قرية الفخارين في القاهرة.. سوق مزدهرة لعقود عطلها ركود السياحة وهجرة الحرفيين

نقيب الفخارين لـ {الشرق الأوسط}: نطالب المستثمرين العرب بإنقاذ هذه الصناعة

حرفيين
حرفيين
TT

قرية الفخارين في القاهرة.. سوق مزدهرة لعقود عطلها ركود السياحة وهجرة الحرفيين

حرفيين
حرفيين

تشتهر مصر بصناعة الفخار منذ عصر الفراعنة، مرورا بالعصرين الفاطمي والإسلامي، لوجود الخامات الطبيعية والمهارات والتقنية، بسبب توفر الطين الأسواني المقبل من طمي النيل، ومن هنا اشتهرت بصناعة الفخار.
«الشرق الأوسط» تجولت في قرية الفخارين ببطن البقر بمدينة الفسطاط بمصر القديمة، حيث لا تزال تلك جنبات وطرقات تلك القرية تزدان بالأعمال الفخارية المبهرة بأنواعها المختلفة، حتى يخيل إليك أنك تتجول داخل معرض فني مفتوح.
سوق الفخار والخزفيات والمنحوتات تتطلب جهدا، وعوائدها تتراجع عاما بعد عام، إلا أن عشرات المصريين في قرية الفخارين، لا يزالون متمسكين بالعمل في هذه السوق التي تمتزج فيها الحرفة بالتجارة، حيث ينتشر العمال داخل المعامل، فيما يروج أصحابها التجار لها على الطرقات وأمام محلاتهم.
يقول إبراهيم عبد العال البالغ من العمر 75 عاما، وهو أقدم حرفي في قرية الفخارين لـ«الشرق الأوسط»: «أعمل في المهنة منذ العاشرة من عمري وقضيت سنوات عمري في صناعة أواني الطهي والطواجن والأبرمة والأباريق والقلل، وكذلك القدرة والزير والجرة والأباجورة، وأخيرا اتجهت إلى ديكورات المنازل والفنادق والقرى السياحية».
ويوضح عبد العال أن قرية الفخارين أقدم منطقة في قلب القاهرة لصناعة الفخّار، مشددا على أنهم لا يزالون يستخدمون الخامات الأصلية من البيئة الطبيعية، عن طريق الطمي المقبل من أسوان والنوبة.
ويضيف: «ورثت المهنة من أجدادي، وفي القدم كان صاحب المصنع أو الأسطى يُلقّب بـ(المعلم) ويرتدى الجلباب والعباءة والعمامة، وله هيبة بين الحرفيين ويقدرونه، وكانت المهنة لها قيمة كبيرة، وكان لا يخلو جهاز العروسة من الأواني الفخارية والقلل، وقدرة السمن، وزير الماء. لكن هذا تغير اليوم، حيث باتت أكثر مبيعاتنا هي لحج الشيشة، الذي ننتج منه نحو ثلاثة آلاف يوميا».
من ناحيته، يقول ملاك إبراهيم عامل فخار، إن الأوضاع السياسة في مصر أثّرت على مبيعات السوق من الفخار، وذلك نتيجة لتراجع طلبات السياح، التي كانت تشكل نسبة كبيرة من مبيعاتنا اليومية نتيجة للطلب المقبل من القرى والمنتجعات السياحية، على هذا النوع من الهدايا.
وعن المعوقات التي تواجه هذه الصناعة يقول إبراهيم إن «القائمين على تطوير القرية تجاهلوا التوصيات المستمرة بإدخال الغاز والكهرباء لتطوير الأفران، مما يضطرنا لاستخدام مواد ملوثة، على الرغم من إدراجنا على قائمة تطوير منظومة الحريق واستخدام الغاز كطاقة نظيفة».
محمد فرج أحد تجار السوق يقول من جانبه: «يلجأ إلينا طلبة كلية الفنون الجميلة والفنون التطبيقية، وجميع طلاب الكليات الفنية المختصة، ونساعدهم في مشاريع التخرج الخاصة بهم، ونمدهم بالخبرات اللازمة، ونساعدهم في دراساتهم المتعلقة بالخزف والفخار والنحت منذ السنة الدراسية الأولى وحتى تحضيرهم لرسائل الدكتوراه، وهذا أعطى لنا خبرة أكثر وتعلمنا منهم أيضا المزيد في التطوير والارتقاء بأعمالنا».
وبيّن فرج أن هذا التعاون مع الجامعات المصرية ساعدهم في الاشتراك، وعرض منتجاتهم في أرض المعارض، وكذلك المشاركة في معرض القاهرة الدولي، أكثر من مرة، وفي مهرجان السياحة والتسوق، ومعارض الشباب والرياضة.
وفي نهاية الجولة، التقت «الشرق الأوسط» أحمد محمد زكي رئيس النقابة المستقلة لصناع الفخار والخزف المصري، الذي أكد أن النقابة أنشئت عام 2012، للحفاظ على المهنة من اندثارها، وخصوصا بعد وفاة شيوخ المهنة، وبها 102 عضو عامل، جميعهم يعملون بقرية الفخارين ببطن البقر بالفسطاط، وأنه يوجد على مستوى مصر 152 مصنعا في القاهرة والفيوم والوادي الجديد وأسوان وسمنود والغربية، وجميعهم قائمون على الصناعة منذ أيام عمرو بن العاص.
ويقول نقيب الفخاريين: «على الرغم من أن مصر تتميز بوجود الخامات والمهارات وتقنية الصناعة، فإننا بدأنا نعاني من نقص العمالة التي أوشكت على الانقراض، والصادرات الفخارية كانت لا تتعدى المائة حاوية سنويا قبل الثورة، لأوروبا، وخاصة إيطاليا وفرنسا، والبيع أغلبه محلي، من خلال بعض المعارض الفردية، ولدينا مشكلة في التسويق للخارج، لأنه لا يجري إلا من خلال بعض المستثمرين الأجانب، ممن يقومون بشراء القطع الفخارية المختلفة والمصنّعة بالجنيه المصري، ويصدرونها في الأسواق الأوروبية باليورو والدولار، وفرق العملة يعود عليهم ولا تستفيد مصر منه».
وطالب زكي المستثمرين في الدول العربية بتبني هذه الحرف النادرة، وإقامة المشاريع المشتركة لتطويرها واستثمارها.



بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها في ممارسات الاتحاد الأوروبي وجدت أن بروكسل فرضت «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة على بكين، مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد.

وأعلنت بكين عن التحقيق في يوليو (تموز)، بعدما أطلق الاتحاد تحقيقات حول ما إذا كانت إعانات الحكومة الصينية تقوض المنافسة الأوروبية. ونفت بكين باستمرار أن تكون سياساتها الصناعية غير عادلة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الاتحاد الأوروبي لحماية الحقوق والمصالح القانونية للشركات الصينية.

وقالت وزارة التجارة، الخميس، إن تنفيذ الاتحاد الأوروبي للوائح الدعم الأجنبي (FSR) كان تمييزاً ضد الشركات الصينية، و«يشكل حواجز تجارية واستثمارية». ووفق الوزارة، فإن «التطبيق الانتقائي» للتدابير أدى إلى «معاملة المنتجات الصينية بشكل غير موات أثناء عملية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمنتجات من دول أخرى».

وأضافت بكين أن النظام لديه معايير «غامضة» للتحقيق في الإعانات الأجنبية، ويفرض «عبئاً ثقيلاً» على الشركات المستهدفة، ولديه إجراءات غامضة أنشأت «حالة من عدم اليقين هائلة». ورأت أن تدابير التكتل، مثل عمليات التفتيش المفاجئة «تجاوزت بوضوح الحدود الضرورية»، في حين كان المحققون «غير موضوعيين وتعسفيين» في قضايا، مثل خلل الأسواق.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الشركات التي عدّت أنها لم تمتثل للتحقيقات واجهت أيضاً «عقوبات شديدة»، الأمر الذي فرض «ضغوطاً هائلة» على الشركات الصينية. وأكدت أن تحقيقات نظام الخدمة المالية أجبرت الشركات الصينية على التخلي عن مشاريع أو تقليصها، ما تسبب في خسائر تجاوزت 15 مليار يوان (2,05 مليار دولار).

وفي سياق منفصل، تباطأ التضخم في أسعار المستهلكين في الصين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما واصلت أسعار المنتجين الانكماش وسط ضعف الطلب الاقتصادي.

وألقت عوامل، تتضمن غياب الأمن الوظيفي، وأزمة قطاع العقارات المستمرة منذ فترة طويلة، وارتفاع الديون، وتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، بظلالها على الطلب رغم جهود بكين المكثفة لتحفيز القطاع الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، بعد صعوده 0.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، مسجلاً أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي. وجاءت البيانات متسقة مع توقعات الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وظل مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بواقع 0.6 في المائة في نوفمبر، وهو ما يتوافق أيضاً مع التوقعات. وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، 0.4 في المائة الشهر الماضي، مقارنة مع 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.

وبالنسبة للعام ككل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.2 في المائة بما يتماشى مع وتيرة العام السابق، لكنه أقل من المستوى الذي تستهدفه السلطات عند نحو ثلاثة في المائة للعام الماضي، مما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق الهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، مقابل هبوط بواقع 2.5 في المائة في نوفمبر، فيما كانت التوقعات تشير إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المائة. وبذلك انخفضت الأسعار عند بوابات المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي.

ورفع البنك الدولي في أواخر ديسمبر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن أموراً تتضمن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، ستظل تشكل عائقاً.