القوات العراقية تدخل مركز ناحية الصقلاوية الاستراتيجية قرب الفلوجة

شهود عيان: العائلات المحاصرة تواجه خطر القتل حال هروبها

مدنيون عراقيون يفرون من منازلهم إثر الأحداث الدامية التي عرفتها ناحية الصقلاوية شمال الفلوجة (رويترز)
مدنيون عراقيون يفرون من منازلهم إثر الأحداث الدامية التي عرفتها ناحية الصقلاوية شمال الفلوجة (رويترز)
TT

القوات العراقية تدخل مركز ناحية الصقلاوية الاستراتيجية قرب الفلوجة

مدنيون عراقيون يفرون من منازلهم إثر الأحداث الدامية التي عرفتها ناحية الصقلاوية شمال الفلوجة (رويترز)
مدنيون عراقيون يفرون من منازلهم إثر الأحداث الدامية التي عرفتها ناحية الصقلاوية شمال الفلوجة (رويترز)

أعلن قائد عمليات بغداد الفريق الركن عبد الأمير الشمري عن دخول القوات العراقية إلى مركز ناحية الصقلاوية شمال الفلوجة. وقال العقيد أحمد الدليمي إن القطعات العسكرية من القيادة المشتركة وبقيادة جهاز مكافحة الإرهاب وبدعم من طيران التحالف الدولي والعراقي تمكنت من الدخول إلى عمق مركز ناحية الصقلاوية بعد أن جوبهت بمقاومة شرسة من عناصر «داعش».
المتحدث الرسمي بلسان قيادة العمليات المشتركة العميد يحيى رسول الزبيدي قال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الفرقة 14 التابعة للجيش العراقي وبمشاركة قوات العشائر تمكنت من تحرير ناحية الصقلاوية الاستراتيجية من قبضة التنظيم ورفع العلم العراقي فوق مبانيها».
وأضاف الزبيدي أن ناحية الصقلاوية تعتبر من أهم المناطق الاستراتيجية قرب الفلوجة كونها لا تبعد عن الفلوجة سوى 10 كيلومترات، وكان يستخدمها التنظيم منطقة ربط لإيصال التعزيزات والإمدادات لمسلحيه إلى الفلوجة، كونها تعد الرابط بين مدينة الفلوجة وجزيرة الخالدية التي تمتد إلى عمق الصحراء وصولاً إلى مدينة الشرقاط وإلى مدينة الموصل أكبر معاقل التنظيم في العراق، وكونها كذلك تقع على الطريق البري الرابط بين مدينتي الفلوجة والرمادي، وبتحرير هذه المنطقة أصبح الطريق البري سالكًا وآمنًا من بغداد وصولاً إلى منفذ طريبيل الحدودي مع الأردن.
وأشار الزبيدي إلى أن «القوات دخلت إلى ناحية الصقلاوية من خلال عملية عسكرية شاركت فيها طائرات التحالف الدولي وسلاح الطيران في الجيش العراقي اللذان أمّنا غطاء جويًا للقطعات العسكرية على الأرض، وتمكنت طائرات التحالف من تدمير قوارب نهرية كان مسلحو التنظيم يستقلونها في طريقهم للهروب من الصقلاوية باتجاه جزيرة الخالدية».
وعلى الجانب الإنساني لجأت العائلات المحاصرة داخل مدينة الفلوجة إلى عبور نهر الفرات عن طريق السباحة أو من خلال الزوارق الخشبية والوصول إلى الضفة الأخرى التي تقف عندها القوات العراقية من أجل الإفلات من قبضة تنظيم «داعش» الذي يمنعهم من الخروج من المدينة مهددًا إياهم بالقتل في حال إقدامهم على عمليات الهروب.
وقال رئيس مجلس العشائر المتصدية لتنظيم «داعش» في الأنبار الشيخ رافع عبد الكريم الفهداوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «العائلات المحاصرة داخل مدينة الفلوجة بدأت تعبر النهر كوسيلة للإفلات من قبضة التنظيم».
\وأضاف الفهداوي أن هناك عددًا من النساء والأطفال قضوا غرقًا بعد أن حاولوا عبور النهر ولكن لم يستطيعوا فعل ذلك. وناشد الحكومة والقيادات الأمنية لتدارك هذه الكارثة الإنسانية التي أحلت بأهالي الفلوجة المحاصرين. كما طالب بعدم احتجاز الرجال والشبان وتوجيه الاتهامات لهم بأنهم يؤيدون التنظيم الإرهابي، «فهناك عمليات عزل تنفذها القوات الأمنية للعائلات الهاربة من قبضة التنظيم، حيث يتم اعتقال الشباب فوق عمر 12 عامًا والرجال واعتبارهم متهمين حتى تثبت براءتهم، ويتم أخذهم بعيدًا عن بقية أفراد عائلاتهم وفي مناطق معزولة تمامًا، وهذا ما لا نرضى به لأهلنا الذين عانوا الأمرين وضحوا بحياتهم من أجل الخلاص من قبضة التنظيم».
وقالت إحدى شاهدات العيان وهي أم عبد الله (52 عامًا) في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «انتظرنا هذا اليوم بفارغ الصبر، كانت الرحلة عبر الزورق مشوبة بالخطر، ركبت مع أفراد عائلتي في زورقين صغيرين كون الزورق الواحد لا يسعنا جميعًا، فعائلتي تتكون من 10 أشخاص، سار بنا الزورق ونحن مرعوبون نتيجة وجود إطلاقات نارية من قبل مسلحي تنظيم داعش الإرهابي تستهدف المدنيين الهاربين من قبضة التنظيم، وبالفعل سقط عدد كبير من الشهداء بينهم نساء وأطفال نتيجة إصابتهم، الحمد لله تمكنا من الوصول للضفة الآمنة وأرجو للجميع السلامة والأمان في رحلة العبور الخطيرة هذه».
وأضافت السيدة أن «هناك من عبر النهر سباحة»، متابعة أنها رأتهم يواصلون الجهد من أجل العبور والوصول إلى القوات الأمنية العراقية، بينما غرق 3 شبان أثناء محاولتهم العبور، نظرًا لقلة الزوارق أمام الأعداد الهائلة من العائلات التي تنتظر دورها في ركوب الزوارق الخشبية الصغيرة والمتهالكة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.