تونس: خلافات حول مشروع القانون المتعلق بالانتخابات البلدية

السلطات تمنع حزب التحرير من عقد مؤتمره السنوي

تونس: خلافات حول مشروع القانون المتعلق بالانتخابات البلدية
TT

تونس: خلافات حول مشروع القانون المتعلق بالانتخابات البلدية

تونس: خلافات حول مشروع القانون المتعلق بالانتخابات البلدية

أعلمت قوات الأمن التونسية حزب التحرير الإسلامي بمنعه من عقد مؤتمره السنوي المقرر في الرابع من يونيو (حزيران) المقبل بقصر المؤتمرات في العاصمة التونسية.
وأفادت مصادر رسمية من حزب التحرير أن منطقة الأمن بباب البحر (وسط العاصمة) وجهت إعلاما إلى قيادات حزب التحرير بعدم الموافقة على عقد المؤتمر السنوي، الذي يعقده الحزب بصفة دورية منذ تأسيسه سنة 2012.
ودأب حزب التحرير على عقد مؤتمر سنوي يجمع فيه أنصاره من مختلف مناطق تونس، ويقيم من خلاله أداء الحزب وعلاقته بالمشهد السياسي والأحزاب السياسية، وغالبا ما يصدر بيانا ختاميا يتضمن نقدا لاذعا للسلطة القائمة.
وفي أول رد فعل على هذا المنع، قال عماد الدين حدوق، المكلف الإعلام في حزب التحرير، لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا القرار لا يلزم في شيء الحزب»، موضحا أن المؤتمر سيعقد في تاريخه رغم كل العراقيل. ولم يوجه حدوق اتهامات للسلطات التونسية، لكنه قال: إن القرار الذي أصدرته منطقة الأمن ببان البحر «عمل فردي تجاوز من خلاله رئيس منطقة الأمن السلطة والقانون»، معتبرا هذا القرار «باطلا وفي حكم العدم» على حد تعبيره.
يذكر أن حزب التحرير، الذي يدعو إلى عودة الخلافة، حصل لأول مرة في تاريخه على الترخيص القانوني في يوليو (تموز) 2012. وطوال فترة وجوده وجه انتقادات حادة إلى الائتلاف الحكومي، وقاطع انتخابات 2014. واعترض على الطبيعة المدنية للدولة، داعيا إلى تطبيق الشريعة الإسلامية. وقد اتهمه الحبيب الصيد، رئيس الحكومة، إلى جانب تحالف الجبهة الشعبية اليساري، بالوقوف وراء أحداث الشغب والاحتجاجات الاجتماعية التي عرفتها جزيرة قرقنة منذ نحو شهرين.
على صعيد آخر، شرعت أمس لجنة التوافقات (لجنة تضم ممثلين عن الأحزاب السياسية) داخل البرلمان في مناقشة مشروع القانون المتعلق بالانتخابات البلدية تمهيدا لعرضه اليوم الثلاثاء للتصديق من قبل أعضاء البرلمان، إذ أكدت كلثوم بدر الدين، رئيسة لجنة التشريع في البرلمان، في تصريح إعلامي أن القانون الجديد سيتعرض لمخاض عسير، وذلك بالنظر لأهميته في التأثير على القرار المحلي وعلى عدم مركزية القرار السياسي، على حد تعبيرها، مشيرة إلى تقديم 69 مقترحا تعديليا على مشروع القانون المذكور، وأكدت وجود نقاط خلافية كثيرة بين الأطراف السياسية الممثلة في البرلمان، على غرار تمويل الحملة الانتخابية، وطريق اختيار رئيس مجلس الجهوية والبلدية وتسجيل الناخبين، بالإضافة إلى مراقبة تمويل الانتخابات وتمثيل المرأة.
وأضافت كلثوم في تصريحها أن لجنة التوافقات التي تجمع الأحزاب الممثلة في البرلمان عقدت اجتماعا أمس للتقليص من عدد المقترحات التعديلية، وملاءمة فصول قانون الانتخابات البلدية مع الدستور التونسي، حتى لا يكون عرضة للطعن في دستوريته.
وكان يوسف الشاهد، وزير الشؤون المحلية، قد أعلن الأربعاء الماضي عن انتهائها من تعميم النظام البلدي عبر بعث 61 بلدية جديدة، تُضاف إلى الـ289 بلدية موجودة، إضافة إلى توسيع المجال الترابي لنحو 160 بلدية ليصبح الفصل 131 من الدستور، القاضي بتغطية كل صنف من أصناف الجماعات المحلية قد احترم.
وبتركيز 61 بلدية جديدة و25 بلدية خلال سنة 2015 يصبح نحو 3.5 مليون من التونسيين متمتعين بالخدمات البلدية، وقد حددت وزارة الشؤون المحلية الوزارة ميزانية بنحو 750 مليون دينار تونسي (نحو 375 مليون دولار) لتمويل البلديات المحدثة وتوفير المعدات والمستودعات والموارد البشرية الضرورية.
ودعا الشاهد إلى النأي بعملية تعميم النظام البلدي عن كل التجاذبات السياسية، إثر توجيه اتهامات لحزب نداء تونس بالتلاعب بالجسم الانتخابي، وذلك عبر تكريس هذا التقسيم الترابي البلدي، وتركيز بلديات جديدة في المناطق التي يتواجد فيها مخزون انتخابي للنداء، مما يجعله يسيطر لاحقا على المجالس البلدية التي ستُفرزها الانتخابات البلدية، المزمع إجراؤها في 26 من مارس (آذار) 2017.



عودة «آلاف السودانيين» تكبح جماح الإيجارات في أحياء مصرية

سودانيات يسرن بملابسهن المميزة في شارع فيصل بمحافظة الجيزة (الشرق الأوسط)
سودانيات يسرن بملابسهن المميزة في شارع فيصل بمحافظة الجيزة (الشرق الأوسط)
TT

عودة «آلاف السودانيين» تكبح جماح الإيجارات في أحياء مصرية

سودانيات يسرن بملابسهن المميزة في شارع فيصل بمحافظة الجيزة (الشرق الأوسط)
سودانيات يسرن بملابسهن المميزة في شارع فيصل بمحافظة الجيزة (الشرق الأوسط)

انتقل نافع عبد الحي، وهو سوداني مقيم في منطقة فيصل جنوب القاهرة، إلى شقة بنصف سعر إيجار أخرى سكن فيها هو وعائلته منذ 9 أشهر، مستفيداً من تراجع أسعار إيجارات الشقق في مصر بشكل ملحوظ مع عودة آلاف السودانيين إلى بلادهم.

يقول لـ«الشرق الأوسط» إنه يدفع الآن 4500 جنيه فقط في الشهر (الدولار 48.75 جنيه)، بدلاً من 9 آلاف جنيه في الشقة الأولى، وهما في نفس المستوى، ولا يبعدان عن بعضهما سوى 2 كيلومتر فقط.

وخلال الشهور الماضية، تَقَدَّمَ الجيش السوداني في أحياء سكنية ومناطق عدة بالعاصمة الخرطوم وضواحيها على حساب «قوات الدعم السريع»، كما سيطر على مداخل 3 جسور استراتيجية في العاصمة المثلثة، وهي «الفتيحاب» و«النيل الأبيض» و«الحلفايا»، والذين يربطون ولايات أم درمان والخرطوم والخرطوم بحري، ومهدت هذه الانتصارات لعودة آلاف السودانيين.

ووصف القنصل السوداني في أسوان السفير عبد القادر عبد الله لـ«الشرق الأوسط» أعداد العائدين من مصر إلى السودان بـ«الكبيرة»، مشيراً إلى أنهم لا يملكون إحصائية دقيقة، لكن «أستطيع أن أقول إنه منذ 3 شهور العائدون إلى السودان أضعاف القادمين من السودان إلى مصر»، على حد قوله.

محل بيع ملابس سودانية في منطقة المهندسين (الشرق الأوسط)

وتوقع الدبلوماسي السوداني أن تزداد الأعداد بشكل أكبر الفترة المقبلة، قائلاً: «كلما تقدم الجيش السوداني عاد المزيد من السودانيين»، خصوصاً «في بداية العام المقبل، بعد انتهاء امتحانات الشهادة السودانية والتي تبدأ في 28 ديسمبر (كانون الأول)، وتستمر أسبوعين»، موضحاً أن «كثيراً من الأُسر تنتظر إنهاء أبنائها للامتحانات للعودة إلى السودان».

وفسّر المستشار الإعلامي السابق للسفارة السودانية في القاهرة وأمين أمانة العلاقات الخارجية في جمعية الصداقة السودانية المصرية محمد جبارة لـ«الشرق الأوسط»، عدم وجود حصر دقيق بالأعداد إلى أن بعض العائدين دخلوا مصر في الأساس بطرق غير شرعية، وعودتهم تتم دون أوراق أيضاً، أما الآخرون ممن دخلوا بشكل رسمي، فوثقت الجمعية عودة 29 ألف منهم في الفترة منذ أغسطس (آب) وحتى أكتوبر (تشرين الأول) الماضيين.

وقدّرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أعداد السودانيين المسجلين لديها في مصر حتى 30 سبتمبر (أيلول) الماضي بـ503 آلاف و993 لاجئاً. ولا يعكس ذلك كل أعداد السودانيين الذين دخلوا مصر بعد الحرب، إذ ثمة آخرون غير مسجلين في المفوضية.

وتسبب توافد السودانيين إلى مصر وتمركزهم في مناطق محددة في رفع أسعار الإيجارات أضعافاً عدة. وتعد ضاحية فيصل، الحي الشعبي جنوب العاصمة، واحدة من نقاط تمركز الوافدين السودانيين، إذ بلغ متوسط الإيجار في المنطقة الشعبية 8 آلاف جنيه، بعدما كان 2000 جنيه قبل قدومهم، حسب السمسار أحمد عبد الرحيم.

مواطن سوداني يجلس على مقهى بفيصل تحت عبارة «تحيا مصر» (الشرق الأوسط)

تراجع متفاوت

والآن، يؤكد عبد الرحيم لـ«الشرق الأوسط»، تراجُع أسعار الشقق خصوصاً «المفروشة في الأبراج السكنية»، والتي كان يسكنها «السودانيون اللي معاهم فلوس»، مشيراً إلى أن كثيرين منهم عادوا إلى بلدهم.

يوضح السمسار: «كانوا يدفعون في الشهر 15 ألف جنيه في الشقة المفروشة، وبعد عودتهم لا تجد هذه الشقق من يسكنها بالأسعار نفسها، ما دفع أصحابها إلى تخفيض أسعارها إلى 12 و10 آلاف جنيه».

وأقرّ السمسار بأن هذه القيمة تظل مبالغاً فيها في منطقة شعبية مثل فيصل «لكن قد تنخفض أكثر مع قلة الطلب»، مُرجعاً بطء حركة تراجع الإيجارات إلى «جشع أصحاب الشقق ممن يأملون في أن يدفع المصري نفس ما كان يدفعه السوداني».

وقال السمسار السوداني حسن عبد الله، والذي يعمل على عرض الشقق على غروب بـ«فيسبوك» يضم آلاف السودانيين في مصر، لـ«الشرق الأوسط» إن الأسعار انخفضت إلى النصف تقريباً، فالشقة التي كان يعرضها بسعر 5 و4 آلاف جنيه، أصبحت معروضة بـ2000 و2500 و3000 جنيه «الشقق متوفرة مو زي قبل»، وذلك بعدما ترك الكثير من السودانيين الشقق وعادوا إلى السودان، على حد وصفه.

ومن فيصل إلى منطقتي الدقي والمهندسين الراقيتين بمحافظة الجيزة، انخفضت الأسعار كذلك بشكل ملحوظ. يقول أحمد الأسيوطي وهو حارس عقار وسمسار في الدقي لـ«الشرق الأوسط» إن إيجارات الشقق المفروشة في المنطقة تراجعت «بشكل كبير جداً»، مشيراً إلى أنها وصلت الفترة الماضية مع قدوم السودانيين، وتحديداً منذ منتصف العام الماضي إلى 70 ألف جنيه، لكنها بدأت تتراجع منذ 3 شهور إلى ما بين 40 و30 ألف جنيه، مع عودة بعض السودانيين.

أحمد الأسيوطي حارس عقار وسمسار في منطقة الدقي بالجيزة (الشرق الأوسط)

ويعود التفاوت الكبير في الأسعار بين فيصل والدقي إلى طبيعة المنطقتين من جهة، ومساحة ومستوى الشقة نفسها من جهة أخرى، إذ إن الشقق في المنطقة كبيرة في المساحة «4 غرف و3 حمامات ومستوى لوكس».

وتوقّع السمسار أن تتراجع إيجارات الشقق بشكل أكبر الفترة المقبلة، مستدلاً على ذلك أن «تحت يدي شققاً فاضية من أكثر من شهر، لا تجد من يسكنها، وكل فترة يخفض أصحابها السعر أكثر، للعثور على مستأجر».

الأمر نفسه أكده السمسار في منطقة المهندسين حمدي الصعيدي، واصفاً سوق الإيجارات حالياً بالـ«الهادئ»، في إشارة إلى كثرة المعروض مقابل المطلوب.

التأثير نفسه شهدته منطقة مدينة نصر شرق العاصمة، حيث تراجعت الإيجارات فيها إلى 20 و30 ألف جنيه، بعدما وصلت إلى 40 و50 ألف الفترة الماضية، حسب محمود محسن، وهو صاحب شقق يقوم بتأجيرها.

يقول محسن لـ«الشرق الأوسط» إن لديه شقة حالياً يعرضها بـ 22 ألف جنيه، كانت وصلت الفترة الماضية إلى ضعف هذا السعر مع كثرة الطلب على الإيجارات بقدوم السودانيين، مشيراً إلى أن مدينة نصر من مناطق جذب الوافدين من جنسيات مختلفة.

ورغم التراجع النسبي لأسعار الإيجارات في مناطق تمركز السودانيين، استبعد عضو شعبة الاستثمار العقاري في غرفة القاهرة التجارية أحمد عبد الله، أن تشهد السوق العقارية تراجعات تعود به إلى المستوى الذي كان عليه قبل قدومهم، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا يتوقع انخفاضاً في أسعار الإيجارات بوجه عام بفعل التضخم وعوامل أخرى، «ومع ذلك ففي بعض المناطق التي شهدت تراجعاً مؤثراً في أعداد الجالية السودانية، من المتوقع أن ينخفض الطلب».

وتابع: «في كل الأحوال، الأرجح هو ألا تنخفض أسعار الإيجارات إلا إذا حدث تراجع كبير في الطلب مقارنة بالمعروض، وهو ما يعني مغادرة عدد كبير من الإخوة السودانيين».

محل سوداني في حي فيصل ينوي مغادرة مصر قريباً (الشرق الأوسط)

وسبق أن علق رئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولي، على أزمة الإيجارات قائلاً إن الأسعار ارتفعت، لكن الحكومة لا تستطيع التدخل في سوق العقارات الذي يحتكم لـ«العرض والطلب»، متوقعاً آنذاك أن تكون «أزمة الإيجارات في مصر مسألة مؤقتة».

وخلال 6 شهور على حد أقصى، سيعود الشاب السوداني نافع عبد الحي إلى السودان، بعد شفاء قدمه التي خضعت لعملية جراحية مؤخراً، مشيراً إلى أن والديه عادا بالفعل، وأن «كثيراً من الوافدين السودانيين في مصر عاد منهم على الأقل شخص، يطمئن على الأوضاع هناك، قبل أن تتبعه بقية الأسرة».

واتفق معه توكل أحمد، وهو سوداني جاء إلى مصر مع عائلته قبل نحو 9 شهور، ويستعد للمغادرة في غضون أيام، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن السودانيين يفضلون العودة بمجرد الاطمئنان على استتباب الأمن في مناطقهم بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة في مصر، فضلاً عن عدم توافر وظائف وأعمال لهم، وهو ما أكده أيضاً أمين أمانة العلاقات الخارجية في جمعية الصداقة المصرية السودانية محمد جبارة.