قوات الأسد ترتكب مجزرة في حلب .. والقتلى بالعشرات

المعارضة تتهم واشنطن بإعطائه الضوء الأخضر و{الأوقاف} تلغي صلاة الجمعة * «جيش الفتح» يطلق معركة ريفها الجنوبي

سوريون يحملون أحد المدنيين من بين الحطام إثر غارة جوية نفذها طيران النظام على مدينة حلب أمس وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى (أ.ف.ب)
سوريون يحملون أحد المدنيين من بين الحطام إثر غارة جوية نفذها طيران النظام على مدينة حلب أمس وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى (أ.ف.ب)
TT

قوات الأسد ترتكب مجزرة في حلب .. والقتلى بالعشرات

سوريون يحملون أحد المدنيين من بين الحطام إثر غارة جوية نفذها طيران النظام على مدينة حلب أمس وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى (أ.ف.ب)
سوريون يحملون أحد المدنيين من بين الحطام إثر غارة جوية نفذها طيران النظام على مدينة حلب أمس وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى (أ.ف.ب)

صعّد النظام السوري عملياته العسكرية في شمال سوريا، وكثّف غاراته الجوية وقصفه المدفعي والصاروخي على مدينة حلب وريف محافظتها؛ ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.
وفي حين نقلت وكالة الصحافة الفرنسية «أ.ف.ب» عن مصدر في الدفاع المدني، أن «31 مدنيا قتلوا، بينهم 6 أطفال في قصف جوي وصاروخي لقوات النظام السوري على الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حلب»، أكدت المعارضة، أن «القصف أدى إلى سقوط 62 شهيدا مدنيا في المدينة وريفها خلال الساعات الـ12 الأخيرة»، متهمة «المجتمع الدولي والولايات المتحدة بإعطاء ضوء أخضر للنظام لارتكاب هذه المجازر».
من ناحية أخرى، ألغيت أمس صلاة الجمعة في محافظتي حلب وإدلب لأول مرة منذ بدء الأزمة السورية؛ حفاظا على أرواح المدنيين؛ إذ اتخذت مديريات الأوقاف في محافظتي حلب وإدلب قرارا قضى بـ«إلغاء صلاة الجمعة في المناطق المحررة في كلتا المحافظتين، والالتزام بالمنازل وأداء الصلاة فيها»، وهذا القرار هو الأول من نوعه الذي يلغي صلاة الجمعة في محافظتين معا. وجاء في طلب الهيئات الشرعية ودور القضاء في محافظتي حلب وإدلب كل على حدة بـ«عدم التوجه إلى المساجد لأداء صلاة الجمعة؛ نظرا لما تتعرض له المحافظتان من غارات جوية مكثفة واستهدافها المباشر للمدنيين والمساجد بشكل مباشر». ودعت إلى «الحفاظ على أرواح المدنيين بإلغاء الصلاة وتأديتها في المنازل». ويأتي هذا القرار بعد عشرات المجازر التي ارتكبت بحق المدنيين في إدلب وحلب خلال الأسابيع الماضية، وخلّفت عددا كبيرا من الضحايا المدنيين.
وفي هذه الأثناء، صدر عن مصدر في الدفاع المدني، تأكيده أن 21 مدنيا قتلوا جراء غارات كثيفة على أحياء عدة في حلب، بينما قتل عشرة آخرون جراء غارة استهدفت حافلة نقل للركاب على طريق الكاستيلو. بينما أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أن طائرات حربية تابعة للنظام «قصفت حافلة ركاب على الطريق الوحيد الواصل بين مدينة حلب وريفها الشمالي والشمالي الغربي؛ ما أسفر عن مقتل ثمانية مدنيين على الأقل وسقوط جرحى». وفصّل قائلا: «إن طائرات حربية قصفت صباح اليوم (أمس) بلدة حريتان بريف حلب الشمالي، كما قصف الطيران المروحي بلدة خان طومان بريف حلب الجنوبي»، مؤكدا أن «فصائل المعارضة المسلحة ردت بإطلاق قذائف على مناطق تقع تحت سيطرة قوات النظام في حيي المشارقة وبستان الزهرة ومنطقة الفيض داخل مدينة حلب».
وفي السياق نفسه، أكد الناشط الإعلامي المعارض في حلب، هادي العبد الله، لـ«الشرق الأوسط»، أن «قصف النظام للأحياء السكنية في حلب وريفها لم يتوقف خلال الأيام الثلاثة الماضية». مشيرا إلى «ارتكاب النظام مجزرة في حي الكلاسي بحلب جراء سقوط برميل متفجر على مبنى سكني سقط بكامله». وحول استهداف الحافلة أفاد العبد الله: «صباح اليوم (أمس) تم استهداف سيارة تقل ركابا مدنيين على طريق الكاستيلو، وقضى كل من كانوا بداخله وهم عشرة مدنيين، كما قُصفت سيارة مدنية أخرى استشهد بداخلها أربعة أشخاص»، مشيرا إلى أن النظام «يقصف طريق الكاستيلو بشكل متعمد ومقصود؛ لكونها الطريق الوحيدة التي توصل مناطق سيطرة المعارضة داخل حلب بريفها». وكشف الناشط العبد الله عن «ارتفاع عدد الشهداء خلال الساعات الـ12 ساعة الأخيرة إلى 62 قضوا جراء قصف الطيران الحربي السوري والروسي، وتوزعوا على المناطق التالية داخل مدينة حلب وفي ريفها: الكاستيلو 14، الأنصاري 7، الكلاسة 8، الصالحين 7، الهلك 2، بعيدين 5، كفرحمرة 5، حريتان 1، منبج 5، أورام 1، الشيخ خضر 1، المرجة 4 وقناطر غربي 2».
هذا التصعيد غير المبرر، رأى فيه العبد الله «محاولة من النظام للضغط على الهيئة العليا للمفاوضات للعودة إلى محادثات جنيف بشروطه»، ولفت إلى أن المعارضة «تشعر بأن هناك ضوءا أخضر دوليا وأميركيًا بالمجازر للضغط على المعارضة، ونحن بصفتنا مدنيين نتهم المجتمع الدولي بأنه شريك في الجرائم والمجازر التي يرتكبها النظام وحلفاؤه في حلب».
على صعيد آخر، كان محيط مدينة مارع المحاصرة مسرحا لاشتباكات عنيفة بين الفصائل المقاتلة من جهة وتنظيم داعش من جهة أخرى في محاور عدة. وترافقت الاشتباكات مع قصف التنظيم بالصواريخ والمدفعية مناطق داخل المدينة، كما سمع دوي انفجار ناتجين من تفجير عربتين مفخختين في محيط المدينة، وأسفرت هذه الاشتباكات عن مقتل ثمانية عناصر من الفصائل، إضافة إلى 12 عنصرا من التنظيم. وقال قيادي من مقاتلي المعارضة لـ«رويترز»: «إن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، والذي يحارب تنظيم داعش في سوريا، أنزل أسلحة جوا إلى المقاتلين في بلدة مارع في شمال محافظة حلب يوم الخميس».
وهنا اعتبر الناشط هادي العبد الله إلقاء طيران التحالف بعض الأسلحة للمقاتلين داخل مدينة مارع: «خطوة خجولة»، وأردف «هذه الأسلحة غير كافية ولن تغير شيئا، ونحن لا نطلب من الأميركيين أسلحة، إنما نطلب منهم أن يضغطوا على حلفائهم من ميليشيا (قوات سوريا الديمقراطية)، لفتح معبر إنساني لإخراج الجرحى من مارع إلى إعزاز ونقلهم إلى تركيا لمعالجتهم، والسماح بإدخال المساعدات الغذائية، وهذا أفضل بكثير من إلقاء بعض الأسلحة الخفيفة التي لا تتناسب مع هذه المعركة».
وليس بعيدا عن حلب، كشف مصدر في المعارضة المسلحة لـ«الشرق الأوسط»، عن أن تنظيم «جيش الفتح» بدأ معركة بريف محافظة حلب الجنوبي، وتمكن من تحرير بعض النقاط المتقدمة للميليشيات الإيرانية»، وأكد أن «هدف هذه المعركة هو تخفيف القصف عن مدينة حلب، باعتبار أن اهتمام النظام وحلفائه يتحول مباشرة إلى الجبهات، وهو ما يريح نسبيا حلب المدينة». هذا، وتستمر المعارك العنيفة في ريف منبج الجنوبي والجنوبي الشرقي منذ صباح الثلاثاء الماضي، بين تنظيم داعش من جهة و«قوات سوريا الديمقراطية» ذات الغالبية الكردية والمدعومة من طائرات التحالف الدولي من جهة أخرى، حيث تحاول الأخيرة تحقيق مزيد من التقدم. وتمكنت الأخيرة من التقدم والسيطرة على ثلاث قرى جديدة.
ميدانيا أيضا، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن جيش النظام السوري «تقدم صوب محافظة الرقة الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش مدعوما بضربات جوية روسية». وتابع: «إن ضربات جوية روسية مكثفة أصابت مناطق يسيطر عليها التنظيم في شرق محافظة حماة قرب الحدود مع محافظة الرقّة، أمس (الجمعة)، حيث تقدمت قوات النظام لنحو 12 كيلومترا من حدود الرقّة»، إلا أن مصدرا عسكريا في جيش النظام، أوضح لوكالة «رويترز» أن «التقارير عن هجوم يستهدف الرقّة مجرد توقعات»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن «الرقّة ودير الزور اللتين يسيطر عليهما تنظيم داعش هدفان محتملان لعمليات الجيش». وتابع المصدر العسكري «هناك تقدم من أثريا على محورين، ولكن الاتجاه المقبل غير محدد»، لافتا إلى أن «القيادة الميدانية لا تعطي معلومات عن الاتجاه الرئيسي أو الثانوي، لكن الاتجاه مفتوح أمام الاحتمالين، دير الزور والرقّة».



إعادة افتتاح 4 أسواق في مدينة حلب القديمة بعد إنهاء ترميمها (صور)

سنعيد إعمار المدينة بأيدينا... وستعود أفضل مما كانت (إ.ب.أ)
سنعيد إعمار المدينة بأيدينا... وستعود أفضل مما كانت (إ.ب.أ)
TT

إعادة افتتاح 4 أسواق في مدينة حلب القديمة بعد إنهاء ترميمها (صور)

سنعيد إعمار المدينة بأيدينا... وستعود أفضل مما كانت (إ.ب.أ)
سنعيد إعمار المدينة بأيدينا... وستعود أفضل مما كانت (إ.ب.أ)

أعادت 4 أسواق في حلب القديمة بشمال سوريا فتح أبوابها، بعد إنهاء أعمال ترميمها من أضرار لحقت بها خلال معارك عصفت بالمدينة، منذ اندلاع النزاع قبل أكثر من 13 عاماً.

وشكّلت مدينة حلب، إحدى خطوط المواجهة الرئيسية بين القوات الحكومية وفصائل معارضة من صيف العام 2012 حتى نهاية 2016، تاريخ استعادة دمشق -بدعم روسي- سيطرتها على كامل المدينة. وبعد سنوات، لا تزال المدينة القديمة والأحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة الفصائل ترزح تحت دمار كبير.

وأعيد، مساء الأربعاء، وفق مصور «وكالة الصحافة الفرنسية»، افتتاح 4 أسواق في المدينة القديمة التي استقطبت قبل اندلاع النزاع آلاف التجار والسياح، بحضور مسؤولين وفاعليات محلية وممثلين عن منظمات غير حكومية.

إحدى أسواق حلب القديمة بعد الترميم (إ.ب.أ)

وانضمت الأسواق الـ4 التي أعيد ترميمها بشراكة بين مؤسسة مدعومة من السلطات ومنظمات غير حكومية، إلى 3 أسواق أخرى جرى افتتاحها سابقاً، من إجمالي 37 سوقاً تحيط بقلعة حلب الأثرية.

في سوق السقطية 2، أعاد عمر الرواس (45 عاماً) افتتاح ورشته ذات الجدران المبنية من الحجر، والتي ورثها ومهنة رتي السجاد عن والده.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، في حين تحيط به سجادات معلقة على الجدران: «عندما دخلت إلى المحل، وبدأت دق المسامير لتعليق السجاد والبسط... ووضعت الطاولة والإبرة، شعرت كأنني عدت 35 عاماً إلى الوراء، وكأن المكان استعاد روحه».

وبعدما خسر زبائنه ومحله خلال سنوات الحرب، يقول الرواس: «إن الوضع بدأ يتحسن تباعاً منذ توقف المعارك». ويشرح: «اليوم، يأتي المغتربون ويفتحون منازلهم، ليجدوا أنّ العثّ قد ضرب سجاداتهم، فيقدمون على إصلاحها، خصوصاً أن بعضها قد يكون ذكرى وبعضها له قيمته».

الوضع بدأ يتحسن تباعاً منذ توقف المعارك (إ.ب.أ)

ولطالما اشتهرت حلب، التي شكّلت العاصمة الاقتصادية لسوريا، بأسواقها التجارية القديمة التي تمتد على طول نحو 100 متر في المدينة القديمة، المدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) للتراث المهدد بالخطر جراء الأضرار والدمار والنيران التي لحقت بها.

واحترقت الأسواق في سبتمبر (أيلول) 2012، أثناء معارك ضارية شهدتها المدينة. وتقدر منظمة الـ«يونسكو» أن نحو 60 في المائة من المدينة القديمة تضرر بشدة، في حين تدمر 30 في المائة منها بشكل كامل.

اشتهرت حلب بأسواقها التجارية القديمة المدرجة على قائمة الـ«يونسكو» للتراث المهدد بالخطر (إ.ب.أ)

ورغم سيطرة الجيش السوري على كامل المدينة عام 2016، بعد سنوات من القصف والحصار وإجلاء عشرات الآلاف من المقاتلين والمدنيين بموجب اتفاق رعته كل من إيران وروسيا، الداعمتين لدمشق، وتركيا الداعمة للفصائل، لا يزال هناك دمار هائل يلف المدينة القديمة وأسواقها. وفاقم الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا المجاورة العام الماضي، الوضع سوءاً في حلب.

ودفع القتال خلال المعارك، ثم الظروف الاقتصادية والأمنية لاحقاً، مئات التجار المتمولين ورجال الأعمال للهجرة، وتأسيس أعمال ومصانع، خصوصاً في مصر والعراق وتركيا.

لا يزال الدمار يلف المدينة القديمة وأسواقها وفاقم الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا العام الماضي الوضع سوءاً (إ.ب.أ)

وداخل الأسواق، تستمر أعمال الترميم ببطء، في وقت تحد الأزمة الاقتصادية التي تعصف بسوريا، بعد 13 عاماً من الحرب، من قدرة السلطات على إطلاق مرحلة إعادة الإعمار.

ويقول عبد الله شوا (49 عاماً) الذي يبيع أنواعاً عدة من الصابون، فخر الصناعة في المدينة: «تركنا المصلحة وتعذبنا كثيراً خلال أيام الحرب، لكن الحمد لله استعدنا الروح».

ويضيف: «سنعيد إعمار المدينة بأيدينا... وستعود أفضل مما كانت».