علامات استفهام في اجتماع باريس اليوم حول «مبادرة السلام العربية»

ينعقد بحضور 28 بعثة.. بينها 4 عربية هي السعودية ومصر والأردن والمغرب

علامات استفهام في اجتماع باريس اليوم حول «مبادرة السلام العربية»
TT

علامات استفهام في اجتماع باريس اليوم حول «مبادرة السلام العربية»

علامات استفهام في اجتماع باريس اليوم حول «مبادرة السلام العربية»

يفتتح الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، صباح اليوم، في مركز المؤتمرات التابع لوزارة الخارجية، الاجتماع الوزاري الدولي المخصص لعملية السلام في الشرق الأوسط، بحضور 28 بعثة دولية، بينها بعثات 4 دول عربية، هي السعودية ومصر والأردن والمغرب، و11 دولة أوروبية، منها فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والسويد وتشيكيا وبولندا وسويسرا والنرويج، يضاف إليها 3 دول أعضاء في مجلس الأمن (الولايات المتحدة وروسيا والصين)، وتنضم إليها كندا واليابان وإندونيسيا وتركيا وجنوب أفريقيا والسنغال، و3 بعثات تمثل الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي.
وشهد يوم أمس اجتماعات للمستشارين الدبلوماسيين لوزراء الخارجية المعنيين للاتفاق على تفاصيل مجريات الاجتماع، وعلى البيان النهائي المفترض صدوره عقب نهاية الاجتماع.
ورغم اعتراف المصادر الرئاسية والدبلوماسية الفرنسية بـ«حالة التشاؤم العامة» المحيطة بالاجتماع بسبب الصعوبات المعروفة ميدانيا وإقليميا ودوليا، فإن باريس تبدو «مرتاحة» لنجاحها في تعبئة الأسرة الدولية حول موضوع لم يعد كثيرون يعتبرونه «مركزيا» بالنسبة للأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، بعد أن تقدمت عليه ملفات الحروب والإرهاب والهجرات المكثفة. وعلى الرغم من الرفض الإسرائيلي المسبق للاجتماع، وما يمكن أن يصدر عنه، فإن الدبلوماسية الفرنسية تأمل أن يفضي «التوافق الدولي» على المبادئ الأساسية لوضع حد للنزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، والدينامية الدبلوماسية المتأتية عنه، إلى تغيير الصورة وإعادة الملف المذكور إلى الواجهة، وإحياء الجهود السلمية. ولكي لا تبقى إسرائيل على معارضتها، فقد أكدت المصادر الرئاسية أن الغرض «ليس الحلول محل الطرفين، بل إيجاد الظروف للعودة للمفاوضات الثنائية» التي هي «غير ممكنة اليوم». لذا، فإن اجتماع هذا الصباح وما سيتبعه من نشاطات واتصالات لاحقة بمثابة «العمل التمهيدي الضروري» لإقناع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي اللذين «يعود لهما وحدهما الاتفاق على صيغة السلام» بالتحاور والتفاوض.
لا تقوم باريس بهذه «المغامرة» وهي فارغة اليدين، بل تحمل في جعبتها «محفزات» تأمل في أن يقرها المجتمعون، ويكون من شأنها أن تحمل الطرفين المتناحرين على العودة إلى طريق التفاوض والوصول إلى تفاهمات وحلول. وسيعكس البيان الختامي الخلاصات التي سيتوصل إليها المجتمعون، بما فيها المغريات التي تندرج في سياقات اقتصادية وسياسية ودبلوماسية وأمنية، سيعهد لـ«مجموعات العمل» التي ستتشكل بمتابعتها وبتوفير التفاصيل لها. وأولى الحوافز اقتصادية، وستقع المسؤولية الكبرى بشأنها على الاتحاد الأوروبي. وقالت المصادر الرئاسية إن الاتحاد يمكن أن يقيم شراكة «متميزة» مع إسرائيل وفلسطين في حال توصلتا إلى اتفاق سلام تشمل الجوانب التجارية والاقتصادية والعلمية والجامعية. أما الحوافز الأخرى فتتناول الجوانب الأمنية الخاصة بضمان أمن الحدود للطرفين، ومحاربة الإرهاب وتدابير خفض العنف، كما تشمل الجوانب الدبلوماسية الخاصة بالاعترافات المتبادلة بين فلسطين وإسرائيل، وهنا تدخل مبادرة السلام العربية على الخط.
وخلال زيارته الأخيرة إلى إسرائيل، دعا رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس الدول العربية إلى الاعتراف بدولة إسرائيل، من أجل تشجيعها على سلوك طريق السلام. ويفهم من كلام فالس أنه يريد اعترافا «مسبقا» بإسرائيل، التي قدم لها مجموعة من «الهدايا»، منها التراجع عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية «آليا» في حال فشلت الجهود الدبلوماسية الفرنسية، ومنها أيضا إعلانه وقوف فرنسا بقوة بوجه مساعي مقاطعة المنتوجات الإسرائيلية والاستثمارات، إضافة إلى تأكيده أكثر من مرة أنه يعتبر معاداة الصهيونية بمثابة معاداة للسامية. وثمة علامات استفهام حول خلفيات هذه «التراجعات» ومعرفة ما إذا كانت مرتبطة فقط بالحرص على تخلي إسرائيل عن معارضتها للمؤتمر، أم أن لها جوانب سياسية داخلية ذات صلة بطموحات فالس الشخصية. لكن السؤال الرئيسي يتناول ما إذا كان المؤتمرون سيتبنون طرح رئيس الحكومة وبالتالي الضغط على الدول العربية الحاضرة في باريس، وعبرها على مجمل الدول العربية الأخرى، لدفعها نحو خطوة كهذه، فيما تلتزم إسرائيل ذات الحكومة الأكثر يمينية، سياسة التوسع الاستيطاني وفرض الأمر الواقع.
السؤال طرح على المصادر الرئاسية في اجتماع تحضيري أمس وكان الجواب أنه «يعود للدول العربية أن تقرر بنفسها ما الذي تريد أن تفعله بمبادرة السلام» التي طرحتها في العام 2002، والتي لم تقابل بالاهتمام الكافي من الدول الغربية، وخصوصا من إسرائيل. وأضافت هذه المصادر أن المسؤولين المجتمعين في باريس سيكونون راغبين في الاستماع لوجهة النظر العربية ومعرفة ما الذي ينوي العرب القيام به وما هم مستعدون له «في حال حصل السلام»، الأمر الذي يبين وجود «تمايزات» في النظرة بين ما يقوله رئيس الحكومة وبين ما تشير إليه مصادر الإليزيه. وفي هذا السياق، أفادت مصادر الإليزيه أن دولا عربية أخرى أبدت «رغبتها» بالحضور لكن لم تتم دعوتها «لأننا لا نريد أن نوسع الإطار إلى ما لا نهاية». ولذا، فإن الدعوة اقتصرت على دول لجنة المتابعة العربية «الأردن ومصر والمغرب والجامعة العربية» والسعودية التي ترأس مجلس التعاون الخليجي، كما أنها صاحبة مبادرة السلام العربية. لكن هذه المصادر لم تفسر أسباب دعوة دول أوروبية مثل بولندا وتشيكيا، أو أفريقية مثل السنغال.
ما الذي سينتج عن الاجتماع؟ عمليا، قد يكون الجواب لا شيء. لكن باريس مقتنعة بأن الاجتماع مهم وأن العمل الحقيقي سيبدأ في الرابع من يونيو (حزيران)، أي في اليوم التالي لجهة متابعة الخلاصات التي يكون قد تم التوصل إليها، وتريد باريس «أكبر إدماج ممكن» للدول الفاعلة. ثم إن فرنسا تعتبر أن أهدافها قد تحققت إلى حد ما لجهة إعادة الملف الفلسطيني - الإسرائيلي عبر الاجتماع الباريسي اليوم إلى واجهة الاهتمامات الدولية.
في أي حال، تقول المصادر الرئاسية الفرنسية، إن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي «غير قادرين اليوم على التحاور، ولذا استبعدا في هذه المرحلة، على أن يضما إلى المرحلة القادمة»، أي القمة التي تريد باريس تنظيمها خريف العام الجاري. لكن هذا المشروع لا يبدو مؤكدا بل مربوطا بما سيحصل اليوم من جهة، وبما يمكن أن يتحقق من متابعة نتائج الاجتماع المذكور. لكن الواضح أن عوامل أخرى يمكن أن «تعرقل» أو تؤخر الخطة الفرنسية، وليس أقلها الانتخابات الأميركية وما يرافقها من مزايدات وغلو في إعلان الدعم لإسرائيل ولسياساتها، ولمهارة تل أبيب في اقتناص الفرص، للتملص من كل التزام أو دعوات لا تصب في رؤيتها الخاصة لمصالحها.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.