الأسد سلم برلمانيين بريطانيين أسماء مئات من مقاتلي «داعش» للترويج لنظامه

توقع بأن تثير «قائمة الموت» الغضب لتضمنها اسم طبيب بريطاني قتل في قصف مستشفى

صورة للتفجير المزدوج الذي لحق بمنطقة السيدة زينب معقل الحرس الثوري الإيراني والميليشيات الأخرى التابعة له قرب دمشق أول من أمس وأسفر عن جرح ومقتل العشرات (أ.ف.ب)
صورة للتفجير المزدوج الذي لحق بمنطقة السيدة زينب معقل الحرس الثوري الإيراني والميليشيات الأخرى التابعة له قرب دمشق أول من أمس وأسفر عن جرح ومقتل العشرات (أ.ف.ب)
TT

الأسد سلم برلمانيين بريطانيين أسماء مئات من مقاتلي «داعش» للترويج لنظامه

صورة للتفجير المزدوج الذي لحق بمنطقة السيدة زينب معقل الحرس الثوري الإيراني والميليشيات الأخرى التابعة له قرب دمشق أول من أمس وأسفر عن جرح ومقتل العشرات (أ.ف.ب)
صورة للتفجير المزدوج الذي لحق بمنطقة السيدة زينب معقل الحرس الثوري الإيراني والميليشيات الأخرى التابعة له قرب دمشق أول من أمس وأسفر عن جرح ومقتل العشرات (أ.ف.ب)

قالت صحيفة بريطانية، إن «قائمة الموت» التي تضم أسماء المئات من مقاتلي تنظيم «داعش» من الأجانب وتضم أكثر من 20 بريطانيًا، صاغها الرئيس السوري بشار الأسد، بنفسه، وسلمها لاثنين من أعضاء البرلمان من حزب المحافظين ممن جرى توجيه الدعوة لهما لزيارة الطاغية في دمشق هذا الربيع.
وحصلت الصحيفة «ذي صنداي تليغراف» على ملف بأسماء المقاتلين البريطانيين كان على قرص كومبيوتر. وتضم الأسماء الواردة بالقائمة والتي من المفترض استهدافها بهدف اغتيالها 25 بريطانيًا يتهمهم نظام الأسد بالانضمام إلى «داعش». وقد تعرض 14 بالفعل ممن وردت أسماؤهم في القائمة للقتل، بينما سقط اثنان من الثلاثي الذين أطلق عليهم «أخوة من برايتون» والذين سافروا إلى سوريا منذ عامين، على أيدي قوات الجيش السوري. وهناك 11 مقاتلاً آخر من المعتقد أنهم لا يزالون أحياء، بينهم خمس سيدات مثل خديجة دير، التي يتهمها الأسد بكونها أول امرأة غربية تشارك كمقاتلة أجنبية في صفوف «داعش».
وتضم القائمة بحسب الصحيفة، سالي جونز، وهي أم لطفلين تحولت إلى الإسلام، ومن المعتقد أنها اصطحبت معها أحد ولديها إلى سوريا، إضافة إلى فتاتين مراهقتين من مانشستر. إضافة لقائمة شقيقين من كارديف ومجموعة من الشباب من بورتسماوث، علاوة على «الجهادي جون»، منفذ أحكام الإعدام لدى «داعش» بحق عدد من الرهائن الغربيين. وبالإضافة لـ«قائمة الموت»، كان هناك قرص «دي في دي» دعائي، وجرى تسليم الاثنين إلى ديفيد ديفيز، المتحدث الرسمي السابق باسم وزارة داخلية الظل، وزميله بحزب المحافظين، آدم هولواي.
ورغم أن القائمة ذاتها مكتوبة بالعربية، فإن الفيديوهات الدعائية تحمل سردًا بالإنجليزية. وتبعًا لمقدمة الفيديوهات، فإنها تقول: «هذا الفيلم يظهر نماذج من أفعال هؤلاء المجرمين الذين اقترفوا أفظع الجرائم بحق الشعب السوري»، مضيفة: «إنها نماذج عشوائية تمتلكها الدولة السورية بين عشرات الآلاف من الجرائم الموجودة في الأرشيف الخاص لهؤلاء القتلة الدوليين».
كما اتهم النظام السوري الداعية المحرض على الكراهية عمر بكري محمد باجتذاب الشباب البريطاني باتجاه الفكر الراديكالي وتشجيعهم على القتال في سوريا.
يذكر أن عمر بكري المولود في سوريا، أسس شبكة واسعة من الإسلاميين داخل المملكة المتحدة قبل إجباره على العيش بالمنفى في لبنان منذ عقد مضى. ويقبع عمر بكري حاليًا داخل السجن في لبنان بعد إدانته بجرائم إرهابية هناك.
وألمحت الصحيفة إلى أن بريطانيا لديها قائمة خاصة بها للأهداف، ومن شأن كشف النقاب عن «قائمة الموت» الخاصة بالأسد، إثارة التكهنات حول إمكانية تشارك البلدين في بعض المعلومات الاستخباراتية، عبر قنوات خلفية على الأقل.
وكانت حكومتا المملكة المتحدة والولايات المتحدة قد أجازتا شن هجمات باستخدام طائرات من دون طيار ضد عدد من مقاتلي «داعش» البريطانيين، بينهم محمد إمزاوي، وهو الاسم الحقيقي لـ«الجهادي جون»، الذي لقي حتفه في ضربة عسكرية أميركية في نوفمبر (تشرين الثاني)، ورياض خان، 21 عامًا، من كارديف وقد قتل في إطار «الدفاع عن النفس» في «ضربة جوية دقيقة» من قبل القوات الجوية البريطانية، سبتمبر (أيلول) الماضي. كما لقي جنيد حسين، 21 عامًا، وهو «هاكر» كومبيوتر من برمنغهام، مصرعه في إطار ضربات من طائرات أميركية من دون طيارات.
من ناحيته، قال بروفسور أنتوني غليز، مدير «مركز الدراسات الأمنية والاستخباراتية» بجامعة بكنغهام لصحيفة «ذي صنداي تليغراف»: «تكمن الأهمية الحقيقية لهذه القائمة في أنها تكشف حجم الجهود الدؤوبة التي يبذلها الأسد لتعزيز موقف نظامه، مع العمل في الوقت ذاته على إضافة المزيد من المصاعب الأمنية لتلك التي يواجهها ديفيد كاميرون بالفعل بالمنطقة».
وأضاف: «رغم أن هذه الأسماء البريطانية معروفة لدى أجهزتنا الأمنية، فإن قيمة المعلومات الاستخباراتية تكمن في الأسماء المشهورة بينها، أو أية معلومات أخرى يمكنهم استغلالها للعودة إلى المملكة المتحدة والتخطيط لشن هجمات إرهابية بها».
وأعرب عن اعتقاده بأن: «الأسد يسعى لكسب ود الحكومة البريطانية، بينما يأمل داعموه الروس (الذين ربما أسهمت أجهزتهم الأمنية في وضع هذه القائمة) في مد غصن زيتون إلى الغرب.
واختتم غليز كلامه بالقول: «مع وجود بوتين إلى جانبه، ليس من السهل توقع رحيل الرئيس السوري في أي وقت قريب».
يذكر أن «قائمة الموت» التي وضعها الأسد جرى تسليمها إلى وفد بريطاني في إطار ما بدا أنه جهود دعائية لإظهار التزام النظام بمحاربة «داعش» الذي يهدد الغرب. إلا أن مصادر أمنية استبعدت أن يكون هناك ثمة تشارك استخباراتي مع نظام الأسد، نظرًا للوضع «بالغ الفوضى» السائد في سوريا.
ونوهت الصحيفة بأن بعض عناصر القائمة فوضوية وغير محدثة. والواضح أن هوية «الجهادي جون» الحقيقية لم تكن معروفة وقت صياغة هذه القائمة، وأن نظام الأسد لم يكن مدركًا لهويته الحقيقية.
من ناحيته، قال ديفيز عن زيارته سوريا في أبريل (نيسان): «ما حصلنا عليه من الحكومة كان مزيجًا من الدعاية والخداع الذاتي، علاوة على بعض الحقائق المؤكدة. وتمثل أحد الأمثلة على الخداع الذاتي في أنه حينما كنا نذكر الحرب الأهلية، كانوا يصرون على أنها: «ليست حربًا أهلية، إننا نتعرض لهجوم من قبل مقاتلين أجانب وأعداء للدولة».
من ناحية أخرى، فإن الجماعة الوحيدة التي يقودها ويهيمن الأجانب على صفوفها هي «داعش». ورغم أن جماعات أخرى قد تعمل بالوكالة عن دول في المنطقة، فإن السوريين يشكلون غالبية أعضائها، ويقودها سوريون، على الأقل داخل سوريا. واستطرد ديفيز بأن «الاعتراف بذلك، يعني الاعتراف بأن هؤلاء السوريين لديهم مظالم ضد الدولة، الأمر الذي يرفض النظام الاعتراف به».
ومن بين الـ850 مقاتلاً أجنبيًا الموجودين على القائمة، يوجد مغني «راب» ألماني يعرف باسم «جوبلز داعش»، والذي هدد علانية الرئيس باراك أوباما. وقد اعتاد المطرب دينيس كوسبرت، الذي اشتهر باسم ديسو يزغ، إقامة حفلات غنائية لموسيقى «الراب» في برلين، ثم تحول لواحد من أبرز المقاتلين الغربيين في صفوف «داعش». وقد قتل في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي. ومن بين إرهابيي «داعش» المشهورين على القائمة أيضًا أبو عمر الشيشاني، القائد البارز بالجماعة. وتتعارض الأنباء حول حقيقة مقتله.
وأوضح ديفيز أنه عندما ضغط على مسؤولي النظام فيما يخص أعمال القتل والتعذيب وإساءة المعاملة من جانب قوات الأمن والجيش، «أصروا على أن لديهم آليات للتعامل مع مثل هذه المواقف - لكنهم أخفقوا في إخباري ما إذا كانت محاكمة واحدة قد جرت بشأن مثل هذه النوعية من الجرائم».
وأضاف في تصريحه للصحيفة أن: «أسر وتعذيب وقتل الطبيب البريطاني عباس خان يثبت أنهم لم يصلحوا أساليبهم في العمل بعد».
ومن المتوقع أن تثير «قائمة الموت» الخاصة بالأسد موجة من الغضب لتضمنها اسم طبيب بريطاني شاب قتل بعد قصف قوات الأسد مستشفى كان يعمل به. كان عيسى عبد الرحمن، 26 عامًا، قد قتل في مايو (أيار) 2013 بعد سقوط قذيفة هاون على مستشفى يعمل به في محافظة إدلب.
وكان عبد الرحمن قد ترك عمله بالمستشفى الملكي في شمال لندن وتطوع مع منظمة خيرية بريطانية تعمل في سوريا. وقد سافر لسوريا بالفعل عام 2012، وكان يقدم العون للمدنيين بالمناطق المحصورة في حرب أهلية مريرة بين قوات موالية للأسد وأخرى معارضة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.