«عنتر وعبلة» أول عمل غنائي أوبرالي في صيف لبنان

عمل مسرحي يرتكز على الموسيقى السيمفونية مع جمالية الشعر العربي

بطلا العمل غسان صليبا والسوبرانو لارا جو خدار  خلال بروفات للمسرحية
بطلا العمل غسان صليبا والسوبرانو لارا جو خدار خلال بروفات للمسرحية
TT

«عنتر وعبلة» أول عمل غنائي أوبرالي في صيف لبنان

بطلا العمل غسان صليبا والسوبرانو لارا جو خدار  خلال بروفات للمسرحية
بطلا العمل غسان صليبا والسوبرانو لارا جو خدار خلال بروفات للمسرحية

«عنتر وعبلة» هو العمل الغنائي الأوبرالي الذي سينطلق من لبنان هذا الصيف. فهذه القصّة الشهيرة التي عاشها أبطالها في فترة ما قبل الإسلام، لن تقدّم هذه المرة في إطار مسلسل تاريخي أو في فيلم سينمائي، كما جرت العادة في السابق، بل سيستمتع بها مشاهدها ضمن مسرحية أوبرالية مغناة بالعربية، لتشكّل بذلك أول عمل من هذا النوع تشهده الساحة الفنيّة في المنطقة.
فعلى مدى ليلتين متتاليتين (6 و7 يوليو - تموز - المقبل) ستستضيف خشبة مسرح «كازينو لبنان» عملا مسرحيا يرتكز على دمج إبداعي للموسيقى السيمفونية مع جمالية الشعر بالعربية. هذا الحدث الفنّي الذي تقف وراءه شركة «أوبرا لبنان» المنتجة للعمل، تمّ الإعلان عنه في مؤتمر صحافي عقد في وزارة السياحة حضره مديرها العام ندى السردوك، إضافة إلى فريق عمل المسرحية. وسيتولّى الفنان اللبناني غسان صليبا بطولة هذا العمل، بحيث يؤدّي دور عنترة بن شداد، فيما تؤدّي السوبرانو لارا جو خدار دور حبيبته عبلة، وذلك بمشاركة أكثر من ثمانين ممثلا وراقصا.
ويتضمن العمل قصة الحبّ الجارفة التي عاشها الفارس العربي وأشهر الشعراء العرب عنترة بن شداد مع ابنة عمّه عبلة، التي رفض ذووها تزويجه بها. ففرض عليه والدها شروطا تعجيزية (ألف ناقة من ذوق النعمان لتكون مهرا لها)، إلا أنه استطاع تحقيقها رغم الصعوبات الجمّة التي صادفها خلالها. أما لماذا اعتمد اسم عنتر بدل عنترة، فلأن هذا اللقب كان المحبب إلى صاحب الشخصية التاريخية نفسه، بحيث طالب أصدقاؤه بمناداته به من خلال قصيدة شعرية كتبها في هذا الصدد.
الإخلاص والقوة والفروسية وشغف الحب والعنصرية هي المواضيع التي يتطرّق إليها هذا العمل لتشكّل مادة غنيّة لعمل مسرحي أوبرالي لم يسبق أن شاهدناه من قبل. وأشار مارون الراعي، قائد الأوركسترا الأوبرالية المرافقة للمسرحية، إلى أنه من شأن هذا العمل أن يكون سفير لبنان بامتياز، فيحمل إلى الخارج نمطا فنيّا كلاسيكيا عربي الهوية، طالما انتظره منظمو المهرجانات الذين يتنافسون عادة على استضافة أهم الفرق الأوبرالية الغربية.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، أكد غسان صليبا سعادته للقيام بهذه التجربة الفريدة من نوعها التي تشكّل بحد ذاتها إضافة إلى مشواره الفنّي، وأضاف: «ستصل العربية بشكل متقن في هذا العمل، والنفحة الشرقية موجودة فيه بشكل مباشر». أما عن الصعوبات التي واجهها فأجاب: «الصعوبة تكمن في اختلاف النمط الغنائي الذي سأقدمه أوبراليا. فحاولت أن أقف في الوسط، وأجمع ما بين غنائي المعروف به وفن الأداء الأوبرالي، وهذا الأمر تطلّب منّي تمرينات مكثّفة».
وهل اللبناني سيتفاعل مع هذا النوع من المسرح؟ «عندما سيلمس قيمة هذا العمل من نواحيه عامة، الإنسانية والفنيّة، فهو لا بدّ سيتفاعل معه. ففيه أيضا صرخة ضدّ التمييز العنصري (عنترة أسود البشرة) مما يجعل مضمونه الأدبي على الأهمية المطلوبة. ومن الناحية المسرحية فقد تمّت حبكته بشكل دقيق ومدروس كما الإخراج والملابس وغيرها». وتابع: «البطلة لارا جو خدار مغنية عظيمة، إضافة إلى باقي المغنين المشاركين في العمل، وهم في الحقيقة أساتذة غناء أمثال كونسويل الحاج وبيار سميا، وأفتخر كوني أعمل إلى جانبهم في هذا العمل».
تتألف المسرحية من فصلين، وتستغرق مدة عرضها نحو الساعة وعشر دقائق، وسيتم فيها رواية حكاية «عنتر وعبلة» من خلال الغناء الأوبرالي الملوّن ببعض المقاطع لقصائد شعرية (نحو 4 قصائد) تعود للفارس العربي. أما نهاية القصّة التي بقيت مبهمة تاريخيا، فقد تركت على حالها، لكن مع تحميلها رسائل اجتماعية تتناول الشجاعة والتمييز العنصري والحب وغيرها. أما الملابس المصممة من قبل ريموند رعيدي، فستجاري بأقمشتها وموديلاتها الحقبة الزمنية التي حدثت فيها هذه القصّة. كما أن ديكور المسرح أعد ليكون صحراويا تفترش أرضه الرمال، إلى جانب واحة مياه وشجر النخيل. وتمّت عصرنته من خلال إدخال إضاءة حديثة عليه سيتم استخدامها إخراجيا في سياق العرض.
«لا يمكننا تصنيفه بالكلاسيكي أو المعاصر الحديث»، يقول المايسترو مارون الراعي، موضحا نوعية هذا العمل المسرحي الأول من نوعه في الوطن العربي. وأضاف: «في إمكاننا وصفه بالعمل ذات النمط المزدوج الذي تغلّفه هيكلية كلاسيكية مثل أي عمل أوبرالي يفتتح بمقطوعة موسيقية ضخمة يعزفها موسيقيو الأوركسترا الأوبرالية في لبنان التابعون للمعهد الوطني للموسيقى». ويضيف: «هو كناية عن حوارات مغناة لا كلام محكيا فيها مثل التي يتضمنها عادة الأوبريت، والمعروف بأنه ابن الأوبرا. وهو ثمرة سبعين عاما من تجارب موسيقيين تخصصوا بتقنية الصوت الأوبرالي، الذي ثبّتت دراسته في معهد الكونسرفتوار اللبناني في 2 يونيو (حزيران) من عام 1991 أثناء تولي الراحل وليد غلمية ترؤسه».
والمعروف أن الموسيقي مارون نقاش كان أول من استحدث هذا النمط الغنائي والموسيقي في لبنان، منذ أكثر من مائة وستين عاما، فقد كتب يومها مسرحية أوبرالية بعنوان «البخيل»، إلا أنها لم تر النور بسبب عدم توفّر موسيقيين يعزفون السيمفونيات. فاستبدل بهم وقتها موسيقيين عاديين بعد أن حوّر نوتات العمل إلى تلك الخاصة بموسيقى الفولكلور اللبناني. اليوم المايسترو مارون الراعي أخذ على عاتقة تكملة مشوار النقاش بعدما اكتملت عناصر العمل الأوبرالي العربي في لبنان، الذي يأمل من خلاله الانتساب إلى النادي الأوبرالي العالمي، والذي تنتمي إليه دول أوروبية معروفة في هذا النمط من الأعمال مثل ألمانيا وإيطاليا. إذن لبنان والعالم العربي هما على موعد هذا الصيف مع عمل أوبرالي ضخم بالعربية، بحيث سيشكّل نقطة تحوّل في عالم الموسيقى العربية.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.