بلير وميجر يعتبران مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي «خطأ تاريخيًا»

بلير وميجر يعتبران مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي «خطأ تاريخيًا»
TT

بلير وميجر يعتبران مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي «خطأ تاريخيًا»

بلير وميجر يعتبران مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي «خطأ تاريخيًا»

وقف رئيس الوزراء الأسبق البريطاني المحافظ جون ميجر أمس، ومنافسه السياسي في التسعينات توني بلير، في تجمع لحث البريطانيين على التصويت للبقاء في الاتحاد الأوروبي.
ووضع ميجر وبلير خلافاتهما السياسية إلى جانب للتحذير من أن مغادرة الاتحاد الأوروبي ستكون «خطأ تاريخيًا»، وحذرا من أن الخروج من الاتحاد الأوروبي «سيعرض وحدة بريطانيا للخطر»، وسيؤدي إلى استفتاء جديد حول مستقبل اسكوتلندا، كما أنه يهدد الهدنة في آيرلندا الشمالية التي تحققت بصعوبة.
بدوره، قال بلير إنه «رغم أن آيرلندا الشمالية مستقرة ومزدهرة أكثر من أي وقت مضى، لكن هذا الاستقرار كان نتيجة أسس بنيت بشكل دقيق جدا». وأضاف: «نحن بالطبع قلقون حيال أي شيء يمكن أن يهدد هذه الأسس». وحذر رئيس الوزراء العمالي السابق من أن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيجعل من «الصعب أو المستحيل» الإبقاء على حدود مفتوحة بين آيرلندا الشمالية، التي ستصبح خارج الاتحاد، وبين جمهورية آيرلندا العضو في التكتل الأوروبي. وفي آيرلندا الشمالية، أنهى اتفاق «الجمعة العظيمة» الذي وقعه بلير في 1998 ثلاثة عقود من نزاع مسلح أسفر عن مقتل نحو 3500 شخص.
وأكد مدير حملة بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، ويليام ستراو لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه التدخلات تسلط الضوء في أوساط الخبراء الاقتصاديين وقادة العالم على أن مغادرة أوروبا ستضر اقتصاد بريطانيا والنفوذ في العالم»، وأضاف ستراو: «من الواضح أن بريطانيا أقوى وأكثر أمنا وأفضل داخل الاتحاد الأوروبي»، وتابع أن «حملة المغادرة يطلبون من الناخبين تجاهل تحذيرات ونصائح الخبراء والسياسيين».
في سياق متصل، ظهر زعيم مؤيدي الخروج، رئيس بلدية لندن السابق بوريس جونسون، ونيكولا ستورجن رئيسة وزراء اسكوتلندا المؤيدة لاستمرار الوضع الحالي، في مناظرة تلفزيونية مساء أمس. ولا تزال استطلاعات الرأي تظهر نتيجة متقاربة للمعسكرين، ويقول موقع «وات يو كاي ثينكس» أن مؤيدي البقاء يتقدمون بما معدله 51 في المائة، مقابل 49 في المائة لمؤيدي الخروج.
وعوض مؤيدو الخروج عن قسم من تأخرهم مؤخرا، لكنهم خسروا أمس تأييد النائبة المحافظة سارة ولاستون التي عبرت عن اشمئزازها من «أكاذيب» حملة «فوت ليف».
في سياق متصل، حذرت دراسة من أن هولندا ستتضرر بشدة في حال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، متوقعة انخفاض إجمالي الناتج المحلي في البلاد بنسبة 1.2 في المائة بحلول 2030، وخسارة تجارية بقيمة 10 مليارات يورو.
وقالت الدراسة التي أجراها «مكتب التخطيط المركزي» الهولندي الحكومي، إن «بريطانيا نفسها ستتضرر بشكل أكبر، حيث إن إعادة العلاقات التجارية بين لندن ودول الاتحاد الأوروبي ستستغرق سنوات» في حال إنهائها عضويتها في الاتحاد المؤلف من 28 بلدا.
وأضافت الدراسة أنه «في حال انسحبت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فإن ذلك سيؤثر على هولندا بشكل أكبر، مقارنة مع دول الاتحاد الأوروبي الأخرى بسبب علاقاتها الثنائية القوية مع بريطانيا». وأشارت إلى أن انخفاض حجم التجارة بين البلدين والتي يجري معظمها عبر بحر الشمال «يمكن أن يكبد هولندا خسارة تصل إلى 1.2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، أو 10 مليارات يورو (11.4 مليار دولار) بحلول 2030».



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.