الزعبي لـ «الشرق الأوسط»: لن نذهب إلى جنيف.. وخلافات بين موسكو وطهران

رئيس مفاوضي المعارضة لا يرى سوى التصعيد.. و«الرقة» تفجّر الخلاف الأميركي ـ الروسي ـ الإيراني

طفلان سوريان يقودان دراجة عبر مبان مدمرة في دوما أمس (رويترز)
طفلان سوريان يقودان دراجة عبر مبان مدمرة في دوما أمس (رويترز)
TT

الزعبي لـ «الشرق الأوسط»: لن نذهب إلى جنيف.. وخلافات بين موسكو وطهران

طفلان سوريان يقودان دراجة عبر مبان مدمرة في دوما أمس (رويترز)
طفلان سوريان يقودان دراجة عبر مبان مدمرة في دوما أمس (رويترز)

قال العميد أسعد عوض الزعبي، رئيس الوفد السوري المفاوض في مفاوضات جنيف حول سوريا، خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، إن الإذعان الروسي للموقف الأميركي الذي يرفض استيلاء أي طرف على مدينة الرقّة، التي يحتلها تنظيم داعش المتطرف، أفشل الاجتماع العسكري الروسي السوري الإيراني. وتابع إن «إصرار نظام بشار الأسد على التحرّك نحو الرقّة بغية السيطرة عليها ينذر بوقوع خلاف جديد بين «الحلفاء» يتوقع أن يخرج للعلن». واعتبر الزعبي أن «ليس هناك من إشارات تلوّح بالحل السياسي»، داعيًا الثوار للعمل على التصعيد العسكري في ظل غياب الإرادة للحل السياسي، وكرّر القول بأنه لن يقود مفاوضات ما لم يحرز تقدم في إدخال العمل الإنساني ومتعلقاته.
الزعبي قال خلال الحوار إن «الاجتماع العسكري الثلاثي (الإيراني – الروسي - النظامي) الذي عقد أخيرًا في إيران، تطرق إلى موضوعات عدة، منها: تقييم الوضع العسكري في حلب بعد مقتل أكثر من 600 عنصر إيراني، خاصة أن عددا كبيرا منهم من قادة الصف الأول، كما أن النظام مُني بخسائر كبيرة أيضًا. وكذلك تقييم وضع الشركاء الثلاثة تجاه الولايات المتحدة الأميركية في قضية الرقّة؛ ذلك أن النظام يحاول الوصول إليها، بينما (ميليشيا) قوات سوريا الديمقراطية تحاول أيضًا الدخول في هذا السباق مقابل منع أميركا الجميع من الوصول إلى المدينة».
وعزا الزعبي ممانعة أميركا دخول شركائها إلى الرقّة؛ لأنها حسب رأيه «لا تريد في الوقت الراهن القضاء على (داعش)، وذلك وفق تصريحات أميركيين بأنه لا يمكن الوصول إلى الرقّة والموصل قبل نهاية عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما، ما يؤكد أن تحرّك (داعش)، إنما هو نتاج أجندة عالمية». وأوضح «لن تسمح واشنطن لأي طرف بما في ذلك النظام بالدخول إلى الرقّة والاقتراب من جنوبها بنحو 15 كلم، ومحاولة (قوات سوريا الديمقراطية) العودة باتجاه الشمال الغربي باتجاه منبج».
ولفت رئيس الوفد المفاوض إلى جنيف، إلى أن الخطة التي رسمت بشأن الرقّة «أبلغت بها أميركا حليفتها روسيا، التي هي الأخرى نقلتها بدورها إلى إيران والنظام السوري عبر ممثله (وزير الدفاع) فهد الفريج في الاجتماع الثلاثي الأخير في طهران». وأردف «أن النظام أصرّ على المتابعة في اتجاه الرقّة، وهذا لا يروق للروس لأنه لا يروق لأميركا، وهذه هي نقطة الخلاف الأولى». أما نقطة الخلاف الثانية، يرى الزعبي أنها قد «أفرزتها حالة اليأس التي أصابت الروس، جراء عجزهم عن السيطرة على حلب تمامًا، بينما دفعت إيران ثمنًا باهظًا في محاولاتها السيطرة على حلب»، مشيرا إلى «أن نقطة الخلاف الثالثة كانت بين الروس وإيران؛ لأن الأولى لا تريد أن تتدخل بقوات بريّة مع أن إيران تطلب منها ذلك باستمرار».
وعن الوضع الإنساني حاليا، قال الزعبي «اليوم الوضع الإنساني في غاية الصعوبة والتفاقم، فالقضية تتعلق بأن مبدأ النظام القائم على منع إدخال المساعدات الإنسانية، وهو ينفذ هذه السياسة باتفاق مع المجتمع الدولي، ذلك أنه قبل شهر من الآن استولى على المساعدات الإنسانية ودمّرها قبل أن تدخل داريا وقصف السكان الذين كانوا في انتظار هذه المساعدات». وأردف أن النظام قصف شاحنات المساعدات يومي وأول من أمس بأكثر من 120 برميلا متفجرًا، مضيفا: «بالأمس دخلت مساعدات من الأمم المتحدة، إلى داريا وهي لا تكفي لأكثر من 2.4 ألف شخص؛ لأنها تقدر بأقل من 20 في المائة من المطلوب. ولكن أسوأ ما في ذلك، أن النظام يتفق مع الأمم المتحدة على إدخال تلك المساعدات ثم يقوم بالاستيلاء عليها أو تدميرها، مع أن أكثر من 50 في المائة منها عبارة عن أوان وخيام، وهي مساعدات ليس المعنيين في حاجة إليها، بل إنهم في حاجة إلى أدوية وأغذية وليس إلى الخيام والأواني، ومع ذلك قصف النظام كل المساعدات التي دخلت تلك المناطق».
وعن الضغوط التي تمارس ضد المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا لاستئناف المفاوضات في جنيف، قال الزعبي «في ظل هذا الوضع الإنساني المتفاقم والهمجية التي ينفذها النظام، ليس هناك ما يلوح للأفق بالنسبة إلى استئناف المفاوضات. نحن لن نذهب إلى جنيف والوضع هكذا... وليس أمامنا حاليًا إلا التصعيد للعمل العسكري، ولا تعنينا الضغوط التي يمارسها الأميركان والروس على المبعوث الأممي لسوريا ستيفان دي ميستورا». واستطرد قائلا: «لا بد من الانطلاق من منطقة واقعية بشفافية، حيث أعلن بشار صراحة في كلمته قبل ثلاثة أيام أمام مجلس الشعب أنه لن يوقف إطلاق النار، ولن تكون هناك تهدئة قبل استعادة كل أراضي سوريا والقضاء على كل الإرهابيين... ويقصد المعارضة، مقابل أن التصريحات الروسية التي أكدت مضيها في القصف الهمجي وارتكاب مجازر في حلب وإدلب، في حين إنه لم يبق حي وإلا ودمر تمامًا. إن الحديث عن جنيف ما هو إلا مشاركة في قتل الشعب السوري».
من ناحية ثانية، قال الزعبي «كان أولى بدي ميستورا أن يعمل على الروس لوقف المجازر التي يرتكبونها في حق الشعب، وعلى نظام الأسد للالتزام بالحل السياسي والسماح للمساعدات الإنسانية بالدخول إلى مناطق مستحقيها».
وتابع كاشفًا «أن العمل الروسي - الأميركي ينفذ دون الأخذ برأي الأسد أو المعارضة»، مشيرًا إلى أن «الهدنة كانت بين وزيري خارجية روسيا وأميركا سيرغي لافروف وجون كيري وكل منهما يهنئ الآخر في حين لم تكن هناك هدنة البتة». أكمل قائلا: «عندما تحدث كيري في مؤتمر ميونيخ الأخير وقال: سيكون هناك انتقال سياسي ابتداء من الأول من أغسطس (آب) لم تكن هناك نية انتقال سياسي، ولم يكن هناك أي مقدمات إيجابية تمهد للحل السياسي؛ ولذلك على الثوار المتابعة الحثيثة وعدم النظر إلى الخلف لأننا أمام مواجهة عسكرية وقوة سوريا تسمى (قوات سوريا الديمقراطية)، تدعمها القوات الأميركية والإيرانية والروسية لإقامة كيان علوي وآخر كردي وإيراني».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».