«العنتبلي» محطة رمضانية يتغنى بها البيروتيون منذ 80 عامًا

تشتهر بعصائر الجلاب وعرق السوس والتمر الهندي وقمر الدين

«العنتبلي» محطة رمضانية يتغنى بها البيروتيون منذ 80 عامًا
TT

«العنتبلي» محطة رمضانية يتغنى بها البيروتيون منذ 80 عامًا

«العنتبلي» محطة رمضانية يتغنى بها البيروتيون منذ 80 عامًا

تسكن «بركة العنتبلي» في ذاكرة غالبية اللبنانيين الذين عايشوا الحقبة الذهبية لبلادهم ما بين الستينات والسبعينات. فهذا المحلّ الذي كان يقع في «سوق إياس» في أسواق بيروت القديمة في الهواء الطلق، كان بمثابة استراحة يقصدها اللبنانيون من كل حدب وصوب ليتناولوا على ضفاف البركة المذكورة، كوبًا من المشروبات المشهورة كالجلاب والتمر هندي، أو صحنًا من حلو «القشطلية» الذي كان أحد منتجاته الذائعة الصيت في تلك الحقبة وما زال حتى اليوم.
وإذا قصدت حاليا مجمّع «سوق بيروت» وسط العاصمة، فلا بدّ أن تلفتك بركة رخامية فخمة تتوسط شارع «سوق إياس» بحلّته الجديدة. فتعلمك أنك تقف أمام أحد معالم بيروت القديمة، ولو استخدمت الهندسة المعمارية الحديثة في تصميمها الجديد منذ تم افتتاح هذا السوق في أوائل التسعينات. وهي تتألّف من جرنين رخاميين كبيرين بملمس ناعم، يتوجهما جرن ثالث ذو حجم أصغر، تتألّف منها «بركة العنتبلي» اليوم، التي تم تثبيتها هناك لتذكير اللبنانيين بموقعها الأصلي.
أما في الماضي فكانت البركة مصنوعة من الإسمنت ومدهونة جوانبها بالأخضر، يلفّها الزبائن على طول محيط دائرتها الكبيرة، فيقفون حولها ينتظرون دورهم للحصول على أحد أكواب العصائر أو صحن الحلويات المشهورة. أما عدد العاملين فيها فكان يتجاوز الـ40 شخصًا سخّروا طاقاتهم ونشاطهم من أجل «البركة» وزبائنها.
ومع وصول شهر رمضان الكريم، تأخذ محلات «العنتبلي» لدى أهل بيروت، مساحة لا يُستهان بها من موسم الصوم لديهم. فلطالما ارتبط اسمها برموز هذا الشهر المبارك، حتى صارت ركنًا من أركانه الأساسية لموائد رمضان. وعادة ما يضاعف أصحاب محلات «العنتبلي» كميات المنتجات التي يقدّمونها في هذا الموسم بالذات، ليستطيعوا تلبية رغبات أكبر عدد من الزبائن المخلصين لطعم عصائرهم اللذيذة، التي تروي ظمأ الصائم من ناحية وتزيّن موائدهم من ناحية ثانية.
ويقول عبد الله العنتبلي أحد أحفاد مؤسسي هذه المحطة الرمضانية منذ عام 1936 في مجال العصائر والحلويات، إن والده أحمد أكمل مشوار أبيه منذ عام 1955 حتى اندلاع الحرب اللبنانية في عام 1975. ويضيف: «كانت (البركة) في البداية كناية عن بسطة يبيع فيها جدّي العصائر متّخذا من شارع (سوق إياس) القديم مركزا لها. ثم ما لبث أن طوّرها والدي لتصبح بركة دائرية يلتفّ الزبائن حولها من شخصيات لبنانية وعمّال وموظفين طيلة ساعات النهار. فيرتشفون كوب عصيرًا مثلّجًا أيام الصيف أو يتناولون صحنًا من حلو (المغلي) أو (القطايف) بعد الإفطار أيام رمضان. وهكذا صارت على مرّ الزمن تشكّل (بركة العنتبلي)، محطة دائمة للسياح الأجانب أو لزوار العاصمة اللبنانية وأسواقها بشكل عام».
وعن ميزة عصائر «العنتبلي» يقول: «هي تُحضّر طازجة وبمكوّنات نحرص على أن تكون من الأجود في السوق».
فكوب الجلّاب لدى «العنتبلي» هو من اختصاصه، وغالبا ما تغصّ محلاته في فروعه في شوارع الحمراء ومار إلياس وأسواق بيروت ومنطقة طبرجا، بالزبائن الذين يقصدونه يوميا ولا سيما في شهر رمضان ليحملوا إلى منازلهم قوارير معبّأة بهذا الشراب المحضّر أمامهم مباشرة، أو لتناوله باردا يثلج قلوبهم بعد يوم شاق من العمل.
«هو كناية عن خلطة مميزة اشتهرنا بها»، يقول عبد الله العنتبلي الذي يكمل مشواره في هذا المجال أبا عن جدّ. ويضيف: «نخلط فيه كمية من دبس الزبيب مع المياه المبخّرة وكمية من العطورات الخاصة بطعمه اللذيذ هذا. ويصبّ في أكواب زجاجية نضع فيها مكعبات الثلج المكسّرة، ونزيّنها بالصنوبر واللوز والعنب المجفف حسب طلب الزبون». أما عصير التمر الهندي فهو كناية عن ثمر التمر المنقوع، يؤخذ عصيره بعد أن يصبح طرّيا ليضاف إليه ماء الورد. ولـ«عرق السوس» ميزته كونه يصنع من شجر السوس فيتم تقشيره وتنظيفه لينقع أيضًا في الماء دون سكّر كونه حلو المذاق أصلا.
ومن المشروبات الأخرى الرائج تناولها في شهر رمضان أيضًا «قمر الدين» وعصير الليمون. فالأولى مصنوعة من قوالب ثمرة المشمش المجفف، التي يتمّ طحنها بماكينة كهربائية لتصبح لزجة فيتم التخفيف من سماكتها بالمياه. أما عصير الليمون فيقدّم في محلات «العنتبلي» من الليمون الحامض الطازج وقشره، والمخلوط مع الماء والسكر وماء الزهر دون نعناع. ويشير عبد الله العنتبلي إلى أن أصناف الحلويات كـ«القشطلية» و«المغلي» و«القطايف» هي الأبرز والأشهر في محلاته منذ 80 عاما. ويقول: «أهم رؤساء الجمهورية والوزارات الذين توالوا على لبنان مرّوا على (بركة العنتبلي) في (سوق إياس) قديما، واليوم يوصونا بالعصائر والحلويات اللبنانية البيتية المعروفة، فنؤمنها لأي زبون بواسطة خدمة التوصيل المجاني إلى المنازل».
وفيما كانت أسعار كوب الجلاب في الماضي لا تتجاوز الـ25 قرشًا، فهي اليوم ارتفعت لتصبح وبعد مرور 40 عامًا (منذ 1975 حتى 2015) تبلغ الـ2500 والـ4000 ليرة وذلك حسب حجمها.
وفي الختام يمكن القول إن «العنتبلي» والجلاب وشهر رمضان، تؤلف معًا ثلاثية مشهورة في لبنان، تذكّر أهاليه بتقاليد وعادات حفظوها عن آبائهم وما زالوا يتغنون بها حتى اليوم.



أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
TT

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)

سادت أجواء البهجة منذ الساعات الأولى من صباح أول أيام عيد الفطر في مصر، حيث احتشد المصلون من مختلف الأعمار في ساحات المساجد، وسط تكبيرات العيد التي ترددت أصداؤها في المحافظات المختلفة.
وشهدت ساحات المساجد زحاماً لافتاً، مما أدى إلى تكدس المرور في كثير من الميادين، والمناطق المحيطة بالمساجد الكبرى بالقاهرة مثل مسجد الإمام الحسين، ومسجد عمرو بن العاص، ومسجد السيدة نفيسة، ومسجد السيدة زينب، وكذلك شهدت ميادين عدد من المحافظات الأخرى زحاماً لافتاً مع صباح يوم العيد مثل ساحة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية.
وتبدأ مع صلاة العيد أولى مباهج الاحتفالات عبر «إسعاد الأطفال»، وفق ما تقول ياسمين مدحت (32 عاماً) من سكان محافظة الجيزة (غرب القاهرة). مضيفةً أن «صلاة العيد في حد ذاتها تعد احتفالاً يشارك الأهالي في صناعة بهجته، وفي كل عام تزداد مساحة مشاركة المصلين بشكل تطوعي في توزيع البالونات على الأطفال، وكذلك توزيع أكياس صغيرة تضم قطع حلوى أو عيدية رمزية تعادل خمسة جنيهات، وهي تفاصيل كانت منتشرة في صلاة العيد هذا العام بشكل لافت»، كما تقول في حديثها مع «الشرق الأوسط».

بالونات ومشاهد احتفالية في صباح عيد الفطر (وزارة الأوقاف المصرية) 
ويتحدث أحمد عبد المحسن (36 عاماً) من محافظة القاهرة، عن تمرير الميكروفون في صلاة العيد بين المُصلين والأطفال لترديد تكبيرات العيد، في طقس يصفه بـ«المبهج»، ويقول في حديثه مع «الشرق الأوسط» إن «الزحام والأعداد الغفيرة من المصلين امتدت إلى الشوارع الجانبية حول مسجد أبو بكر الصديق بمنطقة (مصر الجديدة)، ورغم أن الزحام الشديد أعاق البعض عند مغادرة الساحة بعد الصلاة بشكل كبير، فإن أجواء العيد لها بهجتها الخاصة التي افتقدناها في السنوات الأخيرة لا سيما في سنوات (كورونا)».
ولم تغب المزارات المعتادة عن قائمة اهتمام المصريين خلال العيد، إذ استقطبت الحدائق العامة، ولعل أبرزها حديقة الحيوان بالجيزة (الأكبر في البلاد)، التي وصل عدد الزائرين بها خلال الساعات الأولى من صباح أول أيام العيد إلى ما يتجاوز 20 ألف زائر، حسبما أفاد، محمد رجائي رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، في تصريحات صحافية.
ويبلغ سعر تذكرة حديقة الحيوان خمسة جنيهات، وهو مبلغ رمزي يجعل منها نزهة ميسورة لعدد كبير من العائلات في مصر. ومن المنتظر أن ترتفع قيمة التذكرة مع الانتهاء من عملية التطوير التي ستشهدها الحديقة خلال الفترة المقبلة، التي يعود تأسيسها إلى عام 1891، وتعد من بين أكبر حدائق الحيوان في منطقة الشرق الأوسط من حيث المساحة، حيث تقع على نحو 80 فداناً.