قوات السراج تحصل على دعم غربي وأميركي لهزيمة «داعش» في سرت

خسارة المدينة ستشكل نكسة كبيرة للتنظيم المتطرف باعتبارها القاعدة الرئيسية للمتشددين

قوات موالية لحكومة الوفاق الوطني بكامل عتادهم على مداخل سرت فيما تبدو سحب الدخان تتصاعد من مواقع لـتنظيم داعش تم قصفها أمس (أ.ف.ب)
قوات موالية لحكومة الوفاق الوطني بكامل عتادهم على مداخل سرت فيما تبدو سحب الدخان تتصاعد من مواقع لـتنظيم داعش تم قصفها أمس (أ.ف.ب)
TT

قوات السراج تحصل على دعم غربي وأميركي لهزيمة «داعش» في سرت

قوات موالية لحكومة الوفاق الوطني بكامل عتادهم على مداخل سرت فيما تبدو سحب الدخان تتصاعد من مواقع لـتنظيم داعش تم قصفها أمس (أ.ف.ب)
قوات موالية لحكومة الوفاق الوطني بكامل عتادهم على مداخل سرت فيما تبدو سحب الدخان تتصاعد من مواقع لـتنظيم داعش تم قصفها أمس (أ.ف.ب)

قالت مصادر عسكرية ليبية لـ«الشرق الأوسط» إن طائرات أميركية نفذت غارات جوية على مواقع لتنظيم داعش في مدينة سرت على ساحل ليبيا، وذلك في إطار الدعم الذي تتلقاه القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني، برئاسة فائز السراج، من الولايات المتحدة وعدة دول غربية، فيما أشادت وزارة الدفاع الأميركية بالتقدم الذي أحرزته هذه القوات، واعتبرته «مشجعا» بعد دخولها إلى سرت معقل تنظيم داعش شرق العاصمة طرابلس.
وقال ضابط في الجيش الليبي لـ«الشرق الأوسط» إنه «ليس سرا أن طائرات أميركية أو غربية ضربت مواقع لداعش في سرت خلال اليومين الماضيين»، مضيفا أن «ثمة تحالفا غربيا يدعم العمليات العسكرية لقوات عملية البنيان المرصوص التي تتبناها حكومة السراج.. وهناك ضربات جوية تتم من البحر أيضا، وثمة قوات بريطانية خاصة على الأرض، وأميركية في الجو والبحر، وهم في البحر المتوسط والكل يعرف ذلك، أما البوارج الإيطالية في بعض الأحيان فيمكن رؤيتها من على الشواطئ أو عن طريق الصيادين».
وأوضح هذا الضابط التي رفض نشر اسمه أن آخر غارة نفذتها طائرات حربية أميركية تمت الليلة قبل الماضية على مبنى بالقرب من مجمع واغادوغو، الذي تعرض لضربتين على الأقل، فيما قال سكان وشهود عيان إن طائرات مجهولة الهوية قصفت مقرا لـ«داعش» في عين المكان.
من جهته، قال المتحدث باسم البنتاغون الأميركي بيتر كوك خلال مؤتمر صحافي: «نحن نراقب الوضع عن كثب وما نراه يشجعنا»، معتبرا أن التقدم في سرت «يشير إلى أن حكومة الوحدة الوطنية تتقدم على غرار القوات التي تدعمها»، وشدد على أنه «في حال تمكنت الحكومة من القيام وحدها» بطرد تنظيم داعش، من دون دعم عسكري غربي، «سيكون ذلك تطورا مرحبا به».
وأعلنت القوات الموالية لحكومة السراج أنها تقوم بقصف مواقع لتنظيم داعش في وسط سرت بالمدفعية الثقيلة، غداة دخول هذه القوات إلى المدينة الساحلية الخاضعة لسيطرة التنظيم المتطرف. وقالت في بيانات رسمية إن «قواتنا تدك بالمدفعية الثقيلة تمركزات لداعش في محيط مجمع قاعات واغادوغو»، الواقعة في وسط المدينة الساحلية في الشمال الليبي على بعد 450 كيلو شرق طرابلس.
وبعد نحو شهر من انطلاق عملية «تحرير سرت» في 12 من شهر مايو (أيار) الماضي، تمكنت القوات من دخول المدينة بعدما حققت تقدما متسارعا على الأرض في الأيام الماضية من جهتي الشرق والغرب.
من جهته قال محمد الغصري، المتحدث العسكري باسم غرفة عمليات سرت: «لقد دخلت قوات الجيش وسط المدينة، وهناك اشتباكات مع القناصة في أعلى البنايات وفي مركز واغادوغو» للمؤتمرات، مضيفا أن «العملية لن تدوم طويلا، يومان أو ثلاثة على الأكثر». فيما أعلن آمر القطاع الأوسط للقوات البحرية العقيد بحار رضا عيسى من جهته أن «قواتنا تسيطر على ساحل سرت بالكامل. ولن يستطيع أتباع (داعش) الفرار عبر البحر.. وقد قمنا بالكثير من الضربات من البحر غرب سرت لفتح الطريق لتقدم القوات البرية».
وستشكل خسارة سرت نكسة كبيرة للتنظيم المتطرف، إذ إن المدينة التي تعد مسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافي، كانت على مدى نحو عام القاعدة الرئيسية للمتشددين في ليبيا، كما ستأتي هذه الخسارة في وقت يتراجع فيه التنظيم في العراق وسوريا.
وتتشكل القوات الموالية لحكومة السراج من مجموعات مسلحة تنتمي إلى مدن عدة في غرب ليبيا، أبرزها مدينة مصراتة التي بتعد نحو 200 كيلومتر شرق طرابلس، التي تضم المجموعات الأكثر تسليحا في البلاد. كما تضم هذه القوات جهاز حرس المنشآت النفطية ووحدات من الجيش المنقسم بين سلطتي حكومة الوفاق والحكومة الموازية غير المعترف بها في شرق ليبيا ويقود قواتها الفريق خليفة حفتر، الذي لم يعلن ولائه لحكومة السراج، ولم يعرف مصير حملة عسكرية أعلن نيته شنها منفردا ضد التنظيم في سرت.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.