كمبوديا.. كنز آسيا الدفين يخرج للعالم

حضارة قديمة وجمال يضاهي {نمور آسيا}

روعة طبيعية
روعة طبيعية
TT

كمبوديا.. كنز آسيا الدفين يخرج للعالم

روعة طبيعية
روعة طبيعية

تمتلك كمبوديا من المقومات السياحية والحضارية ما يجعلها في مصاف الدول الجاذبة للزوار في آسيا. تاريخ البلاد طاعن في القدم، وموقعها يتوسط القارة الآسيوية، لكنها ما زالت تعيش تحت ظل جاراتها، نمور آسيا التي افترست حصة الأسد من السياحة الدولية؛ نظرا للاستقرار السياسي والانفتاح على العالم. ربما أن التاريخ السياسي لكمبوديا لا يشفع لها، فعقود من المجازر والتهجير إبان حقبة الخمير الحمر، ساهمت في ترسيخ صورة نمطية سلبية عن بلد غامض، كما هو الحال بالنسبة لجارتها بورما، أو ميانمار التي حكمها العسكر لعقود.
لكن ها هي كمبوديا تعود رويدا رويدا للواجهة بعد التحول السياسي والمصالحة الوطنية، وتحاول اللحاق بقطار النمو والتطور. تبدو العاصمة فينوم بين في طور النمو؛ بفضل مشاريع البناء والتوسع التي فرضتها الأجواء الاقتصادية والسياسية في المنطقة بفضل رؤوس الأموال الأجنبية التي استشعرت الإمكانات الهائلة لهذه البلاد. العملة رخيصة وكلفة الحياة قليلة جدا؛ لذا بدأ السياح ووكالات السفر من مختلف أنحاء العالم وضع كمبوديا ضمن برنامجهم؛ للاطلاع على أحد كنوز آسيا التي كانت دفينة حتى وقت قريب.

فينوم بين نقطة للبداية
تشكل العاصمة فينوم بين بداية مثالية للتعرف على ثقافة البلاد وتاريخها وأسلوب الحياة. إنها مركز التجارة والأعمال، ومقر الدولة والمؤسسات الحكومية، بحجم سكان يتعدى المليوني نسمة. ونظرا لضعف البنية التحتية وضيق الطرق الرئيسية التي تشق أطراف المدينة على جهتي نهر الميكونغ؛ تجدها في وسط النهار مزدحمة بكل ما يتحرك، بين عربات الركشا والدراجات النارية والهوائية والسيارات.
الباعة المتجولون في كل مكان وحركة المرور لا تنتهي حتى تغيب الشمس وراء الأفق، مصطحبة معها ضجيج السيارات، ليحل مكانها الموسيقى والعزف ليلا في الشوارع وسط الأسواق الشعبية المتناثرة، ولعل أهم سوق في المدينة هي «سار ثماي»، التي تحتوي على كل ما تتخيله من ملابس ومطاعم شعبية، وأعمال فنية وحرفية أتت من كل أنحاء والبلاد وما وراءها.
وللهرب من الازدحام المروري؛ قررت استجار دراجة نارية والانطلاق عند بزوغ الفجر في رحلة استكشاف للمدينة، دون إزعاج من هدير المحركات ودخان السيارات.
ها هو الليل يذهب بظلامه ليحل الفجر. السكون يطغى على الشوارع التي تحولت إلى ساحات طويلة شبه فارغة من معالم الحضارة. لكن الحياة تستمر في هدوء وسكينة، نسمات الهواء العليل حلت مكان الهواء الملوث وصوت الطيور، مكان يمكن سماعه من هنا وهناك. يمشي بعض الباعة عند حافة الشارع حاملي تجارتهم على أكتافهم نحو السوق الشعبية القريبة، كما تجد بعض النساء يخرجن الورود أو الفواكه الاستوائية من سلال من القش لتصفيفها على جانبي الشارع. الانطباع الأول أن المدينة نظيفة، يطغى عليها مزيج من الطابع المعماري الآسيوي التقليدي، وهناك بعض المباني تحمل طابعا غربيا متأثرا بالاستعمار الفرنسي. ووسط انغماسي بين شوارع المدينة، إذا بي أشعر بالجوع فجأة، فلم أكن قد تناولت وجبة الإفطار. نظرت حولي وعرفت السبب، إنها رائحة طعام لذيذ أيقظت أحشائي من سباتها. هناك عند حافة الشارع المؤدي للقصر الملكي يقف رجل وزوجته خلف شعلة من النار وأوان يبيعان الطعام. تناولت وجبة محلية تعرف بالبابو، الأكلة الأشهر في كمبوديا، التي تعتمد على الأرز مكونا رئيسيا، إضافة إلى اللحم أو المأكولات البحرية.
وبعد أن تصالحت مع معدتي بوجبة لذيذة ساخنة، شرعت في حديث ودي مع البائعة تشينادي حول كمبوديا. قالت لي إنها أتت للعاصمة مع زوجها قبل خمسة أعوام من قرية على الحدود الفيتنامية؛ لكي تحصل ابنتها على التعليم. وقالت بفخر «وجبة البابو التي نقدمها هي الأهم لدى الكمبوديين؛ لما لها من معان كبيرة في تاريخهم». وبعد شرح طويل تبين أن الخمير الحمر، وبسبب الضائقة الاقتصادية، فرضوا هذه الوجبة على الناس حتى يستطيعوا التعايش مع نقص الموارد، خاصة أن البابو يعتمد على إضافة الماء للرز؛ لذا يمكن للوجبة البسيطة أن تكفي عشرة أشخاص. وعند الساعة الثامنة صباحا كانت المدينة تعج من جديد بحركة السير؛ فقررت العودة للفندق وركوب الركشا لزيارة أهم المعالم، مثل القصر، المتحف الوطني وحقول الموت، حيث قتل الآلاف من السكان بواسطة غاز سام خلال فترة الخمير الحمر، حتى يوفروا قيمة طلقات الرصاص عليهم، كما قيل لي من قبل دليل محلي.

سيم ريب.. أعجوبة معمارية
وبعد يومين من التجوال في العاصمة انتقلت إلى مدينة سيم ريب، الهدف الرئيسي لزيارتي كمبوديا.
هي مدينة صغيرة وقليلة الاكتظاظ مقارنة بالعاصمة، لكنها تعاني كباقي المدن تدهورا في البنية التحتية. تشكل المدينة حجر أساس في السياحة؛ نظرا لوجود أهم المعابد التاريخية بالقرب منها، إضافة إلى قصر الملك القابع وسط غابة كثيفة تغلفه الطبيعة بجمالها ليتحول إلى تحفة معمارية.
ولعل من أهم المعالم التاريخية التي يجب زيارتها هو آثار أنغور وات، التي تعد فخر الحضارة الكمبودية، ومصنفا على لائحة «يونيسكو» للمعالم التاريخية.
تتألف أنغور وات من خمس بنايات، أهمها البناية التي تتوسط المجمع، وتعد إعجازا معماريا بما تحمله الكلمة من معنى، حتى أن بعض المؤرخين عدوه واحدا من أفضل تحفتين معماريتين في آسيا بجانب معبد باغان في بورما. المعنى الحرفي للمعبد هو الجنة على الأرض، وتقول الدراسات إن البناية شيدت بطريقة تحاكي إحدى المجرات في السماء.
استغرقت الجولة في أنغور وات نحو نصف يوم؛ فالتفاصيل الفنية الدقيقة في البناء والأحجار التي تعكس ضوء الشمس مذهلة، وتعبر عن عبقرية من بناها قبل أكثر من ألف عام. المكان مكتظ بالسياح، بعضهم أتى مباشرة من مطار مدينة سيم ريب. بعض السياح من أوروبا قالوا لي إنهم كانوا يحلمون منذ سنين بزيارة هذه المدينة التاريخية العظيمة.
وبعد أن أكملت وجبتي الدسمة من الثقافة والتاريخ، حان الوقت لجولة في القرى القريبة من المعابد، بعيدا عن الضجيج. قرى الفلاحين صغيرة وكباقي البلاد تعاني فقرا شديدا، حيث يعتمد السكان على الزراعة وصيد الأسماك للعيش. المنازل مبنية على ارتفاع متر أو أكثر عن الأرض، ترفعها عصي من الخشب؛ وذلك خشية من الفيضانات، وكذلك لحماية المنازل من الحشرات الزاحفة التي تعج بها الحقول المنتشرة في كل مكان. وفي المساء توجهنا نحو السوق الليلية في المدينة، رائحة التوابل تخلط برائحة الأسماك واللحوم المشوية عند بداية السوق، يتخللها باعة العطور والصناعات الحرفية وأحذية محلية الصنع، إنه مكان مناسب لشراء التذكارات من هذه المدينة الخلابة.
على الرغم من المنافسة الشديدة التي تواجهها كمبوديا من جاراتها فيتنام وتايلاند في جذب السياح، وعلى عكس الصورة النمطية التي قد تتشكل لدى الفرد عن كمبوديا بسبب تاريخها الدموي، إلا أنها تمتاز عن جاراتها بطيبة أهلها وحسن معاملتهم للغريب، وهو أمر صعب المنال في فيتنام أو حتى تايلاند. الفرق شاسع بين كمبوديا وتلك الدول بالنسبة للأمان، وهو أمرض ضروري لأي شخص يرغب في رحلة هانئة يصطحب معها خلالها عائلته.
المثير في كمبوديا أن صناعة السياحة والانفتاح على العالم ما زال في مراحله البدائية بعد عقود من القطيعة السياسية بسبب العقوبات التي فرضت على النظام الحاكم، لكن هذه الميزة هي ما يجعلها أكثر جذبا للسياح؛ فالبلاد ما زالت عذراء في كثير من أجزائها، لم تطلها يد الحضارة العابثة التي في بعض الأحيان لا ترحم جمال الطبيعة.



طابا... ملاذ عشاق الطبيعة بين جبال مصر وبحرها

مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
TT

طابا... ملاذ عشاق الطبيعة بين جبال مصر وبحرها

مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

مكان يجمع بين البحر الصافي وجمال الطبيعة ودفء الشمس والشعور براحة البال، هناك في طابا، أقصى الشرق من شبه جزيرة سيناء، حيث تختبئ المدينة المصرية كواحدة من أكثر الوجهات السياحية سحراً وهدوءاً.

تلك البقعة الساحلية التي تقدم لزوارها تجربة فريدة تجمع بين جمال الطبيعة البكر وهدوء العزلة، ما يجعلها وجهة مثالية للمسافرين الباحثين عن الاسترخاء، حيث تُعرف طابا بكونها المكان الأمثل لمن يبحث عن الانعزال عن صخب الحياة اليومية وقضاء عطلة مميزة وسط الطبيعة الخلابة، كما أن تميز المدينة بأجوائها الدافئة والمشمسة، يجعلها القرار الأمثل لقضاء وقت هادئ وممتع خلال أشهر الشتاء.

تتميز أعماق المياه في طابا بكثافة الشعاب المرجانية والأسماك الملونة (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

تقع طابا على رأس خليج العقبة على شواطئ البحر الأحمر، وتمتاز بأنها من أصغر المدن السياحية المصرية، إذ لا تتعدى مساحتها 508.8 أفدنة، ورغم صغرها، فإنها وجهة تقدم مشهداً بانورامياً يسيطر عليه التناغم بين زرقة مياه البحر الزاهية الممتدة أمام الأعين، والهدوء الذي تفرضه جبال جنوب سيناء.

زيارة قلعة "صلاح الدين" تتيح التعمق في التاريخ (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

ماذا تزور في طابا؟

إذا كانت وجهتك هي طابا، فإن جدول رحلتك سيكون مميزاً، فقط عليك اصطحاب كتابك المفضل ونظارتك الشمسية، وترك نفسك للطبيعة البكر.

تظل التجربة تحت الماء هي العنوان الأبرز في طابا، إذ يزخر خليج العقبة بالشعاب المرجانية والحياة البحرية المتنوعة، مما يجعلها وجهةً مثاليةً للغوص والغطس، تنتقل معهما إلى عالم آخر من الألوان والجمال الفطري.

ويُعد خليج «فيورد باي» (جنوب المدينة) قبلة عالمية لهواة الغوص، يضم هذا الخليج الطبيعي حفرة غطس فريدة، تتميز بكثافة الشعاب المرجانية والأسماك الملونة، مما يجعل الخليج قبلة للغواصين المحترفين، كما الخليج له قيمة استراتيجية وتاريخية نادرة، حيث يتيح للزوار فرصة فريدة لمشاهدة حدود أربع دول هي مصر، السعودية، الأردن، وفلسطين من موقعه المتميز.

جزيرة فرعون تسمح لزائرها بممارسة اليوغا أمام مشهد خلاب وسط الطبيعة (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

لعشاق التاريخ والهدوء، فيمكن لهم زيارة «جزيرة فرعون» قبالة شاطئ المدينة الجنوبي، على بعد 8 كيلومترات منه، ويمكن الوصول إلى هذه الجزيرة الساحرة عبر رحلة بحرية بمركب أو لانش يخترق مياه الخليج الهادئة، حيث يمكن قضاء اليوم في الاسترخاء أو الغطس، والتمتع بمنظر غروب الشمس الذي لا مثيل له.

تحتضن الجزيرة معلماً تاريخياً هو حصن أو «قلعة صلاح الدين»، التي بنيت عام 1171 ميلادية من الحجر الناري الجرانيتي، لحماية مصر من خطر الحملات الصليبية، والتي تم ترميمها مؤخراً، ليُكمل المشهد السياحي الذي تقدمه المدينة ما بين استرخاء في الطبيعة وتعمق في التاريخ، فما يميز زيارة الجزيرة هو جمعها بين عظمة القلعة التاريخية وإمكانية ممارسة رياضات الاستجمام، مثل اليوغا، أمام هذا المنظر الساحر، الذي يمنح الزائر صفاءً ذهنياً وعلاجاً للروح.

لا تكتمل مغامرة طابا دون زيارة «الوادي الملون»، إحدى العجائب الطبيعية في جنوب سيناء، إذ يوفر هذا الوادي متاهة من الصخور الرملية المنحوتة بفعل الطبيعة، واكتسب الوادي الملون اسمه بفضل ظلال الألوان التي تكسو جدرانه بفعل الأملاح المعدنية، والتي تتدرج ألوانها بين الأصفر الدافئ والأحمر القاني والذهبي اللامع، وهو مكان مثالي لرحلات السفاري والمشي، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بجمال الطبيعة الصارخ في حضور عظمة الجيولوجيا.

جمال الطبيعة وعظمة الجيولوجيا يجتمعان في "الوادي الملون" بطابا (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

كذلك، تمنح طابا فرصة لا تُنسى لمحبي المغامرة، فموقعها المميز يجعلها نقطة انطلاق مثالية لرحلات استكشاف الطبيعة البرية والجبلية، إذ يمكن للسائح أن يعيش تجربة استثنائية من المغامرات الصحراوية، أو استكشاف سلسلة جبال وهضاب طابا الشرقية. وبعد أن يقضي الزائر لطابا نهاره أمام البحر والغوص، أو التمتع بجمال الطبيعة، يحل خلال الليل موعد السهرات البدوية، على الرمال وأسفل النجوم ووسط الجو الدافئ. فمع حلول المساء، تدعو طابا زوارها إلى الاستمتاع بسهرات بدوية، تزينها المشاوي والمشروبات، ويتخللها الغناء والاستعراض، ما يعرف الزائر بالتراث التقليدي للبدو المقيميين.

خليج "فيورد باي" في طابا قبلة عالمية لهواة الغوص (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

محمية طابا

لا تقتصر متعة طابا على شواطئها فحسب، إذ تُعد طابا أيضاً محمية طبيعية منذ عام 1998، وبفضل مساحتها التي تغطي حوالي 2800 كيلومتر مربع، تتربع المحمية على الساحل الشمالي الشرقي لخليج العقبة، لتقدم للزائر تجربة فريدة تتجاوز مجرد الاستمتاع بالشاطئ، ما يجعل المحمية من أكثر الأماكن المفضلة لدى السياح بالمدينة.

تتميز محمية طابا بكونها محمية ذات إرث طبيعي ومنطقة لإدارة الموارد الطبيعية، وتشتهر بتكويناتها الجيولوجية الفريدة التي يعود تاريخها إلى 5000 عام، وهي ليست مجرد أرض، بل متحف طبيعي مفتوح يضم مناظر طبيعية خلابة مثل الواحات والأخدود الملون وعيون المياه المنتشرة داخلها، حيث تحتوي على كهوف وممرات جبلية، ووديان أشهرها وادي وتير والزلجة والصوانة نخيل وواحة عين خضرة، بالإضافة إلى أنواع نادرة من الحيوانات و50 نوعاً من الطيور وأكثر من 450 نبات نادر.

الإقامة في طابا

تشتهر مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة، التي تمنح المقيمين فيها تجربة إقامة استثنائية، خصوصاً أن هذه المنتجعات تحتمي بالجبال الشاهقة من حولها، مما يوفر خصوصية للزائرين، مع إطلالات بانورامية خلابة وأجواء هادئة ومريحة. وتوفر هذه المنتجعات مجموعة متميزة من الخدمات، أبرزها حمامات السباحة المتنوعة، بالإضافة إلى بعضها يضم بحيرات الملح العلاجية، التي تضمن تجربة استجمام فريدة.


كيف يكون الفندق «بيئياً» حقاً؟

الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)
الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)
TT

كيف يكون الفندق «بيئياً» حقاً؟

الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)
الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)

افتُتح فندق «ديسا بوتاتو هيد بالي» عام 2010، وتم تطويره في 2016 ليجسد رؤية جديدة لمؤسسه رونالد أكيلي حول الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه الفندق. إنه ليس مشروعاً تجارياً مستداماً فحسب، بل يقوم على التجديد، ويحدث أثراً إيجابياً بشكل فعّال. أمام ذلك الفندق هدف طموح، يتمثل في أن يصبح خالياً من الفضلات والمخلفات تماماً، وقد اقترب كثيراً من تحقيق هذا الهدف. يقول أكيلي: «لم نصل إلى نقطة عدم وجود مخلفات، وصدقاً ربما لا نصل أبداً. مع ذلك لقد حققنا تقدماً كبيراً، حيث تحول 99.5 في المائة من مخلفاتنا بعيداً عن مكبّ النفايات». ويأتي هذا الرقم مع وجود أكثر من ألف نزيل يومياً في القرية.

مشروع "سويت بوتيتو" (الشرق الاوسط)

يجب أن تمثل الفضلات والمخلفات دائرة مكتملة. عندما تسمع عبارة «فندق بيئي»، من المرجح أن يكون مصطلح البصمة البيئية هو أول ما يخطر ببالك، والتدوير هو الوقود الذي يشغل محرك فندق «بوتاتو هيد». لقد حظرنا استخدام المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد في المكان منذ 2017، ويُمنح كل شيء ضروري فرصة حياة ثانية داخل «معمل المخلفات»، حيث يُعاد إنتاج كل شيء، بدءاً بقواعد الأكواب، وصولاً إلى زجاجات المياه وقطع الأثاث، بل بُنيت بعض مباني الفندق من قوالب الطوب المهملة المستبعدة والمواد البلاستيكية.

الرياضة واليوغا من النشاطات المرغوبة في السفر (الشرق الاوسط)

ويعمل طاهٍ يكرّس جهده للوصول إلى مستوى الخلو من الفضلات تماماً في كل المطاعم لضمان الإبداع والفاعلية. ويشارك فريق العمل بانتظام في دورات تعليمية خاصة بالطهي من دون مخلفات. كذلك يُهدى كل نزيل عند وصوله مجموعة أدوات خاصة بتحقيق هذا الهدف، ويُدعى إلى المشاركة في جولة «متابعة الفضلات» لرؤية عملية التدوير على أرض الواقع.

المشروع الأكثر تأثيراً للفندق هو «مشروع المخلفات المجتمعي»، وهو مركز لتجميع المخلفات والنفايات افتُتح عام 2024 بالتعاون مع جهات تجارية محلية أخرى. ولإدراكنا أن الفصل السليم أمر ضروري، شارك فندق «بوتاتو هيد» خبرته مع الجهات الشريكة لضمان نجاح العمل. ويقول أكيلي: «أكبر إنجاز نفتخر به ليس الحدّ من المخلفات داخل الفندق، بل مشاركة ما تعلمناه خارج جدرانه». وتتم معالجة ما يصل إلى نحو 5 أطنان من المخلفات والنفايات يومياً، وقد وسّع ذلك نطاق تأثير الفندق، وأسّس لمستقبل أكثر نظافة للسكان المحليين، ووفّر وظائف جديدة في إطار هذا العمل. ويُعاد استثمار كل الأرباح، التي تدرّها عملية بيع المنتجات، التي خضعت لعملية إعادة التدوير، في المجتمع. وأوضح قائلاً: «الفكرة هي أن يستمر تحسين وتطوير النموذج بما يساعد الجزيرة، لا نحن فقط، في الاقتراب من تحقيق هدف عدم تشكل أي مخلفات».

الاستدامة مطلوبة في السفر العصري (الشرق الاوسط)

المجتمع مهم

أصبح الإخلاص لمناصرة المجتمع المحلي ضرورياً لتحقيق الاستدامة الشاملة حين يتعلق الأمر بالفنادق. كثيراً ما يتم إغفال وتجاهل الجانب الاجتماعي للاستدامة، لكن مجال الضيافة يتمحور حول الناس، ولا يمكن لفندق أن يصبح موجوداً بشكل مستدام دون أن يضع في الاعتبار كيفية تأثيره على النزلاء والعاملين والسكان المحليين. ويقول أكيلي: «المجتمع يمنح الفندق روحه، ومن دون ذلك سيصبح مجرد مبنى آخر. نحن نرى أنفسنا جزءاً من النظام البيئي، لا جزءاً منفصلاً عنه. ونتعاون مع المبادرات المحلية ونفتح أبوابنا للمشروعات المجتمعية، سواء أكانت برامج توعية بالمخلفات والنفايات أم ورش عمل ثقافية وأماكن إقامة إبداعية. ليس هدفنا هو استضافة النزلاء فحسب، بل تقديم شيء ذي معنى إلى المكان الذي يضمّنا».

وقد وزّع مشروع «سويت بوتاتو»، الذي نفّذه الفندق، أكثر من 38 ألف وجبة على المحتاجين خلال عام 2024، وشارك العاملون في أعمال الزراعة والتوصيل التطوعي وتنظيف الشاطئ. وأوضح أكيلي قائلاً: «يحدث التغيير عندما يدرك الناس الأمور المهمة. لهذا السبب نبدأ بفريق العمل لدينا أولاً. عندما يعيشون ويتنفسون الغرض والغاية، ويشعرون باتصالهم به، يشاركونه بشكل عفوي وتلقائي مع نزلائنا ومجتمعنا». يمنح الفندق سلامة وسعادة فريق العمل به الأولوية. يقول أكيلي: «نريد ضمان تطور كل من يعمل معنا، ليس على المستوى المهني فقط، بل فيما يتعلق بجودة الحياة أيضاً، بما في ذلك الصحة والسعادة والاستقرار المالي».

المنتجات التي تستخدم في الفنادق تخضع لعنصر الاستدامة ايضا (الشرق الاوسط)

الإحساس بالمكان

يمكن أن يصبح تسليط الضوء على الموطن جزءاً قوياً ومؤثراً بوجه خاص من استراتيجية الاستدامة للفنادق، حيث يدعم الأنظمة الاقتصادية المحلية، مع تقديم مذاق فريد للثقافة والتراث إلى النزلاء. ويوضح أكيلي: «الموطن همزة وصل بين ما نفعله وبين المكان الذي نوجد فيه. منذ اللحظة التي يصل فيها النزلاء نريد أن يشعروا بروح بالي من خلال الطعام والناس والحكايات التي تجعل هذا المكان مميزاً. يتعلق الأمر بالاتصال بالوجهة، لا إعادة تكوين شيء يمكن أن يتوفر في أي مكان آخر في العالم».

إن فخر فندق «ديسا بوتاتو هيد» بهويته يتضح ويبرز منذ اللحظة التي يُقدّم فيها إلى النزيل مشروب الـ«جامو»، وهو مشروب عشبي إندونيسي تقليدي، عند تسجيل دخوله إلى الفندق، ويتجلى في كل قرار يتعلق بمشتريات الفندق. تعمل المطابخ عن كثب مع المزارعين المحليين، وتدعم التنوع البيولوجي بالمنطقة من خلال تقديم النباتات الأصيلة قدر الإمكان. ويساعد التعاون والعمل مع الحرفيين بالجزيرة في الحفاظ على المهارات التراثية. على سبيل المثال، بُنيت الأجنحة في الفندق باستخدام قوالب طوب المعبد المضغوطة يدوياً، وهي طريقة بناء تقليدية في بالي. ويقول أكيلي: «نحن لا نشتري المكونات أو المواد الأولية فقط، بل نصنع نظام تدوير يعود بالنفع على الآخر. بهذه الطريقة نكوّن حلقة إيجابية متجددة بدلاً من حلقة سلبية استبعادية».

جناح كاتامانا الذي يراعي الاستدامة (الشرق الاوسط)

يتعلق الأمر بتحقيق التقدم لا المثالية

أهم جزء من تعريف مشروع تجاري مسؤول هو التزامه بالتطوير والتحسين المستمر.

المثالية أمر لا يمكن الوصول إليه. الاستدامة هي ببساطة التقدم خطوة نحو الأمام في المرة الواحدة. ويعدّ التواصل الشفاف عنصراً أساسياً من هذا الأمر، حيث يساعد في توعية العملاء وتحفيز العاملين والحثّ على إحداث تغيير أكبر في مجال العمل. يقول أكيلي: «نحن لا نروي قصصاً للتسويق، بل نحثّهم على إلهام الآخرين ليكونوا جزءاً من هذه الحركة. تبني الشفافية والثقة، والثقة تصنع الفعل».

الإخلاص للرحلة هي أهم ما في الأمر، ولا يقتصر ذلك على المنتجعات الفاخرة أو الوجهات الفريدة. إن أي فندق مستعد دائماً لمواصلة التعلم واتخاذ خطوات ملموسة قابلة للقياس نحو مستقبل أكثر استدامة هو فندق بيئي. ويضيف أكيلي: «سوف نواصل تطوير كل جزء مما نفعله، بدءاً بالمشتريات، ووصولاً إلى تصميم المنتج والعمليات اليومية حتى نظل متجددين ومشاركين في التجديد قدر الإمكان. وسوف نواصل مشاركة ما نتعلمه، وندعو الآخرين إلى الانضمام إلينا في إحداث تغير من أجل التجديد. نحن نختار التقدم لا المثالية. لا يهم الحجم، لكن الأمر المهم حقاً هو بدء إحداث تغييرات».


سافوي في فلورنسا وعلامة «باينيدر» يحتفلان بمتعة الكتابة وتعليم الخط

تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)
تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)
TT

سافوي في فلورنسا وعلامة «باينيدر» يحتفلان بمتعة الكتابة وتعليم الخط

تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)
تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)

تعاون فندق «سافوي»، في فلورنسا، مع علامة القرطاسية التاريخية «باينيدر» للاحتفال بموسم الأعياد القادمة عبر فعالية «Wrapped in Time» أو «مغلف بالزمن»، وتدعو هذه الشراكة الضيوف إلى تبنّي روح السفر البطيء وإعادة اكتشاف الوقت كهدية ثمينة، وتشجيع لحظات التوقّف والتأمل وإعادة التواصل في عالم اليوم السريع الإيقاع.

تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)

استلهم الفندق ديكورات موسم الأعياد من فن الخط، حيث تبرز في الردهة شجرة لافتة مزيّنة بظروف مختومة بالشمع مع لمسات ذهبية وفضية وحمراء، إلى جانب الأختام الأيقونية لـ«باينيدر». يجسّد هذا العرض التزام علامة القرطاسية الفلورنسية بالحرفية والاهتمام بالتفاصيل.

وتعكس الشجرة أيضاً الرؤية المشتركة بين العلامتين الفلورنسيتين، ليس فقط من خلال تصميمها، بل أيضاً عبر تجربة «A Wish for Florence»؛ حيث يكتب الضيوف أمنياتهم ورسائلهم للمدينة على ورق كتابة من «باينيدر». ثم تُوضع الرسائل في صندوق عيد ميلاد خاص ليتم حفظها وإرسالها لاحقاً إلى عمدة فلورنسا.

رسائل مكتوبة بخط اليد (الشرق الأوسط)

ويدعو فندق سافوي ضيوف الأجنحة إلى عيش سحر عيد الميلاد من خلال تجارب باينيدر الخاصة والقرطاسية الفاخرة، بما في ذلك ورش الخط المخصّصة، وأقلام الحبر الفاخرة، وورق الكتابة المميز. في هذه اللحظات الحميمة، حيث يتوقف الزمن، يصنع الضيوف ذكريات مكتوبة بخط اليد ويعيدون اكتشاف متعة الكتابة.

تعاون ما بين أهم شركة قرطاسية وسافوي في فلورنسا فترة الأعياد (الشرق الأوسط)

كما تشمل فعالية «Wrapped in Time» جانباً خيرياً من خلال التعاون مع مستشفى جيميلي للأطفال في روما، حيث اجتمعت فرق باينيدر وفندق سافوي لكتابة رسائل مليئة بالأماني الطيبة للأطفال، تحمل رسائل أمل وخيال ودهشة. ومن خلال هذه اللفتة، يعيدون إحياء السحر الحقيقي لعيد الميلاد، الذي ينبض حين نمنح وقتنا واهتمامنا ورعايتنا للآخرين.