وزير الطاقة السعودي: «رؤية المملكة 2030» لن توقف نمو القطاع النفطي

في متحف الفنون الجميلة، الواقع على شارع بيسونت في قلب عاصمة النفط الأميركية هيوستن، جاء وزير الطاقة السعودي خالد الفالح يوم الثلاثاء، لتناول وجبة الإفطار بعد يوم طويل من الصيام في صيف الولايات المتحدة والاستمتاع بالمعروضات الفنية.
ولكن الفالح لم يذهب هناك بهدف الاستمتاع بالفن، بل كان هناك من ينتظره. ففي ذلك المكان التقى الفالح بمراسل صحيفة «هيوستن كرونيكل» الذي أجرى معه أول حوار مع صحيفة منذ أن تولى الفالح منصبه في شهر مايو (أيار) الماضي.
وفي الحوار الذي نشرته الصحيفة بالأمس، قال الفالح إن المملكة لديها ضرورة ملحة للتحول إلى اقتصاد غير نفطي، ولكن «رؤية المملكة 2030» لا تعني بأي شكل من الأشكال أن القطاع النفطي سيتوقف عن النمو، أو أن استثمارات السعودية في النفط ستتوقف. وأكد الفالح للصحيفة الأميركية أن المملكة ستستمر في الاستثمار في طاقتها الإنتاجية من النفط الخام، نظرًا لإيمانها الشديد بأن الطلب على النفط سيظل مستمرًا في السنوات القادمة، حتى مع ظهور كثير من البدائل الأخرى مثل السيارات الكهربائية.
وقال الفالح: «نحن لسنا خائفين، نحن واقعيون، ولهذا ندرك أن النفط سيحصل على حصة مهمة من مزيج الطاقة العالمي في العقود القادمة». وأضاف: «حتى وإن هبطت حصة النفط في مزيج الطاقة العالمي على سبيل الافتراض من 30 إلى 25 في المائة، فإن هذا الرقم سيظل كبيرًا مع زيادة الطلب على النفط حتى أعوام 2030 أو 2040».
وأجرت الصحيفة الحوار مع الفالح في هيوستن في ولاية تكساس، حيث جاء لتفقد أعمال شركة «أرامكو السعودية» هناك، إذ تمتلك «أرامكو» من خلال شركتها التابعة «موتيفا» مصفاة «بورت آرثر» في نفس الولاية، والتي تعد أكبر مصفاة في الولايات المتحدة. ويرافق الفالح ووزراء آخرون، منهم وزير التجارة ماجد القصبي، ووزير المالية إبراهيم العساف، وأمين عام صندوق الاستثمارات العامة ياسر الرميان، ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في رحلته إلى الولايات المتحدة، التي التقى فيها الرئيس الأميركي باراك أوباما، إضافة إلى كثير من السياسيين ورؤساء الشركات الأميركية التي تم فتح باب الاستثمار المباشر لها في السوق السعودية.
وبعد أن التقى بالسياسيين، تفرغ الأمير محمد بن سلمان للقاء رؤساء الشركات الكبرى، والتي من المتوقع أن تشارك في «رؤية المملكة 2030»، والتي تدعم الاستثمارات الأجنبية وتطوير القطاع الخاص.
وكان الفالح قد أوضح يوم السبت الماضي في مؤتمر صحافي لوسائل الإعلام السعودية في واشنطن، أن المملكة أكبر بلد مصدر للنفط في العالم، ستستعيد أهميتها في تحقيق التوازن بين العرض والطلب بعد تعافي السوق العالمية للخام.
وقال الفالح في التصريحات التي نشرتها وكالة الأنباء السعودية: «على الرغم من أن الإنتاج خلال العامين الماضيين مرتفع والأسعار منخفضة، فإن البترول لا يزال هاجس دول العالم الكبرى، ولأنه سلعة لها دورات ارتفاع وانخفاض، فالجميع يدرك أنه بعد أن تنتهي دورة الانخفاض الحالية سيكون العالم بحاجة لدولة بعمق السعودية، وقدرتها الاستراتيجية على موازنة العرض والطلب». وأشار الفالح الذي التقى نظيره الأميركي ضمن الزيارة إلى الولايات المتحدة، إلى اهتمام الجانب الأميركي بمعرفة السياسة السعودية، مضيفًا: «أكدنا لهم أن سياستنا ثابتة، وأننا ما زلنا دولة تتسم بالمسؤولة من ناحية المحافظة على طاقتها، وجاهزة لسد أي نقص في السوق، وأنها تسعى دائمًا لأن يكون هناك توازن في العرض والطلب، وأن يكونا معتدلين، وأن تكون الأسعار عادلة للمنتجين والمستهلكين». وتخلت السعودية - القائد الفعلي لأوبك - عن دور المنتج المرجح فعليا في 2014، حينما قادت تحولا في سياسة التكتل من خلال الإحجام عن خفض الإنتاج لدعم الأسعار، والسماح للسوق بموازنة نفسها من دون تدخل.
وأوضح الفالح لصحيفة «هيوستن كرونيكل» أن تخمة النفط في السوق التي استمرت لنحو عامين، وتسببت في هبوط أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ 7 أعوام تقريبًا قد اختفت الآن.
ونقلت الصحيفة عن الفالح قوله: «لقد خرجنا منها»، في إشارة إلى تخمة المعروض، مضيفًا: «لقد اختفى الفائض في المعروض، وكل ما بقي لنا حتى الآن هو ارتفاع المخزونات، وسنتركها للنظام حتى يخلصنا منها». وقال الفالح، إن السبب في ذلك هو أن الطلب من الهند وبعض أجزاء آسيا قوي الآن، في الوقت الذي يهبط فيه الإنتاج من الولايات المتحدة ونيجيريا، وهو ما أدى إلى تقلص الفائض البالغ نحو مليون برميل يوميًا بين العرض والطلب.
ولكن الفالح قال إن تعافي السوق سيعتمد على مدى سرعة المخزونات في الانكماش، وهذا أمر يتطلب الانتظار للنصف الثاني أو النصف الأول من العام الجاري.