معرض «11 سبتمبر» في نيويورك يكرم عناصر الإنقاذ المجهولين

معرض «11 سبتمبر» في نيويورك يكرم عناصر الإنقاذ المجهولين
TT

معرض «11 سبتمبر» في نيويورك يكرم عناصر الإنقاذ المجهولين

معرض «11 سبتمبر» في نيويورك يكرم عناصر الإنقاذ المجهولين

لم تحتل فرق الإنقاذ حيزا كبيرا من ذاكرة الحادي عشر من سبتمبر، ولم يعرف الكثيرون عن تضحيات عناصرها الذين يكرمهم معرض للصور في متحف في نيويورك.
فيوم وقع الهجوم الشهير، في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2011، هرع إلى المكان منقذون ومسعفون من نيويورك ومن مختلف المناطق الأميركية.
وكان من بينهم رجال إطفاء، وشرطيون، وعمال ومتطوعون، جاؤوا للبحث بين الأنقاض عن أحياء، على مرأى من العالم العاجز عن فعل أي شيء إزاء تلك الكارثة.
ومن بين هؤلاء إندريا بوهر، وهي مصورة استدعتها الوكالة الفيدرالية المعنية بالكوارث الكبرى.
وتقول بوهر، في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية: «كان هناك إصرار في عمليات البحث، ولم يكن أحد يريد أن يغادر المكان.. شعرنا أن الساعات تتبخر».
ومنذ الثاني عشر من سبتمبر، أغلقت منطقة «غراوند زيرو» أمام عدسات وسائل الإعلام، فأصبحت إندريا وزميلها مايكل ريغر الوحيدين القادرين على التقاط صور في الموقع للتوثيق التاريخي.
والآن، قررت المصورة أن تختار من صورها ما تقيم به معرضا بعنوان «أمل في موقع غراوند زيرو»، بدأ أواخر الشهر الماضي، ويستمر حتى مايو (أيار) من عام 2017، في متحف الحادي عشر من سبتمبر، في الموقع نفسه الذي كان يضم برجي التجارة.
وتظهر الصور رجالا ونساء بأعداد كبيرة يتهافتون للبحث عن أحياء في الأضواء المنبعثة من بين الدخان، في مشهد يوحي بنهاية العالم.
لكن الأمل بالعثور على أحياء تحت الأنقاض سرعان ما تبدد بعد انقضاء الأيام الأولى على الهجوم.
وتقول المصورة: «وصلت إلى الموقع في أحد الأيام، لم يكن أحد يقول شيئا، لكن الجو العام كان محبطا، كان ثقيلا»، وتضيف: «في ذلك اليوم، نزل المطر، شعرنا أن الأمر انتهى، وأننا لن نجد أحدا على قيد الحياة».
عشرون شخصا فقط كانت حصيلة الناجين الذين أخرجوا من تحت الأنقاض. أما من قضوا، فبلغ عددهم ألفين و753 شخصا.
وكانت إندريا تشعر بالفخر لكونها ثاني مصورين اثنين فقط في الموقع كله، لكن الشعور بالمسؤولية كان هو الطاغي، لذا عملت بأقصى قدرتها، كما تقول.
في البداية، كان لهذه المصورة المعتادة على تغطية الكوارث الكبرى الحق في التصوير في الموقع، لكن على ألا تقترب من ركام البرجين، بسبب الخطر على سلامتها.
وتقول: «لكننا كسبنا ثقة المشرفين على عمليات الإنقاذ في الموقع، الذين كانوا يشاهدوننا بينهم طول الوقت، كل يوم وكل ساعة».
وكان المنقذون ورجال الإطفاء، الذين فقدوا الكثيرين من زملائهم في الموقع، يلاحظون أن المصورين، إندريا وزميلها، لا يلتقطان الصور لدى العثور على جثث أو بقايا بشرية.
وتقول إندريا: «ما زلت أشعر برابط يجمعني مع الأشخاص الظاهرين في الصور».
وقد أرسلت صورا إلى 600 شخص تمكنت من التعرف عليهم فيما بعد، وتقول: «ما زلنا على اتصال، ونسأل عن بعضنا بعضا».
ورغم الأقنعة الواقية، أصيب أكثر من أربعة آلاف شخص من الذين كانوا في موقع «غراوند زيرو» يوم 11 سبتمبر، أو ما تلاه، بالسرطان بسبب المواد السامة التي تنشقوها.
ومع أن إندريا ظلت في الموقع شهرين وأسبوعين من دون أن تضع قناعا، فإن ما أصابها اقتصر على بعض المشكلات في الجيوب الأنفية.
واليوم، حين تعود المصورة إلى موقع «غراوند زيرو» تشعر أنه كما تركته في أحد أيام الخريف من عام 2001، وتقول «إنه محفور في ذاكرتي».
ومع أن الموقع يثير لديها شعورا بالرعب مما جرى، لكنه أيضًا يثير فيها مشاعر التضامن الإنساني الكبير: «هنا رأيت الإنسانية في أبهى حلة».



عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».