صديق الرؤساء مالك صحيفة «ستار»: الإعلام في خدمة الأعمال

رجل الأعمال التركي علي صفا لـ«الشرق الأوسط» : قلوبنا وأراضينا مفتوحة للعرب

صفا والرئيس التركي رجب طيب إردوغان يقصان شريط التوسعة في صحيفة «ستار» .. وفي الاطار رجل الأعمال التركي على صفا  -  الرئيس التركي الأسبق عبد الله غل يتصدر غلاف صحيفة «ستار»
صفا والرئيس التركي رجب طيب إردوغان يقصان شريط التوسعة في صحيفة «ستار» .. وفي الاطار رجل الأعمال التركي على صفا - الرئيس التركي الأسبق عبد الله غل يتصدر غلاف صحيفة «ستار»
TT

صديق الرؤساء مالك صحيفة «ستار»: الإعلام في خدمة الأعمال

صفا والرئيس التركي رجب طيب إردوغان يقصان شريط التوسعة في صحيفة «ستار» .. وفي الاطار رجل الأعمال التركي على صفا  -  الرئيس التركي الأسبق عبد الله غل يتصدر غلاف صحيفة «ستار»
صفا والرئيس التركي رجب طيب إردوغان يقصان شريط التوسعة في صحيفة «ستار» .. وفي الاطار رجل الأعمال التركي على صفا - الرئيس التركي الأسبق عبد الله غل يتصدر غلاف صحيفة «ستار»

من المقاولات والقرى والمنتجعات السياحية وبناء جامعة بريطانية على الشطر الشمالي من قبرص التركية إلى مجال الإعلام، وامتلاك صحيفة «ستار» التركية ثم محطة «إيه دي إيه» التلفزيونية، التي يتابعها أكثر من نصف مليون مشاهد، وعشرات الآلاف عبر الأقمار الصناعية، وعدد آخر من محطات راديو «الإف إم»، إلا أن إمبراطور الإعلام التركي علي عثمان صفا الصديق الشخصي لرئيس الدولة التركية رجب طيب إردوغان والرئيس السابق لتركيا عبد الله غول، وكلاهما دشنا صحيفة «ستار» المقربة من أفكار «حزب العدالة والتنمية»، ومحطة «إيه دي إيه»، كما يبدو من الصور التي أرسلها علي صفا إلى جريدة «الشرق الأوسط»، ما زالت أحلامه لا تتوقف من جهة مزيد من الانتشار الإعلامي، ودعوة العرب إلى الشطر الشمالي من جزيرة قبرص حيث يقطن أبناء الجالية التركية وعشرات الآلاف الآخرين الذين وفدوا إلى الجزيرة من تركيا بعد حرب 1974. ويقول رجل الأعمال التركي علي صفا: «قلوبنا وأيادينا مفتوحة للعرب».
وكشف رجل الأعمال التركي القبرصي علي صفا عن ذكريات خاصة تربطه برجب طيب إردوغان الرئيس التركي خلال بداياته بوصفه رجلا عصاميا في العاصمة البريطانية، وقبل توجهه إلى استانبول ومنها إلى قبرص التركية، ليبدأ مشوار عمله في مجالات السياحة والمقاولات والإعلام. وتحدث في لقائه مع «الشرق الأوسط» عن «بداياته كرجل عصامي في مجال بيع بوالص التأمين على الحياة ثم إدارة المطاعم بوسط لندن وبيع السندوتشات وشطائر البيتزا بالجملة إلى جانب مطاعم وسط العاصمة البريطانية». ويضيف: «بدأنا نجتهد في حبنا للعمل والخوف عليه»، مشيرا إلى أن هناك شخصا واحدا لم يذق طعم الفشل في حياته، «إنه الرجل الذي يعيش بلا هدف». ويوضح رجل الأعمال التركي: «في لندن.. كنت أعلم أنني قد أتعثر مرة أو مرتين وثلاث، وربما أكثر، ومع ذلك لن أستسلم بسهولة، لأنني سأنهض بعد كل سقوط وأبدأ من جديد، إلى أن أحقق مراتب النجاح التي أطمح إليها». ويقول صفا إنه من خلال صحيفته ومحطته التلفزيونية بدأ العمل الإعلامي في تركيا عام 2006 بالاستحواذ على صحيفة «ستار»، التي افتتحها الرئيس التركي الحالي رجب طيب إردوغان، مشيرا إلى أنه كان يقدر منذ البداية رسالة الإعلام أن تكون في خدمة البيزنس ممثلة في أنشطته التجارية المترامية في القرى والمنتجعات السياحية، وكذلك بناء جامعة بريطانية، وهي الأحدث في الشطر الشمالي القبرصي.
وكان علي صفا طالبا ناشئا ومراهقا غضا عندما وضع قدمه على أول طريق الأعمال. كان يدرس الاقتصاد في جامعة لندن في نهاية الستينات، وأراد جني مزيد من الأموال للإنفاق على نفسه ولتغطية مصاريفه الدراسية. وكان من بين الخيارات المتاحة أمامه العمل في غسل الصحون، غير أن ذلك المجال لم يكن ليروق له.
يقول صفا عن نفسه: «استغرق الأمر مني أسبوعين كاملين للحصول على ما يكفي من المال لشراء أحد الكتب الدراسية الغالية. وكانت كتب الاقتصاد في ذلك الوقت أميركية وباهظة الثمن». ولقد وضع علي صفا خطة أفضل بكثير من ذلك. كان المراهقون شغوفين بسراويل الجينز والقمصان الخفيفة. «كان الطلب متوفرا بالفعل. كان الأمر يدور حول وسيلة خلق العرض من خلال بعض التقاليد المتبعة». وكانت الحقائب الملحقة بحقيبة السيارة الخلفية هي الحل المتاح. واستغرق الأمر أسبوعين لجني ما يكفي من الأموال للإنفاق على نفسه لمدة عام كامل - وهو أفضل بكثير من الوقت الضائع في غسل الصحون في مطبخ أحد المطاعم لمدة ستة أشهر كاملة.
سافر علي صفا، وهو تركي من أصول قبرصية، إلى المملكة المتحدة في عام 1963 للدراسة هناك، وتخرج في عام 1970. لم تكن هناك فرص عمل كثيرة في ذلك الوقت. وكان مهتما بالعمل في مجال الاستثمارات ورؤوس الأموال وكان أول شيء باعه هو بوليصة للتأمين على الحياة، ويقول: «إذا تمكنت من بيع بوليصة التأمين على الحياة، فيمكنك بيع أي شيء». واكتشف الشاب اليافع في ذلك الوقت أن البيع هو المجال الأول بالنسبة له - أيا كان المجال الذي تعمل فيه، «حتى السياسيين يمكنهم بيع أنفسهم إذا ما أرادوا». كان ذلك من قبيل التدريب الجيد الذي أهله لحياته المقبلة. «عندما كنت أبيع بوالص التأمين على الحياة، أدركت على الفور أنني إذا تمكنت من بيع بوليصة واحدة فقط في اليوم، فسوف أجني أرباحا قليلة، ولكن إذا ما استطعت توظيف 10 أفراد، فسوف أتمكن من بيع 70 بوليصة في كل أسبوع، ويمكنني تقاسم الأرباح معهم». وذلك هو ما فعله علي صفا بالضبط، فلقد عين بعض الطلاب للعمل لحسابه وكلفهم ببيع بوالص التأمين على الحياة بدوام جزئي لكل منهم. ولقد سارت الأمور على ما يرام وكان من شأن ذلك أن يؤسس لمبادئ المال والأعمال بالنسبة له. ولكن تحقيق الأرباح البسيطة على المستويات المتعددة لم يكن الدرس الوحيد الذي تعلمه علي صفا في مجال الأعمال في ذلك الوقت. فسرعان ما أدرك أيضا أنه يتعين عليه أن يصنع «الفارق» كما قال. وبدلا من قضاء الأوقات والطاقات في تعليم وتلقين الطلاب كيفية العمل والبيع، عمد إلى تعيين من يقوم على تعليمهم وتدريبهم. وقال: «أتيت بأناس آخرين ليغسلوا أدمغة الطلاب ويلقنوهم أساليب العمل المربحة والمفيدة، ولقد عاد الأمر بكثير من المكاسب على الجميع»، كما أفاد، بابتسامة عريضة على وجهه.
وكثيرا ما تحدث علي صفا عن التاريخ وقبرص التركية بلاده الأصلية ضحية التاريخ والجغرافيا، وأول ما يتبادر إلى الذهن حين سماع اسم قبرص هي تلك الجزيرة السياحية التي يرتادها المصطافون من أرجاء العالم، أو تصدر منها مئات المجلات والصحف وتوجد بها عناوين آلاف المكاتب والشركات، «هذه هي الصورة الذهنية المحفورة في أعماق عقولنا فور سماعنا اسم قبرص، لكن الحقيقة الغائبة هي أن هناك حقًا ضائعًا ساهمت الأمم المتحدة ودول كثيرة في ضياعه وتعزيز ودعم الذي أضاع ذاك الحق».
ويقول إن «تحسين العلاقات التركية العربية وتوطيدها يمكن أن يؤثر بالضرورة على علاقات العرب بجمهورية شمال قبرص التركية، خصوصا الدول العربية المحورية ذات التأثير في العالم العربي»، ويقول صفا: «إن أيادينا وقلوبنا مفتوحة للعرب في الشطر الشمالي التركي من الجزيرة». وعن قبرص التركية، يقول صفا: «فتح المسلمون الجزيرة في عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، وانتشر الإسلام بها، وقد ظلت جزيرة عثمانية هادئة لأكثر من ثلاثمائة عام (فتحها العثمانيون عام 1571 إلى عام 1878 ميلادية) وعاشت الطائفتان التركية واليونانية في وئام وود طوال الحكم العثماني، حتى تم تأجيرها للإنجليز بموجب اتفاقية بينهم وبين الدولة العثمانية مقابل وقوف بريطانيا بجانب العثمانيين فيما لو فكرت روسيا القيصرية في غزو مناطق حدودية للإمبراطورية العثمانية، لكن بريطانيا ضمت الجزيرة إليها بعد أن تحالف العثمانيون مع ألمانيا في الحرب الأولى، واستمر البريطانيون بها مستعمرين حتى قامت ثورات ضدهم من القبارصة الأتراك واليونانيين على حد سواء، وفي عام 1960 تم تأسيس الجمهورية القبرصية بموجب اتفاقيتي زيوريخ ولندن، وتم الاتفاق على دستور ينص على منح القبارصة الأتراك واليونانيين حق الاشتراك في الجمهورية. لم يستمر الوضع في الجمهورية القبرصية الجديدة حسب تلك الاتفاقيات، ففي عام 1963 قام القبارصة اليونانيون بحملات عسكرية على نظرائهم القبارصة الأتراك رافعين شعار (الإينوسيس) المتفرعة عن فكرة (الميغالي) التي تدعو بشكل مختصر إلى ضم كامل الجمهورية أو الجزيرة إلى اليونان وإحياء الإمبراطورية الإغريقية، تدعمهم في ذلك الكنيسة الأرثوذوكسية اليونانية».



كيف يتفادى الناشرون قيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي؟

كيف يتفادى الناشرون قيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي؟
TT

كيف يتفادى الناشرون قيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي؟

كيف يتفادى الناشرون قيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي؟

تزامناً مع انتشار الصراعات والأزمات والأحداث السياسية، تزايدت الشكاوى من حذف منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي بحجة «تعارضها مع أو انتهاكها لمعايير النشر على تلك المنصات»، الأمر الذي جدّد الجدل حيال مدى تأثر المواقع الإخبارية بقيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي، وكيف يتفادى الناشرون الخوارزميات لعدم حذف تقاريرهم عن النزاعات والحروب.

وحقاً، طوال السنة تصاعدت شكاوى ناشرين وصُناع محتوى من القيود المفروضة على نشر المحتوى السياسي، لا سيما في فترات الأحداث الكبرى خلال «حرب غزة»، من بينها أخيراً قتل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» يحيى السنوار، ولقد شكا صحافيون ومنصات إخبارية من «حذف» منشوراتهم و«تقييد» صفحاتهم بسبب نشرهم محتوى عن مقتل السنوار. خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» أكدوا أن منصات التواصل الاجتماعي، لا سيما تلك التابعة لشركة «ميتا»، زادت من قيودها على نشر المحتوى السياسي، واقترحوا وسائل عدة للالتفاف حول تلك القيود: أبرزها الالتزام بالمعايير المهنية، وبناء استراتيجيات جديدة للترويج للمحتوى لا تعتمد بشكل كلي على وسائل التواصل الاجتماعي.

الدكتورة مي عبد الغني، أستاذة الإعلام في جامعة بنغازي والباحثة في الإعلام الرقمي، أرجعت استمرار منصات التواصل الاجتماعي في حذف بعض المنشورات والحسابات إلى «تعارض تلك المنشورات مع المصالح السياسية للشركات المالكة للمنصات». وأردفت أن «تحكم المنصات في المحتوى المنشور يزداد في أوقات الحروب والأزمات وفترات التوتر العالمي، على غرار الحرب الدائرة منذ أكثر من سنة في غزة».

وأوضحت مي عبد الغني أنه «على مدار العام الماضي تعرض المحتوى العربي لأشكال عدة من التقييد ومنع وصول المحتوى وإيقاف البث المباشر، وحذف وحظر المنشورات وحتى إيقاف الحسابات... من الطبيعي أن ينعكس ذلك على حسابات المواقع الإخبارية العربية، لكونها معنية بنقل ما يحدث في المنطقة من زاوية قد تتعارض مع مصالح وتوجهات الجهات المالكة لمنصات التواصل الاجتماعي».

لمواجهة هذه القيود اقترحت الباحثة والأكاديمية «استخدام أساليب عدة من بينها تقطيع الكلمات، أو استخدام أحرف لاتينية في الكتابة أو صور، مع محاولة اختيار الألفاظ بشكل دقيق للتحايل على خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي».

في المقابل، يرى الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، خالد البرماوي، أن «كُل طُرق التحايل لتفادي قيود منصات التواصل على نشر المحتوى، ليست إلا حلولاً مؤقتة... وهذه الطرق عادةً ما تُكتَشف بعد فترة، ما يجعلها عديمة الفاعلية في منع الحذف».

وأضاف البرماوي: «على المواقع الإخبارية أن تبني استراتيجيتها الترويجية بعيداً عن منصات التواصل الاجتماعي بحيث تكون لها وسائلها الخاصة للترويج، مهما تطلب ذلك من وقت ومجهود». ولذا اقترح أن «تلجأ المواقع الإخبارية إلى تنويع حساباتها على المنصات، بعمل حسابات مختلفة للأخبار والمنوعات والرياضة، إضافة إلى ممارسة الضغط على وسائل التواصل الاجتماعي لتقليل القيود المفروضة على نشر المحتوى الإخباري».

ويوضح محمد فتحي، الصحافي المتخصّص في الإعلام الرقمي، أنه منذ بدء «حرب غزة» أدخلت منصات التواصل الاجتماعي سياسات وقيوداً تؤثر على ظهور المحتوى المتعلق بالحرب، وهو ما «عرّض تلك المنصات لانتقادات عدة واتهامات بالتضليل».

وأكد فتحي أنه «إذا أراد الناشر الاستفادة من المنصات، فيجب عليه مراعاة معاييرها وسياستها... بينما على ناشري المحتوى الموازنة بين المنصات المختلفة، فلكل منصة سياسة خاصة بها، وما يصلح للنشر على (يوتيوب) قد لا يناسب (فيسبوك)». واختتم بالتشديد على «ضرورة مراعاة المعايير المهنية وتدقيق المعلومات عند النشر كوسيلة لتفادي الحذف... فالالتزام بالمهنية غالباً ما يكون الحل الأمثل لمواجهة أي قيود».