الجزائر تحت الضغط بسبب تعثر تطبيق «اتفاق السلام» في مالي

طرفا النزاع يطالبونها بتحمل مسؤوليتها كوسيط دولي

الجزائر تحت الضغط بسبب تعثر تطبيق «اتفاق السلام» في مالي
TT

الجزائر تحت الضغط بسبب تعثر تطبيق «اتفاق السلام» في مالي

الجزائر تحت الضغط بسبب تعثر تطبيق «اتفاق السلام» في مالي

انتهى أمس بالجزائر اجتماع لتنظيمات المعارضة المسلحة في شمال مالي، من دون تسجيل أي تقدم بخصوص تطبيق «اتفاق السلام» الذي تم التوقيع عليه بالجزائر العام الماضي. ويواجه الوسيط الجزائري في النزاع المالي ضغطا من جانب الحكومة بباماكو والمعارضة، اللتين تدفعانه إلى إقناع كل طرف منهما بتقديم تنازلات.
ودعت «تنسيقية حركات أزواد» الطرقية، أول من أمس، في بداية الاجتماع، إلى «الإسراع في تنصيب سلطة انتقالية في شمال مالي»، تم الاتفاق عليها في وقت سابق مع الحكومة، مهمتها ترتيب شؤون مناطق الشمال تحسبا لتطبيق كامل لـ«اتفاق السلام». وصرح المتحدث باسم «التنسيقية» محمد مولود رمضان للصحافة، بأن السلطة الانتقالية هي إحدى النقاط المتفق عليها في اتفاق السلم والمصالحة، التي تشترك فيها جميع الأطراف المعنية به. فهي مكلفة بتسيير الشؤون الأمنية والإدارية لمنطقة الشمال لمدة سنتين، وبتنظيم الانتخابات بولايات الأزواد.
وكشف مولود رمضان، أن أعضاء التنسيقية التقوا وزير الخارجية الجزائري رمضان لعمامرة، بغرض «بحث الأسباب التي تعيق تطبيق النقاط الأساسية لاتفاق السلم والمصالحة، بعد سنة من التوقيع عليه». داعيا «الوساطة الدولية في النزاع، برئاسة الجزائر، إلى بذل مزيد من الجهود من أجل إنقاذ الاتفاق الذي لم تنفذ منه ولا نقطة». وأضاف: «الحكومة المالية مطالبة بالإسهام في توفير الظروف الملائمة لتنفيذ نقاط اتفاق السلم والمصالحة، وكان من الضروري تطبيق أول نقطة، وهي المتعلقة بالسلطة الانتقالية لتكون فاتحة لتنفيذ بقية النقاط». وأوضح أن المعارضة «بحثت مع السلطات الجزائرية في اجتماعنا بها، أمرا أساسيا هو سبب عرقلة تنفيذ اتفاق السلام. فالجزائر ترأس وفد الوساطة الدولية، وهي الراعي الرسمي لمسار السلام، كما أنها سهرت على صياغة الاتفاق لمدة سنة، من خلال خمس جولات للحوار. كما سهرت على إعداد جميع الاتفاقات التي كانت محل إجماع منذ 1990، وبمشاركة الحكومة المالية».
وأبدى القيادي الأزوادي فهداق المحمود «أسفه لعدم تسجيل أي تقدم في تطبيق بنود الاتفاق. وقد كان اللقاء مع الوزير لعمامرة فرصة لإحصاء النقاط الأساسية، التي تساهم في وضع الاتفاق على السكة». وأوضح أن «السلطة الانتقالية هي أساس الاتفاق، لأنها تضم كل الأطراف المعنية بتطبيقه، وكان يفترض إقامتها بعد شهرين أو ثلاثة من تاريخ التوقيع على الاتفاق».
وتعني «السلطات الانتقالية» بالنسبة للمعارضة، مشاركتها في كل الأجهزة والآليات الإدارية والأمنية التي تريد إقامتها الحكومة في شمال البلاد، في سياق استعادة سيطرتها على هذه المنطقة. فوجود المعارضة في هذه الأجهزة، معناه أنها لم تفقد نفوذها في الشمال. أما الحكومة فترى أن المعارضة المسلحة لا يؤتمن جانبها، بحجة علاقاتها المشبوهة مع الجماعات الإرهابية، خصوصا «حركة أنصار الدين» وزعيمها الطرقي إياد آغ غالي، العدو رقم واحد للحكومة الذي يزداد نشاطه اتساعا في الشمال.
وينسب إلى غالي الاعتداءات التي تعرضت لها بعثة الأمم المتحدة للسلام في مالي، خلال الأشهر الماضية.
وقال مصدر دبلوماسي جزائري، لـ«لشرق الأوسط»، إن المعارضة المسلحة اشترطت قيام «السلطات الانتقالية» قبل أي حديث عن نشر قوات الجيش النظامي في مدن الشمال الرئيسية، وهي غاوو وكيدال وتومبوكتو. وتمثل هذه المناطق معاقل المعارضة المسلحة، وبالخصوص الجناح الذي يطالب باستقلال أزواد فيها، وهي «الحركة الوطنية لتحرير أزواد». وأوضح المصدر نفسه أن المعارضة تتمسك بهذا الطلب، بحجة أنه أولوية منصوص عليها في اتفاق السلام المنبثق عما يسمى «مسار الجزائر».
وبحسب المصدر الدبلوماسي، سيتنقل وفد من حكومة الرئيس إبراهيم بوبكر كايتا إلى الجزائر نهاية الأسبوع الجاري، للقاء لعمامرة، بغرض بحث المشكلات العالقة بشأن اتفاق السلام. وأضاف المصدر نفسه أن الجزائر «ستحاول خلال وجود وفد الحكومة المالية التقريب بينه وبين المعارضة، ودفعهما إلى استئناف الحوار».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.