واقع الدراسات المستقبلية في الثقافة العربية

واقع الدراسات المستقبلية  في الثقافة العربية
TT

واقع الدراسات المستقبلية في الثقافة العربية

واقع الدراسات المستقبلية  في الثقافة العربية

صدر عن وحدة الدراسات المستقبلية بمكتبة الإسكندرية العدد العشرون من سلسلة «أوراق»، الذي يضم دراسة بعنوان «توطين الدراسات المستقبلية في الثقافة العربية.. الأهمية والصعوبات والشروط»، للباحث محمد إبراهيم منصور.
تتطرق الدراسة إلى الإطار المعرفي للدراسات المستقبلية: ماهيتها وأهميتها، وتوطين الدراسات المستقبلية في الثقافة العربية: صعوباتها وشروطها.
ويقول الكاتب إن الدراسات المستقبلية تحاول أن ترسم خريطة كلية للمستقبل من خلال استقراء الاتجاهات الممتدة عبر الأجيال والاتجاهات المحتمل ظهورها في المستقبل والأحداث المفاجئة والقوى والفواعل الديناميكية المحركة للأحداث.
وتساعد الدراسات المستقبلية على التخفيف من الأزمات عن طريق التنبؤ بها قبل وقوعها، والتهيؤ لمواجهتها، الأمر الذي يؤدي إلى السبق والمبادأة للتعامل مع المشكلات قبل أن تصير كوارث. وقد ثبت أن كثيرًا من الأزمات القومية كان يمكن بقدر قليل من التفكير والجهود الاستباقية احتواؤها ومنع حدوثها، أو على الأقل التقليل إلى أدنى حد ممكن من آثارها السلبية. كما تعد الدراسات المستقبلية مدخلاً مهمًّا ولا غنى عنه في تطوير التخطيط الاستراتيجي القائم على الصور المستقبلية، حيث تؤمن سيناريوهات ابتكارية تزيد من كفاءة وفاعلية التخطيط الاستراتيجي، إن للأغراض العسكرية وإدارة الصراعات المسلحة ودراسة مسرح الحرب أو للأغراض المدنية وإدارة المؤسسات والشركات الكبرى متعددة القوميات.
وسيصبح الاستشراف المستقبلي أكثر أهمية مما هو عليه اليوم، حيث يجب أن نفكر في التأثيرات المعقدة لتحديات مستقبلية ذات طابع جماعي من أمثلتها: التهديد النووي بفناء الحضارة الإنسانية ووقوع السلاح النووي في أيد غير عاقلة أو رشيدة، والتغيرات المناخية وما سيصاحبها من ظواهر الغرق والتصحر والجفاف وهجرات ديموغرافية وتحركات جغرافية، وتحديات الثورة البيولوجية ومخاطر التوظيف السياسي لخريطة الجينوم البشري من أجل التفوق العنصري لسلالات وجماعات بشرية معينة، وإعادة صياغة الخرائط السياسية والجيوبوليتيكية على أسس إثنية وعرقية وثقافية، وانتقالات وهجرات بشرية واسعة في اتجاه الشرق والشمال الشرقي، والتغيرات الدراماتيكية في الهرم السكاني في أوروبا الغربية وتداعياته السياسية والاقتصادية، وتهديدات نقص الطاقة والمياه والغذاء.
ويوضح الكاتب أن هناك سمتين تسمان الجهود العربية في مجال الدراسات المستقبلية، الأولى أن هذه الدراسات كانت عملاً مؤسسيًّا اضطلعت به مؤسسات معظمها ينتمي إلى المجتمع المدني وليس الحكومات - إلا فيما ندر - وثانيهما أن تلك الجهود لم تتصف بالمتابعة والتراكم والاستمرار. وبالتالي بدت هذه المحاولات كأنها جزر منعزلة ليس بينها جسور تربط بينها.
ويضيف: «لا يقابل الأهمية المتزايدة للدراسات المستقبلية اهتمام موازٍ وبنفس الدرجة في الوطن العربي». وهناك بلا شك صعوبات منهجية تعترض انتشار ثقافة الدراسات المستقبلية في الوطن العربي، ومنها: صعوبات ناجمة عن غياب الرؤية المستقبلية في بنية العقل العربي، وطغيان النظرة السلبية إلى المستقبل في ثقافتنا العربية، وسيطرة «التابوهات» الموروثة وشيوع أنماط «التفكير داخل الصندوق»، وصعوبات ناجمة عن ضعف الأساس النظري الذي تستند إليه الدراسات المستقبلية في التراث العربي، فالفكر العربي - في صيغته التراثية الموروثة وفي طبعاته المستجدة على السواء - مفتون بإعادة إنتاج الماضي أكثر مما هو مهموم بقراءة المستقبل، أو مشغول بإنتاجه وصناعته.
ولكن هناك صعوبات ناجمة عن غياب التقاليد الديمقراطية للبحث العلمي العربي. فالدراسات المستقبلية تعول بالأساس على تقاليد ديمقراطية في البحث والعمل العلمي تكاد تكون مفقودة حتى الآن في الثقافة العلمية العربية، وهي تقاليد الفريق والعمل الجماعي والحوار والتبادل المعرفي والتسامح الفكري والسياسي، وقبول التعدد والاختلاف. ويوجد أيضًا صعوبات ناجمة عن قصور المعلومات والقيود المفروضة على تدفقها وتداولها وحرية الوصول إليها، وغياب أنظمة قانونية وتشريعية منظمة لتداول المعلومات وحمايتها، في الوقت الذي تحتاج فيه الدراسات المستقبلية وبناء السيناريوهات إلى إيجاد قاعدة معلومات لا تعاني من الحظر والقيود تحت أي سبب من الأسباب، وتؤمن للباحثين حقوقًا يقع على رأسها حق الوصول إلى المعلومات وتحريم حجبها ومنع تدفقها.
وتعاني المجتمعات العربية من غياب الأطر المؤسسية المتخصصة في الدراسات المستقبلية وما هو موجود منها، على ندرته، مشغول بهموم «الحاضر» وقضاياه الضاغطة عن «المستقبل» وقضاياه المؤجلة. بعض هذه المؤسسات يعمل في إطار الجامعات والمعاهد العربية، والبعض الآخر - وهو نادر - يتبع الحكومات، والبعض الثالث مراكز تنتمي إلى منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص. ويعزى غياب هذا النوع من المؤسسات البحثية إلى ضعف «الطلب» على «منتجاتها» من جانب الحكومات والشركات والمؤسسات والبرلمانات وغيرها من دوائر صنع القرار في الوطن العربي. هذا الطلب كان بمثابة القوة المحركة لظهور ونمو مراكز الدراسات المستقبلية في الغرب.
ويرى الكاتب أن هذا الاهتمام المتزايد بالدراسات المستقبلية وانتشار ثقافتها مرهون بتطور الوعي لدى عامة الناس، وبأجندة من الاهتمامات التي تقوي فرص ازدهار تلك الثقافة وذيوعها وتغلغلها في المؤسسات والهيئات، وحتى تصبح ليست فقط «نمط تفكير مجتمعيًا سائدًا» وإنما أيضًا أسلوب حياة قائم. فالاهتمام المتزايد بالدراسات المستقبلية لا يمكن أن يحدث من دون تطور في الوعي لدى عامة الناس، سواء كان ذلك الوعي المستقبلي الحديث في وسائل الإعلام الجماهيري، أو نتيجة لغرس هذا الوعي - على نحو منتظم - عن طريق برامج التعليم في المدارس والجامعات.
ونخلص الدراسة إلى أنه يجب إعادة تأهيل «القوة البحثية العربية» - وهي كبيرة - في اتجاه أنماط البحث والتفكير المستقبلي، وإعداد أجيال جديدة من الباحثين اللازمين لتجديد دماء مراكز البحوث والدراسات العربية، وإعادة تكييف النشاط البحثي لهذه المراكز من الطرق والمناهج التقليدية المحافظة إلى مناهج الدراسات المستقبلية وتقنياتها الابتكارية.
كما تشدد الدراسة على ضرورة تأسيس هيكل مرن ذي قيادة خبيرة يضم تحت جناحيه ما قدمته الجماعة العلمية العربية من دراسات مستقبلية على ندرتها، بحيث يعمل نواة لمشروع ذي صفة مؤسسية يضم قاعدة بيانات للدراسات المستقبلية، وخبرائها المعروفين داخليًا وخارجيًا ومرجعياتهم المؤسسية. كما يجب استحداث وحدات إدارية مستقلة للدراسات المستقبلية في الهيئات والمنظمات الحكومية والخاصة والأهلية تكون من ضمن مهامها ووظائفها اقتراح تطوير سياسات واستراتيجيات حديثة للتنمية، وتوفير مرجعيات مستقبلية لصانع القرار والمساهمة في إصلاح المؤسسات وتحديث نظمها والتنبؤ بالآثار المستقبلية للسياسات والتشريعات والقرارات الحالية وصقل المهارات والخبرات العلمية وتأهيلها لإعداد الدراسات المستقبلية.



«جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية» تُعلن قائمتها الطويلة

«جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية» تُعلن قائمتها الطويلة
TT

«جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية» تُعلن قائمتها الطويلة

«جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية» تُعلن قائمتها الطويلة

أعلنت «جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية»، في الكويت، اليوم (الأحد)، عن القائمة الطويلة لدورتها السابعة (2024 - 2025)، حيث تقدَّم للجائزة في هذه الدورة 133 مجموعة قصصية، من 18 دولة عربية وأجنبية. وتُعتبر الجائزة الأرفع في حقل القصة القصيرة العربيّة.

وقال «الملتقى» إن جائزة هذا العام تأتي ضمن فعاليات اختيار الكويت عاصمة للثقافة العربية، والإعلام العربي لعام 2025، وفي تعاون مشترك بين «المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب»، و«جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية»، في دورتها السابعة (2024 - 2025).

وتأهَّل للقائمة الطويلة 10 قاصّين عرب، وهم: أحمد الخميسي (مصر) عن مجموعة «حفيف صندل» الصادرة عن «كيان للنشر»، وإيناس العباسي (تونس) عن مجموعة «ليلة صيد الخنازير» الصادرة عن «دار ممدوح عدوان للنشر»، وخالد الشبيب (سوريا) عن مجموعة «صوت الصمت» الصادرة عن «موزاييك للدراسات والنشر»، وزياد خدّاش الجراح (فسطين) عن مجموعة «تدلّ علينا» الصادرة عن «منشورات المتوسط»، وسامر أنور الشمالي (سوريا) عن مجموعة «شائعات عابرة للمدن» الصادرة عن «دار كتبنا»، وعبد الرحمن عفيف (الدنمارك) عن مجموعة «روزنامة الأغبرة أيام الأمل» الصادرة عن «منشورات رامينا»، ومحمد الراشدي (السعودية) عن مجموعة «الإشارة الرابعة» الصادرة عن «e - Kutub Ltd»، ومحمد خلفوف (المغرب) عن مجموعة «إقامة في القلق» الصادرة عن «دار إتقان للنشر»، ونجمة إدريس (الكويت) عن مجموعة «كنفاه» الصادرة عن «دار صوفيا للنشر والتوزيع»، وهوشنك أوسي (بلجيكا) عن مجموعة «رصاصة بألف عين» الصادرة عن «بتانة الثقافية».

وكانت إدارة الجائزة قد أعلنت عن لجنة التحكيم المؤلّفة من الدكتور أمير تاج السر (رئيساً)، وعضوية كل من الدكتور محمد اليحيائي، الدكتورة نورة القحطاني، الدكتور شريف الجيّار، الدكتور فهد الهندال.

النصّ والإبداع

وقال «الملتقى» إن لجنة التحكيم عملت خلال هذه الدورة وفق معايير خاصّة بها لتحكيم المجاميع القصصيّة، تمثّلت في التركيز على العناصر الفنية التي تشمل جدة بناء النصّ، من خلال طريقة السرد التي يتّخذها الكاتب، ومناسبتها لفنّ القصّ. وتمتّع النصّ بالإبداع، والقوّة الملهمة الحاضرة فيه، وابتكار صيغ لغوية وتراكيب جديدة، وقدرة الرؤية الفنيّة للنصّ على طرح القيم الإنسانيّة، وكذلك حضور تقنيّات القصّ الحديث، كالمفارقة، وكسر أفق التوقّع، وتوظيف الحكاية، والانزياح عن المألوف، ومحاكاة النصوص للواقع. كما تشمل تمتّع الفضاء النصّي بالخصوصيّة، من خلال محليّته وانفتاحه على قضايا إنسانية النزعة.

وقالت إن قرارها باختيار المجموعات العشر جاء على أثر اجتماعات ونقاشات مستفيضة ومداولات متعددة امتدت طوال الأشهر الماضية بين أعضاء اللجنة، للوصول إلى أهم المجاميع القصصيّة التي تستحق بجدارة أن تكون حاضرة في القائمة الطويلة للجائزة، المكوّنة من 10 مجاميع، بحيث تقدّم مشهداً إبداعياً قصصياً عربياً دالّاً على أهمية فن القصة القصيرة العربية، ومعالجته لأهم القضايا التي تهم المواطن العربي، ضمن فضاء إبداعي أدبي عالمي.

وستُعلن «القائمة القصيرة» لجائزة «الملتقى» المكوّنة من 5 مجاميع قصصيّة بتاريخ 15 يناير (كانون الثاني) 2025، كما ستجتمع لجنة التحكيم في دولة الكويت، تحت مظلة «المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب»، في منتصف شهر فبراير (شباط) 2025، لاختيار وإعلان الفائز. وسيُقيم المجلس الوطني احتفالية الجائزة ضمن فعاليات اختيار الكويت عاصمة للثقافة والإعلام العربي لعام 2025. وستُقام ندوة قصصية بنشاط ثقافي يمتد ليومين مصاحبين لاحتفالية الجائزة. وذلك بمشاركة كوكبة من كتّاب القصّة القصيرة العربيّة، ونقّادها، وعدد من الناشرين، والمترجمين العالميين.