تصعيد عسكري متبادل يهدد هدنة «الزبداني ـ كفريا والفوعة» بعد 24 ساعة

مصدر معارض: أي إخلاء للبلدتين في ريف دمشق سيقابله رد مماثل في إدلب

أفراد من مضايا بريف دمشق يغادرون البلدة المحاصرة في أبريل الماضي خلال عملية إخراج مئات المصابين والمرضى بإشراف الأمم المتحدة (أ.ف.ب)
أفراد من مضايا بريف دمشق يغادرون البلدة المحاصرة في أبريل الماضي خلال عملية إخراج مئات المصابين والمرضى بإشراف الأمم المتحدة (أ.ف.ب)
TT

تصعيد عسكري متبادل يهدد هدنة «الزبداني ـ كفريا والفوعة» بعد 24 ساعة

أفراد من مضايا بريف دمشق يغادرون البلدة المحاصرة في أبريل الماضي خلال عملية إخراج مئات المصابين والمرضى بإشراف الأمم المتحدة (أ.ف.ب)
أفراد من مضايا بريف دمشق يغادرون البلدة المحاصرة في أبريل الماضي خلال عملية إخراج مئات المصابين والمرضى بإشراف الأمم المتحدة (أ.ف.ب)

هدّد التصعيد العسكري المتبادل بين قوات المعارضة السورية وقوات النظام على جبهتي الزبداني ومضايا بريف دمشق من جهة، وكفريا والفوعة بريف إدلب من جهة أخرى، بانهيار اتفاق الهدنة بين الطرفين الذي جُدّد ليل السبت الماضي، وذلك عشية «مجزرة» تسببت بها ضربة جوية استهدفت سوقا شعبية في إدلب بعد 24 ساعة على تفعيل اتفاق الهدنة.
ويعد هذا التصعيد المتبادل، أحدث تقويض لاتفاق الهدنة الذي تم تجديده مساء السبت الماضي، لكنه «لا يمكن أن يتطور لاقتحام الزبداني ومضايا»، بحسب ما قال مصدر واسع الاطلاع في «جيش الفتح» لـ«الشرق الأوسط»، مضيفًا: «إذا كان النظام وحلفاؤه في ما يسمى (حزب الله)، ينوون اقتحام الزبداني، فإنهم يدركون أن اقتحام كفريا والفوعة سيكون متاحًا ومباشرًا وفوريًا جدًا».
وتلتقي تلك المعطيات مع ما قاله القيادي في «حركة أحرار الشام» محمد الشامي الذي أكد أنه «لا خطر على الزبداني، وأي محاولة اقتحام سيتم الرد عليها مباشرة باقتحام كفريا والفوعة». ونفى الشامي لـ«الشرق الأوسط» الأنباء التي تحدثت عن اتفاق يقضي بخروج مقاتلي المعارضة من الزبداني ومضايا أواخر هذا الشهر، مؤكدًا أن القيادة المعنية بملف المفاوضات على البلدات الأربع «لم تتلقَ عروضًا من هذا القبيل»، مشددًا على أن «أساس الفكرة مرفوض»، واضعًا تلك الأنباء في خانة التهويل على تجديد اتفاق الهدنة. وأوضح الشامي أن تجديد اتفاق الهدنة «وقعه ممثلون عن (جيش الفتح)، بعد ثلاث محاولات من قبل النظام والحزب لاقتحام الزبداني عبر سرغايا خلال الأسبوعين الماضيين»، واصفًا الوضع الأمني على جبهات كفريا والفوعة والزبداني ومضايا بـ«المتوتر جدًا».
ووافق مجلس شورى «جيش الفتح» على تفعيل هدنة المدن الأربع، التي تنص على الالتزام بوقف إطلاق النار في مدينة الزبداني وبلدة مضايا بريف دمشق المحاصرتين من قبل قوات النظام وما يسمى «حزب الله»، وبلدتي الفوعة وكفريا بريف إدلب المحاصرتين من قبل فصائل «غرفة عمليات جيش الفتح».
ورغم أن الاتفاق يقضي بتحييد مناطق إدلب عن القصف، فإن غارة جوية استهدفت سوقا شعبيًة، جنوب المجمع الاستهلاكي وسط مدينة إدلب، أول من أمس، ما تسبب بمقتل أكثر من 20 مدنيًا وإصابة آخرين. وقال مصدر معارض لـ«الشرق الأوسط» إن روسيا «لا تعترف بتوسعة اتفاق الهدنة في مدينة إدلب وريفها، وترى أنها محصورة في كفريا والفوعة مقابل الزبداني ومضايا، وهو ما يدفعها لتوسيع ضرباتها».
وبينما أكد الشامي أن «جيش الفتح» التزم بالهدنة التي يفترض أن تشمل مدينة إدلب وبلدات محيطة في كفريا والفوعة مثل بنش ومعرة مصرين وغيرهما، نشطت العمليات الحربية على جبهتي «كفريا والفوعة» و«الزبداني ومضايا»، وسط تحشيد من قبل قوات المعارضة على الجبهة، حيث أعلن الشرعي في «جيش الفتح» عبد الله المحيسني: «إننا لن نسكت على الغارة»، داعيًا الفصائل «لأن تحشد لاقتحام الفوعة والخلاص من هذه البؤرة التي كانت سببًا في كثير من الدمار».
وبالتزامن، دفعت «جبهة النصرة» بمقاتلين منها إلى محيط كفريا والفوعة بهدف التهيئة لاقتحامها «إذا اقتضى الأمر».
وأعلن «جيش الفتح» أمس، استهداف تحصينات للقوات النظامية في بلدتي الفوعة وكفريا المواليتين بالصواريخ، في حين أكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن قوات النظام «قصفت أحياء في مدينة الزبداني» التي تحاصرها قوات النظام وقوات ما يسمى «حزب الله» اللبناني منذ شهر أغسطس (آب) الماضي.
وأفاد الناشط علاء الزبداني بـ«قصفها بالمدفعية وصواريخ (أرض – أرض) وجرات غاز متفجرة، ورشقات رصاص متفجر من مضادات طيران».
وكانت الهدنة وقعت في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي لمدة ستة أشهر، وتضمنت مراحل بينها إخراج الجرحى والمدنيين وإدخال المساعدات، ومددت تلقائيًا من ضمن اتفاق الهدنة الأميركي – الروسي في سوريا، قبل أن تتعرض لخروقات الأسبوع الماضي، مما دفع لإعادة تفعيلها.
والمناطق التي يشملها وقف إطلاق النار في الجنوب هي: الزبداني، ومضايا، وبقين، وسرغايا، والقطع العسكرية المحيطة بها، والمناطق التي يشملها وقف إطلاق النار في الشمال هي: الفوعة، وكفريا، وبنش، وتفتناز، وطعوم، ومعرة مصرين، ومدينة إدلب، ورام حمدان، وزردنا، وشلخ.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.