة الرمضانية للمؤسسة التي تسعى لاستهداف ألفي أسرة في مديريات المحافظة.
وأكدت رئيس المؤسسة، بلقيس سفيان، في تصريح صحافي لها، أن «الحملة ما زالت مستمرة، وستستهدف الأسر المتضررة في مديريتي صالة والشمايتين، مقدمة شكرها لفاعلات الخير والمساهمات في هذا المشروع».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.