الحكومة اللبنانية تكلف أجهزتها بتنفيذ خطة أمنية في طرابلس والبقاع

5 جرحى في غارات سورية على عرسال.. وثلاثة قتلى بينهم عسكري في الشمال

الرئيس ميشال سليمان مترئسا جلسة مجلس الوزراء أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال سليمان مترئسا جلسة مجلس الوزراء أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

الحكومة اللبنانية تكلف أجهزتها بتنفيذ خطة أمنية في طرابلس والبقاع

الرئيس ميشال سليمان مترئسا جلسة مجلس الوزراء أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال سليمان مترئسا جلسة مجلس الوزراء أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)

قررت الحكومة اللبنانية في جلستها الأولى بعد نيلها الثقة الأسبوع الماضي تنفيذ الخطة الأمنية التي وضعها المجلس الأعلى للدفاع في المناطق المتوترة، لا سيما طرابلس والبقاع، إضافة إلى تسليم «داتا» الاتصالات وتشكيل لجنة لمتابعة موضوع النازحين السوريين، في وقت ساد فيه أمس الهدوء الحذر على جبهة طرابلس إثر سقوط ثلاثة قتلى بينهم مؤهل في الجيش، و3 جرحى، وإصابة 5 أشخاص، في غارات استهدفت منطقة عرسال في البقاع على الحدود السورية.
وعقد مجلس الوزراء جلسته في قصر بعبدا قبل ظهر أمس برئاسة سليمان، وبدعوة من رئيس الحكومة تمام سلام وحضوره، وحضور الوزراء، ووافق خلالها على قرارات عدة أهمها تنفيذ الخطة الأمنية، وبحث في جدول أعمال من 72 بندا بالإضافة إلى بنود طارئة، فيما تأجّل البت في البند المتعلق بتحويل فرع المعلومات إلى «شعبة»، إضافة إلى التجديد لنواب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى الجلسة المقبلة التي ستعقد الاثنين.
وبحسب المقررات التي أعلنها وزير الإعلام رمزي جريج، كلفت الحكومة الجيش وقوى الأمن الداخلي والأجهزة المختلفة بتنفيذ خطة لضبط الوضع الأمني ومنع الظهور المسلح واستعمال السلاح بكل أشكاله ومصادرة مخازن السلاح في طرابلس وأحيائها وجبل محسن، وتنفيذ الإجراءات كافة لتوقيف المطلوبين، وتنفيذ الاستنابات القضائية في هذه الأعمال وفي عمليات الخطف والابتزاز وسرقة السيارات وعمليات التزوير في مناطق البقاع الشمالي، وضبط الأوضاع الأمنية في هذه القرى، واستعمال كل الوسائل اللازمة لتنفيذ هذه الخطة.
كما أكّدت الحكومة التزامها بمتابعة تنفيذ المشاريع التي تحتاجها طرابلس ومنطقتها، والتي خُصص لها مبلغ 100 مليون دولار، والمقررة ضمن خطة إنماء مختلف المناطق اللبنانية، وتفعيل العلاقة مع الهيئات الاقتصادية والمجتمع المدني لإعداد ورقة عمل تفصيلية لمجموعة من المشاريع والبرامج التي تؤمن انخراط الشباب في تنفيذها، بموازاة العمل على إقرار تعيين مجالس إدارة مرفأ طرابلس ومعرض رشيد كرامي الدولي والمنطقة الاقتصادية الخاصة وتطوير أنظمتها، بما يسمح بمشاركة القطاعات المختلفة في انطلاقتها.
وفي قضية النازحين السوريين الذين قارب عددهم على المليون ونصف المليون في لبنان، في غياب خطة لتنظيم وضعهم، كلّف رئيس مجلس الوزراء بتأليف لجنة وزارية لمتابعة هذا الملف في ضوء المستجدات الطارئة على هذا الصعيد، وطلب سليمان من وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وضع آلية لمتابعة خلاصات مجموعة الدعم الدولية والقرارات الصادرة عن القمة العربية والصندوق الائتماني.
وأقرّت الحكومة بتسليم «داتا الاتصالات» مع تحفظ وزراء «حركة أمل» واعتراض وزراء حزب الله والتيار الوطني الحر، وكلّفت وزيري الدفاع والداخلية برفع اقتراحاتهما بحاجات الجيش وقوى الأمن الداخلي للتطويع تمهيدا لاتخاذ القرارات اللازمة بشأنها. وأكدت كذلك تأكيد استكمال وتطوير برنامج دعم الزراعات البديلة والمشاريع المرتبطة بها وصرف المخصصات المقررة لها لمناطق البقاع بما يؤمن معيشة واستقرار أبناء المنطقة.
وكان الرئيس اللبناني ميشال سليمان قد تناول في كلمة له خلال افتتاحه الجلسة الوضع الأمني الذي خصص جلسة له مع القادة الأمنيين، وكذلك جلسة للمجلس الأعلى للدفاع أول من أمس التي اتخذ فيها قرارات تبقى سرية وتوصيات ترفع إلى مجلس الوزراء، انطلاقا من أن واجبات المجلس الأعلى للدفاع هي اتخاذ الإجراءات لتنفيذ السياسة العامة التي يقرها مجلس الوزراء.
ورأى سليمان أن «الوضع الأمني بات يستوجب معالجة جذرية، وما دامت القوى العسكرية والأمنية في موقع الفصل بين المتقاتلين فإنها عرضة أكثر فأكثر للهجوم عليها، لذلك باتت المعالجة ملحة، والأمر لم يعد مقبولا».
وتحدث سليمان عن مؤتمر القمة العربية في الكويت، مشيرا إلى أنه «كان اجتماعا للبنان بامتياز، حيث أعلنت القمة تضامنها مع لبنان في موضوع النازحين واللاجئين الفلسطينيين، ودعم الجيش والمجموعة الدولية لدعم لبنان، وتبني إعلان بعبدا، والمحكمة الدولية الخاصة، وموضوع مقاومة الاحتلال»، لافتا إلى أن «البيان الختامي للقمة دعا الدول القادرة إلى أن تقتدي بالمملكة العربية السعودية لدعم الجيش».
وتطرق كذلك إلى موضوع العنف ضد المرأة وضد الأطفال، مطالبا بالحزم الكامل في هذا الموضوع، لافتا إلى أنه «علينا إظهار الوجه الحضاري في هذا الموضوع».
وكان هناك كذلك كلمة لرئيس الحكومة تمام سلام، أكد فيها أن الموضوع الأمني يجب أن يكون الأولوية من بين اهتمامات الحكومة، على أن تترافق المعالجة الأمنية مع خطة إنمائية. وشدد أيضا على ضرورة اعتماد سياسة عامة حول موضوع النزوح.
في موازاة ذلك، شهدت منطقتا طرابلس والبقاع أمس توترا أمنيا، إذ سقط 5 جرحى في غارات شنها الطيران الحربي السوري على الجبال المحيطة بعرسال الحدودية (شرق لبنان)، نقلوا إلى المستشفى الميداني في البلدة، وفق ما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام، فيما قتل المؤهل في الجيش اللبناني فادي جبيلي بعد إطلاق النار عليه أثناء توجهه إلى عمله في طرابلس (شمال لبنان)، ونجا العريف في قوى الأمن الداخلي سامر دندشي من إطلاق النار عليه أيضا في مدافن باب الرمل بطرابلس.
وأشارت بعض المعلومات إلى إلقاء القبض على مواطن سوري مشتبه به في قتل الجبيلي، فيما أعلنت قيادة الجيش عن تولي الشرطة العسكرية التحقيق في الحادث. وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام بسماع إطلاق عيارات نارية في محلة محرم في المدينة، تبين أنها ناتجة عن قيام وحدات الجيش بدهم ومطاردة مشتبه بهم، بإطلاق الرصاص على الجبيلي.
وشهدت أمس كذلك مدينة طرابلس تبادلا لإطلاق النار بين منطقتي جبل محسن (ذات الغالبية العلوية) وباب التبانة (ذات الغالبية السنية) في طرابلس، سقط خلالها جريحان، وذلك بعدما عاشت المدينة ليلة من الهدوء الحذر لم تتوقف خلال عمليات القنص المتبادل بين المنطقتين، والتي أدت إلى مقتل الطفل أحمد السيد في باب التبانة، على خلفية مقتل حسن مظلوم داخل سيارته التي انحرفت واصطدمت بامرأة كانت تمر في المنطقة وتوفيت على الأثر.
وكانت الجولة العشرون من المعارك في طرابلس قد توقفت الأسبوع الماضي، بعدما أدت خلال عشرة أيام إلى سقوط 28 قتيلا ونحو 150 جريحا، علما بأن طرابلس تشهد توترا أمنيا منذ عام 2008، زادت وطأته على وقع الأزمة السورية والانقسام السياسي بين منطقتي جبل محسن المؤيدة للنظام السوري وباب التبانة الداعمة للمعارضة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.