«متحف زكي ناصيف» يعبق بذكريات «أبو الفولكلور اللبناني»

افتتح أخيرًا في بلدة مشغرة لتكتنز جدرانه سيرة حياة تضج بالموسيقى

«متحف ومركز زكي ناصيف الثقافي» وفي الإطار الفنان الراحل زكي ناصيف ({الشرق الأوسط})
«متحف ومركز زكي ناصيف الثقافي» وفي الإطار الفنان الراحل زكي ناصيف ({الشرق الأوسط})
TT

«متحف زكي ناصيف» يعبق بذكريات «أبو الفولكلور اللبناني»

«متحف ومركز زكي ناصيف الثقافي» وفي الإطار الفنان الراحل زكي ناصيف ({الشرق الأوسط})
«متحف ومركز زكي ناصيف الثقافي» وفي الإطار الفنان الراحل زكي ناصيف ({الشرق الأوسط})

في الذكرى المئوية لولادته افتتح «متحف ومركز زكي ناصيف الثقافي» أبوابه في بلدة مشغرة البقاعية (مسقط رأس الموسيقي الراحل)، معلنا بذلك تحويل منزل «أبو الفولكلور اللبناني» إلى قطعة من التراث اللبناني العريق. هذا البيت الذي يشبه الفنان الراحل بهدوئه وتواضعه، تكتنز جدرانه الصامتة سيرة حياة أحد عمالقة الفن في لبنان، الذي ترك وراءه إرثًا فنيًا يتألف من 1100 أغنية وقطعة موسيقية. وبينها ما تحول إلى أناشيد وطنية (راجع يتعمر لبنان ومهما يتجرح بلدنا واشتقنا عالبنان)، وغيرها رومانسية كـ(فراشة وزهرة ودقة ودقة).
يضم هذا المتحف الذي كان يشكل بيت العائلة في الماضي حيث ترعرع وعاش فيه الموسيقي الراحل، معهدًا للموسيقى ليستفيد منه أهالي المنطقة. ومن المنتظر أن تبدأ صفوفه الحية انطلاقتها في الأيام القليلة المقبلة، بحيث سيهتم أساتذة موسيقيون بتنشئة مواهب فنية جديدة يؤمل أن يكون بينها زكي ناصيف آخر.
أما مقتنياته، فتعود بأكملها لزكي ناصيف، إن من مخطوطات أو أغراض خاصة به (راديو وآلة بيانو وغيرها)، أو من أثاث قديم كان يُستعمل في هذا المنزل منذ أيام والديه. وتم ترميمه من الداخل والخارج لتعود هيكليته إلى ما كانت عليه، قبل أن يتحول في فترة ماضية إلى مدرسة. وكانت عائلة الموسيقي الراحل قد تنازلت عن ملكية هذا العقار لجمعية (ابساد) لحماية المواقع الطبيعية والأبنية الأثرية.
يتألف المتحف المبني من الحجر الصخري الأصفر ذي النوافذ والأبواب المطلية بالأزرق، من طابقين تزين وجهته الرئيسة أربع قناطر. الطابق السفلي منه هو بمثابة ردهة الاستقبال وتقع فيه غرفتا الطعام والمطبخ وقد احتفظ بهندسة هذا الأخير كما هي عليه، لأنه يمثل بخزاناته الخشبية وفرنه الحجري وأوانيه القديمة، نموذجًا عن المطبخ اللبناني الأصيل. ووضع وسط القاعة التي تشكل القسم المركزي من المتحف آلة بيانو قديمة تعود للموسيقي العالمي روسيني، قدمها هدية للبنان، الذي أهداه بدوره لزكي ناصيف. وتزين جدران هذا الطابق صور ولوحات مرسومة تخبر قصة الفنان اللبناني منذ طفولته التي رسمت بريشة أحد أقاربه من آل بردويل. ويستطيع زائر المتحف أن يستمع إلى أغاني وموسيقى الراحل، وكذلك إلى مشاهدة مقتطفات من إطلالاته الإعلامية من خلال عدة شاشات تلفزيون مصطفة على أحد جدران هذا الطابق. أما الطابق العلوي من المتحف الذي كان يشكل قسم المنامة من المنزل، فقد بقي على حاله بحيث تم ترميم الغرفة الرئيسية فيه التي تعود للفنان نفسه. هذه الغرفة فيها خزانته وأغراضه الخاصة وآلة البيانو الخاصة التي كان يعزف عليها، وكذلك الطاولة التي كان يدون عليها نوتاته الموسيقية. وتجري الاتصالات اليوم بالجامعة الأميركية لاسترجاع بعض من أغراضه الخاصة الأخرى، التي أودعتها عائلته عندها إثر رحيله، كون الفنان الراحل واحدًا من طلابها.
«إعادة ترميم المنزل واسترجاع خصوصيته كان عملية صعبة تطلبت منا الجهد والبحث والتفتيش عن تاريخه»، تقول المهندسة ياسمين معكرون التي أشرفت على هذه الورشة. وأضافت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد كانت حالته سيئة بفعل مراحل مر بها في الماضي، فكان بمثابة منزل مهجور شوهت أقسامه فانفصلت حينا وتداخلت ببعضها البعض حينا آخر، مما دفعنا إلى تفكيك بعض أجزائه وإعادة بنائها من جديد». وتتابع: «أكثر ما جذبني في هندسة هذا البيت هو المطبخ التي ينم عن أصالة الريف اللبناني العريق، وكذلك القاعة الأساسية في ردهة الاستقبال المطلة على الوادي».
أما ريا الداعوق رئيسة جمعية (ابساد) فقد أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أنه ما زال المتحف في طور التجهيز، وأنه حاليًا تم افتتاحه لتعود الحياة إليه من خلال المعهد الموسيقي الذي استحدث فيه. وقالت: «نعمل على إدراجه على خريطة لبنان السياحية، كما أننا بصدد صنع نسخ عن بعض الأدوات التي كانت تعود للفنان الراحل، بعد أن فقد بعضها أو تم تسليمه للجامعة الأميركية في لبنان. وسنقوم أيضًا بترميم المنازل المحيطة بالمتحف ليصبح الحي الذي يضمها مع المتحف، منطقة تراثية تحكي عن ثقافة هذه البلدة (مشغرة) فتعيد إليها الفرح».
أما الزائر الذي يرغب في أن يمضي ليلة كاملة في هذا المتحف، فهو يستطيع أن يقيم في إحدى غرف المنامة في الطابق العلوي إلى جانب غرفة الراحل. فقد تم استحداث هذا القسم ليكون بمثابة شقة صغيرة (استوديو) لها ملحقاتها الأساسية (مطبخ صغير وصالة حمام). أما الإقامة فيه فستكون مجانية كما ذكرت لنا رئيسة جمعية «ابساد» التي تقف وراء إقامة المتحف.
ومن ناحيتها فقد أشارت دلال ناصيف ابنة أخي الفنان الراحل، إلى أنها تتذكر هذا المنزل بكل زواياه كونه كان بمثابة منزل العائلة (يعود لشاكر ناصيف والد الفنان الراحل) فكانت تجتمع فيه في مناسبات الأعياد وغيرها. وتقول: «أتذكر عمي زكي ناصيف جيدًا عندما كان يجلس تحت (العريشة) على سطح المنزل حيث كان مكانه المفضل في هذا المنزل». وتضيف موضحة لـ«الشرق الأوسط»: «لقد شهد هذا المنزل طفولة عمي الراحل ومرحلة شبابه. إذ كان يمضي مع أصدقائه على (السطيحة) سهرات طويلة، وهو يعزف على العود، أو منشدًا أغاني من تأليفه، وكان بعد مغادرتهم يجلس وحيدا يتفرج على قمر مشغرة الذي يطل عليه من خلف تلة مواجهة للسطح، ومن هناك استوحى كلمات وألحان أغنية السيدة فيروز الشهيرة: (يا قمر مشغرة)».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».