مجلس الأنبار يشكل لجنة لإطلاق سراح معتقلي الفلوجة لدى ميليشيا «الشعبي»

العثور على مقبرة جماعية تضم رفات 400 شخص في الصقلاوية و2500 سجين

أطفال ونساء من العوائل الهاربة من الفلوجة.. وفي الاطار طفلة عراقية تسقي اخاها عصيرا بعد هروبهم من المدينة أمس ({الشرق الأوسط})
أطفال ونساء من العوائل الهاربة من الفلوجة.. وفي الاطار طفلة عراقية تسقي اخاها عصيرا بعد هروبهم من المدينة أمس ({الشرق الأوسط})
TT

مجلس الأنبار يشكل لجنة لإطلاق سراح معتقلي الفلوجة لدى ميليشيا «الشعبي»

أطفال ونساء من العوائل الهاربة من الفلوجة.. وفي الاطار طفلة عراقية تسقي اخاها عصيرا بعد هروبهم من المدينة أمس ({الشرق الأوسط})
أطفال ونساء من العوائل الهاربة من الفلوجة.. وفي الاطار طفلة عراقية تسقي اخاها عصيرا بعد هروبهم من المدينة أمس ({الشرق الأوسط})

أعلن المجلس المحلي لناحية عامرية الفلوجة عن وصول 600 شخص من المطلق سراحهم الذين تم احتجازهم لدى ميليشيات «الحشد الشعبي» بعد خروجهم مع عائلاتهم من مدينة الفلوجة غرب بغداد. ووصفت حالة أولئك الصحية بالمتدهورة، إضافة إلى ظهور آثار تعذيب على أجسادهم. كما فارق ستة منهم الحياة، حيث لم يستجيبوا للعلاج في مستشفى الناحية. وأشار المجلس إلى أن قلة الدعم الحكومي للناحية كان عائقا دون استطاعتها استيعاب عدد أكبر من النازحين في موجة النزوح الكبرى لأهالي مدينة الفلوجة.
وقال رئيس مجلس ناحية عامرية الفلوجة، شاكر العيساوي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «عددا من نواب البرلمان العراقي وأعضاء في مجلس محافظة الأنبار شكلوا خلية عمل من أجل إطلاق سراح مئات المعتقلين لدى فصائل مسلحة تابعة لـ(الحشد الشعبي)، بعد أن تم احتجازهم أثناء خروجهم مع عائلاتهم من مدينة الفلوجة». ولا يزال أكثر من 2500 معتقل يقبعون في سجون ومعتقلات مجهولة، بينهم 1400 شخص تم اعتقالهم في وقت سابق عند معبر الرزازة. فيما العدد المتبقي هم من أهالي مدينة الفلوجة الذين تمكنوا من الهرب مع عائلاتهم من قبضة تنظيم داعش.
وأشار العيساوي إلى أن ناحية عامرية الفلوجة لم تعد قادرة على استيعاب مزيد من النازحين من أهالي الفلوجة، بسبب انعدام وجود المواد الغذائية والإغاثية. كما أن أبنية المدارس والجوامع تعج بالنازحين، حيث وصلت أكثر من 2850 عائلة، أي ما يفوق 12 ألف شخص، لتنضم إلى نحو ألفي عائلة كانت قد نزحت قبل بدء عمليات تحرير الفلوجة. ويفترش النازحون الأرض في ظل ظروف قاسية مع تصاعد درجات الحرارة وحلول شهر رمضان المبارك. وأضاف العيساوي: «هذه المعاناة ستتسبب بكارثة وأزمة إنسانية مع تصاعد أعداد النازحين ووصولهم بشكل يومي إلى ناحية العامرية. وكان مجلس وحكومة الأنبار قد اتفقت أن يتم استيعاب النازحين من مدينة الفلوجة إلى قضاء الخالدية وناحية العامرية. لكن موجة النزوح هي الآن بالكامل صوب ناحية العامرية، بسبب إغلاق المسلحين الطرق بالكامل في غرب الفلوجة، مما جعل الأهالي يتجهون إلى عبور نهر الفرات والتوجه صوب عامرية الفلوجة».
ووصلت كميات من المواد الطبية والغذائية إلى ناحية العامرية من قبل بعض المنظمات الإنسانية ووزارة الهجرة. كما وصلت أولى الشحنات من المساعدات المقدمة من قبل المملكة العربية السعودية بمبادرة الملك سلمان بن عبد العزيز. وأكد العيساوي أنه لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من المعونات للخروج من الأزمة الإنسانية الراهنة وإلى وصول الشحنات الأخرى من المساعدات التي قدمتها المملكة والموجودة حاليًا في مخازن ببغداد.
ميدانيًا، أعلن مصدر أمني في قيادة العمليات المشتركة عن العثور على مقبرة جماعية تضم رفات أكثر من 400 شخص من المدنيين والعسكريين في ناحية الصقلاوية شمال مدينة الفلوجة. وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «جميع الجثث التي تم انتشالها من المقبرة الجماعية بدت عليها آثار عيارات نارية في الرأس. ومن المرجح أن يكون التنظيم الإرهابي قام بإعدام الضحايا خلال عامي 2014 و2015 عندما كان يقوم بقتل المدنيين المتعاونين مع القوات الأمنية، فضلاً عن قتل الجنود العراقيين الذين يحتجزهم خلال المعارك شمال الفلوجة».
وأشار المصدر إلى أن «القوات الأمنية العراقية قامت بفتح المقبرة وانتشال الجثث، ومن ثم تم نقلها إلى دائرة الطب العدلي للتعرف على أصحابها وتسليمها إلى ذويهم».
وكانت القوات الأمنية العراقية قد استعادت السبت 4 يونيو (حزيران) 2016 ناحية الصقلاوية، الواقعة شمال الفلوجة، وتبعد 65 كيلومترا عن غرب العاصمة بغداد، وذلك ضمن الحملة العسكرية التي بدأت في 23 مايو (أيار) 2016 لاستعادة الفلوجة، ثاني أكبر مدن محافظة الأنبار من قبضة تنظيم داعش. فيما تمكنت خلال الحملة من استعادة معظم المناطق والبلدات المحيطة بالفلوجة، لكنها تتقدم ببطء نحو مركز المدينة.
من ناحية أخرى، قال الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، قائد عمليات تحرير مدينة الفلوجة، إن «القوات الأمنية تمكنت من الدخول إلى مناطق جبيل وحي الشهداء في داخل مدينة الفلوجة انطلاقًا من المحور الجنوبي. حيث تدور معارك عنيفة في تلك المناطق بين قواتنا الأمنية التي يقودها جهاز مكافحة الإرهاب وبين مسلحي تنظيم داعش. بينما تشن طائرات التحالف الدولي غارات كثيفة على مواقع التنظيم الإرهابي من أجل مواصلة عمليات التقدم». وأضاف الساعدي: «تمكنت قوات أخرى تابعة لقيادة عمليات الأنبار وبمشاركة مقاتلي العشائر من تحرير منطقة البو هوى عند مشارف مدينة الفلوجة. وتعد هذه المنطقة ذات أهمية كبرى كونها أحد أهم معاقل تنظيم داعش، التي يستخدمها التنظيم في قصف القوات الأمنية بواسطة الصواريخ وقذائف الهاون وقصف المدنيين أيضًا في ناحية العامرية».
من جانبه، دعا مفتي العراق الشيخ، الدكتور مهدي أحمد الصميدعي، إلى التكاتف ووحدة الصف ودعم القوات المشتركة العراقية التي تقاتل الإرهاب «لتحرير الأراضي المغتصبة من عصابات (داعش)». وقال الصميدعي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «على الحكومة العراقية أن تبذل قصارى جهدها لحماية وإنقاذ أهالي الفلوجة الصابرين الصامدين، وإنقاذ النساء والأطفال والشيوخ النازحين الهاربين من سطوة الإرهاب، والتعامل مع الشباب والرجال بمستوى المسؤولية والأخلاق التي يحملها العراقيون الشرفاء جميعا، ومنع أي انتهاكات بحقهم».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.