راسل كرو: لا أعتمد على شهرتي.. وما زلت أقوم بالتمثيل حبًا لهذه المهنة

نجم هوليوود قال لـ «الشرق الأوسط» إن فيلمه الجديد «فتيان طيبون» قصة بوليسية بطابع كوميدي

لقطة من فيلمه السابق «معمّد الماء» و مع رايان غوزلينغ في لقطة من «فتيان طيبون»
لقطة من فيلمه السابق «معمّد الماء» و مع رايان غوزلينغ في لقطة من «فتيان طيبون»
TT

راسل كرو: لا أعتمد على شهرتي.. وما زلت أقوم بالتمثيل حبًا لهذه المهنة

لقطة من فيلمه السابق «معمّد الماء» و مع رايان غوزلينغ في لقطة من «فتيان طيبون»
لقطة من فيلمه السابق «معمّد الماء» و مع رايان غوزلينغ في لقطة من «فتيان طيبون»

ما بين المقابلة السابقة التي أجريناها مع راسل كرو في عام 2013 بعد تمثيله دوريه في «البؤساء» و«نوح»، قام الممثل والمخرج كرو بالظهور في سبعة أفلام أخرى أحدثها هو «فتيان طيبون»، الذي تقع أحداثه في السبعينات: حكاية بوليسية خفيفة الوقع لكنها عميقة في بعض دلالاتها أخرجها المخرج شاين بلاك الذي نقل تجربته إلى المهرجان الفرنسي خارج المسابقة.
«فتيان طيبون» مختلف. قد لا يدخل التاريخ كأحد أبرز أعمال الممثل، لكنه ترفيه مقبول لجمهور لن يخيب كرو أمله في أداء جيد ولا المخرج شاين بلاك في عمل مثير للاهتمام ومنفرد وسط غالبية من الأفلام الكبيرة التي تسبح في فضاء المؤثرات البصرية.
راسل كرو وُلد في نيوزيلندا قبل 52 سنة وانتقل إلى سيدني صغيرًا ثم عبر المحيط إلى هوليوود طارحًا نفسه من خلال موهبته، لذلك هو يعرف ما يتحدث عنه عندما يخبرنا هنا عن النصيحة التي يمكن له تقديمها لأي ممثل جديد يطمح في أن يصبح نجمًا عالميًا.
وفيما يلي نص الحوار الذي أجريته معه خلال مهرجان «كان» الأخير:
* كيف تصف «فتيان طيّبون»؟
- تمامًا كما أردناه، أنا ورايان (غوزلينغ) وشاين (المخرج شاين بلاك) أن يكون. قصّة بوليسية مع كوميديا مناسبة في إطار السبعينات.
* هناك قدر من النوستالجيا الجميلة للفترة
- صحيح. العمل مكتوب ومنفّذ على هذا النحو. رغبة شاين من البداية هي تحية الفترة التي تقع فيها هذه الأحداث. لكني أعتقد أن الفيلم يحمل أيضًا تعليقًا اجتماعيًا على ذلك العصر المختلف تمامًا عن عصرنا الحالي. إنها بضعة عقود فقط لكنها تبدو كما لو أن السبعينات تكمن على بعد قرن كامل.
* أعتقد أن السيناريو الأول نص على أن الأحداث تقع في الزمن الراهن. صحيح؟
- صحيح لكن التغيير تم سريعًا بعد ذلك وتحمسنا (يقصد هو وشريكه رايان غوزلينغ) له أكثر عندما أدركنا أن فترة أحداثه لم تعد آنية.
* كيف ترى العالم اليوم؟
- لا نملك الوقت الكافي للحديث عن هذا الموضوع. الحاصل هو صدام بين القيم والمفاهيم المختلفة التي تعصف بحياتنا وتؤدي إلى حروب يسقط فيها أبرياء كثيرون. أنا مؤمن بأن كل هذه الحروب يمكن تجنبها. كل هذه المآسي كان يمكن لها ألا تقع لو أن الحوار ساد بين المجتمعات ولو أن السياسيين قرروا أن الحرب ليست خيارًا على الإطلاق. لا يزال من الممكن في اعتقادي إعادة الحياة إلى طبيعتها والعيش بسلام وأمان بين البشر.
* هذا ما دعا إليه فيلمك السابق «معمّد الماء» ولو أن أحداثه دارت خلال الفترة التالية للحرب العالمية الأولى.
- سعيد أن أسمع هذا. «معمد الماء» أراد بالفعل أن يقول إن الحوار ممكن بين الأديان وبين الثقافات وبين السياسات. الاختلاف لا يمنع مطلقًا التواصل. لقد أحسست بقيمة السيناريو في هذا الاتجاه منذ صفحاته الأولى وسعيت لأن أنقل هذا المضمون من دون مغالاة ولا تخفيف في الوقت ذاته. هذه قصّة رجل فقد أولاده الثلاثة في معركة غاليبولي. يصل لتركيا للبحث عن رفات أولاده، علمًا بأن أستراليا وتركيا كانا عدوّين. والأتراك يساعدونه في الوصول إلى إجابات. يتعرّف هناك على الإسلام ويبدي الفيلم احترامه الكامل له. هذا هو المضمون الذي اعتقدت آنذاك وما زلت أعتقد حتى الآن أنه كان بحاجة إلى فيلم يبرزه ويجب أن تقدمه أفلام أخرى.
* هل تشعر أن حقائق الحياة أخذت تتوارى بسبب العصر الحالي الذي نعيش فيه ووسائط التواصل المختلفة التي تطرح الكثير من الآراء والمواقف التي تسبب الغموض أكثر مما توضحه من حقائق؟
- يمكن بالفعل أن تقول كذلك. في الواقع لست صديقًا لـ«سوشيال ميديا». أستخدم بعضها ولا أستخدمها كلها. ليس عندي حساب على «فيسبوك» مثلاً ولا على «إنستغرام». لكن وجهة نظري لا تختلف كثيرًا عن وجهة نظرك في هذا الخصوص. في الماضي كان هناك الوقت المتاح لكي تنقب عن الحقيقة. كنت تنتظر الصحيفة التي تعتمد عليها وعلى مراسليها وكان لهؤلاء الوقت الكافي للمتابعة ونقل الأخبار على قدر كبير من المسؤولية. الآن تقوم المواقع بتزويدك بكثير من الأخبار المتناقضة. بعضها يتضح لاحقًا وبعضها لا وقت لإيضاحه. في اليوم التالي شيء جديد يقع ويمر في «الفلتر» نفسه.
* كيف تجد مسيرة حياتك الفنية؟ كم نسبة رضاك بما حققته حتى الآن؟
- من دون أن أبدو متباهيًا، أعتقد أنني أصبت في معظم خياراتي. حالفني الحظ من ناحية واعتمدت كثيرًا على اختياراتي وعلى مهاراتي في التواصل وفي معرفة ما الذي يمكن أن أقوم به في المرّة المقبلة لكي أعزز مكانتي. هذا تم في البداية ولم أعد مضطرًا إليه. ليس أنني أتوكأ الآن على شهرتي ولا أكترث، بل ما زلت أقوم بالتمثيل حبًا خالصًا لهذه المهنة. لكن في البدايات كان هناك أكثر من احتمال وأكثرها عرضة للحدوث هو الفشل جزئيًا أو كليًا.
* عن أي فترة تتحدث بالتفصيل؟
- الفترة التي انتقلت فيها من أستراليا إلى هوليوود. كوجه جديد لا يمكن أن تدرك أنك ستحقق ما تريد تحقيقه بالتأكيد. لم أكن الأسترالي الوحيد الذي قام بهذه الخطوة، وهوليوود كان فيها ولا يزال الكثير من الوجوه والمواهب الجيدة.. أين مكانك؟ هل تعرف ما أقصد قوله؟ لكن الخطوات المدروسة لا تذهب هباء أو هي قد تذهب هباء في بعض الحالات، لكنها لم تذهب هباء في حالتي.
* ما النصيحة التي يمكن لك توجيهها للممثلين الشبّان تبعًا لخبرتك؟
- في رأيي أن الطامح للتمثيل عليه أن يعي أن عليه أن يتحلى بسبب جوهري وأصيل في داخله. إذا ما كان يبني رغبته في أن يصير ممثلاً على ملامح في الوجه أو قدرات بدنية مختلفة، فإنه لن يمضِ بعيدًا. عليه أن يأتي بسببه الخاص والعميق لماذا يريد أن يصبح ممثلاً.
* كثير من الممثلين اليوم وربما في الأمس انطلقوا من مجرد الحب في أن يصبحوا ممثلين ناجحين؟
- كلنا فعلنا ذلك، لكن لا يجب أن يكون هذا هو السبب الرئيسي. لو اجتمعت بهواة تمثيل الآن فإن ما أقوله لهم هو أن يقرأوا كثيرًا. المعرفة تمنح المرء زادًا سيحتاجه جدًا في هذه المهنة اليوم أو غدًا. عليه أن يكون مثقفًا ويعلم النفس البشرية. هذا أجده ضروريًا جدًا.
مع توم كروز
* كيف كان جو العمل في «فتيان طيّبون»؟
- أنا ورايان غوزلينغ كنا في غاية السعادة. معجب بهذا الممثل. أعلم أن لديه الكثير مما يستطيع أن يوفره وهو حتى الآن شق طريقه صعودًا. حقق تقدّمًا من كل فيلم لآخر. كان الجو السائد مرحًا على نحو لم أعهده في كثير من الأفلام السابقة. والذي أتاح ذلك هو موضوع الفيلم، والمخرج الذي كان يعرف الأجواء التي يريدها لفيلمه واستعان بانسجامنا نحن الممثلين مع هذه الغاية. كان جوًا لطيفًا في الواقع.
* كيف وجدت شاين بلاك؟
- جيد (يضحك) باستثناء أننا كنا، رايان وأنا، نجهد في تمثيل مشاهدنا ونرى أننا نجحنا فيها لكننا نسأله رأيه كونه هو المخرج فيهز برأسه ويقول «لا بأس».
* لديك مشاريع كثيرة يبدو أنها تبدأ بإعادة لفيلم سبق له وأن تم إنتاجه قبل سنوات ليست بالبعيدة.
- «المومياء». أنا فخور أنني سأشترك في هذا الفيلم لأني مدرك أنه سيختلف عن الفيلم السابق على الرغم من أنه إعادة صنع له. كذلك متحمس لكي أمثل أمام توم كروز لأول مرّة.
* لديك فيلم مقبل في خانة الإخراج اسمه Sidney Unplugged. ما هو هذا المشروع؟
- هذا مشروع خاص عبارة عن أفلام قصيرة كل فيلم منها يكشف جانبًا من حياة المدينة. وأنا لست مخرجه الوحيد، بل هناك ممثلون آخرون سيشتركون في إخراجه. كل منا بفيلمه الخاص.
* الملحق الصحافي يدعونا لإنهاء المقابلة لكن ليس قبل أن أسألك عن مهنتك الأخرى كمنتج. هل تجدها ضرورية؟
- طبعًا. «بزنس» السينما تغيّر ولا يزال يتغير وأنا في وسطه. أصبح من الأسهل اليوم التواصل وإتمام النتائج المرجوّة. ما أعنيه هو أنني قد لا أتابع مراحل الإنتاج بحضوري الشخصي، لكني أستطيع متابعته في البيت أو المكتب. عندي مشاريع كثيرة ودرجة توغلي فيها يعود إلى حجم مساهمة شركتي في هذا الفيلم أو ذاك.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».