فخر الدين كراي: العالم ينفق نحو 1.5 تريليون دولار خلال العقد المقبل في تطوير المدن الذكية

العالم التونسي قال إنه يمتلك نحو 15 براءة اختراع في الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي

فخري عام 1989 بجانب الفيزيائي الشهير جون باردين الحائز على جائزتي نوبل وأحد مخترعي الترانسيستور والسوبركونداكتيفيتي
فخري عام 1989 بجانب الفيزيائي الشهير جون باردين الحائز على جائزتي نوبل وأحد مخترعي الترانسيستور والسوبركونداكتيفيتي
TT

فخر الدين كراي: العالم ينفق نحو 1.5 تريليون دولار خلال العقد المقبل في تطوير المدن الذكية

فخري عام 1989 بجانب الفيزيائي الشهير جون باردين الحائز على جائزتي نوبل وأحد مخترعي الترانسيستور والسوبركونداكتيفيتي
فخري عام 1989 بجانب الفيزيائي الشهير جون باردين الحائز على جائزتي نوبل وأحد مخترعي الترانسيستور والسوبركونداكتيفيتي

يجلس البروفسور فخر الدين كراي في مكتبه بجامعة ووترلو في كندا ينظر نحو مستقبل ليس ببعيد تتحول فيه إدارة المدن من يد البشر إلى أجهزة الحاسوب. المدن الذكية لم تعد خيالا علميا نشاهده على شاشة السينما في أفلام حرب النجوم، بل أصبحت أمرا حتميا وضروريا؛ نظرا لتطور العالم، ومن أجل التعامل مع تحديات النمو السكاني والتطور العمراني والتلوث.
يعتقد فخر الدين كراي، أحد مؤسسي المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا ذو الأصول التونسية، ويمتلك نحو 15 براءة اختراع في الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي، أن العالم سينفق نحو 1.5 تريليون دولار خلال العقد المقبل في تطوير المدن الذكية، من بنية تحتية وتطبيقات برامجية تلمس شتى المجالات. من أنظمة صرف مياه والسيطرة على جودة مياه الشرب، وقياس معدل التلوث، وأنظمة الإنذار المبكر للحريق، والاصطفاف الذكي، والتسوق الذكي. حتى أن رعاية الأطفال والأنظمة الأمنية التي تحدد هوية الأفراد المصرح لهم بالوجود في أماكن حساسة مثل المؤسسات الرسمية والجامعات ستكون ضمن مسلمات الحياة الجديدة.
وبالمجمل سيتم تطبيق مجال المدن الذكية على قطاعات الصحة، والرياضة، والاقتصاد، والشحن، التعليم، والكثير من المجالات الأخرى.
ومن أهم الجوانب العملية للمدن الذكية هو الحد من الازدحام المروري، عبر التحكم بمسار السيارات والشوارع والجسور بناء على معطيات ومجسات يتم معالجتها بواسطة حواسيب ذات قدرة هائلة على تحليل البيانات وبسرعة فائقة، كما يقول كراي. وبحسب كراي: «يوجد في العالم نحو مليار سيارة، وسيرتفع العدد بنحو 250 في المائة عام 2050؛ مما يتطلب ضرورة تصميم أنظمة نقل أكثر فاعلية وأمانا. وهذا يشكل تحديا كبيرا لصانعي السيارات ومصممي الطرق ومن يرسموا سياسات النقل؛ لذا لا بد من تطوير تكنولوجيا التنقل الحديثة اعتمادا على التقدم الهائل في مجال الذكاء الاصطناعي، الأجهزة الذكية، شبكات التحسس، أنظمة التحليل وإنترنت الأشياء».
عمل كراي مع وكالة ناسا للفضاء في مشروع محطة الفضاء الدولية؛ حيث يؤكد أن مبدأ «التنقل الذكي» يشكل حجر الأساس في مشروع المدن الذكية، هذا بالإضافة إلى الربط عبر الإنترنت بين مكونات هذه التكنولوجيا عبر شبكات الجيل الخامس. ويعترف كراي أن علم الذكاء الاصطناعي شهد قفزة نوعية خلال العقد الماضي؛ بسبب التقدم في مجال البحث الرياضي، بالإضافة إلى ظهور أنظمة حاسوب عملاقة (سواء كانت فردية أو موزعة)، التي بمقدورها تخزين ومعالجة كميات هائلة من المعلومات والفرضيات. كل هذا سمح لتطور مجالات البحث والتصنيف، التحليل والتنقيب عن المعلومات.
«الذكاء الاصطناعي أصبح الآن جزءا لا يتجزأ من الآلات المتطورة، مثل الروبوتات المستقلة، وسيارات ذاتية القيادة، والآلات المرتبطة ببعضها، والكثير من التطبيقات الأخرى».
ومن خلال هذا التطور يؤكد كراي أنه بات الآن من مكان تصميم آلات تستطيع التواصل فيما بينها بشكل مستمر من أجل إنجاز أمر ما، وهذا ما أدى إلى ظهور مبدأ «إنترنت الأشياء»، وبالتالي تصميم المدن الذكية.
«مع وجود نحو 70 في المائة من سكان الأرض يعيشون في المدن، أصبح من الضروري تصميم مكونات ذكية. وهذا ممكن تطبيقه في كثير من القطاعات، مثل الصحة، والعمار، والبنية التحتية، والتنقل، والحكومات الذكية والبيئة الذكية».
من تونس إلى كندا:
ولد كراي في مدينة صفاقس التونسية عام 1960 لعائلة أكاديمية وله ثلاثة أبناء، ورغم وفاة والده وهو في سن السادسة عشر، فإنه واصل طموحه بدراسة الهندسة الإلكترونية في تونس، ثم حصل على بعثة لإتمام رسالة الدكتوراه في جامعة الينوي في الولايات المتحدة.
يقول كراي، الحاصل على الجنسية الكندية، إن دعم عائلته والمجتمع في بلده الثاني شكل حجر الأساس في تميزه الأكاديمي والعلمي. «أنا أفخر بأصولي التونسية وفي الوقت نفسه فإن حصولي على الجنسية الكندية فتح لي الأبواب ومنحني الحقوق نفسها والفرصة للظهور على مستوى العالم». يعترف كراي أن الوصول إلى مستوى متقدم في الحقل العلمي كان حلما يراوده منذ نعومة أظافره.
«لم يكن الطريق معبدا، وكان عليَّ التغلب على الكثير من الصعاب للوصول إلى ما أنا عليه اليوم. لكن إيماني كان مطلقا بأن لديَّ القدرة على النجاح. ويجب أن أشكر أهلي في تونس لإيمانهم بي وتشجيعهم لي، هذا بالإضافة إلى أساتذتي في تونس».
وعن شغفه بالعلم والتكنولوجيا يقول كراي أنه كان «مواظبا على قراءة المجلات العلمية». «كان لديَّ اهتمام خاص بالفيزياء وعلم الفلك منذ الدراسة الثانوية، فقد قرأت حول إنجازات نيوتن والفارابي، وحاولت جاهدا أن أتعلم القوانين التي تحكم الكون والقمر والكواكب والنجوم والمجرات الفضائية».
وعن أهم المنعطفات في حياته العملية فيقول كراي إن الحصول على بعثة الدكتوراه في الولايات المتحدة كانت بداية الانطلاق الحقيقية له، ومن ثم تأسيس المؤسسة العلمية التونسية عام 1987 ومؤسسة العلوم والتكنولوجيا العربية في الشارقة عام 2000، بالإضافة إلى اختياره ضمن أفضل 40 عالما في أميركا الشمالية عام 2003، والحصول على الكثير من الجوائز العالمية في مجال البحث، كما قام بتأليف كتاب في حقل الذكاء الاصطناعي يتم تدريسه في أكثر من 200 معهد حول العالم.
أما أصعب القرارات التي كان عليه اتخاذها في مسيرته العلمية فيقول: «إن قرار البقاء في كندا والالتحاق في مجال التدريس عوضا عن العودة إلى بلاده الأم كان صعبا».
«لكنني قررت أن سأسهم في تطوير تونس من خلال تنظيم مؤتمرات والتدريس كورسات قصيرة، ولا أزال أقوم بهذا بينما أقوم بمهامي كمحاضر ورئيس قسم».
أما بالنسبة إلى عوامل النجاح، يقول كراي إن على الفرد «التعلم من أخطاء الماضي، التفاني والإصرار في العمل والتخطيط الاستراتيجي للمستقبل بما يتناسب مع ظروف الماضي والحاضر».
ويضيف: «من الممكن ألا تنجح طوال الوقت فيما تخطط له، لكن على الفرد القيام بكل ما أوتي للوصول إلى هدفه». وبينما ينظر كراي إلى المستقبل بعين متفائلة، لكنه يبدي حذرا من الإفراط بالاعتماد الآلة. ويطلق كراي تحذيره أن من الممكن للذكاء الاصطناعي أن يأتي بعواقب سيئة على البشرية، كما في أفلام الخيال العلمي، حين تسيطر الآلة على مصير البشرية.
«إن هذا الأمر ممكن؛ حيث تصبح الآلة واعية لما يدور حولها وتبدأ بالتصرف حسب نظرتها للبيئة المحيطة بها. هذا الموضوع سيكون ضمن مجال البحث في الجيل القادم للذكاء الاصطناعي. ويوجد بعض الباحثين الذين يناقشوا فرضية أن تصبح بعض هذه الأنظمة في متناول العامة».
ويؤكد كراي أنه «لا بد من وضع قوانين صارمة لمنع وقوع أخطاء كما هو الحال في مجال الخلايا الجذعية أو التعامل مع بحوث تسعى إلى إعادة إحياء فيروسات من الماضي، التي أدت إلى وفيات بأحجام هائلة».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».