«قروض التعليم العالي» محور جدل جديد في الولايات المتحدة

الإدارة الأميركية تحث الدائنين على التشدد في منح القروض الجامعية

وزارة التعليم الأميركية دعت وكالات الإقراض للتدقيق في مراجعتها للكليات والجامعات التي تتعامل معها
وزارة التعليم الأميركية دعت وكالات الإقراض للتدقيق في مراجعتها للكليات والجامعات التي تتعامل معها
TT

«قروض التعليم العالي» محور جدل جديد في الولايات المتحدة

وزارة التعليم الأميركية دعت وكالات الإقراض للتدقيق في مراجعتها للكليات والجامعات التي تتعامل معها
وزارة التعليم الأميركية دعت وكالات الإقراض للتدقيق في مراجعتها للكليات والجامعات التي تتعامل معها

في الوقت الذي دعا فيه المشرعون في الولايات المتحدة وزارة التعليم للتدقيق في مراجعتها للدائنين، دعت الوزارة بدورها وكالات الإقراض للتدقيق في مراجعتها للكليات والجامعات التي تتعامل معها.
وأرسل وكيل وزارة التعليم تيد ميشيل خطابًا قبل أيام للوكالات الدائنة المعترف بها من قبل الوزارة لحثها على التشديد لأقصى مدى يسمح به القانون في مراقبة أداء الطلاب وكذلك المعاهد المتعثرة. واشتمل الخطاب على إرشادات تفصيلية أشبه بـ«التعليمات» بشأن اختبار الكليات، مع التأكيد على القياسات الكمية، مثل معدلات البقاء في الدراسة بالكلية، والتخرج، ومعدلات التخلف الدراسي للمستفيدين من القروض الطلابية، إذ إن من شأن ذلك أن يؤكد للوكالات المقرضة قدرتها على زيادة الضغط على الكليات المتعثرة.
«يحتاج الدائنون لاستخدام كل الأدوات المتاحة تحت تصرفهم لرصد المعاهد الدراسية واتخاذ القرارات ضد الكليات التي تعرض مصير الطلاب ودافعي الضرائب للخطر»، وفق رسالة بالبريد الإلكتروني من وكيل وزارة التعليم، مضيفًا: «الدائنون لا يتمتعون بالمرونة فحسب، بل أيضًا يتحملون مسؤولية التركيز على المعاهد العلمية التي تشكل الخطر الأكبر».
وتعتمد الحكومة على الدائنين من القطاع الخاص قبل إعطاء ختم الموافقة على برامج الكليات، ويصبح القطاع الخاص بمقتضى ذلك مسؤولاً عن الدعم المالي الذي يمثل شريان الحياة للكليات والجامعات.
ويتعين على الدائنين إجراء تحريات دقيقة على مرافق الكليات، ومعدلات البقاء في السنوات الدراسية ومستوى التدريس، وذلك كي يتأكد دافعو الضرائب أن أموالهم تذهب لكليات ذي مستوى تعليمي راقٍ. غير أن الطريقة التي تقرر بها الوكالات الدائنة دخول وخروج الطلاب من برامج القروض الطلابية الفيدرالية ليست واحدة، مما يؤدي إلى وجود نظام تقييم غير موضوعي.
وتضع الوكالات الدائنة شروطها الخاصة التي تخضع لتقييم هيئة استشارية بوزارة التعليم، وذلك قبل اعتماد القروض، إلا أن الوزارة لا تستطيع الجزم بأنها على دراية كاملة بطريقة عمل تلك الجهات المقرضة.
وقال جوديث إيتون، رئيس مجلس اعتماد التعليم العالي الذي يمثل الكليات ويمثل 62 جهة دائنة: «يهمنا الوصول لنوع من التوازن»، مضيفًا: «نريد التأكد أن الميزات الثمينة للاعتماد، ومراحل استعراض النظراء، وتقييم الأكاديميين لزملائهم من الأكاديميين لم تذهب أدراج الرياح.. نتطلع إلى تعزيز استقلالية عملية تصديق الكليات في نفس الوقت الذي نعمل فيه جنبًا إلى جنب مع الحكومة الفيدرالية».
ويعارض الكونغرس منح وزارة التعليم سلطات أوسع لجهات الاعتماد، إذ إنه يتحتم على وزارة التعليم مراجعة أداء تلك الجهات بصفة منتظمة للتأكد من أدائها واجبها، ويحق لوزير التعليم حرمان الجهة المانحة من حقها في منع القروض بسحب اعترافها بالهيئة المقرضة، وهو خيار نادرًا ما يلجأ إليه.
بينما يود عدد من أعضاء مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي رؤية هذا التغيير، ففي الأسبوع الماضي، أرسل المشرعون من الحزب الديمقراطي، منهم باتي مور العضو البارز في لجنة التعليم بمجلس الشيوخ، رسالة إلى وزير التعليم جون بي كينغ، يحثون فيها وزارته على التشديد على الجهات المقرضة.
«الدائنون غير القادرين على تحمل مسؤولياتهم لا يؤتمنون كمشرفين على صناديق القروض الدراسية الحكومية ولا يجب على وزارة التعليم الاعتراف بهم»، بحسب عضو مجلس الشيوخ. الذي أضاف أنه من الضروري للوزارة المشاركة في مراجعة شاملة لتحديد ما إذا كان الدائنون يطبقون معايير واشتراطات صارمة لتقييم مستوى الإنجاز الدراسي والأكاديمي للطلاب أم لا.
ويتمنى المشرعون الإعلان عن مستندات تقييم ومراجعة أداء تلك الجهات المقرضة، بما في ذلك قرارات الحظر، وأسماء الأشخاص المنوط بهم القيام بالمراجعة، وغيرها من الوثائق التي تغطي كل عمليات الإقراض لأي كلية جرى إغلاقها. وتطالب الرسالة مسؤولي الوزارة بتوفير مزيد من المعلومات عن دخل الطلاب من تلك القروض لقياس فاعلية القروض.
وطالب تقرير صدر أخيرًا عن مكتب المحاسبة الحكومية بالتحقيق في مدى فاعلية وجدية وكالات الإقراض، واكتشف الباحثون أنه خلال الفترة من 2009 إلى 2014 لم يحرم سوى واحد في المائة فقط من الكليات من القروض الدراسية، وأن 8 في المائة لم يفرض عليها أي حظر. وحتى عندما اتخذ المقرضون بعض الإجراءات، اقتصر الأمر على بعض الكليات ذات الأداء الدراسي الضعيف والتحصيل الطلابي المتدني، ولم يطل الحظر الكليات ذات النتائج الجيدة. وانتقد النقاد الوضع بقولهم إنه ما دامت الإجراءات لا تزال تقف على المحك، فإن الدائنين يستمرون في إعطاء فرص لا نهاية لها للكليات كي تحل مشكلاتها. ويجادل النقاد في أنه بالنسبة للكليات التي تقيم المستوى من خلال المصروفات الدراسية، فإن الأمر يشوبه تضارب في المصالح.
ولم يصل تقرير «جي إي أو» لدليل للدائنين المحليين، الذين يمثلون حراس البوابة الذين يقفون بين الكليات ومليارات الدولارات التي تقدم كمعونة فيدرالية حكومية تنظر دومًا للتسرب الدراسي والتخرج ومعدلات الرسوب كمؤشر حقيقي لمراجعتهم. ووصل التقرير لاستنتاج أن أغلب الدائنين المحليين الذين يعتمدون البرامج نادرًا ما ينظرون لأي مقاييس كمية للنتائج الطلابية.
بالإضافة إلى هذه النتائج، فقد فجرت مشكلة كليات كورنيثان كوليدجز ذات المصروفات الدراسية الباهظة الأخطاء الكبيرة في نظام الإقراض الذي ترك النظام برمته عرضة لانتقادات حادة. واحتفظت كورنيثان كوليدجز التي تدير كليات إيفيريست، وهيلد كوليدج، وواي تيك، بصلاحية الإقراض حتى بعد توقف الحكومة عن اعتماد قروضها ومنحها الطلابية بسبب زيف إجراءات توظيف الطلاب بعد التخرج والدرجات الدراسية للطلاب. وتعتبر مؤسسة الإقراض الوطنية، أو ما يعرف بمجلس إقراض الكليات، مسؤولة عن كل تلك السلسلة لسنوات طويلة، حتى بعدما اتهمتها الدولة والسلطات الفيدرالية بالكذب على الطلاب وخداعهم.
«لم تتخذ تلك المؤسسة يومًا خطوات حقيقية للتأكد من مصداقية كليات كورنيثان التي زيفت ادعاءات التوظيف»، بحسب أعضاء مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي، وأضافوا أن «هذا الفشل كان من الممكن تجنبه، إذ إن هذه الإجراءات ليست نتيجة سوء الإدارة التي يتولاها شخص واحد، لكن بسبب عدم وجود رؤية لإدارة عمل مؤسسي متكامل».
وفى أعقاب انهيار منظومة كليات كورنيثان، أعلنت إدارة الرئيس أوباما سلسلة من الإجراءات التنفيذية لإصلاح عملية الإقراض لجعلها أكثر شفافية عن طريق نشر البيانات والمعلومات عن الكليات التي تقرر خضوعها لتدقيق صارم شرطًا لاستمرار منح القروض لطلابها. ويعتبر خطاب الأسبوع الماضي استمرارًا لهذا الجهد، وكان رد فعل الدائنين تجاهه متباينًا.
ويقول الدائنون: «سمعنا أننا نتمتع بقدر من المرونة، فلماذا تتدخل الوزارة في عملنا إذن؟ في نفس الوقت، فإن مدى الحرية الممنوحة لنا لا يزال غير واضح، ولذلك يتعين على وزارة التعليم إعطاؤنا بعض الإرشادات التي قد تساعدنا»، وفق إيتون.
وأضاف إيتون أن التأكيد على اجتهاد الطالب موجود في أشكال كثيرة ولمدة طويلة، ويستفيد الدائنون من إجراءات النتائج، فقد أصبح عدد من الدائنين أكثر شراسة في تقييمهم لإكمال الدرجات العلمية ومعدلات التسرب الطلابي وإجراءات تقييم نوعية الأداء الأكاديمي. وأشارت إحدى النقاط في خطاب أعضاء مجلس الشيوخ إلى أن بعض الدائنين بدأوا في استخدام عدد أكبر من بيانات نتائج الطلاب.
وتابع إيتون: «نرى أمامنا حقيقة تقول إن لدينا مؤسسة تعليمية جامعية متكاملة قيمة، وتعتبر القروض الطلابية جزءًا من قصة النجاح تلك»، متسائلاً: «هل علينا أن نبذل مزيدًا من الجهد؟ هل علينا أن نغير من أسلوبنا؟ الإجابة نعم، لكن أتمنى أن نعترف بنقاط القوة التي تتمثل في قدراتنا ومساهماتنا التي نقدمها لمنظومة التعليم الجامعي».
* خدمة «واشنطن بوست»
ــ خاص بـ {الشرق الأوسط}



جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة
TT

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

تم تصنيف جامعة ياغيلونيا في مدينة كراكوف البولندية كأفضل مؤسسة تعليمية جامعية في البلاد، إلى جانب كونها واحدة من أعرق الجامعات في العالم. بدأت قصتها عام 1364 عندما نجح الملك كازيمير الأعظم بعد سنوات طويلة في إقناع البابا أوربان الخامس بمنح تصريح لإنشاء مؤسسة للتعليم الجامعي في مدينة كراكوف، قام الملك بتمويلها بعائدات مناجم فياليتشكا الملحية القريبة.
بعد ثلاث سنوات كان الجرس يدق في أرجاء المؤسسة معلناً عن بدء الدروس والتي كانت في الفلسفة والقانون والطب. وبدأت الجامعة، التي كان أول اسم يطلق عليها هو أكاديمية كراكوف، في الازدهار والنجاح خلال القرن التالي عندما بدأت في تدريس الرياضيات واللاهوت والفلك، حيث جذبت تلك المواد الباحثين والدارسين البارزين من مختلف أنحاء أوروبا. وتطلب توسعها بخطى سريعة إنشاء حرم جامعي أكبر. وقد التحق نيكولاس كوبرنيكوس، الذي أحدث بعد ذلك ثورة في فهم الكون، بالجامعة منذ عام 1491 حتى 1495.
مع ذلك، لم يستمر ما حققته الجامعة من نجاح وازدهار لمدة طويلة كما يحدث طوال تاريخ بولندا؛ ففي عام 1939 احتل النازيون مدينة كراكوف وألقوا القبض على الأساتذة بالجامعة وقاموا بنقلهم إلى معسكري التعذيب زاكزينهاوسين، وداخاو؛ ولم يعد الكثيرون، لكن من فعلوا ساعدوا في تأسيس جامعة مناهضة سرية ظلت تعمل حتى نهاية الحرب. كذلك اضطلعت جامعة ياغيلونيا بدور في الاحتجاجات المناهضة للنظام الشمولي في الستينات والثمانينات، واستعادت حالياً مكانتها المرموقة كمؤسسة لتدريب وتعليم النخبة المتعلمة المثقفة في بولندا.
ساعد انضمام بولندا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 في زيادة موارد الجامعة، وفتح أقسام جديدة، وإنشاء مرافق أفضل منها ما يسمى بـ«الحرم الجامعي الثالث» أو «الحرم الجامعي للذكرى الـ600» في منطقة بيخوفيسه. وبلغ عدد الملتحقين بالجامعة في 87 برنامجا دراسيا خلال العام الدراسي 2015-2016 47.494 طالباً.
وطوال قرون التحق خلالها عدد كبير من الطلبة بالجامعة، كان التحاق أول طالبة بالجامعة يمثل حدثاً بارزاً، حيث قامت فتاة تدعى نوفويكا، بالتسجيل في الجامعة قبل السماح للفتيات بالالتحاق بالجامعة بنحو 500 عام، وكان ذلك عام 1897، وتمكنت من فعل ذلك بالتنكر في زي شاب، وكانت الفترة التي قضتها في الدراسة بالجامعة تسبق الفترة التي قضاها زميل آخر لحق بها بعد نحو قرن، وكان من أشهر خريجي الجامعة، وهو نيكولاس كوبرنيكوس، الذي انضم إلى مجموعة عام 1492، وربما يشتهر كوبرنيكوس، الذي يعد مؤسس علم الفلك الحديث، بكونه أول من يؤكد أن الأرض تدور حول الشمس، وهو استنتاج توصل إليه أثناء دراسته في الجامعة، ولم ينشره إلا قبل وفاته ببضعة أشهر خوفاً من الإعدام حرقاً على العمود. من الطلبة الآخرين المميزين كارول فويتيالا، والذي يعرف باسم البابا يوحنا بولس الثاني، الذي درس في قسم فقه اللغة التاريخي والمقارن بالجامعة.