تونس: «النهضة» و«نداء تونس» يتفقان على حكومة أغلبية برلمانية

مصادر: الصيد قد يتخلى بصفة تلقائية عن رئاسة الحكومة

تونس: «النهضة» و«نداء تونس» يتفقان على حكومة أغلبية برلمانية
TT

تونس: «النهضة» و«نداء تونس» يتفقان على حكومة أغلبية برلمانية

تونس: «النهضة» و«نداء تونس» يتفقان على حكومة أغلبية برلمانية

أفادت مصادر مطلعة على سير النقاشات بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية في تونس أن حركتي نداء تونس والنهضة اتفقتا على تشكيل حكومة «أغلبية برلمانية»، في حال استمرار المعارضة رفضها مبدأ المشاركة في الحكومة، التي اقترحها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي منذ نحو أسبوع.
ويقضي الاتفاق بين الطرفين بعدم تمسك حركة النهضة بحقها في تعيين رئيس جديد للحكومة، باعتبارها الحزب صاحب الأغلبية في البرلمان، مع إعطاء الأولوية لتشكيل حكومة سياسية ذات مضامين اجتماعية، تأخذ فيها حركة النهضة نصيبها من الحقائب الوزارية وفق ثقلها السياسي والاجتماعي، وبالتالي تأكيد التحالف السياسي القوي بين الحركتين على حساب بقية الأحزاب السياسية، خصوصا ذات التوجه اليساري منها.
وتعني حكومة أغلبية برلمانية سيطرة حركة النهضة وحزب النداء على المشهد البرلماني من خلال عدد النواب الممثلين لهما داخل البرلمان، وذلك بنسبة 69 نائبا للنهضة، و61 لحزب النداء (130 فيما بينهما)، وهو ما يعني ضمان الأغلبية النيابية في حال مناقشة القوانين في البرلمان، على اعتبار أنهما يحوزان وحدهما نحو 60 في المائة من مجموع أعضاء البرلمان، البالغ عددهم 217 نائبا برلمانيا.
وأكدت المصادر نفسها في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الحزبين القويين داخل الساحة السياسية الحاصلين على المرتبة الأولى والثانية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والحائزين أيضا على المرتبتين ذاتهما على مستوى عدد المقاعد في البرلمان، قد يسيطران على نسبة 70 في المائة من الحقائب الوزارية، وتأكيد تحالفهما السياسي القوي، فيما ستذهب بقية الحقائب، أي نسبة 30 في المائة إلى منتسبين إلى نقابتي العمال ورجال الأعمال وبعض الأحزاب الأخرى، التي اقتنعت بالمقترح الرئاسي الداعي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية.
ويعني اتفاق حركتي النهضة والنداء بالضرورة تقلص نصيب حزبي آفاق تونس والاتحاد الوطني الحر على مستوى التمثيل الحكومي، وهو ترجمة للقلق الذي أبداه الحزبان (النهضة والنداء) تجاه عدم تناسق مواقف هذين الحزبين مع مواقف الائتلاف الرباعي الحاكم.
ووفق متابعين للشأن السياسي التونسي، يأتي هذا الاتفاق السياسي غير المعلن إثر فشل أحزاب المعارضة في اجتماعها أول من أمس في العاصمة التونسية، في اتخاذ موقف حاسم من المبادرة الرئاسية، ومحاولة اتهام الحكومة وأحزاب الائتلاف الحاكم بالفشل، وتحميلهم مسؤولية النتائج المخيبة للآمال على جميع الأصعدة.
وقبل أيام اتفق حزب نداء تونس وحركة النهضة، الحليفان الأساسيان في حكم تونس، على التعجيل برحيل رئيس الحكومة الحالية ولكل منهما حساباته السياسية، فالنداء عبر عن «امتنانه» للنهضة التي أكدت التزامها بمخرجات الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وبالتالي بقاء حزب النداء، حزب الأغلبية الذي سيقدم مرشحا لرئاسة الحكومة بديلا للحبيب الصيد، والنهضة سعت من جهتها لإرضاء رئيس الجمهورية بتنفيذها المقترح الذي انتقد أداء الحكومة الحالية، وطرح بديلا عنها بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وبمشاركة قياسية هذه المرة وليس مجرد حقيبة وزارية كما تم في حكومة الحبيب الصيد.
وتنفيذا لهذا الاتفاق الضمني بينهما، فقد قام حزب نداء تونس بضغوط مضاعفة على رئيس الجمهورية، صاحب مقترح تشكيل حكومة وحدة وطنية، بدعوته لتكليف شخصية جديدة لرئاسة هذه الحكومة حتى تحظى بأوسع وفاق وطني ممكن.
وعقدت الهيئة السياسية لحزب النداء اجتماعا لها خلصت من خلاله إلى ضرورة رحيل الحبيب الصيد، والاتفاق حول شخصية أخرى تتولى مقاليد رئاسة الحكومة. وأكدت القيادات السياسية لحزب النداء في تصريحات متتالية أنها ستواصل المشاورات مع باقي الشخصيات السياسية من أجل استكمال الحوار. واعتبرت الهيئة السياسية لحزب النداء أن البلاد في أمس الحاجة إلى إنجاز هذه المهمة (رئاسة حكومة الوحدة الوطنية) بأحسن الشروط، وفي أقرب وقت لأن الوضع لا يتحمل أي بطء، وذلك بالنظر إلى حجم التحديات والاستحقاقات المقبلة.
وفي السياق ذاته، وحتى لا يظهر رئيس حركة النهضة في صورة من يهاجم الحكومة الحالية، فقد أوكل المهمة وفق متابعين للشأن السياسي إلى لطفي زيتون مستشاره السياسي، الذي أكد أن رئيس الجمهورية هو الأقدر على تقييم الوضع في البلاد، موضحا أن السبسي لديه فكرة واضحة حول الوضع في تونس، يمكن اعتباره «غير إيجابي». كما أكد أن النهضة لم تناقش استقالة الصيد من عدمها، ولكنه دعا الحبيب الصيد إلى الاستقالة، على اعتبار أن الوضع السياسي لا يسمح بالتقدم وهو في حالة متأزمة.
واستبق حزب النداء وحركة النهضة الاجتماع، الذي عقده الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي مع رؤساء أحزاب الائتلاف الحاكم الأربعة، وحسين العباسي أمين الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، ووداد بوشماوي رئيسة اتحاد الصناعة والتجارة (نقابة رجال الأعمال)، بالتعبير عن مواقف سياسية متقاربة.
ووفق ما حصلت عليه «الشرق الأوسط» من معطيات حول فحوى الاجتماع الذي عقده الباجي، أمس بقصر قرطاج، فإن أكثر من سيناريو يبقى مطروحا للخروج من «ورطة» المقترح الرئاسي، والأقرب منها إلى الواقع هو تخلي الحبيب الصيد عن رئاسة الحكومة بصفة تلقائية دون اللجوء إلى الطرق الدستورية.
وعلى صعيد غير متصل، استأنفت شركات خطوط الطيران الليبية بداية من أمس رحلاتها نحو مطار تونس قرطاج الدولي في العاصمة التونسية، بواقع رحلة يومية من مطار معيتيقة، وثلاث رحلات أسبوعية لكل من مطاري الأبرق ومصراتة في ليبيا، وذلك بالنسبة لشركتي الخطوط الليبية والأفريقية.
وأعلن محمد الطاهر سيالة، وزير خارجية حكومة الوفاق المقترحة، موافقة السلطات التونسية على عودة الرحلات إلى مطار قرطاج عبر قاعة الركاب الرئيسية رقم 1. نزولاً عند رغبة شركات الطيران الليبية، التي تحفظت في وقت سابق على التشغيل من القاعة رقم 2.
أما من الجانب التونسي، فقد أكد أنيس غديرة وزير النقل التونسي، وجود هذا الاتفاق بين الطرفين، إثر الزيارة التي قام بها ميلاد معتوق وزير المواصلات الليبي إلى تونس، وأشار إلى موافقة السلطات التونسية على عودة الرحلات الجوية الليبية إلى مطار تونس قرطاج نزولا عند رغبة شركات الطيران الليبية، التي تحفظت في وقت سابق على هذه الخطوة
وارتفع معدل التنقل بين تونس وليبيا على مستوى معبر راس الجدير الحدودي، ووفق مصادر أمنية في المعبر المذكور، فإن عدد الوافدين الليبيين نحو تونس ارتفع كثيرا مقارنة مع الليبيين العائدين إلى بلادهم، بسبب توتر الأوضاع الأمنية في المناطق الليبية المتاخمة للحدود التونسية، وارتفاع وتيرة المواجهات.
وأفادت المصادر ذاتها أن معبر «الذهيبة - وازن»، المعبر الثاني الذي يربط بين تونس وليبيا، يشهد نسقا عاديا على مستوى حركة العبور في الاتجاهين، إلا أن الوحدات الأمنية والعسكرية تعرف حالة أكبر من اليقظة والجاهزية تحسبا لأي طارئ، خصوصا أن المنطقة تقع في الجانب الصحراوي المعروف بتنامي أنشطة تهريب البضائع والأسلحة.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.