نواب عراقيون: تصريحات الجعفري بشأن عمل سليماني «مستشارًا» إهانة للجيش

وزير الخارجية العراقي قال إن قائد «فيلق القدس» يعمل بعلم حكومة بغداد

قاسم سليماني مع هادي العامري قرب الفلوجة («الشرق الأوسط»)
قاسم سليماني مع هادي العامري قرب الفلوجة («الشرق الأوسط»)
TT

نواب عراقيون: تصريحات الجعفري بشأن عمل سليماني «مستشارًا» إهانة للجيش

قاسم سليماني مع هادي العامري قرب الفلوجة («الشرق الأوسط»)
قاسم سليماني مع هادي العامري قرب الفلوجة («الشرق الأوسط»)

أثارت تصريحات وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري، أول من أمس، بقوله إن قائد «فيلق القدس» الإيراني قاسم سليماني، يعمل مستشارا عسكريا لدى بغداد، حفيظة مسؤولين ونواب عراقيين. الجعفري تحدث في مؤتمر صحافي عقد في سفارة بلاده في العاصمة الأردنية عمان، وقال إن وجود قاسم سليماني على الأراضي العراقية بعلم من الحكومة لأنه يعمل مستشارًا.
وكان الجعفري قد زار الأردن على رأس وفد يضم عبد اللطيف الهميم، رئيس ديوان الوقف السني، والتقى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني. ولم يعلق الهميم الذي كان يقف إلى جانب الجعفري خلال المؤتمر الصحافي على ما أكده الجعفري، بل دعا (الهميم) «الدول العربية لدعم العراق في معركته ضد تنظيم داعش الإرهابي».
وتساءل محمد الكربولي، النائب عن «قوى التحالف»، (تكتل سني)، بزعامة أسامة النجيفي، وعضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أمس، عن الوجود الرسمي لسليماني في العراق، قائلاً: «لماذا الإعلان عن هذه الصفة بالذات.. مستشار عسكري لدى الحكومة العراقية، بينما يوجد مستشارون آخرون منهم أميركان وإيرانيون ومن دول أخرى»، مشددا على أن «سليماني لا يقوم بمهمة المستشار العسكري، بل هو يقود المعارك حاليا في الفلوجة، بينما هذه ليست مهمة المستشارين العسكريين، ومنهم الأميركان».
وأضاف الكربولي قائلا: «من بين الأسئلة التي يمكن أن تطرح على رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، حيدر العبادي: هل تقبل الحكومة العراقية بوجود مستشارين عسكريين عرب يمكن لهم أن يقوموا بالمهمة ذاتها التي يتصدى لها سليماني؟»، مشيرا إلى أن «المستشارين الأميركان الذين يقومون بتدريب العشائر العربية في الأنبار لا يقودون المعارك ولا يظهرون فيها ولا يعلن عن وجودهم خلال العمليات العسكرية إعلاميا، بل إن مهامهم تقتصر على التدريب وتقديم الاستشارات العسكرية والمعلومات الاستخبارية، ولهذا فإن مهمة ووجود سليماني في الفلوجة يتعديان وصفه مستشارًا عسكريًا». وأضاف قائلا: «هناك أيضا أبو مهدي المهندس في غرفة قيادة العمليات العسكرية لتحرير الفلوجة، ومن المؤكد أنهم يديرون العمليات العسكرية في تلك الغرف».
مصدر في سفارة الولايات المتحدة الأميركية في بغداد أوضح رأيهم بمشاركة سليماني وميليشيات «الحشد الشعبي» في معارك تحرير الفلوجة، بقوله: «نحن لا ننفي ولا نؤكد هذه المعلومات»، مضيفا في رسالة إلكترونية موجهة لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكومة العراقية هي المسؤولة عن قرار توزيع القطاعات العسكرية في ساحة المعركة، وإن دور الولايات المتحدة يقتصر على دعم القوات العراقية من خلال التحالف الدولي لمحاربة (داعش)، وذلك يتمثل بالنصح والمشورة والضربات الجوية والتدريب والتسليح وتوفير المعلومات الاستخباراتية».
من جهته، قال أثيل النجيفي، المحافظ السابق لنينوى، وقائد «الحشد الوطني» لتحرير الموصل، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن «الإعلان عن وجود سليماني في معارك الفلوجة وظهوره العلني فيها، يجب ألا يخرج عن وزير الخارجية العراقي، الجعفري، إلا إذا كان الهدف من هذه التصريحات هو التغطية على أمور مستترة لا نعرفها، وإلا فإن هذا الإعلان يعد أمرا غريبا للغاية».
واستنكر نهرو عبد الكريم الكسنزاني، أمين عام «تجمع الوحدة الوطنية العراقي»، المتآلف مع «كتلة الوطنية» بزعامة إياد علاوي، تصريحات الجعفري، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذا استفزاز لوطنية كل العراقيين، الشيعة والسنة والأكراد، واستفزاز للعراق الذي يفتخر بامتداداته العروبية، وإهانة بالغة لضباط الجيش العراقي من العرب والأكراد والتركمان، الجيش الذي حقق على طول تاريخه المجيد انتصارات عسكرية جبارة، خصوصا في الحرب العراقية - الإيرانية وقبلها في فلسطين، فالقيادات العسكرية التي تمت محاربتها وتهميشها بعد 2003 تتمتع بعلوم وقابليات قتالية عملية وأكاديمية معترف بها من كبرى الأكاديميات العسكرية في العالم»، متسائلا عن سبب «عدم تكليف ضباط الجيش العراقي المهمشين والموجودين حاليا، وبينهم ضباط قوات البيشمركة الكردية الذين يحققون انتصاراتهم ضد تنظيم داعش في إقليم كردستان العراق، بوصفهم مستشارين للقائد العام للقوات المسلحة، بدلا من تكليف ضابط إيراني معروف بعدائه للعراق وللعرب». وأضاف الكسنزاني، قائلا: «تصريحات الجعفري تعد إهانة أيضا للجيوش العربية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.