مجلس الوزراء اليمني: كنا ننتظر الأمم المتحدة لتحاكم الانقلابيين وليس الاستشهاد بإحصاءاتهم المضللة

قالت إن وحشية الميليشيات تؤكد تحديها المجتمع الدولي والقرارات الأممية

جانب من اجتماع مجلس الوزراء اليمني الذي انعقد في الرياض أمس (سبأ)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء اليمني الذي انعقد في الرياض أمس (سبأ)
TT

مجلس الوزراء اليمني: كنا ننتظر الأمم المتحدة لتحاكم الانقلابيين وليس الاستشهاد بإحصاءاتهم المضللة

جانب من اجتماع مجلس الوزراء اليمني الذي انعقد في الرياض أمس (سبأ)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء اليمني الذي انعقد في الرياض أمس (سبأ)

قال مجلس الوزراء اليمني، إنه كان ينتظر من الأمم المتحدة أن تبادر للمطالبة بمحاكمة الانقلابيين جراء ارتكابهم جرائم ومجازر وحشية ضد المدنيين منذ انقلابها على الشرعية الدستورية مطلع العام الماضي، وليس وضع تحالف عربي دافع ويدافع عن أشقائه بطلب من الرئيس الشرعي، وحمايتهم من تنكيل وبطش الميليشيا الدموية، على قدم المساواة إلى جانب الموغلين في الجرائم والانتهاكات.
وأبدى المجلس انزعاجه الشديد عما ورد في التقرير الصادر حديثا، عن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بإدراج التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن في القائمة السوداء السنوية لانتهاكات حقوق الطفولة، وقال بيان المجلس إن تقرير الأمين «استند إلى معلومات وأرقام مغلوطة ومضللة من طرف الميليشيا الانقلابية».
وأضاف البيان: مع احترامنا الكامل للأمم المتحدة، ولطرق عملها، لكنها أغفلت وتجاهلت كل ما قدمته الحكومة الشرعية من تقارير وأرقام حول الجرائم المرتكبة بحق اليمنيين بجميع شرائحهم وفي المقدمة الأطفال، واعتمدت على أرقام وتقارير الجاني والمجرم والمتمثل في الطرف الانقلابي».
واستطرد المجلس بالقول: «إن أول احترام لحقوق الإنسان ينبغي أن تدافع عنه الأمم المتحدة ومنظماتها، هو تطبيق القرارات الصادرة عنها وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن الدولي 2216 الملزم بموجب إجماع دولي وتوافق تاريخي على إنهاء الانقلاب في اليمن واستعادة الشرعية، مشيرا إلى أن القيادة السياسية والحكومة اليمنية الشرعية مدعومة من دول التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، تعمل بالنيابة عن المجتمع الدولي لإنفاذ قراراتها».
إلى ذلك، جدد مجلس الوزراء اليمني في جلسة عقدها أمس في الرياض، التأكيد على أن الميليشيات الانقلابية ما زالت تتحدى المجتمع الدولي وقراراته والهدنة الأممية، والدول الراعية للمشاورات السياسية الجارية في الكويت، مستدلا باستمرار الجرائم الوحشية للميليشيا الانقلابية ضد المدنيين في تعز، والمجزرة الوحشية التي ارتكبتها ميليشيات الحوثي والمخلوع بقصفها العشوائي المتعمد على سوق شعبية في مدينة تعز يوم الجمعة الماضي.
واعتبر المجلس، الجريمة وما سبقها، تظهر مرة أخرى وحشية الميليشيات الانقلابية التي تنتهك كل الحرمات، وأنها لا تقيم أي وزن للاعتبارات الإنسانية والأخلاقية، ولا تحترم أي اتفاقيات والتزامات، وتتعامل باستخفاف مع الهدنة القائمة والمشاورات الجارية التي ترعاها الأمم المتحدة بدعم من المجتمع الدولي، من خلال مواصلة قصف الأحياء السكنية واستهداف المدنيين واستمرار فرض الحصار الخانق على مدينة تعز.
وأشار المجلس في بيان بثته وكالة الأنباء الرسمية «سبأ»، أن وفد الحكومة التفاوضي، ظل ومن خلال تقارير مكتوبة يقدمها بشكل شبه يومي منذ بدء سريان قرار وقف إطلاق النار، إلى المبعوث الأممي إلى اليمن لوضعه في صورة ما يحدث من خروقات متكررة وممنهجة للهدنة من قبل الميليشيا وتنصلها عن تعهداتها برفع الحصار على مدينة تعز.. مكررا النداء إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لاتخاذ موقف حازم وجاد إزاء هذه التصرفات.
وثمن المجلس وقوف دول التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، خاصة السعودية والإمارات، إلى جانب الشعب اليمني، وتقديم الدعم في المجالات الإنسانية والإغاثية وتمويل عمليات وكالات ومنظمات الأمم المتحدة لإغاثة وإنقاذ اليمنيين في ظل ما يواجهونه من ظروف وتحديات صعبة فرضتها الميليشيا الانقلابية وأعمالها العبثية المدمرة.
ووقف مجلس الوزراء، أمام سير مشاورات السلام الجارية في الكويت، على ضوء المعلومات المقدمة من الوفد الحكومي التفاوضي، والتي أكدت أن المجتمع الدولي ورعاة المشاورات من الدول والمنظمات باتوا على يقين كامل بجدية الحكومة الشرعية في الوصول إلى اتفاق ينهي معاناة شعبها، بالاستناد إلى المرجعيات المدعومة دوليا وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن الدولي 2216. مقابل استمرار الطرف الآخر في افتعال العراقيل والمعوقات أمام أي تقدم في مسار المشاورات في محاولات مكشوفة للالتفاف على القرارات الدولية وإرادة المجتمع الدولي.
وفي الاجتماع جرى مناقشة الأوضاع الأمنية وتطوراتها والجوانب الاقتصادية والمعيشية الصعبة للمواطنين، والمعاناة القائمة في الجوانب الخدمية وفي مقدمتها الكهرباء والمياه، وما تبذله الوزارات والأجهزة الحكومية المختصة من جهود مضاعفة للتعامل مع تلك الصعوبات والتنسيق القائم مع الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات للدعم والمساعدة في كل ذلك. وشدد رئيس الوزراء، على ضرورة مضاعفة الجهود بما يتناسب مع جسامة التحديات التي تواجه اليمن وشعبها، وتعزيز الاهتمام بالالتفات إلى معاناة المواطنين في حياتهم ومعيشتهم اليومية وتأمين الخدمات والاحتياجات الضرورية لهم.
وقال: «تدركون جميعا أننا أمام محك حقيقي وشعبنا الذي عانى كثيرا لم يعد باستطاعته أن يصبر طويلا، لذا عليكم أن تستشعروا ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقنا في هذه المرحلة الحرجة بكل تحدياتها الجسيمة».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.