احتدام المواجهات لليوم الثالث في المناطق الواقعة بين تعز ولحج

طيران التحالف يدك تعزيزات الميليشيات ويمنعها من السيطرة على قاعدة العند وخط الملاحة الدولي

مقاتلون من المقاومة الجنوبية في جبهات مكيراس الاستراتيجية بمحافظة أبين ({الشرق الأوسط})
مقاتلون من المقاومة الجنوبية في جبهات مكيراس الاستراتيجية بمحافظة أبين ({الشرق الأوسط})
TT

احتدام المواجهات لليوم الثالث في المناطق الواقعة بين تعز ولحج

مقاتلون من المقاومة الجنوبية في جبهات مكيراس الاستراتيجية بمحافظة أبين ({الشرق الأوسط})
مقاتلون من المقاومة الجنوبية في جبهات مكيراس الاستراتيجية بمحافظة أبين ({الشرق الأوسط})

تشهد جبهات كرش والقبيطة والمضاربة والأغبرة والمحاولة، وهي مناطق التماس بين محافظتي لحج وتعز، مواجهات ومعارك ضارية لليوم الثالث على التوالي بين الميليشيات الانقلابية من جهة، وقوات المقاومة الجنوبية والجيش الوطني المدعوم من قبل طيران التحالف من جهة أخرى. وحسب مصادر المقاومة، فإن الميليشيات ما زالت تحاول استغلال الهدنة للسيطرة على المنطقة التي تضم قاعدة العند الجوية وممر الملاحة الدولية في باب المندب.
وقال القيادي بالمقاومة الجنوبية بكرش مختار السويدي إن طيران التحالف تدخل لقصف تعزيزات للميليشيات بعد سيطرتها على جبل جالس بمنطقة القبيطة، لافتًا إلى أن الغارات دمرت أطقما عسكرية للميليشيات، وألحقت بها خسائر كبيرة في العتاد والأرواح.
ولفت السويدي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن جبهات المنصورة والبراحة والظهوره والأغبرة والقبيطة تشهد معارك هي الأعنف، وتستخدم فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، مشيرًا إلى أن الميليشيات تتعمد القيام بقصف القرى المجاورة بشكل عشوائي بصواريخ الكاتيوشا.
وأكد القيادي السويدي أن ميليشيات الحوثيين وقوات المخلوع صالح تواصل حشد تعزيزاتها العسكرية ناحية المحافظة الجنوبية، التي تضم قاعدة العند الجوية وممر الملاحة الدولية باب المندب، بعد أن استغلت هدنة الكويت المزعومة منذ 10 أبريل (نيسان) الفائت، حيث عملت خلال تلك الفترة على ترتيب صفوفها وحشد قواتها ناحية لحج لتحقيق موطئ قدم على الأرض، وهو ما لم تحققه حتى اللحظة رغم محاولاتها الكثيرة الفاشلة.
وكانت جبهات منطقة المنصورة الحدودية، بمضاربة لحج المحاذية للوازعية بتعز، قد شهدت اشتباكات عنيفة اندلعت في ساعة متأخرة من أول من أمس (الأربعاء) بين ميليشيات الحوثيين وقوات المخلوع صالح من جهة والمقاومة الجنوبية من جهة ثانية، واستخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة والمتوسطة فيما شهدت جبهات مناطق الأغبرة هي الأخرى اشتباكات متقطعة وقصفا متبادلا بموقع ذي عهده والأغبرة وغيرها.
وأشار القيادي بالمقاومة الجنوبية في جبهتي المنصورة والأغبرة بالمضاربة عبد ربه المحولي، خلال لقائه برجال المقاومة من أبناء الصبيحة، إلى أن مسؤولية حماية الحدود تقع على عاتق الجميع من أبناء الصبيحة، فيما تطرق العقيد الدودحي إلى الصمت والتجاهل الرسمي لهذه المناطق والجبهات والتهميش المتعمد وعدم توفير أبسط ما تحتاجه الجبهات هناك، مطالبا بنقل هموم الجبهات للحكومة والقيادة العسكرية بالمنطقة الرابعة، على حد قوله. وأبدى قائد المقاومة الجنوبية بمضاربة لحج حرصه الشديد على أهمية دعم الجبهات على طول خطوط التماس مع الميليشيات، لافتًا إلى أن الهجمات التي وصفها باليائسة للحوثيين لم - ولن - تثني أبناء الصبيحة عن الحفاظ على مناطقهم الحدودية مهما كانت الظروف، على حد قوله.
من جهته، نفى مدير عام مديرية المسيمير رمزي عبد الله ناصر دخول ميليشيات الحوثيين وقوات المخلوع صالح من الجهة الشمالية والغربية لمناطق المديرية التي تقع على الحدود مع مديرية ماوية التابعة لمحافظة تعز، والتي تمتد لترتبط بمناطق كرش كما زعمت وسائل إعلام وصفها بالمعادية.
وأشار مدير عام المسيمير إلى أن قوات المخلوع صالح إبان غزوها الجنوب، في حرب صيف 94، استخدمت تلك المناطق لدخول معسكر لبوزة وقاعدة العند لأهميتها واحتوائها على مرتفعات جبلية يمكن منها الإشراف على قاعدة العند الاستراتيجية ومعسكر لبوزة الذي يقع في نطاق المديرية، وتسيطر علية المقاومة الجنوبية، لافًتا إلى أن مديرية المسيمير احتفلت منذ أيام بالذكرى الأولى لتحريرها كثاني منطقة تتحرر بعد الضالع.
وقال إن المديرية قدمت في سبيل تحريرها تضحيات جسام وفاتورة ثمنها أكثر من 60 شهيدا و150 جريحا في مواجهة ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح.
وتأتي تلك التطورات في جبهات المناطق الحدودية السابقة بين محافظتي لحج وتعز بعد تمكن ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح من السيطرة على جبل جالس الاستراتيجي بمنطقة القبيطة، قبل أول من أمس، بعد معارك ضارية خاضتها مع قوات المقاومة الجنوبية والجيش الوطني بتلك المناطق.
وكان المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد قد أعرب، أول من أمس، عن استيائه الشديد، خلال لقائه وفد الميليشيات الانقلابية، إزاء ما حصل في جبل جالس قرب قاعدة (العند)، شمال غرب محافظة لحج، مؤكدا أنه تطور خطير يمكن أن يهدد مشاورات السلام اليمنية المنعقدة في الكويت برمتها.
كما قال وزير الخارجية ورئيس وفد الحكومة اليمنية لمشاورات الكويت عبد الملك المخلافي إنه أبلغ المبعوث الأممي لليمن أن سيطرة ميليشيات الحوثي وصالح على جبل جالس بمديرية القبيطة شمال غرب لحج، وتصعيدها العسكري في كل الجبهات، يدمر أمل السلام، ويمثل تحديا للمجتمع الدولي، مضيفا أن التصعيد العسكري للميليشيات شمل جبهات الجوف ونهم ومأرب والبيضاء وكرش وتعز، بالإضافة إلى القبيطة، وهو ما يكشف بجلاء عدم رغبتهم بالسلام.
وعقب تلك الخروقات، نفذ طيران التحالف العربي غاراته على مواقع تمركز الميليشيات في جبل جالس، محققا ضربات موجعة تكبدت من خلالها الميليشيات خسائر موجعة، بتدمير أطقم عسكرية وأسلحة ثقيلة وسقوط العشرات من عناصر الميلشيات بين قتلى وجرحى، بحسب ما أفاده مقاتلون في صفوف الشرعية بالقبيطة.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».