محللون: العلاقات الخليجية ـ الإيرانية تتحول إلى «السلام البارد»

بعد إقالة مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية

محللون: العلاقات الخليجية ـ الإيرانية تتحول إلى «السلام البارد»
TT

محللون: العلاقات الخليجية ـ الإيرانية تتحول إلى «السلام البارد»

محللون: العلاقات الخليجية ـ الإيرانية تتحول إلى «السلام البارد»

قال محللون إن إقالة أمير عبداللهيان مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية أو من يعرف بـ«مهندس السياسة الخارجية الإيرانية في الشرق الأوسط»، يعد تحولاً كبيرًا وتنازلاً من المرشد الإيراني بعد أن عزلت إيران خليجيًا وعربيًا وإسلاميًا.
وبحسب المحللين، فإن المرشد الإيراني علي خامنئي رضخ لتسليم ملف العلاقات الإيرانية - الخليجية - العربية من مكتبه إلى مكتب روحاني - ظريف، مشيرين إلى أن هذا التحول قد يدفع العلاقات الخليجية - الإيرانية خاصة السعودية للتحول من مناخ الحرب الباردة والمواجهة إلى التعايش على مضض أو إلى السلام البارد.
وكانت الخارجية الإيرانية أعلنت أول من أمس تعيين جابر أنصاري مساعدا لوزير الخارجية للشؤون العربية والأفريقية، بدلاً من أمير عبداللهيان الذي يعرف بمواقفه الشديدة في مساندة توجه الحرس الثوري وفيلق القدس في منطقة الشرق الأوسط.
ويعتبر الدكتور عبد العزيز بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث أن تحول ملف العلاقات مع الخليج والسعودية من يد المرشد الأعلى علي خامنئي إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير خارجيته جواد ظريف يوجب هذا التغيير. وأضاف: «لا شك أن هذا التحول يؤدي إلى تغييرات وجلب فريقهم».
من جانبه، يرى الدكتور أنور عشقي رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية أن خروج عبداللهيان سيترتب عليه تغيير كبير في سياسة إيران الخارجية لأنه كان ينقل صورة سيئة للحكومة الإيرانية وللمرشد الإيراني عن المنطقة العربية، وله طموحات أكثر مما نتوقع.
وأوضح عشقي الذي التقى عبداللهيان أكثر من مرة أن الحكومة الإيرانية وجدت أن تصريحاته هي التي تصنع الفرقة بين إيران والدول العربية، وتابع: «إقالته هي محاولة لفتح الطريق للعلاقات بين السعودية وإيران، وكما نعلم أن المملكة صرحت مرارًا وتكرارًا بأن إيران إذا أرادت علاقة مع السعودية عليها أن توقف التدخل في شؤون دول المنطقة وتوقف زعزعة الاستقرار في العراق وسوريا وغيرها».
ويؤكد عشقي أن أمير عبداللهيان كان يحرض ضد الحكومة البحرينية إبان كان سفيرًا لطهران في المنامة، ويقول: «حذرته الحكومة البحرينية مرارًا ثم تم طرده من البحرين، ثم عين نائبا لوزير الخارجية، ولي تجربة شخصية معه، حينما زرت طهران وكنا نتحدث عن العلاقات السعودية الإيرانية وكان متشددًا في آرائه».
إلى ذلك، يؤكد محلل سعودي آخر أن إقالة مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية - الأفريقية تشكل تنازلاً وتحولاً من خامنئي لتغيير مقاربته الخليجية - العربية بعدما أدت لعزلة إيران خليجيًا وعربيًا وإسلاميًا.
ولفت المصدر - الذي فضل عدم ذكر اسمه - إلى أن المرشد الإيراني الأعلى سمح بتسليم ملف العلاقات الإيرانية - الخليجية - العربية من مكتبه لفريق روحاني - ظريف، بعد أن شهدت العلاقات الإيرانية - الخليجية - العربية أكبر أزمة منذ الثورة الإيرانية.
وأضاف: «هذا قد يدفع العلاقات الإيرانية - الخليجية خاصة مع السعودية وما يتبعها خليجيًا وعربيًا للتحول من مناخ الحرب الباردة ومواجهة واحتواء إلى تعايش على مضض أو من الحرب الباردة إلى كما طلب أوباما للسلام البارد».
ووضع المصدر بعض التساؤلات المطروحة عما إذا كنا سنشهد ذلك في المستقبل القريب، وقال: «فهل ستقدم سلطنة عمان نفسها وسيطًا لتقريب وجهات النظر؟ وهل سينعكس ذلك بدور إيراني إيجابي في مسارح الأحداث والمواجهات في اليمن مع الحوثيين وفي سوريا مع النظام وميليشيات إيران، وفي العراق حول الحشد الشعبي وفي لبنان مع (حزب الله) لانتخاب رئيس في لبنان؟». وختم بقوله: «أعتقد أن الكرة في الملعب الإيراني، ونحكم على إيران بالأفعال وليس بالأقوال».
وكانت السعودية أعلنت في مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، ودعت البعثة الدبلوماسية الإيرانية الموجودة على أراضيها لمغادرة البلاد خلال 48 ساعة. واعتبر وزير الخارجية السعودي آنذاك أن «الاعتداء على السفارة والقنصلية» السعوديتين في إيران «يشكل انتهاكًا صارخًا لكافة الاتفاقيات والمواثيق والمعاهدات الدولية». واعتبر الجبير أن «تاريخ إيران مليء بالتدخلات السلبية والعدوانية في الشؤون العربية ودائمًا ما يصاحبه الخراب والدمار».
واتهم عادل الجبير إيران بنشر الإرهاب والطائفية في الشرق الأوسط، مبينًا أنها «هزمت في اليمن ولن تتمكن من إنقاذ الأسد»، مؤكدًا في الوقت نفسه أن «السعودية مصممة على عدم السماح لإيران بتقويض أمنها».



عودة ترمب للبيت الأبيض... فرصة للحوار أم تهديد لإيران؟

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
TT

عودة ترمب للبيت الأبيض... فرصة للحوار أم تهديد لإيران؟

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

منذ فوزه في الانتخابات الرئاسية، تباينت آراء الخبراء والسياسيين الإيرانيين حول عودة دونالد ترمب للمكتب البيضاوي، وتأثيرها على إيران. ويراها البعض فرصة للتفاوض بناءً على ميول ترمب للحوار، بينما يرى آخرون أن عودة سياسة «الضغط الأقصى» بما فيها العقوبات الاقتصادية والخيار العسكري، لا تزال احتمالاً قائماً.

ويعتقد مؤيدو التفاوض المباشر مع واشنطن أن غياب إيران عن أولويات ترمب الأولى يمثل فرصة لتخفيف الضغوط وفتح باب للحوار، خصوصاً في ظل فتوى تحظر الأسلحة النووية في إيران.

في المقابل، يحذِّر منتقدو الحوار من «تغلغل» أميركي واستغلال التفاوض لفرض تنازلات، ويشيرون إلى انعدام الثقة وتجارب الماضي، بما في ذلك انسحاب ترمب من الاتفاق النووي.

وأشارت صحيفة «شرق» الإيرانية إلى «قلق» بين غالبية الخبراء، وقالت إن احتمالية عودة سياسة «الضغط الأقصى»، مثل تقليص صادرات النفط الإيراني، وتحريك آلية «سناب باك»، وعودة القرارات الأممية، وحتى احتمال اللجوء إلى الخيار العسكري، لا تزال قائمة.

وفي المقابل، هناك فئة ترى أن عودة ترمب قد تخلق فرصاً أكبر لإيران للتفاوض والوصول إلى اتفاق، نظراً لميول ترمب للتفاوض. وقال علي مطهري، نائب رئيس البرلمان الإيراني السابق، إن عودة ترمب قد تمثل فرصة وليس تهديداً لإيران، خصوصاً إذا أظهر ترمب رغبة في التفاوض.

ودعا مطهري إلى إجراء مفاوضات مباشرة مع الحكومة الأميركية بدلاً من الاعتماد على الوسطاء؛ لأن «التجربة السابقة أظهرت أن المفاوضات غير المباشرة لم تحقق النتائج المرجوة».

ورأى أن «تطوُّر الوضع في منطقة الشرق الأوسط، مثل الاتفاقات مع روسيا ووقف إطلاق النار في غزة، يجعل إيران في موقع قوي للتفاوض من موقف متساوٍ مع الولايات المتحدة»، وأضاف: «في ظل الأوضاع الحالية أفضل قرار هو بدء المفاوضات».

ومن جهتها، تحدثت صحيفة «اعتماد» الإصلاحية عن جدار مرتفع من انعدام الثقة بين إدارة ترمب وطهران. وقالت: «كثيرون في إيران يترقبون أي ترمب سيواجهون؟»، في إشارة إلى «التوقعات المتباينة» حول كيفية تعامل ترمب مع إيران.

وقال الناشط الإصلاحي، محمد هاشمي رفسنجاني للصحيفة إن «برنامج حكومة ترمب ليس خوض صراعات مع إيران في الشرق الأوسط، بل السعي لحل القضايا العالقة مع طهران بأسرع وقت ممكن». وقال: «ترمب أعلن أنه إذا لم تمتلك إيران أسلحة نووية، فبإمكان البلدين بناء علاقات بناءة في مجالات أخرى. كما أن بناء الأسلحة النووية محظور في إيران وفقاً لفتوى القيادة، وإيران ليس لديها برنامج لتنفيذه».

ونقلت الصحيفة عن الناشط الإصلاحي محمد صادق جواد حصار قوله إنه «في حال التزم ترمب بتعهدات لتهدئة التوترات في منطقة الشرق الأوسط وإقامة علاقات بناءة مع إيران فإن ذلك سيؤثر إيجاباً في الساحتين السياسية والاقتصادية في إيران».

أما الناشط المحافظ، حسين كنعاني مقدم فقد قال للصحيفة إن «ترمب يعمل على تمهيد الطريق للاستفادة من القوى العالمية مثل الصين وروسيا، وكذلك القوى الإقليمية مثل إيران التي لها تأثير في المعادلات السياسية والإقليمية. بالنظر إلى حقيقة أن حكومة بزشكيان هي حكومة وفاق وطني، يبدو أن هناك إشارات تُرسل إلى أميركا مفادها أن إيران مستعدة للعمل على حل القضايا الإقليمية».

ويعتقد النائب السابق حشمت الله فلاحت بيشه، أن غياب إيران عن أوامر ترمب التنفيذية الأولى وسعيه للابتعاد عن الأزمات الإقليمية «مؤشر» على تراجع نفوذ المتشددين في واشنطن وإمكانية فتح قنوات للتفاوض، رغم توقعات بضغط اقتصادي محدود.

وأكد فلاحت بيشه في افتتاحية صحيفة «آرمان ملي»، غياب اسم إيران من أول أوامر تنفيذية وقَّعها ترمب في يومه الأول، وهو «مؤشر إيجابي»، وذلك بعد توقعات بأن تتضمن أوامره الأولى عقوبات على طهران.

وقال فلاحت بيشه الذي كان رئيساً للجنة الأمن القومي، إن إيران «ليست ضمن أولويات إدارة ترمب العشرين الأولى؛ إذ تتركز أغلب أولوياته على إدارة الشؤون الداخلية، وتحقيق وعوده الانتخابية».

وكتب: «عدم وجود إيران ضمن أولويات ترمب لا يُعد عاملاً سلبياً، بل قد يُشكل فرصة إيجابية، لو كانت إيران من أولوياته لكان من المحتمل أن تتحول إلى هدف تجريبي للرئيس الأميركي الجديد». وأضاف: «سعي ترمب للابتعاد عن الأزمات الإقليمية وعدم فرض ضغوط قصوى على إيران في أول يوم عمل له يُظهر تراجع نفوذ المتشددين، واحتمالية تقديم مقترح للتفاوض من قِبَل الولايات المتحدة، على الرغم من إمكانية بدء ضغوط اقتصادية محدودة».

من جهة أخرى، واصلت صحيفة «كيهان» الرسمية انتقاداتها لمسؤولين في حكومة مسعود بزشكيان بسبب تأييدهم التفاوض مع الولايات المتحدة. وقالت إن تصريحات الرئيس التي تحدث فيها بحذر عن المفاوضات مع أميركا «تتناقض مع أقوال نوابه ومستشاريه التي يترتب عليها عواقب للبلاد».

وكان مستشار الرئيس الإيراني علي عبد العلي زاده، قد قال نهاية الشهر الماضي، إن «مجموعة الحكم وصلت إلى قناعة بضرورة التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة».

وحذرت «كيهان» من «التسلل»، وقالت: «كثير من القلاع صمدت أمام الضربات القوية، لكن أبوابها فُتحت بيد عناصر خائنة ومتسللة». وهاجمت وسائل إعلام مؤيدة لمسعود بزشكيان قائلة إنها «تعد التفاوض مع أميركا الحل الوحيد لإنقاذ الاقتصاد».

وقالت: «إثبات ما إذا كانت أميركا مستعدة للالتزام بالتوافق أو لا، هل يكون بناءً على (التجربة الماضية) أو بناءً على وعد آخر من أميركا أو توقيع آخر مثل توقيع جون كيري على الاتفاق النووي؟! إذا كانت أميركا قد أثبتت استعدادها لعبد العلي زاده، فمن الأفضل أن يعرف الناس طريقة هذا الإثبات». وأشارت أيضاً إلى الشكوك التي أبداها مستشار بزشكيان في التوصل لاتفاق خلال شهرين إلى ثلاثة من المفاوضات، وحذر من «مراوغة» ترمب لإجبار طهران لتقدم التنازلات، ودفع «لتغيير القواعد تحت الطاولة»، وسخِرت صحيفة «كيهان» من ذلك قائلة: «من أين جاءك هذا الاعتقاد بشأن تحت الطاولة من أمريكا، أيها المستشار؟! لماذا تشك في أميركا وتزرع اليأس في نفوس الناس من الآن؟!».