الحكومة اليمنية تدرس السماح للقطاع الخاص باستيراد المشتقات النفطية

الحكومة اليمنية تدرس السماح للقطاع الخاص باستيراد المشتقات النفطية
TT

الحكومة اليمنية تدرس السماح للقطاع الخاص باستيراد المشتقات النفطية

الحكومة اليمنية تدرس السماح للقطاع الخاص باستيراد المشتقات النفطية

أكد مسؤول يمني رفيع، أن الحكومة اليمنية تدرس مشروعًا لفتح باب استيراد المشتقات النفطية أمام القطاع الخاص وفق ضوابط وشروط محددة، وذلك للإسهام في توفير هذه المواد وتحقيق الاستقرار في الأسواق المحلية.
وأوضح الدكتور أحمد باصريح نائب وزير النفط والمعادن اليمني لـ«الشرق الأوسط»، أن الحكومة اليمنية تدرس فتح باب الاستيراد للقطاع الخاص للإسهام في تموين المشتقات النفطية ووضع ضوابط وشروط ومرجعيات لهذا الاستيراد، مبينًا أن الحكومة تعكف على تفعيل إيجابيات هذا المقترح ومعالجة سلبياته قبل التنفيذ بما يضمن توفير المواد.
ولفت إلى أن فتح باب الاستيراد للقطاع الخاص لا يعني توقف شركة النفط اليمنية ومصافي عدن عن الاستيراد، بل ستظل هاتان الشركتان بدورهما الريادي والتاريخي في نشاط الاستيراد للنسبة الأكبر من المشتقات ولكن سيتم إعطاء القطاع الخاص دورًا معقولاً ومحدودًا في الاستيراد.
وكشف نائب وزير النفط والمعادن عن انفراج تدريجي في أزمة الوقود، مشيرًا إلى أن باخرة الديزل تكاد تستكمل تفريغها بالكامل وبدء الضخ إلى محطة الحسوة الكهروحرارية مباشرة، كما بدأت باخرة البنزين بضخ جزء من الكمية بعد التوصل إلى اتفاق مع المورد شركة عرب جلف، وتدخل رئيس الجمهورية في حل الخلاف القائم، والإشراف المباشر من قبل رئيس الوزراء.
وتابع: «سننزل كميات كبيرة من البنزين إلى السوق اليوم (أمس)، وسنستمر تباعًا في تفريغ الكميات المتبقية خلال الأيام القادمة».
يذكر أن محافظة عدن تواجه نقصًا حادًا في الوقود، وتسعى الحكومة لحل هذه الأزمة بشكل دائم قريبًا وإيجاد عدد من البدائل والحلول لآلية تموين المحافظة من المشتقات.
وأشار نائب وزير النفط والمعادن، أن العمل جارٍ لنقل شركة مصافي عدن إلى دورها الطبيعي والفعال في النشاط التجاري العالمي بتكرير النفط الخام ليس فقط للاستهلاك المحلي ولكن ارتباطًا بالنشاط التجاري الإقليمي والدولي.
وقال باصريح: «يعتبر برنامج تحديث مصافي عدن من المشاريع الاستراتيجية على مستوى اليمن وبرعاية القيادة السياسة للبلاد وهو ما يحقق طموح موظفي وعمال المصفاة بل جميع القطاعات والوحدات النفطية، وهذا المشروع الجبار يتطلب أولاً خروجنا من هذه الحرب والصراع محققين انتصارات وعودة والأمن والاستقرار وتوفير المناخ الاستثماري لتشجيع الشركات العالمية على المشاركة والدخول في شراكة استراتيجية طويلة الأمد».
وشدد على أن تأمين المشتقات البترولية لعموم مناطق اليمن يعد على رأس أولويات وزارة النفط والمعادن ولذلك جُهزّ ميناء مصافي عدن لاستقبال هذه المشتقات إضافة إلى إعادة تشغيل معدات استقبال وتخزين ونقل المشتقات البترولية، ويجري حاليًا تنفيذ وتقييم الإجراءات المتخذة من قبل وزارة النفط والمعادن لتأمين سوق المشتقات البترولية في عموم الجمهورية، ويعتبر توفير السيولة المالية بالعملة الصعبة وكذلك فتح الاعتماد المستندي لشراء المشتقات البترولية من الخارج أمرًا غير متيسر حاليًا لظروف معروفة، وتم وضع آلية تساعد شركة مصافي عدن وشركة النفط اليمنية فرع عدن للقيام بدورها الكبير ابتداء من شراء هذه المشتقات البترولية من الخارج إلى أن تصل إلى المواطن في جميع أنحاء اليمن.
وبشأن آلية تسعير المشتقات البترولية، أوضح نائب وزير النفط، أن ذلك يتم بموجب الأسعار العالمية تضاف إليها تكاليف ثابتة ومتغيرة وضرائب ورسوم حكومية بموجب النظام والقانون المتبع بما يضمن توفير هذه المشتقات بصورة دائمة ومستمرة في الأسواق المحلية دون تحميل موازنة الدولة أعباء دعم هذه المشتقات.
وتوقع نتائج إيجابية لهذه الآلية الجديدة، منها حماية الثروة النفطية للدولة وتحقيق الاستغلال الأمثل لها إذ يتوقع أن يشجع القرار على الحفاظ على الموارد وترشيد استهلاك الوقود ويساهم في المدى الطويل في تعديل النمط الاستهلاكي من خلال تشجيع استخدام وسائل النقل العام وحفز استخدام الوقود البديل ووسائل الطاقة التي تحافظ على البيئة.
ولفت إلى أن المشتقات النفطية هي قضية استهلاك شهري للوقود، حيث تمر شركة النفط اليمنية بمراحل شراء وتموين السوق بشكل شهري، وللمحافظة على الاستقرار التمويني يتم وضع برنامج زمني لشراء الوقود ودخول السفن ووضع في عين الاعتبار التغييرات والتقلبات العالمية لأسعار النفط الخام.
وأضاف أن شح الموارد المالية يجعل الوزارة تشتري بشكل شهري وليس ربع أو نصف سنوي، وهو ما قد يحقق مكاسب مالية عند توقيع صفقة الشراء وهذا ينتج عنه حدوث نقص من فترة وأخرى في تموين احتياجات السوق من المشتقات، كما أن هناك عوامل إضافية يجب أن يتم مراعاتها أثناء شراء المشتقات مثل مواسم الزراعة حيث يزيد استهلاك مادة الديزل للمعدات الزراعية المختلفة وهناك موسم الصيف حيث يزداد ضغط الاستهلاك للكهرباء، ويزداد حجم استهلاك الغاز المنزلي خلال شهر رمضان، وكل هذه العوامل توضع بعين الاعتبار عند وضع البرنامج التمويني الشهري للمشتقات النفطية.
وأكد أنه بمجرد أن يتم تفريغ محتوى البواخر من المشتقات النفطية تعود الدورة الشرائية من جديد، لوضع برنامج تمويني للشهر القادم يتم بموجبه دراسة العوامل التي قد تؤثر على البرنامج.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.