«القوى العراقية» تهدد حكومة بغداد بتدويل قضية انتهاكات نازحي الفلوجة

247 مفقودًا و1086 معتقلاً بيد ميليشيا «الحشد الشعبي»

جانب من تقدم قوات الجيش العراقي باتجاه حي الشهداء في مدينة الفلوجة (أ.ف.ب)
جانب من تقدم قوات الجيش العراقي باتجاه حي الشهداء في مدينة الفلوجة (أ.ف.ب)
TT

«القوى العراقية» تهدد حكومة بغداد بتدويل قضية انتهاكات نازحي الفلوجة

جانب من تقدم قوات الجيش العراقي باتجاه حي الشهداء في مدينة الفلوجة (أ.ف.ب)
جانب من تقدم قوات الجيش العراقي باتجاه حي الشهداء في مدينة الفلوجة (أ.ف.ب)

هدد تحالف القوى العراقية بتدويل قضية النازحين، بسبب الانتهاكات التي طالت أعدادا منهم، ولم يعرف مصير المئات منهم حتى الآن، مشيرا وبشكل مباشر إلى أن قيادة عمليات الفلوجة تخلت عن عمليات التحقيق مع النازحين من الفلوجة إلى جهات غير رسمية التي تسببت بانتهاكات وتجاوزات بحق النازحين.
وكان قائد عمليات الفلوجة، الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، أعلن أنه تم اعتقال 1086 مشتبها به بين النازحين الخارجين من المدينة. وقال الساعدي، في بيان صحافي، إن «عدد المشتبه بهم، بحسب ما أفاد به قائد شرطة الأنبار اللواء هادي رزيج، 1086 شخصًا كانوا في الفلوجة وخرجوا مع العوائل النازحة، وهم الآن محتجزون في عامرية الفلوجة». وعن عملية تحرير الفلوجة أشار الساعدي إلى أن «مرحلة التطويق للمدينة لم تتوقعها (داعش)، وسحبت عناصرها إلى مركز الفلوجة». وأضاف: «حررنا المحور الجنوبي للفلوجة، وستتجاوز خسائر (داعش) باقتحام المدينة نحو ألف إرهابي»، مشيدا «بالدعم الجوي من الطيران العراقي والتحالف الدولي».
من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار، أحمد عطية السلمان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا الإجراء الذي أعلن عنه بأن تكون عملية التحقيق مع النازحين والتدقيق في السجلات والهويات سواء عبر قاعدة بيانات أومن خلال سير التحقيقات، لمعرفة ما إذا كان قد خرج دواعش مع النازحين حين تتولاها جهة أمنية حكومية، في الوقت الذي يهمنا فيه خروج المواطنين الأبرياء إلى مراكز إيواء النازحين بصورة طبيعية».
وأضاف السلمان أن «عملية تحرير الفلوجة لو تمت من قبل الجيش لما وصلنا إلى الانتهاكات التي قادتها الميليشيات الطائفية، وهو أكبر دليل على حسن نياتنا، لأن ما نريده معركة عراقية نظيفة نحرر من خلالها مدننا ونطرد الإرهاب».
وكشف السلمان أن «هذه الخطوة في مجال التحقيق التي بدأ يتولاها الجيش بدلا من ميليشيا (الحشد الشعبي) التي تسببت بالانتهاكات التي طالت المئات من الأبرياء في الصقلاوية والكرمة والفلوجة والسجر وغيرها، إنما جاءت نتيجة للضغوط التي مورست سواء من قبلنا في تحالف القوى ونواب الأنبار أو من قبل جهات ومنظمات خارجية من بينها منظمة العفو الدولية وغيرها، من أجل سلامة الإجراءات».
وبشأن مصير المعتقلين السابقين قال السلمان إن «هؤلاء يتوزعون بين مصير أصبح معروفا، وهي عمليات القتل التي مورست ضدهم بشكل علني، وهو ما حصل في الصقلاوية التي شملت مئات الأشخاص، وقد قمنا بتوثيق شهادات الشهود وقدمناها للحكومة من أجل التحقيق فيها وإحالة من تثبت إدانته إلى القضاء، بينما لا يزال مصير مئات آخرين مجهولا»، مؤكدا أنه «في حال لم تنهض الحكومة بواجبها بأسرع وقت ممكن لإظهار نتائج التحقيق فإننا سوف نعمل على تدويل هذه القضية». إلى ذلك أعلنت محافظة صلاح الدين التي جرى تحريرها العام الماضي من تنظيم داعش عن استمرار فقدان 247 شخصًا من أهالي قضاء الدور في المحافظة.
وقال محافظ صلاح الدين أحمد عبد الله الجبوري، في مؤتمر صحافي عقده في قضاء الدور بمحافظة صلاح الدين أمس الأربعاء، إن «الآلاف من ذوي المفقودين يطالبون حكومة المحافظة بإطلاق سراح ذويهم والحكومة محرجة أمام العوائل، لأننا نمثلهم ولا نستطيع أن نجيب»، مبينًا أن «هناك 247 مفقودًا من أهالي القضاء لا يعرف مصيرهم». وأضاف الجبوري، أن «المجتمع الدولي يسمع والحكومة المركزية تسمع ويتوجب التحرك إلى السجون»، مؤكدا «عدم وجود حقوق إنسان في العراق أبدا». وطالب الجبوري الحكومة الاتحادية بـ«إطلاق سراح المعتقلين الأبرياء والحكم على المسيئين، كون هذه العوائل تريد معرفة مصير أبنائها»، داعيًا ميليشيا «الحشد الشعبي» والأجهزة الأمنية إلى «الإفصاح عن مكان وجود المفقودين حتى إن كانوا قد قتلوا أو أعدموا، فيجب الإفصاح عنهم، كوننا في المحافظة لا نقبل أن يبقى مفقود لدينا».
وبينما تستمر معاناة النزوح جراء المعارك في صلاح الدين والأنبار فإنه ومع بدء الصفحة الثانية من معركة الموصل، أعلنت الأمم المتحدة عن نزوح أكثر من أربعة عشر ألف شخص من ديارهم، وتم تسجيلهم في مخيمات، إثر تجدد الهجوم الذي تشنه القوات العراقية المشتركة ضد عصابات «داعش» الإرهابية جنوب شرقي الموصل. وقال بيان لبعثة الأمم المتحدة في العراق إن 800 شخص وصلوا إلى مخيم ديباكة للأسر النازحة في محافظة أربيل بعد رحلة خطرة عبر حقول الألغام. وأشار البيان إلى تسجيل أكثر من ثمانية آلاف شخص من القرى الواقعة إلى الشرق من نهر دجلة في المخيم.
وقالت عضو البرلمان العراقي عن التيار المدني الديمقراطي، شروق العبايجي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك مأساة حقيقية وردتنا عبر مناشدات من أهالي الموصل، وذلك بهروب آلاف العوائل من العراق إلى الجانب السوري بسبب اشتداد المعارك»، مشيرة إلى أن «ما يفصل هؤلاء عن الدخول إلى العراق هو ساتر فقط، لكن تسيطر عليه القوات الكردية، وهو ما يتطلب تدخلا بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان لغرض السماح لدخولهم من الجانب الآخر، وتأمين مخيمات نزوح لهم، لأنهم حاليا في العراء». وأضافت العبايجي أن «هناك جهودا تبذل من أجل ذلك، لا سيما مع احتمال زيادة الأعداد بطريقة غير طبيعية، لكن هذه الجهود ليست بالمستوى المطلوب، وهو ما يضاعف معاناة هؤلاء المواطنين ومن بينهم نساء وأطفال وكبار سن وغيرهم».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».