الكينوا.. منافس الأرز والقمح

مستقبل المائدة العصرية الصحية

الكينوا.. منافس الأرز والقمح
TT

الكينوا.. منافس الأرز والقمح

الكينوا.. منافس الأرز والقمح

جلسنا على مائدة العشاء ننظر عبر النافذة بعد يوم عمل شاق في مدينة كالمار، جنوب السويد. ينهمر الثلج على الأشجار ليكسوها بثوب ناصع. للطبيعة قدرة فائقة على التبرج والتباهي بجمالها الرباني، حيث تحولت النافذة للوحة فنية حية تزداد سحرا مع كل دقيقة. عيني تراقب تساقط الثلج، بينما أنتظر بلهفة سماع مضيفتنا تدعونا للبدء بوجبة العشاء. الأجواء مثالية لتناول وجبة دسمة تريح الأعصاب وتسكت الأمعاء.
مضيفتنا من أوروغواي تدعى مارتا، لكن جذور هذه القصة تعود إلى البيرو وجبال الأنديز، حيث تنمو نبتة الكينوا، مستقبل التغذية العصرية.
وبعد طول انتظار صاحت مضيفتنا: تفضلوا للطعام. انتهى وقت التأمل بجمال الطبيعة وبدأ وقت الاستمتاع بنكهة الطعام الدافئ في أجواء الشتاء القارص. تعددت الأطباق، من لحوم حمراء وبيضاء وسلطات، بينما توسط المائدة طبق أثار فضول جميع الحاضرين.
لحم مشوي على الفرن مضاف إليه الخضراوات والبهارات مغطى بحبيبات صغيرة لم نرها من قبل، تشبه البرغل، لكنها أكبر حجما وأنعم مذاقا. طعمها لذيذ وتنسجم مع باقي الأطباق بكل يسر.
بادرت بسؤال مضيفتنا، مارتا عن هذه المادة التي لم يتعرف عليها الكثير من الجالسين، فقالت مبتسمة وممازحة، هذه سر رشاقتي. وأضافت إنها الكينوا، ما نستعمله في بلادنا عوضا عن الأرز أو الخبز.
وبعد أن استمتع الجميع بوجبة لذيذة على وقع تساقط الثلج من النافذة، بدأت مارتا بالحديث عن الكينوا وأهميتها الصحية وقيمتها التاريخية.
اتضح أنها كنز وسر من أسرار أميركا الجنوبية منذ آلاف السنين. وتشير الدلائل التاريخية إلى أن الكينوا استخدمت قبل 3000 عام من مولد السيد المسيح في المنطقة المحيطة ببحيرة تيتيكاكا في بيرو وبوليفيا ولتكون طبقا رئيسيا لحضارة الإنكا، والذين أطلقوا عليها «أم جميع الحبوب».
مستقبل التغذية الصحية:
لا تكمن أهمية الكينوا في طعمها وإنما بقيمتها الغذائية التي لا تضاهى، حتى أن الكثير اعتبرها مستقبل التغذية لما تملكه من مميزات جمة بينما لا تحتوي على أي أضرار بالصحة كما هو الحال لدى معظم المكونات الغذائية.
لمن أراد اتباع حمية صحية لإنقاص الوزن أو التخفيف من الكولسترول الضار فعليه بالكينوا عوضا عن الأرز والقمح، فهذه المادة، وكما وصفتها الأمم المتحدة «بالمحصول الخارق» لما لها من فوائد صحية حيث تحتوي على جميع الأحماض الأمينية التسعة، كما تشكل مصدرا للماغنيسيوم والكالسيوم وهي بطبيعتها خالية من الغلوتين، لذا تساعد الفرد على إنقاص الوزن دون الضرر بالصحة.
وتشير التقارير أن وكالة الفضاء (ناسا) تدرس زراعتها في الفضاء نظرا لقيمتها الغذائية المرتفعة وسهوله زراعتها والعناية بها. وربما يأتي يوم تنافس فيه الأرز وحتى الخبز على موائدنا. تحتوي على ضعف كمية البروتين والحديد الموجودة في الأرز، كما تحتوي على مواد مضادة للأكسدة والألياف، وتعد من الوجبات الرئيسية في المطاعم والمتاجر التي تعرض الطعام الصحي.
وبشكل عام فالكينوا مقسمة لثلاثة أنواع البيضاء والسوداء والبنية، وبالنسبة للحجم فهناك الحبوب الصغيرة وتعد أقل مرارة والثانية الحبوب الكبيرة وتوجد فيها مادة الصابونين التي تعطي المرارة بقدر أكثر، لكن يمكن على أي حال التخلص من المرارة بنقعها بالماء مدة 20 دقيقة لتكون جاهزة للطهي.
ما زالت زراعة الكينوا محصورة في البيرو وبوليفيا إلا أن هناك محاولات جمة في بعض الدول مثل أستراليا، الولايات المتحدة، باكستان وغيرها لزراعتها، إلا أن اختلاف المناخ حال دون انتشار هذه النبتة في العالم. ويقول بعض العلماء إنهم أوشكوا على تطوير بذور تتحمل الظروف المناخية المختلفة.
طهو الكينوا:
الكينوا سهلة الطهو ويمكن استخدامها مع الخضراوات والفواكه واللحوم والأسماك بسبب خفة مذاقها، وتعطي الأطعمة مذاقا خفيفا وتقلل من حدة الأطعمة الأخرى. يتوجب على الطاهي غسلها جيدا ويفضل نقعها قليلا للتخلص من بعض المذاق المر.
الأطباق التي يمكن أن تدخل بها إلى طعامنا العربي وتعطي طعما فريدا: التبولة، إحدى أشهر الأكلات العربية التي يستخدم بها البرغل وهنا يمكن استخدام الكينوا بديلا للبرغل، كما يمكن استخدامها في طهو الكسكسي، كما هو معروف في شمال أفريقيا أو المفتول كما يطلق عليه في بلاد الشام، حتى إن بعض الطهاة يقدمونها بديلا مباشرا للأرز في عدة وجبات مثل طبق البامية باللحم أو السبانخ وغيرها من الخضراوات المطبوخة.

وصفة الكينوا مع التبولة:
- كوبان ونصف من البقدونس المفروم ناعمًا.
- كوب من الكينوا المسلوقة.
- ¾ كوب من النعناع الطازج.
- حبّتان من الطماطم مفرومتان ناعمًا.
- ربع كوب من البصل المفروم ناعمًا.
- ربع كوب من زيت الزيتون.
- ربع كوب من عصير الليمون.
- ملعقة ملح صغيرة.
- ملعقة فلفل أسود صغيرة.
طريقة التحضير:
- غسل حبوب الكينوا غير المطبوخة ونقلها إلى المصفاة.
- نقل الكينوا إلى صينية ووضعها على نار متوسطة ثم تقلب لتخرج الرطوبة من الكينوا وتصبح مقرمشة.
- وضع الكينوا في قدر مع كوبين من الماء، ويجب أن تغلي المياه ثم تغطى القدر وتتركها على نار متوسطة لمدة 15 دقيقة.
- رفع الكينوا عن النار وتركها تبرد.
- فرم البقدونس والنعناع ووضعهما في طبق سلطة، وإضافة الكينوا والخلط.
- إضافة الطماطم المفرومة مع البصل أيضًا وزيت الزيتون وعصير الليمون.
- يمكن تتبيلها بالفلفل الأسود والملح.



جولة على أطباق تراثية تعود إلى الضوء

الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)
الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)
TT

جولة على أطباق تراثية تعود إلى الضوء

الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)
الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)

يزخر مطبخ البحر المتوسط بأطباق طعام منوعة وغنية، بينها ما يعود إلى بلاد الشام وأخرى إلى بلاد الأناضول. فكل بلد يحضّرها على طريقته وبأسلوب ربّات المنازل. فكل سيدة تصنعها كما تشتهيها، وتحاول تعديلها بما يلائم رؤيتها في الطبخ.

مؤخراً، شهد المطبخ اللبناني عودة ملحوظة للأطباق التراثية. وبعض مؤلفي كتب الطهي وغيرهم من الطهاة المعروفين يبحثون عنها، فيجوبون القرى والبلدات كي يعثروا على أصولها الحقيقية.

«الشرق الأوسط» اختارت 3 أطباق تراثية من المطبخ اللبناني، بينها ما يعود أصولها إلى القرى والضيع، وأخرى تم استقدامها من بلد آخر لما شهد لبنان من حضارات مختلفة.

رشتة المعكرونة والعدس (الشرق الاوسط)

«الزنكل بالعدس» طبق شتوي بامتياز

قلّة من اللبنانيين يعرفون هذا الطبق أو سبق وتذوقوه من قبل. في انتمائه إلى الصنف التراثي القديم، يشتهر هذا الطبق في قرى البقاع وجبل لبنان والشوف.

يتألف هذا الطبق من ثلاثة مكونات أساسية، ألا وهي العدس وحبيبات الزنكل والبصل المقلي. يعتبر من أشهى وأطيب الأطباق الشتوية. سريع التحضير ويحبّه أفراد العائلة أجمعين.

من أجل إطعام أسرة مؤلفة من خمسة أشخاص، يكفي إعداد كمية 800 غرام من البرغل الناعم ووضعه في وعاء معدني ونقعه، يتم غمره بكمية من المياه ويترك لمدة ربع ساعة. ومن ثم يتم عصره لاستخراج المياه منه. ومع نصف كيلو غرام من طحين القمح يتمّ خلط الكميتين بواسطة اليدين. وعندما تصبح كعجينة متماسكة نقسّمها قطعاً صغيرة، ومن ثم ندوّرها لتأخذ حجم حبة الكرز تقريباً، وذلك تمهيداً لغليها مع «القليّة». وهي كناية عن مرقة مكوّنة من البصل والزيت، يضاف إليها مقدار كوب من العدس. وعندما ينضج العدس تصبّ جميع مكونات الطبق في وعاء واحد كي يغلي، فيوضع على نار هادئة فترةً تمتد بين 20 و30 دقيقة. ويقدّم هذا الطبق وجبة ساخنة بعد أن يضاف إليها الملح وبهارات الفلفل كلّ بحسب ذوقه.

"الزنكل بالعدس" طبق شتوي بامتياز (الشرق الاوسط)

تعدّ «الرشتة بالمعكرونة» من الأطباق السريعة التحضير، وتدخل على لائحة أشهر أنواع الحساء الشعبي في لبنان. وتشتهر هذه الطبخة في قرى جبل لبنان والمتن، وتتألف من ثلاث مكونات رئيسية ألا وهي المعكرونة والعدس والبصل.

يشبه تحضير هذا الطبق سابقه. وبعد أن يتم غلي العدس كي ينضج، يضاف إليه البصل المقطّع شرحات والمقلي بالزيت مع الكزبرة والثوم المهروس. في هذا الوقت يتم سلق 500 غرام من المعكرونة. وبعد تصفيتها يتم غمر جميع المكونات بالمياه، وتترك لنحو 10 دقائق على نار متوسطة، ويقدّم مع مخلل اللفت الأبيض.

«الباشا وعساكره» يفتح الشهية من سوريا إلى لبنان

البعض يعدّ هذا الطبق من أصول تركية، فيما أهل الشام يؤكدون أنه من ابتكارهم. ويشتهر به في لبنان أهالي قرى الشمال. وينتمي هذا الطبق إلى تلك التي تحضّر مع روب اللبن. ويتألف من قطع عجين محشوة بالبصل واللحم وقطع الكبة اللبنانية الفارغة. فيجمع بذلك طبقين معروفين في لبنان الـ«كبّة باللبن» و«الشيش برك».

يمكن تحضير الكبّة كما قطع الـ«شيش برك» في المنزل أو شراءها جاهزة.

ويتم تحضير روب اللبن بحيث يوضع نحو كيلوغرام منه في وعاء يضاف إليه ربع كميته من المياه. ويضاف إلى هذا المزيج ملعقتان من طحين الذرة. ويتم خلط المكونات الثلاثة بالمضرب إلى حين تأليفها مزيجاً متماسكاً. يترك هذا الخليط جانباً، في حين يتم قلي كمية من الثوم المهروس بزيت الزيتون أو الزبدة. ويمكن حسب الرغبة إضافة الكزبرة الخضراء إليه. فيما البعض يفضل أن النعناع اليابس والجاف عند الانتهاء من عملية الطهي. بعد أن نحصل على الثوم المحمّر نبقي الوعاء على النار ونضيف إليه المزيج المحضّر سابقاً. ويتألّف من اللبن والمياه وطحين الذرة. نأخذ بتحريك اللبن من دون توقف إلى حين وصول المزيج إلى درجة الغليان. بعدها وعلى نار هادئة نضيف إلى الخليط قطع الكبّة و«الشيش برك». وبعد نحو 10 دقائق يمكن تقديمه على المائدة مع كمية من الأرز المسلوق أو من دونه. ويمكن تزيينه بحبوب الصنوبر المحمّرة بالزبدة.