ميليشيات الحوثي تبتز القيادات الموالية للشرعية بحصار أهاليهم

القوات الشرعية تتوعد بالرد للإفراج عن المعتقلين

ميليشيات الحوثي تبتز القيادات الموالية للشرعية بحصار أهاليهم
TT

ميليشيات الحوثي تبتز القيادات الموالية للشرعية بحصار أهاليهم

ميليشيات الحوثي تبتز القيادات الموالية للشرعية بحصار أهاليهم

انتهجت ميليشيا الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي صالح، أسلوبا جديدا في ملاحقة القيادات الحزبية، التي أعلنت مؤخرا رفضها للعملية الانقلابية، وذلك بحصار أهلهم وذويهم في المحافظات التي تقع تحت سيطرة الميليشيا، وفرض مبالغ مالية طائلة على تلك العوائل للإفراج عن أبنائهم المعتقلين في سجون الميليشيا دون مسوغ قانوني، تحت ذريعة علاجهم من الأمراض المزمنة التي يعانون منها.
وذكرت مصادر عسكرية، لـ«الشرق الأوسط»، أن ميليشيا الحوثيين تقوم وفقا لعمليات التحري التي تنفذها المقاومة الشعبية والجيش الوطني، بعمليات اعتقال عدد من القيادات من مختلف الأحزاب، خصوصا تلك المعارضة للعملية الانقلابية، وذلك بهدف المساومة بها أمام عملية تبادل الأسرى التي أعلن عنها مؤخرا، أو من خلال ابتزاز أهالي المختطفين بدفع مبالغ مالية كبيرة للإفراج عنهم.
ويرى مراقبون، أن هذه الإجراءات التي تفرضها الميليشيا في ظل الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها اليمن على أهالي المعتقلين من حصار لمنازلهم أو اعتقال أبنائهم لابتزازهم بالمال، ستفرض واقعا خطيرا داخل المجتمع، إذ لا توجد خيارات أمام تلك الأسر سوى الانتقام، ردا على هذه الأعمال، أو الدخول في دوامة جمع المال بأي طريقة كانت لتأمين سلامة أبنائهم.
وفي هذا السياق، قال عبد الحفيظ الخطامي، الإعلامي اليمني، إن ميليشيا الحوثيين تنفذ أعمالا مخالفة للقانون المحلي والدولي باعتقال نشطاء أو قيادات حزبية مخالفة لتوجهات الميليشيا، موضحا أن أكثر المتضررين من هذه الأعمال أولئك الموجودون داخل المدن التي تسيطر عليها الميليشيا.
وأشار الخطامي إلى أن كثيرا من الأسر حملت ميليشيا الحوثيين هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان، وما سيحدث لأبنائهم، ومنهم أسرة القيادي في التجمع اليمني للإصلاح ورئيس فرع الإصلاح بالحشابرة بمحافظة الحديدة محمد عبد الله أبو زيد الذي قالت عائلته إن ابنهم عائلها الوحيد، موضحا أن العائلة مورس عليها كثير من الضغوط وعمليات ابتزاز، كما قامت الميليشيا بإلزام الأسرة بدفع مبالغ مالية لعلاج عائلهم، بذريعة أنه مريض ويحتاج إلى علاج.
وأضاف الخطامي أن المبالغ التي تطالب بها ميليشيا الحوثي، وفقا لتقارير حقوقية تزيد على 50 ألف ريال يمني، وهي مبالغ كبيرة يصعب توفيرها في الوقت الراهن لما تمر بها البلاد من أوضاع اقتصادية متردية، وهذه المبالغ تزيد بحسب ما تراه الميليشيا ووضع المقبوض عليه ومكانته في المحيط الذي يقطنه، فيما سارعت أسر ببيع آخر ما تمتلكه من حاجيات بسيطة لتفدي أبناءها أو إخوانها من قبضة الميليشيا.
وتبرر الميليشيا، بعد أن أشاعت أخبار مفادها، بأن عددا من المعتقلين ماتوا في السجن بسبب حالتهم المرضية، وأخذ هذه الأموال لعلاج ذويهم، وأنهها تقوم بذلك من أجل الصالح العام، ودفع هذه الأموال للمستشفيات، لأنها لا تمتلك الأموال لظروف الحرب كما تدعي، وأن تلك المستشفيات لا تقبل الحالات الحرجة إلا بمبالغ مالية لتقديم العلاج الطبي.
هذه الإجراءات دفعت المقاومة الشعبية، إلى اتخاذ خطوات هجومية للدفاع عن أبناء إقليم تهامة، خصوصا الحديدة، وتوعدت المقاومة ميليشيا الحوثيين بتنفيذ أعمال عسكرية وهجمات متفرقة في كثير من المواقع التي تسيطر عليها، ردا على هذه الانتهاكات، بالتزامن مع التحركات العسكرية التي يشهدها عدد من المدن ومنها تنفيذ عملية واسعة في عسيلان.
وشهد عدد من المدن اليمنية، أمس الاثنين، تحركات ميدانية للجيش الوطني والمقاومة الشعبية، إذ شهدت جبهات القتال في محافظة شبوة، جنوب شرقي اليمن، معارك عنيفة بين قوات الجيش الوطني والمقاومة من جهة وميليشيا الحوثي وقوات المخلوع علي صالح، مواجهة مباشرة تمكن فيها الجيش من تكبيد الميليشيا خسائر كبرى، فيما تقدم الجيش في جبهة الساق ويسيطر على موقعي لبغث والمدفون.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.