«ويستمنستر آبي» تفتح أبوابها لأول مرة منذ 700 عام من أجل عيون «غوتشي»

المصمم أليساندرو ميشال يغوي بريطانيا ويُذيب مقاومتها لـ«الماكسيماليزم»

طوع أليساندرو ميشال التناقضات ومنحها تناغما عجيبا  -  ورود شوكائنات حية متنوعة ظهرت في تصاميمه  -  تأثير الثقافة البريطانية ظهرت في قطع كثيرة مثل قماش التارتان الاسكوتلندي  -  تحية للملكة إليزابيث الثانية ظهرت في إطلالات عديدة
طوع أليساندرو ميشال التناقضات ومنحها تناغما عجيبا - ورود شوكائنات حية متنوعة ظهرت في تصاميمه - تأثير الثقافة البريطانية ظهرت في قطع كثيرة مثل قماش التارتان الاسكوتلندي - تحية للملكة إليزابيث الثانية ظهرت في إطلالات عديدة
TT

«ويستمنستر آبي» تفتح أبوابها لأول مرة منذ 700 عام من أجل عيون «غوتشي»

طوع أليساندرو ميشال التناقضات ومنحها تناغما عجيبا  -  ورود شوكائنات حية متنوعة ظهرت في تصاميمه  -  تأثير الثقافة البريطانية ظهرت في قطع كثيرة مثل قماش التارتان الاسكوتلندي  -  تحية للملكة إليزابيث الثانية ظهرت في إطلالات عديدة
طوع أليساندرو ميشال التناقضات ومنحها تناغما عجيبا - ورود شوكائنات حية متنوعة ظهرت في تصاميمه - تأثير الثقافة البريطانية ظهرت في قطع كثيرة مثل قماش التارتان الاسكوتلندي - تحية للملكة إليزابيث الثانية ظهرت في إطلالات عديدة

المكان، الموسيقى الألوان، التطريزات، التصاميم، وطبعًا حقائب اليد والأحذية، كل شيء كان سرياليًا ومتكاملاً في الوقت ذاته. كل شيء فيه تم بحبكة مثيرة تشد الأنفاس وتجعل عشاق الموضة يستعيدون الزمن الجميل، عندما كانوا يخرجون من عروض الراحل إيف سان لوران أو العبقري جون غاليانو، خلال عهده في «ديور»، وهم يحلمون ويتجادلون.
أليساندرو ميشال، مصمم دار «غوتشي» حقق هذا وأكثر يوم الخميس الماضي. فقد برهن على أنه يتصور الأشياء بحجم كبير، ولا يؤمن بأن القليل الكثير. كما أكد أنه يمكن أن يبيع لنا أي شيء يقدمه مهما بلغت سرياليته، بل العكس كلما بالغ في جمع المتناقضات مع بعضها، وأسهب في التطريزات والإكسسوارات، يجعلنا نتعجب كيف لم نفكر في الأمر من قبل، وكيف لم نتصور تناغم هذه التناقضات مع بعضها؟! هذه القدرة العجيبة تُذكرنا بالراحل إيف سان لوران، مثلا، عندما قدم تشكيلته الأفريقية الشهيرة، جامعا فيها ألوانا مثل البرتقالي والفوشيا بأسلوب غير مسبوق.
قبل أن تحط «غوتشي» الرحال في لندن، لعرض «كروز 2017» انصب كل الاهتمام والجدل على كنيسة «ويستمنستر آبي»، مكان العرض، الذي شهد تتويج الملكة إليزابيث الأولى في عام 1559، كما شهد زواج كثير من أفراد العائلة الملكة والطبقات الأرستقراطية إلى الآن، مثل زواج الراحلة ديانا والأمير تشارلز، فضلا عن تعميدات كثيرة لا تحصى. مما أثار الجدل بأنه لم يسبق للكنيسة أن فتحت أبوابها وأروقتها لعرض أزياء على مدى تاريخها، لكن من الواضح أن «غوتشي» لها قوة إقناع لا تُرد، علما بأن مجموعة «كرينغ» المالكة لـ«غوتشي» سبق لها أن دخلت الكنيسة في عام 2011، عبر فستان الزفاف الذي صممته سارة برتون لكايت ميدلتون. فدار «ألكسندر ماكوين» تنضوي هي الأخرى، تحت جناح المجموعة. لكن أن تُفكر دار أزياء في إقامة عرض فيها، فإن الأمر كان مستبعدا وبعيدا لجرأته، إلى أن حققت الدار الإيطالية ضربتها.
يعترف أليساندرو ميشال، بأنه لم يكن يتوقع أن يقبل القائمون على الكنيسة طلبهم في البداية، معلقًا بأنه كان سيطير من السعادة عندما جاءهم الرد بالإيجاب. وباعترافه، فإن «إنجلترا وحدها من بين كل دول العالم يمكن أن تقبل بإقامة عرض ضخم في كنيسة مهمة بهذا الحجم.. في البداية، كان أقصى ما فكرت فيه هو قصر إنجليزي فخم يعكس جمالية الأزياء، لهذا عندما جاءني الرد بالقبول لم أصدق أنني سأعرض في ويستمنسر آبي».
هذا القبول لا شك سيرسخ في ذهنه ما كان يؤمن به أساسًا، بأن الأحلام يجب أن تكون كبيرة تتحدى الواقع، وهو ما جسده أيضًا في تشكيلته. فقد جاءت مغزولة بالأحلام وخيوط الذهب، وتجمع كل ما لم يكن يخطر على البال من تناقضات روضها وجعلها تتناغم مع بعضها البعض بشكل عجيب. تشكيلة تعطيك الإحساس بأنه في غمرة حماسه، ومثل طاهٍ ماهر، ظل يضيف المزيد من البهارات، مرة من خلال فيونكة تتوسط العنق ومرة من خلال قمصان بكشاكش، وكلما راق له مظهرها، أضاف تفاصيل أخرى إلى أن توصل إلى الجرعة المناسبة. لم يُنكر أنه كان بالفعل مسكونًا بالجنون لكنه «جنون يجعلك تحلم بالموضة أو تتوهمها» حسب قوله. من يرى تصاميمه، وكيف غير وجه «غوتشي» في أقل من عام واحد، يعرف أن جنونه فنون.
حقيقة أكدتها، يوم الخميس الماضي، نحو 96 إطلالة، تتباين بين الكنزات الصوفية المطرزة بسخاء، وفساتين الدانتيل الطويلة السوداء، أو المعاطف ذات الألوان الفاتحة والتطريزات المتضاربة، التي تجسدها رسمات كائنات حية من كل نوع، وحقائب يد لا شك أنها ستظهر على أكتاف أو معاصم الكثيرات من أنيقات العالم، وتحقق للدار المزيد من الأرباح، وهذا هو بيت القصيد. وقد تكون المغنية المخضرمة أني لينوكس، التي أحيت الحفل الذي أقامته الدار مساء اليوم نفسه، الخميس، أفضل من عبرت عما يجري حاليا في الدار الإيطالية وفي عالم الموضة عمومًا، عندما حورت كلمات أغنيتها الشهيرة «سويت دريمز» أو «أحلام لذيذة»، وهي تنظر بنظرة تُغني عن ألف كلمة إلى أليساندور ميشال: «بعضهم يريدون التقرب منك، بعضهم يريدون استغلالك، وبعضهم يريدون قطعة منك».
تلاعبها بكلمة «قطعة» كان في محله، وأكثر من مناسبة. فكل من كان في العرض، رجلا أو امرأة، حلم في لحظة من اللحظات بقطعة من التصاميم التي كانت العارضات والعارضون يتهادون بها على نغمات موسيقى أوبرالية كنائسية. كانت كل قطعة إما تصرخ بالألوان المتوهجة، أو تزأر بنقشات طيور وفراشات تحلق على الظهر أو الأكتاف، أو تتلوى على شكل أفاعٍ وثعابين في أماكن استراتيجية. القاسم المشترك بينها كلها أنها مطرزة بحرفية تحاكي «الهوت كوتير»، وأحيانًا بأسلوب التنجيد الذي يظهر في بعض اللوحات الفنية القديمة.
فبعيدًا عن إبهار اللحظة الذي تثيره الموسيقى والمكان والإخراج، لم تحمل الكثير من التصاميم جديدا بالمعنى الثوري، وكان أغلبها كلاسيكيًا في تفصيله بينما كان جديدها يكمن في التفاصيل، بدءًا من طريقة التنسيق إلى التطريزات السخية التي لم تجعلها معاصرة وغنية فحسب بل مشهية إلى حد يفقدك عقلك. الدليل على هذا أن حربًا كادت تنشب بين بعض الحضور للحصول على وسادة إضافية من الوسادات المطرزة، التي وضعتها الدار فوق الكراسي لجعلها مريحة أكثر. نسي الحضور الأنيق، تحت تأثير سكرة اللحظة وسحر الأجواء، كل البروتوكولات والمظاهر التي يفرضها مظهرهم المنمق، وكشفوا عن مخالبهم من أجل قطعة تحمل اسم الدار، يأخذونها معهم ليستنشقوا منها عبق الأساطير وحكايات التاريخ، التي نسجها المصمم بمهارة، بخيوط من ذهب.
وربما هذا الجنون التجاري، الذي يسميه البعض بـ«الرغبة»، هو القوة التي يلعب عليها أليساندرو ميشال، وتُفسر نجاحه الصاروخي. فأسلوبه يصب في خانة «المبالغة» أو «الماكسيماليزم»، وبالتالي يمكن أن يصيب بالملل والتخمة بسهولة، بعد موسم أو موسمين فقط، لكن العكس حاصل. فرغم أنه لم يغير أسلوبه لحد الآن، وكل ما يقوم به أنه يحقنه بجرعات إبهار أقوى، فإن النتيجة دائمًا في صالحه. قد يعود السبب إلى أنه يتعامل مع الموضة وكأنها عمل سينمائي يجب أن يتضمن حبكة مثيرة تخلق جدلاً فكريًا، وفي الوقت ذاته تعبر عن الزمن الحاضر. فمثلاً لم يكتفِ في هذه التشكيلة بالإيحاءات القوطية التي يفرضها المكان، بل أخذ الكثير من ثقافة الشارع البريطاني أيضا، مثل أسلوب البانك، الذي تحتفل بريطانيا بعامه الـ40 حاليًا، والذي كان حاضرًا بالقوة نفسها التي حضرت بها الفخامة. فخامة تستحضر أناقة الأميرات والملكات، اللواتي كانت «ويستمنستر آبي» شاهدة إما على ولادتهن وتعميدهن وإما على زواجهن، بل وحتى أسلوب الملكة إليزابيث الثانية بإيشاربها وأشكال حقائبها كان حاضرًا.
مثل «البانكس» في السبعينات، أثبت ميشال أنه متمرد على قواعد الموضة التقليدية، وبأنه يحب أن يحرك التابوهات مع فرق مهم وهو احترامه الواضح للقديم. فقد أكد مرارًا أنه لا يحب أن يتبع الموضة الموسمية، التي يفرضها الجانب التجاري، ويفضل عليها تصميم قطع نحبها وتربطنا بها علاقة عاطفية، وبالتالي تبقى معنا لفترات طويلة، نطعمها في كل موسم بقطع جديدة من باب التجديد فقط. تخرج من العرض وكل جوارحك متحفزة وكأنك أخذت حقنة مقوية. فما يُحسب لـ«غوتشي» أنها لم تختر كنيسة تختزل تاريخ ما لا يقل عن 700 سنة، لكي تتضارب بها مع باقي بيوت الأزياء، التي تتنافس بشراسة على اختيار وجهات مهمة وأماكن مثيرة لإثارة الانتباه إليها واستقطاب زبائن جدد، بقدر ما استعملتها خلفية تعكس جمالية تصاميم تجمع القوطي بفن الباروك وبالفخامة البريطانية. عناصر اجتمعت لتخدر حواسك وتُذوب أي مقاومة لأسلوب «الماكسيماليزم».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».