ولد الشيخ يقترح خريطة حل سياسية واقتصادية.. ويطالب الانقلابيين بضمانات

بدأ الغموض الذي كان يكتنف مشاورات السلام اليمنية - اليمنية في دولة الكويت، على الصعيد السياسي، منذ أن استؤنفت، الأسبوع الماضي، بعد وساطة إقليمية ودولية، بالانقشاع تدريجيا، وذلك بعد مشروع الخريطة السياسية والأمنية للحل الشامل، التي تقدم بها المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أمس، إلى وفد الحكومة اليمنية.
وعقد ولد الشيخ، مساء أمس، اجتماعا بوفد الحكومة الشرعية، بعد لقاء مماثل مع وفد الانقلابيين.
كما اجتمع المبعوث الأممي مع وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند الذي زار الكويت ضمن جولة خليجية بدأها في السعودية.
وأشارت مصادر مقربة من المشاورات، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن مباحثات ولد الشيخ مع وفد الانقلابيين شهدت تشديدا من المبعوث الأممي على مطلب إيجاد ضمانات لتطبيق الاتفاقات، في وقت قال مكتبه إنه بحث وناقش مع وفد الانقلابيين «التصورات الخاصة بالمرحلة المقبلة في البلاد، كما استمع إلى طروحات الوفد والتطمينات المطلوبة لضمان تطبيق الاتفاقات واستئناف الحوار السياسي بين الفرقاء اليمنيين»، وذلك بعد يوم واحد على بحث اللقاءات مسألة الانسحابات من المدن ومؤسسات الدولة وتسليم الأسلحة.
وقالت المصادر إن الخريطة تشمل تشكيل عدة لجان، أبرزها لجنة عسكرية، يتوقع أن تتكون من شخصيات عسكرية محايدة، وأخرى اقتصادية، وهي التي اقترحها ولد الشيخ، قبل أيام، لتساعد في وقف التدهور الذي يشهده الاقتصاد اليمني جراء استنزاف الميليشيات للاحتياطي النقدي الأجنبي من البنك المركزي اليمني.
وتؤكد مصادر في المشاورات بأن ولد الشيخ لم يستطع، حتى اللحظة، التوصل إلى اتفاق مع وفد الانقلابيين بخصوص كثير من القضايا الشائكة والمعقدة، وأنه سوف يواصل لقاءاته المكوكية بالطرفين، حيث ينقل تصورات وأفكار كل طرف إلى الآخر والعكس، أيضا، حتى يتسنى له عقد جلسات مباشرة، مرة أخرى، وفي بيان صادر عنه، قال مبعوث الأمم المتحدة إن «المرحلة المقبلة ستكون حاسمة»، في إشارة إلى جولة المشاورات الجارية في الكويت، مؤكدا: «نحن على الطريق الصحيح والأمم المتحدة تعمل على أرضية صلبة لتوافق سياسي شامل تضعه في متناول الأطراف».
من ناحيته، دعا وزير الخارجية البريطاني الأطراف اليمنية المشاركة في مشاورات السلام إلى تحمل مسؤوليتها، للتوصل إلى حل سلمي للنزاع وإنقاذ بلادهم من انهيار اقتصادي كبير.
وقال هاموند، في مؤتمر صحافي عقب لقائه ولد الشيخ: «يجب أن نكون متفائلين بحذر بشأن هذه المشاورات»، موضحا أنها أخذت وقتا طويلا لكنها تشهد تقدما مع مرور الوقت. وأضاف: «من الطبيعي وجود اختلاف بين الأطراف، لكن الأهم وجود توجه للوصول إلى حل ينهي الأزمة اليمنية». وثمن الوزير البريطاني لأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد دعمه المشاورات الرامية لوقف القتال في اليمن.
في غضون ذلك، دخلت مشاورات الكويت للسلام في اليمن في عمق تفاصيل قضية المعتقلين والأسرى والمخفيين قسرا، حيث سلم وفدي الحكومة اليمنية، والانقلابيين، الكشوفات والقوائم الخاصة بالمحتجزين لدى كل طرف، في إطار المساعي التي تبذل لإطلاق سراح نصف المحتجزين قبل أو بداية شهر رمضان المبارك، وبحسب مكتب الوسيط الأممي، فقد «تم الاتفاق على أن يقدم كل طرف ملاحظاته بشأن الكشوفات يوم الثلاثاء المقبل»، وفي حين تضمنت قوائم وفد الحكومة أسماء شخصيات سياسية وعسكرية وحقوقية وإعلامية وصحافية ونشطاء من مختلف الاتجاهات ومقاتلين، من المحتجزين لدى الميليشيات الحوثية، فإن وفد الانقلابيين تقدم بقوائم وأسماء أثارت الاستغراب وعلامات التساؤل لدى المراقبين، فقد تضمنت تلك القوائم اسم نجل الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، العميد الركن أحمد علي عبد الله صالح، سفير اليمن السابق لدى الإمارات، إلى جانب أسماء أشخاص قتلوا في المعارك، طوال أكثر من عام ونصف العام.
وجاء تسليم الانقلابيين لقوائم من يزعمون أنهم أسرى، بعد يوم واحد من تسليم وفد الحكومة اليمنية قوائمه التي تضمنت أكثر من 2600 معتقل وأسير ومختطف ومجبر على الإقامة في منزله. وفي سياق مطالبة الحكومة اليمنية بالإفراج عن محتجزيها لدى الميليشيات، قال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عبيد بن دغر، أمس، إن الإفراج عن اللواء محمود سالم الصبيحي وزير الدفاع ومعه اللواء فيصل رجب واللواء ناصر منصور وكل المعتقلين في سجون الميليشيات «قضية لا تنازل عنها»، وإن «قرار مجلس الأمن الدولي 2216، يلزم الميليشيات الانقلابية بإطلاق صراح وزير الدفاع وجميع المعتقلين»، وجاء تأكيد رئيس الحكومة اليمنية خلال لقائه، أمس، نجل اللواء الصبيحي، وبعد أيام على نشر الميليشيات الانقلابية، لأول مرة، لصور يظهر فيها اللواء الصبيحي عقب عملية أسره مباشرة.
واعتبر مصدر مقرب من المشاورات وضع اسم أحمد علي عبد الله صالح، ضمن قوائم الانقلابيين، أنه «يؤكد عدم جدية الانقلابيين في المضي قدما في إطلاق سراح المعتقلين والمختطفين السياسيين أو تبادل الأسرى»، وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن هذا «يعد تحديا جديدا لقرارات الشرعية الدولية، لأن أحمد علي صالح مطلوب وعليه عقوبة دولية ومصنف كأحد المعرقلين للتسوية السلمية في اليمن»، وإلى أن هذه «خطوة أخرى لعرقلة عملية إطلاق سراح المعتقلين والمختطفين وإضاعة الوقت وعمل اللجنة في البحث عن وهم»، وأشار المصدر إلى أن «الأسماء التي قدمها وفد الانقلابيين مبالغ فيها من حيث الكم، كما أنها شملت أسماء وهمية وأسماء أشخاص قتلوا في المواجهات وتم تقديم أسمائهم كمفقودين دون أي بيانات».
ويعد أحمد علي عبد الله صالح أحد الشخصيات اليمنية التي صدرت بحقها عقوبات دولية صادرة عن مجلس الأمن الدولي في ضوء القرار 2216، إلى جانب عبد الملك الحوثي، وتضمن تلك العقوبات المنع من السفر وتجميد الأموال والأصول، كما أصدر الاتحاد الأوروبي، العام الماضي، عقوبات مماثلة. وكان أحمد صالح يشغل منصب قائد الحرس الجمهوري بين عامي 2004 و2012. قبل أن يعينه الرئيس عبد ربه منصور هادي، عقب خلع صالح من الحكم، سفيرا لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، التي يوجد على أراضيها حاليا.