46 مليون ناخب يدلون بأصواتهم في استفتاء يحدد مصير بريطانيا اليوم

البنك الأوروبي للتنمية لـ «الشرق الأوسط» : الخروج سيؤدي إلى ارتفاع تقلبات الأسواق المالية

46 مليون ناخب يدلون بأصواتهم  في استفتاء يحدد مصير بريطانيا اليوم
TT

46 مليون ناخب يدلون بأصواتهم في استفتاء يحدد مصير بريطانيا اليوم

46 مليون ناخب يدلون بأصواتهم  في استفتاء يحدد مصير بريطانيا اليوم

تحمل آنا سليماني، المحرّرة الفرنسية الشابة، علبة من خبز «الكرواسون» في محطّة «كينكز كروس» في لندن، حيث يصل قطار «اليوروستار» الذي يربط بين العاصمتين لندن وباريس. ووزعت آنا وعدد من أصدقائها الخبز الشهي على البريطانيين المنشغلين بالوصول إلى أماكن عملهم صباح أمس، مرفوقًا بابتسامات عريضة وبطاقات بريدية تحمل عبارات: «لا ترحلوا عنا.. إننا نحبكم».
وكانت «عملية كرواسون» إحدى المبادرات الكثيرة التي شهدتها لندن أمس، قبل يوم على التصويت في الاستفتاء حول عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، والتي تهدف إلى إقناع 10 في المائة من الناخبين المتردّدين. وبذل مؤيدو بقاء بريطانيا ومعارضوه جهودهم الأخيرة أمس لإقناع المترددين عشية الاستفتاء على مكانة المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي، عبر خطابات ومقابلات ومناظرات وتوزيع منشورات.
وقبل يوم واحد من هذا الاستفتاء الحاسم لمستقبل بريطانيا ومعها أوروبا، يبدو المعسكران متعادلين مع تقدم طفيف لمؤيدي البقاء في الاتحاد (51 في المائة) في نيات التصويت، حسب معدل آخر ستة استطلاعات للرأي حسبها موقع «وات - يوكي - ثينكس» الإلكتروني.
وفي محاولة لطمأنة الأسواق في أجواء التقلب هذه، أكد البنك المركزي الأوروبي أنه «مستعد» لمواجهة «كل الأوضاع غير المتوقعة» التي ستلي الاستفتاء البريطاني. فيما أوضحت أولغا روسكا، المتحدّثة باسم البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لـ«الشرق الأوسط» أن «تداعيات نتيجة لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قد تؤدي إلى ارتفاع تقلّبات الأسواق المالية، كما سيكون تأثيرها ملموسًا بشكل خاص في دول جنوب شرق أوروبا وأوروبا الوسطى». كما رجحت أن تشهد الأسواق الأوروبية نوعًا من لا استقرار بعد التصويت. وبينما لا يعتبر البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية مؤسسة تابعة للاتحاد الأوروبي، حيث تمثل الولايات المتحدة أكبر مساهم بين أكثر من 60 دولة، إلا أن دوره الأساسي هو تعزيز التنمية في الدول الأوروبية وقدرتها لمواجهة تقلبات أسواق المال.
وفي مؤشر إلى اهتمام القطاع الاقتصادي بالاستفتاء، نشر نحو 1300 مسؤول في شركات يعمل فيها 1,75 مليون شخص، رسالة في صحيفة «تايمز» تدعو الناخبين البريطانيين إلى اختيار البقاء في الاتحاد الأوروبي.
أما سياسيًا، فقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في مقابلة نشرت على الصفحة الأولى لصحيفة «ذي غارديان» إن الناخبين سيوجّهون «رسالة واضحة» باختيارهم البقاء في الاتحاد، مفادها أن «المملكة المتحدة ليست منطوية على نفسها». وأضاف كاميرون لصحيفة «فاينانشيال تايمز» أمس أن «السباق محتدم للغاية، ولا أحد يعلم ما الذي سيحدث (في التصويت)».
وظهر أمس، حث كاميرون الذي دعا لإجراء الاستفتاء تحت ضغوط من حزب المحافظين الذي يتزعمه، وكذلك حزب استقلال بريطانيا المناهض للاتحاد الأوروبي، المشاركين في الاستفتاء على البقاء في الاتحاد الذي انضمت له بريطانيا في عام 1973.
وقال لمؤيديه في بريستول في غرب إنجلترا: «إذا خرجنا من الاتحاد، فسوف نحط من شأن بلدنا وقدرتنا على المشاركة في العالم». وأضاف: «أمامكم يوم واحد لصياغة هذه الرسالة بشكل أقوى وأفضل وأكثر أمنًا. أرجوكم، افعلوا كل ما في وسعكم في هذه الساعات الأخيرة لتتأكدوا من خروج الناس للتصويت غدًا».
ومصير رئيس الوزراء معلق على نتيجة الاستفتاء. وسيؤدي التصويت بالخروج قطعًا لمغادرته منصبه، على الرغم من أنه قال إنه لن يستقيل. لكن حتى التصويت بالبقاء في الاتحاد بهامش ضيق سيؤثر في نفوذه وسيختصر مدته.
من جهتها، نظمت نيكولا ستورجن رئيس وزراء اسكوتلندا، برفقة حمزة يوسف وزير الدولة الاسكوتلندي للشؤون الأوروبية والتنمية الدولية، جلسة مصورة مباشرة على موقع «فيسبوك» للتواصل الاجتماعي للإجابة على أسئلة الناخبين المترددين حول الاستفتاء. ودعت ستورجن، إحدى أبرز الشخصيات السياسية تأييدًا لأوروبا، الناخبين للتصويت لصالح البقاء «إن كانوا يودّون حماية الوظائف، حرية التنقل والسفر، والحفاظ على صورة بريطانيا كوطن منفتح على العالم».
ودعمت مدينة لندن وصندوق النقد الدولي وغالبية رجال الأعمال كاميرون ومعسكر البقاء في الاتحاد الأوروبي، الذي يرى أن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيؤدي لدخول بريطانيا حالة من الركود وخسارة الوظائف ورفع الأسعار.
فيما ركّز داعمو «الخروج» على قضيّة الهجرة، وقالوا إن بريطانيا ستستعيد سيطرتها على الهجرة إذا خرجت من اتحاد يرونه «مستبدًا» و«غير مواكب للأحداث». واتهم المعسكران باستخدام وسائل إقناع تخلو من الصحة، وتكتيكات التخويف.
وبهذا الصدد، سعى مسؤولون من المعسكرين مساء أول من أمس، في أول مناظرة حول الاستفتاء بعد مقتل النائبة العمالية المؤيدة لأوروبا جو كوكس، إلى إقناع المترددين في مناظرة نظمتها الـ«بي بي سي»، وحضرها نحو ستة آلاف شخص في قاعدة للعروض في لندن. وعكست المناقشات في بعض مراحلها حدة الحملة، إذ لم يتردد المشاركون في مقاطعة بعضهم البعض وتبادل الاتهامات.
واتهم صديق خان، رئيس بلدية لندن العمالي المؤيد لبقاء بلده في الاتحاد، أنصار مغادرة الكتلة الأوروبية وزعيمهم بوريس جونسون، عمدة لندن المحافظ السابق، بـ«الكذب» عندما يقولون إن تركيا يمكن أن تنضم إلى الاتحاد الأوروبي في مستقبل قريب. وقال خان «إنها تصريحات خطيرة، وعلى بوريس أن يشعر بالعار».
ورد جونسون بالتأكيد أن معسكر مؤيدي البقاء ركّز طوال حملته على «الخوف» من العواقب الاقتصادية للخروج من الاتحاد. وأضاف جونسون: «يقولون إنه ليس لدينا خيار آخر سوى الانصياع أمام بروكسل. ونحن نقول إنهم يسيئون تقدير (إمكانيات) هذا البلد بشكل مؤسف». واهتمت وسائل الإعلام المحلية بجونسون منذ تولي خان عمودية لندن، حيث انتشر الحديث عن طموحه إلى تولي منصب رئيس الحكومة خلفًا لكاميرون.
ونظمت مناظرة أخيرة مساء أمس على قناة «تشانل - 4» بين النائب القومي الاسكوتلندي أليكس سالموند المؤيد للبقاء في الاتحاد، ونايجل فاراج زعيم حزب الاستقلال البريطاني المعادي للوحدة الأوروبية وللهجرة.
وفي أسواق المال التي يهزها منذ أسابيع احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تسود أجواء انتظار وحذر. وقد سجلت البورصات الأوروبية، على غرار بورصة «وول ستريت» ارتفاعًا طفيفًا أمس الأول الثلاثاء عند الإغلاق.
وقال الخبير في مجموعة «ستاندارد أند بورز غلوبال أنتليجانس»، سام ستوفال: «نحن نكتفي بانتظار الخميس دون أن نهتم بأمور أخرى».
ومن المقرر أن تفتح مراكز الاقتراع أبوابها في الساعة السادسة صباحًا بتوقيت غرينتش اليوم، وأن تغلق في الساعة التاسعة مساء. ويتوقع أن تعلن النتيجة الرسمية غدًا الجمعة، فيما ستظهر نتائج جزئية وأرقام معدلات المشاركة من 382 مركز إحصاء في ساعة متأخرة مساء اليوم. ويذكر أن نحو مليوني بريطاني جدد سجّلوا أسماءهم منذ ديسمبر (كانون الأول) على اللوائح الانتخابية، مما يرفع عدد الناخبين المحتملين في استفتاء الخميس إلى 46,5 مليون، حسب اللجنة الانتخابية التي قالت إن العدد «قياسي»، وغير مسبوق.
وحثّ زعماء العالم ومنهم الرئيس الأميركي باراك أوباما، والرئيس الصيني شي جين بينغ، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وحلف شمال الأطلسي وحلفاء الكومنولث، بريطانيا على البقاء في الاتحاد الأوروبي. وحذّر البعض من تداعيات العزلة.
من جهته، قال متحدّث باسم الحكومة الفرنسية أمس، إن بريطانيا ستخسر الوجود في السوق الموحدة، إذا جاءت نتيجة التصويت بالخروج من الاتحاد، وتوقفت بريطانيا عن السداد في الميزانية المشتركة.
في سياق متّصل، شهدت بريطانيا أمس سلسلة تجمعات في بريطانيا والعالم تكريمًا لذكرى النائبة العمالية جو كوكس المؤيدة للبقاء في الاتحاد الأوروبي. واغتيلت كوكس المعروفة بمواقفها الداعمة للاجئين السوريين بوحشية بالرصاص، وطعنا بسكين في دائرتها في شمال إنجلترا.
وفي لندن، احتضنت ساحة «ترافلغار» تكريمًا لذكرى النائبة التي كان يفترض أن تبلغ الثانية والأربعين من العمر أمس. وشاركت منظمات سوريا في إحياء ذكرى كوكس أمس، تكريمًا لمسيرتها السياسية ومواقفها الداعمة للقضية السورية واللاجئين. وبهذا الصدد، قال رائد الصالح، مدير «القبعات البيضاء» في سوريا الذي شارك أمس في التكريم، لـ«الشرق الأوسط» إن «كوكس تمثل بالنسبة لنا رمزًا للسلام. وكانت أول من تحدّث في البرلمان البريطاني عن ضرورة ممارسة ضغوط لوقف قصف المدنيين في سوريا». كما نظّم حفل تكريم في مهرجان الموسيقى في غلاستونبيري شمال غربي إنجلترا. من جانبه، أكد زوجها برندان كوكس أنها قتلت بسبب التزامها. وقال في مقابلة مع الـ«بي بي سي» إنها «كانت تمارس العمل السياسي، ولديها آراء قوية جدًا، وأعتقد أنها قتلت لهذا السبب».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».