الرئيس التونسي يعلن عن حزمة قرارات تهم المؤسسة العسكرية

أهمها إحداث مدرسة للاستخبارات لمواجهة التحديات الأمنية

الرئيس التونسي يعلن عن حزمة قرارات تهم المؤسسة العسكرية
TT

الرئيس التونسي يعلن عن حزمة قرارات تهم المؤسسة العسكرية

الرئيس التونسي يعلن عن حزمة قرارات تهم المؤسسة العسكرية

أعلن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي أمس عن سن مجموعة من القرارات التي تهم المؤسسة العسكرية التونسية، أهمها إحداث مدرسة للاستخبارات والأمن العسكري، مهمتها تكوين عسكريين مختصين في المجال وفق أحدث البرامج والتقنيات، وهو ما مثل استجابة ملحة نتيجة التحديات الأمنية المتنوعة التي تعرفها تونس على المستويين الداخلي والإقليمي.
كما قرر الباجي لدى إشرافه أمس على موكب إحياء الذكرى 60 لتأسيس الجيش التونسي إرساء شراكة وطنية بين القطاعين العام والخاص في مجال التصنيع العسكري، وذلك «للرفع من القدرات الوطنية في ميدان التصنيع العسكري ولتخفيض التكلفة والمحافظة على مدخرات البلاد من العملة الصعبة ومساندة المجهود الوطني في تشغيل الشباب واستثمار قدراته العلمية».
ويأتي قرار إحداث مدرسة للاستخبارات والأمن العسكري ليؤكد حاجة تونس الملحة للمعلومات الاستباقية في حربها ضد المجموعات الإرهابية، خاصة تنظيم داعش المتربص بها على الحدود الشرقية مع ليبيا. وفي هذا الصدد أكدت بدرة قعلول، رئيسة المركز الدولي للبحوث العسكرية الاستراتيجية، على أهمية المعلومة العسكرية والأمنية في هذا التوقيت بالذات، واعتبرتها في غاية الأهمية بالنسبة للمؤسستين العسكرية والأمنية اللتين تنسقان جهودهما في مكافحة الإرهاب، مشيرة إلى ضرورة الحصول على المعلومات الاستخباراتية في وقت قياسي واستغلالها على الوجه الأمثل للحفاظ على الأمن القومي، وهو ما يتطلب إحداث هيكل علمي منظم مثل مدرسة الاستخبارات والأمن العسكري تديره عناصر كفؤة، على حد قولها. كما حذرت قعلول من مخاطر العناصر الموازية داخل الجيش والأمن وإمكانية اندساسها داخل المؤسسة الرسمية، وأكدت أن من أبرز مهام هذه المدرسة الانتباه إلى مثل تلك الحالات والكشف عنها فورا.
وكانت ثكنة بوشوشة العسكرية مسرحا لعمل إرهابي في 25 من مايو (أيار) 2015 حين فتح عسكري من الجيش النار على زملائه وقتل 8 عسكريين وأصيب 9 آخرين بجراح. وإثر ذلك انتقد خبراء المؤسسة العسكرية بحجة أنه كانت هناك إمكانية لتفادي مثل هذه الحوادث القاتلة في حال توفر معلومات استخباراتية.
في غضون ذلك، بحث اجتماع «ندوة الرؤساء» المشكلة من 37 عضوا برلمانيا أمس مشروع قانون المصالحة الاقتصادية والمالية، الذي اقترحه الباجي قايد السبسي على البرلمان لأول مرة في يوليو (تموز) الماضي. ووفق مصادر داخل البرلمان، فقد حملت النسخة الجديدة مجموعة من التعديلات، من بينها اقتراح إعفاء تنفيذ التعليمات من التجريم، أي إنه لا يمكن تجريم الموظف العمومي من أجل تنفيذه إجراءات إدارية أمرته بتنفيذ عمل أو الإمضاء عليه.
ويرمي مشروع القانون الذي سيعرض لاحقا على أنظار البرلمان إلى تفعيل المصالحة المالية والاقتصادية بالنسبة للانتهاكات المتعلقة بالفساد المالي والاعتداء على المال العام، مع الحفاظ على كشف الحقيقة وجبر الضـرر المالي. وأقر هذا القانون مجموعة من الإجراءات والآجال المختصرة لغلق الملف بصفة نهائية، وتوجيه القسم الأكبر من الأموال المستخلصة من رجال أعمال استفادوا من النظام السابق، نحو التنمية والتشغيل في المناطق التونسية الفقيرة.
ويرتبط مشروع قانون المصالحة الاقتصادية والمالية مع مبادرة الرئيس التونسي بتشكيل حكومة وحدة وطنية، حيث طفت على سطح المفاوضات منذ الجلسة الأولى التي عقدت الأربعاء الماضي عدة نقاط خلافية مفصلية بالنسبة لتقدم المشاورات.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.