اقتصاد سنغافورة يتعثر متأثرًا بتباطؤ النشاط الصناعي

أكبر انخفاض فصلي في النمو منذ نحو ثلاث سنوات

ميناء الحاويات الضخم في سنغافورة والذي يعد أحد أهم الموانئ من نوعها على مستوى العالم (رويترز)
ميناء الحاويات الضخم في سنغافورة والذي يعد أحد أهم الموانئ من نوعها على مستوى العالم (رويترز)
TT

اقتصاد سنغافورة يتعثر متأثرًا بتباطؤ النشاط الصناعي

ميناء الحاويات الضخم في سنغافورة والذي يعد أحد أهم الموانئ من نوعها على مستوى العالم (رويترز)
ميناء الحاويات الضخم في سنغافورة والذي يعد أحد أهم الموانئ من نوعها على مستوى العالم (رويترز)

تراجع اقتصاد سنغافورة ليأتي في المرتبة الرابعة من حيث الاقتصاد الأكثر تنافسية في العالم، فيما ارتفع اقتصاد هونغ كونغ للمركز الأول لعام 2015 من المرتبة الثانية في عام 2014. وتراجع اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية للمركز الثالث خلال عام 2015، في حين انتقلت سويسرا مرتبتين من المركز الرابع إلى المركز الثاني. وذلك وفقًا لأحدث تقرير صادر عن مركز التنافسية العالمي.
ويقيس التقرير تنافسية الدول عبر أربعة محاور رئيسية، هي: الأداء الاقتصادي، والكفاءة الحكومية، وفعالية بيئة الأعمال، والبنية التحتية. وتندرج ضمن المحاور الأربعة 342 مؤشرًا فرعيًا تشمل مختلف الجوانب والعوامل التي تؤثر على هذه المحاور.
ويقول كريستوس كابليس، كبير الاقتصاديين في مركز التنافسية العالمي: «لقد كانت هناك تحسينات كبيرة في اقتصاد كل من هونغ كونغ وسويسرا في عام 2015، لكن في الاتجاه الآخر تراجع الأداء الاقتصادي لسنغافورة».
وتعتبر سنغافورة واحدة من أفضل البلدان عالميًا، وذلك بفضل انخفاض معدلات الجريمة، ولا يكاد يوجد فساد في القطاع العام. وتقع سنغافورة في مصب مضيق ملقا، حيث يمر من خلالها نحو 40 في المائة من التجارة العالمية، وهي ثاني أكبر ميناء للحاويات في العالم بعد شنغهاي، بل تعد أيضًا مركزًا للسفر الجوي الإقليمي والعالمي.
ولكن بصورة مُخيبة للآمال، تعثر اقتصاد سنغافورة في الربع الأول من عام 2016، مستمرًا في تسجيل أكبر انخفاض فصلي في النمو منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، متأثرًا بتباطؤ نشاط التصنيع بشكل حاد بفعل انخفاض الطلب في الخارج، الأمر الذي دفع بعض الاقتصاديين إلى خفض توقعاتهم للنمو في سنغافورة للعام بأكمله.
ونما اقتصاد سنغافورة بنسبة 1.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الأول من العام الحالي، دون تغيير عن الربع السابق، وفقًا للأرقام الصادرة عن وزارة التجارة والصناعة. وعلى أساس ربع سنوي معدل موسميًا، نما الاقتصاد بنسبة 0.2 في المائة، نزولا من 6.2 في المائة من النمو في الربع السابق.
ووفقًا للمسح ربع السنوي الصادر عن هيئة النقد في سنغافورة (ماس) في شهر مارس (آذار) الماضي، كان خبراء الاقتصاد في القطاع الخاص يتوقعون أن ينمو اقتصاد سنغافورة بنسبة 1.6 في المائة في يناير (كانون الثاني) حتي مارس، مقارنة بالربع نفسه من العام الماضي.
وظل النشاط الصناعي المحلي في سنغافورة في انكماش خلال مايو (أيار) للشهر الحادي عشر على التوالي، وجاءت أحدث بيانات مؤشر مديري المشتريات (PMI) - الصادرة الخميس الماضي - عند 49.8، دون تغيير عن قراءة شهر أبريل (نيسان)، وفقا لمعهد سنغافورة لإدارة المشتريات والمواد (SIPMM).
والقراءة فوق 50 تعني أن قطاع التصنيع في توسع، في حين أن القراءة تحت 50 تشير إلى انكماش. ويأتي الانكماش نتيجة للانخفاض الهامشي للطلبيات الجديدة والصادرات الجديدة، الذي يقابله زيادة هامشية في إنتاج المصانع.
وسجل مؤشر الإنتاج توسعًا هامشيًا بعد 10 أشهر من الانكماش، في حين أن أسعار مدخلات المواد الخام سجلت 11 شهرًا من الانكماش. وتراجع النشاط الصناعي في قطاع الإلكترونيات إلى 49.1 في شهر مايو، انخفاضا من 49.5 في أبريل. ويعزى انخفاض النشاط الصناعي إلى انخفاض الطلبيات والصادرات الجديدة، مع تباطؤ إنتاج المصانع، وانخفاض فرص العمل.
ويظل التحدي الأهم على مدى العقد المقبل هو الانتقال بنمو الاقتصاد السنغافوري إلى المستوى الأعلى. فخلال الخمس سنوات المُقبلة، من المتوقع أن يرتفع عدد المتقاعدين عن العمل عن الداخلين الجُدد إلى مجال العمل، وفقًا لتقديرات الحكومة السنغافورية. وبحلول عام 2025، وكنتيجة لأن سنغافورة تعتبر واحدة من أبطأ الدول نموًا في عدد المواليد، من المتوقع أن ينكمش عدد السكان. وبالمثل ستكون إجراءات العمل قاسية، ستتخارج الشركات الأجنبية من البلاد، وقد تصبح المعجزة الاقتصادية في سنغافورة في دفاتر التاريخ فقط.
ويعتبر الصعود الآسيوي، وتأثير التكنولوجيا الخارجية، والحاجة للعمال ذوي المهارات الأعمق والأكثر قدرة على التكيف، من بين التحديات الرئيسية التي تواجه سنغافورة في العقود المقبلة. وتعول سنغافورة في الـ50 عامًا المُقبلة على عمليات التصنيع المتقدمة، ومجالات الطيران والخدمات اللوجيستية، والعلوم التطبيقية والصحة، ونمو المدن الذكية والخدمات المالية.



المدير التنفيذي لـ«سيسكو» السعودية: استثماراتنا بالمملكة مستمرة لدعم جهودها في التحول الرقمي

TT

المدير التنفيذي لـ«سيسكو» السعودية: استثماراتنا بالمملكة مستمرة لدعم جهودها في التحول الرقمي

المدير التنفيذي لشركة «سيسكو السعودية» سلمان فقيه (تصوير: تركي العقيلي)
المدير التنفيذي لشركة «سيسكو السعودية» سلمان فقيه (تصوير: تركي العقيلي)

في ظل ما يشهده قطاع التقنية السعودي من قفزات في المؤشرات العالمية، أثبتت المملكة اهتمامها الكبير بالبنية التحتية لتقنية المعلومات، وهو ما انعكس إيجاباً على أعمال «سيسكو» العالمية للأمن والشبكات، حيث حقَّقت الشركة أداءً قوياً ومتسقاً مع الفرص المتاحة في البلاد، وقرَّرت مواصلة استثماراتها لدعم جهود السعودية في التحول الرقمي.

هذا ما ذكره المدير التنفيذي لشركة «سيسكو» في السعودية سلمان فقيه، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أكد فيه أن المملكة أثبتت قوة بنيتها التحتية وكفاءتها خلال جائحة «كورونا»، الأمر الذي أثّر إيجاباً على الشركة خلال السنوات الماضية.

و«سيسكو» هي شركة تكنولوجية مدرجة في السوق الأميركية، ومقرها الرئيس في وادي السيليكون بكاليفورنيا، وتعمل في مجال تطوير وتصنيع وبيع أجهزة الشبكات والبرامج ومعدات الاتصالات.

التحول الرقمي

وأشار فقيه إلى أن «سيسكو»، تسعى دائماً للعب دور بارز في دعم التحول الرقمي في السعودية من خلال استثمارات استراتيجية، ففي عام 2023، افتتحت الشركة مكتباً إقليمياً في الرياض، وذلك لدعم عملياتها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتعزيز حضورها في المملكة، لافتاً إلى أن الإدارة العليا عقدت اجتماعات رفيعة المستوى مع بعض متخذي القرار في القطاعَين الحكومي والخاص، خلال الشهر الماضي؛ لاستكمال الشراكة مع السوق المحلية.

وأضاف: «كانت هناك استمرارية لاستثمارات الشركة في برامج تسريع التحول الرقمي الهادف إلى دعم جهود المملكة في القطاعات الحيوية، وتطوير منظومة الابتكار».

وتابع فقيه قائلاً إنه منذ إطلاق برنامج التحول الرقمي عام 2016 في المملكة ضمن «رؤية 2030»، الهادف إلى تعزيز المهارات الرقمية وتنمية الابتكار، تم تنفيذ أكثر من 20 مشروعاً من قبل «سيسكو» ضمن هذا البرنامج في مجالات حيوية؛ مثل الرعاية الصحية، والتعليم، والمدن الذكية.

ونوّه الرئيس التنفيذي بالإنجازات التي حققتها المملكة في مجال التحول الرقمي، حيث تمكّنت من تحقيق تقدم ملحوظ في المؤشرات العالمية، وجاءت ثانيةً بين دول مجموعة العشرين في «مؤشر تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات» لعام 2024، بالإضافة إلى تصدرها في جاهزية أمن المعلومات.

الأمن السيبراني

وأوضح فقيه أن المملكة وضعت في مقدمة أولوياتها تعزيز الأمن السيبراني، لا سيما في ظل ازدياد الهجمات الإلكترونية في جميع أنحاء العالم. وقال: «الأمن السيبراني يمثل أحد التحديات الكبرى، ونعمل في المملكة لتوفير الحلول اللازمة لحماية البيانات والبنية التحتية الرقمية».

ولفت إلى الزيادة الكبيرة لاستثمارات الأمن السيبراني في المملكة. وأظهرت دراسة أجرتها «سيسكو» خلال العام الحالي أن 99 في المائة من المشاركين في الاستطلاع أكدوا زيادة ميزانياتهم الخاصة بالأمن السيبراني، في الوقت الذي تعرَّض فيه 67 في المائة منهم لحوادث أمنية في العام الماضي.

كما ذكر فقيه أن من التحديات الأخرى ما يتعلق بمجال الذكاء الاصطناعي، حيث كشفت دراسة حديثة لـ«سيسكو» أن 93 في المائة من الشركات السعودية لديها استراتيجيات خاصة بالذكاء الاصطناعي، لكن 7 في المائة منها فقط تمتلك الجاهزية الكاملة للبنية التحتية اللازمة لتطبيق هذه التقنيات.

القدرات التقنية

وفيما يتعلق بتطوير القدرات التقنية في المملكة، أوضح فقيه أن برنامج «أكاديميات سيسكو» للشبكات حقق تأثيراً كبيراً في السعودية، حيث استفاد منه أكثر من 336 ألف متدرب ومتدربة، بمَن في ذلك نسبة كبيرة من المتدربات تجاوزت 35 في المائة، وهي واحدة من أعلى النِّسَب على مستوى العالم.

أما في سياق التعاون بين «سيسكو» والمؤسسات الأكاديمية في المملكة، فأبرز فقيه الشراكة المستمرة مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية. وقال: «هذا التعاون يهدف إلى استخدام التقنيات الحديثة في تحسين البيئة التعليمية، وتمكين الكوادر الأكاديمية والطلاب من الاستفادة من أحدث الحلول التقنية».

وتطرَّق فقيه إلى التزام الشركة بالاستدامة البيئية، حيث تستهدف «سيسكو» الوصول إلى صافي انبعاثات غازات دفيئة صفرية بحلول 2040. وقال: «نعمل على تقديم حلول تقنية تراعي كفاءة استخدام الطاقة، والمساهمة في تحقيق أهداف المملكة نحو الحياد الصفري الكربوني».

وفي ختام حديثه، أشار فقيه إلى مشاركة «سيسكو» في مؤتمر «بلاك هات» للأمن السيبراني، الذي تستعد الرياض لاستضافته من 26 إلى 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بصفتها راعياً استراتيجياً. وأضاف أن الشركة تسعى من خلال هذه المشاركة إلى تعزيز التعاون مع العملاء والشركاء في المملكة؛ لتوفير حلول أمنية مبتكرة تضمن حماية البيانات، وتسهيل تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل آمن.