شمخاني منسقًا أعلى بين حكومات موسكو وطهران ودمشق في الأزمة السورية

في نطاق اللقاء الثلاثي لبحث استراتيجية «مكافحة الإرهاب»

الأمین العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الأدميرال علي شمخاني في لقائه وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أمس
الأمین العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الأدميرال علي شمخاني في لقائه وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أمس
TT

شمخاني منسقًا أعلى بين حكومات موسكو وطهران ودمشق في الأزمة السورية

الأمین العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الأدميرال علي شمخاني في لقائه وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أمس
الأمین العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الأدميرال علي شمخاني في لقائه وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أمس

بينما قالت طهران إن «الهدف وراء قمة وزراء دفاع إيران وروسيا وسوريا بحث استراتيجية (مكافحة الإرهاب) في سوريا»، كشف بيان صحافي لمجلس الأمن القومي الإيراني عن تعيين أمينه العام الجنرال علي شمخاني في منصب المنسق الأعلى في الشؤون السياسية والعسكرية والأمنية بين سوريا وروسيا. وجاءت التسمية في بيان صحافي وزعه المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني عن لقاء جمع شمخاني بوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أول من أمس على هامش اجتماع طهران. وشدد شمخاني على دعم طهران نظام بشار الأسد قائلا إن «اختيار نوع النظام وحكام سوريا من صلاحيات الشعب السوري».
تعتبر هذه المرة الأولى التي يكشف فيها عن وجود منصب المنسق الأعلى السياسي والعسكري والأمني بين إيران وروسيا وسوريا، وتعليقا على التعاون الروسي الإيراني قال شمخاني إن الدولتين تتجهان لـ«تعزيز التعاون في سوريا بكل ما تملك من طاقات لمعاقبة الدول التي تدعم الإرهاب هناك». وبخلاف انطباع مراقبين في موسكو، أجمعت تصريحات مسؤولي الدول الثلاث على أن مواقفها من الهدنة ومستقبل سوريا «موحدة»، وأنها تحارب مجموعات «إرهابية». وطالب شمخاني المجتمع الدولي دعم «جهود روسيا وإيران وسوريا المكلفة. وفي حين لم تعترف إيران بوجود معارضة سوريا، دعا شمخاني إلى حوار بين الأطراف السورية «بدلا من استمرار الحرب وإراقة الدماء»، لكنه في الوقت نفسه ذكر أن بعض الدول تستغل المفاوضات لدعم «المجموعات الإرهابية»، ووصف الأمور في سوريا بـ«المعقدة» على الصعيد السياسي والأمني والعسكري.
وفي السياق نفسه، رفض شمخاني، الذي يمثل المرشد الأعلى علي خامنئي في جملة من المجالات، دخول دول عدة إلى المفاوضات السلام السورية، واعتبر وجود بعض الجهات التي وصفها بـ«الإرهابية» في المفاوضات السورية يساعد على النشاط القانوني لتلك الأطراف. ووفقا للتقارير الإيرانية، فإن وزير الدفاع الروسي أعرب عن أمله بأن يساعد ملتقى طهران الثلاثي على «التصدي المؤثر للإرهاب».
حسب مصادر إيرانية مطلعة، فإن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني يعد الجهة المسؤولة الأولى عن إدارة الملفين العراقي والسوري لاتخاذ القرارات منذ سنوات. ويرأس المجلس الأعلى للأمن القومي رئيس الجمهورية في إيران، إلا أن منصب الرئيس يعتبر منصبا شرفيا مقابل الأمين العام الذي يعينه المرشد الأعلى علي خامنئي مباشرة. وقبل وصول شويغو كانت وسائل إعلام إيرانية قد حمّلت موسكو مسؤولية خسائر معارك جنوب حلب خلال الشهر الأخير، وورد اتهام للجانب الروسي في معارك حلب بـ«التراخي» من بين جملة أسباب ذكرتها وسائل إعلام في تبريرها تكبد الخسائر الكبيرة في أرواح قواتها العسكرية المشاركة في الحرب الأهلية السورية.
وخلال الفترة الماضية شككت طهران بالمفاوضات السورية، التي لم تكن حاضرة فيها، كما عبرت عن رفضها ضمنا أي اتفاق روسي أميركي بشأن الأزمة السورية لا تكون طهران طرفا فيه. ويرى المحللون الإيرانيون أن «إرسال طهران قوات عسكرية وفرض إدارتها السياسية تأتي ضمن خطط النظام في إطار تثبيت نفسه بصفته أبرز اللاعبين الدوليين عبر تعميق الأزمات في المنطقة».
للعلم، شويغو وصل طهران أول من أمس بدعوة من نظيره الإيراني حسين دهقاني قبل ساعات من الاجتماع المغلق المعد لبحث الملفين السوري والعراقي بحضور وزير الدفاع السوري فهد جاسم الفريج. وقبل اجتماعه الخاص بوزير الدفاع الروسي بأسبوع كان شمخاني قد صرح لوسائل الإعلام بأن إيران تشارك في القتال في سوريا بأوامر مباشرة من خامنئي، مضيفا أن «الوحي» وراء اتخاذ ذلك القرار المصيري للإرسال القوات العسكرية إلى سوريا.
في هذا الصدد، أفادت وكالة «إرنا» الرسمية أن شمخاني وجه كلمة شكر للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لـ«اتخاذه قرارات وسياسات شجاعة في دعمه (العسكري) المؤثر» للقوات الإيرانية وحلفائها في المعارك السورية. واعتبر شمخاني «التأثير الأميركي وحلفائها الغربيين والإقليميين» في القضية السورية «مسرحية إعلامية ودبلوماسية لغايات انتخابية وسياسية». ويشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان قد قام بزيارة إلى موسكو قبل توجه وزير الدفاع الروسي إلى طهران.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.