شن مناصرو النظام السوري هجوما قاسيا على تركمان سوريا، على خلفية مشاركتهم في المعارك المندلعة بريف اللاذقية بجانب كتائب المعارضة. وقد وصلت بعض الدعوات إلى «طردهم» من سوريا و«إبادتهم»، باعتبارهم «عملاء للدولة التركية»، مما دفع أحزابا تركمانية إلى مطالبة «المجتمع الدولي والقوى الإقليمية باتخاذ إجراءات للحفاظ على التركمان».
ومنذ انطلاق الحراك الشعبي ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد انحاز التركمان إلى المعارضة السورية وانخرطوا في المظاهرات السلمية الداعمة لها، وذلك بحكم الاضطهاد والتمييز الذي عانوا منه خلال سنوات حكم «البعث» للبلاد، بحسب ما يؤكد نائب رئيس الكتلة التركمانية في الائتلاف الوطني المعارض، زياد حسن، لـ«الشرق الأوسط»، مضيفا أن «التركمان عانوا من ظلم مضاعف.. أولا، لأنهم جزء من الشعب السوري الذي تعرض بجميع أطيافه للقمع على يد نظام الأسد، وثانيا لأنهم تركمان ويشكلون ثاني قومية عرقية في سوريا بعد العرب، مما دفع النظام إلى ممارسة سياسات تمييزية ضدهم تمثلت في تغيير أسماء قراهم ومنع لغتهم والتقليل من شأن مساهماتهم الحضارية في البلاد».
ويشكل التركمان نحو 3 ملايين من تعداد سكان سوريا نصفهم يتكلم اللغة التركية، ونصفهم الثاني يتحدث العربية فقط. وفي الجزء الشمالي من محافظة اللاذقية بالقرب من حدود التركية في منطقة رأس البسيط ومرتفعات الباير، توجد 70 قرية تركمانية مع حارتين للتركمان في مدينة اللاذقية هما «علي الجمال» و«الرمل الشمالي».
وتشارك نحو 13 كتيبة تركمانية في المعارك المحتدمة قرب كسب في ريف اللاذقية إلى جانب قوات المعارضة التي أعلنت قبل أسبوع «معركة الأنفال» في الساحل ضد القوات النظامية، وتمكنت على أثرها من السيطرة على مدينة كسب ومعبرها الحدودي مع تركيا. وبحسب حسن فإن «التركمان انتقلوا إلى العمل المسلح ضد النظام بعد القمع الذي مارسه النظام ضدهم، خصوصا في حي بابا عمرو في حمص، وكذلك في بلدة الزارة في ريف حمص حيث ارتكبت عدة مجازر بحق التركمان». ويشير القيادي التركماني المعارض إلى أن «الكتائب التابعة للتركمان في ريف اللاذقية تقاتل ضمن صفوف المعارضة وتنسق معها بهدف إسقاط النظام».
وأثارت مشاركة التركمان في المعارك الدائرة بريف اللاذقية بجانب قوات المعارضة استياء كبيرا في أوساط الموالين للنظام، لا سيما العلويين منهم. وظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي صفحات موالية تدعو إلى «طرد التركمان من سوريا» و«إبادتهم»، كما وجهت اتهامات للتركمان بأنهم «عملاء لتركيا». ورجح حسن في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أن تكون «وراء هذه الحملات أجهزة المخابرات السورية»، مشيرا إلى أن «التركمان يرفضون تهم العمالة السخيفة ويؤكدون موقعهم داخل الثورة السورية الساعية إلى إسقاط النظام».
من جهتها، اعتبرت «الكتلة الوطنية التركمانية» التي تضم مجموعة من الأحزاب النخب التركمانية، أن «تهديد النظام بتهجير التركمان ليس إلا لغة عرقية بغيضة يطلقها من نافق لعقود بحماية الأقليات بعد أن أصبح على هاوية البقاء». وحمّلت الكتلة في بيان «النظام مسؤولية حفظ أمن تركمان سوريا عموما والساحل» مشددة على أن «التهديد لن يردع الثوار أبدا في طريقهم». ودعت الكتلة «عقلاء الطائفة العلوية لأن يبدأ الحل من عندهم، من خلال إعمال مبضع الجراح في آل الأسد، لتخليص الطائفة من أفعالهم، والدخول في المصالحة الوطنية كطرف له من التمثيل ما يناسبهم ومن الأمان ما يكون للسوريين جميعا»، على حد وصفها.
كما شددت الكتلة على أن «التركمان جزء لا يتجزأ من الشعب السوري الأصيل وثورته، وهم مسلمون يقاتلون بجانب إخوانهم المسيحيين ضد النظام إضافة إلى إخوانهم من العرب والأكراد والشركس والآشوريين، ويريدون إسقاط نظام الأسد والحفاظ على سوريا شعبا ودولة ووطنا آمنا للجميع».
وحول الاتهامات الموجهة من قبل أنصار النظام بعمالة التركمان لتركيا، أكدت الكتلة أن «محاولات النظام بث الشائعات حول التدخل التركي عبر التركمان أمر مردود عليه»، لافتة إلى أن «ولاء التركمان الأول للعدل ولسوريا موحدة ولعلاقات طيبة مع تركيا»، مشيرة في الوقت نفسه إلى «ما قدمته تركيا من خدمات إنسانية للشعب السوري دون تمييز». ودعت الكتلة «المجتمع الدولي والقوى الإقليمية إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة للحفاظ على المدنيين في الساحل السوري من بطش النظام، وبشكل خاص التركمان»، مضيفة أن «التركمان عاشوا قرونا طويلة إلى جانب العلويين والمسيحيين في المنطقة، ولهم علاقات حسنة معهم، وصداقات لا تزال مستمرة، وأن صراعهم مع النظام فقط جراء ممارساته».
وسبق لرئيس الكتلة الوطنية التركمانية السورية يوسف ملا أن كشف في منتصف عام 2012 أن النظام السوري «عرض على التركمان منحهم حكما ذاتيا في المناطق الموجودين فيها مقابل انكفائهم عن الثورة والنأي عنها»، واعتبر ملا آنذاك أن عرض النظام على التركمان «يؤشر على ضعف كبير أصابه وعلى اقتراب نهايته».
ويتركز وجود التركمان في سوريا بمحافظة حلب، تحديدا في مناطق منبج والباب وجرابلس والراعي وأعزاز، إضافة إلى 140 قرية تركمانية شمال المحافظة، أما في المدينة فيسكنون في أحياء «الهلك» و«بستان الباشا» و«الحيدرية» و«الاشرفية» و«قاضي عسكر». كما تنتشر في محافظة الرقة نحو 20 قرية تركمانية. وتعتبر محافظة حمص ذات أكثرية سكانية من أصول تركمانية بنسبة تصل إلى 65 في المائة ليضم الريف الحمصي أيضا نحو 55 قرية تركمانية. وفي حين تنتشر في محافظة حمص بين منطقتي مصياف والسلمية نحو 30 قرية تركمانية وفي طرطوس 5 قرى، فإن الوجود التركماني في العاصمة دمشق يتوزع بين أحياء القدم والبرزة وحجر الأسود والسيدة زينب.
7:26 دقيقه
تركمان سوريا يقاتلون إلى جانب المعارضة.. ودعوات نظامية لـ«إبادتهم»
https://aawsat.com/home/article/66931
تركمان سوريا يقاتلون إلى جانب المعارضة.. ودعوات نظامية لـ«إبادتهم»
عددهم يقارب ثلاثة ملايين.. ويشاركون بـ13 كتيبة عسكرية في معارك الساحل
ارشيفية
تركمان سوريا يقاتلون إلى جانب المعارضة.. ودعوات نظامية لـ«إبادتهم»
ارشيفية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة






