اجتماعات ولد الشيخ بوفد الانقلابيين ستحدد مصير المشاورات

وفد الشرعية يسلم قائمة بأسماء 2600 مختطف

إسماعيل ولد الشيخ أحمد
إسماعيل ولد الشيخ أحمد
TT

اجتماعات ولد الشيخ بوفد الانقلابيين ستحدد مصير المشاورات

إسماعيل ولد الشيخ أحمد
إسماعيل ولد الشيخ أحمد

واصل المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أمس، لقاءاته مع وفد الانقلابيين (الحوثي – صالح) في الكويت، وذكر مكتب المبعوث الأممي أن أبرز القضايا التي يبحثها ولد الشيخ مع الوفد هي «تفاصيل وآليات الانسحاب وتسليم السلاح واستئناف الحوار السياسي واستعادة مؤسسات الدولة»، وقالت مصادر مقربة من المشاورات لـ«الشرق الأوسط» إن النقاشات ساخنة بين الطرفين، وإن ولد الشيخ يواجه عقبات في مناقشة تفاصيل تطبيق القرار 2216. حيث يسعى وفد الانقلابيين إلى الالتفاف على مرجعيات المشاورات، رغم الوساطات والمساعي التي بذلتها وتبذلها أطراف إقليمية ودولية للدفع بالمشاورات للخروج باتفاق ينهي الصراع المسلح الدائر في اليمن، وأشارت المصادر إلى أن اللقاءات والاجتماعات الصباحية والمسائية لم تصل إلى أي نوع من الاتفاق، وهو ما يمنع، حتى اللحظة، عقد جلسة مباشرة بين وفدي المشاورات.
وأكدت أن اجتماعات ولد الشيخ بوفد الانقلابيين والنتائج التي ستخرج بها، ستحدد مصير مشاورات الكويت. إذ تشير المصادر إلى أن المشاورات وصلت إلى مرحلة «بات الحوثيون في مواجهة الأمم المتحدة والدول الراعية، وليس في مواجهة المجتمع الدولي الراعي لعملية السلام في اليمن»، وذلك «بعد الضمانات التي قدمت لوفد الحكومة اليمنية بالتزام وفد الانقلابيين بالمرجعيات التي تجرى المشاورات في ضوئها، وهي قرارات مجلس الأمن الدولي، وفي المقدمة القرار 2216، ومخرجات الحوار الوطني الشامل والمبادرة الخليجية والنقاط الخمس التي وضعها ولد الشيخ كأجندة للمشاورات والإطار العام للمشاورات، الذي وضعه، أيضا، المبعوث الأممي».
وتأكيدا للمعلومات التي ذكرتها مصادر «الشرق الأوسط» حول الصعوبات التي يواجهها ولد الشيخ في نقاشاته مع وفد الانقلابيين، قالت مصادر حوثية، في صنعاء، إن وفدهم «قدم اعتراضه على بيانات وإحاطات ولد الشيخ التي تتضمن مواقف لم يتم التوافق عليها أو نقاشها»، في إشارة إلى إحاطة المبعوث الأممي إلى مجلس الأمن، عبر دائرة فيديو مغلقة، الأربعاء الماضي، دون أن تكشف تلك المصادر، عبر خدماتها الإخبارية، طبيعة أو محتوى ذلك الاعتراض، غير أن المراقبين يؤكدون أن التعاطي مع وفد الانقلابيين، طوال أكثر من شهر في المشاورات، يشير إلى احتجاجهم على إحاطة ولد الشيخ إلى مجلس الأمن، قد تمثل إشكالية جديدة لعرقلة المشاورات وعدم الإيفاء بالالتزامات المطلوبة منهم.
في غضون ذلك، قال المتحدث باسم الحكومة اليمنية، راجح بادي إن الضمانات التي تلقاها وفد الحكومة الشرعية في مشاورات الكويت من المجتمع الدولي والتي أنهى بموجبها تعليقه لمشاركته وعاد إلى المشاورات، الأسبوع الماضي، ما زالت «في طور الوعود، لا أكثر»، مؤكدا، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن المشاورات لم تحقق أي تقدم يذكر، وقال: «لا يوجد تقدم حقيقي أو أي نتائج ملموسة لأي نوع من التقدم، لأنه لا توجد نية حقيقية لدى الطرف الآخر، لا لإنجاح المشاورات أو لإحلال سلام دائم وشامل في اليمن، وهذه هي المشكلة الحقيقية»، وأكد أن «التقدم الوحيد والبسيط والطفيف، هو المتعلق بقضية الإفراج عن المعتقلين ونتمنى أن يتم ذلك قبل حلول شهر رمضان المبارك، دون ذلك لا توجد مؤشرات جدية وحقيقية على تقدم كبير في مسار المفاوضات».
وأشار بادي إلى الجهود الإقليمية والدولية التي تبذل من أجل إنجاح مشاورات السلام في الكويت، مؤكدا أن الحكومة اليمنية ووفدها المشارك في المشاورات، تعاطى بـ«إيجابية كاملة ومطلقة مع هذه الجهود ومع جهود المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وكذلك مع جهود الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون وجهود الأشقاء في المنطقة، وأثبتنا أننا جادون»، وحول المقترح الذي طرحه مبعوث الأمم المتحدة بخصوص تشكيل هيئة اقتصادية لوقف التدهور الذي يواجهه الاقتصاد اليمني، قال راجح بادي لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة اليمنية تدرس المقترح المقدم لمعرفة إيجابياته وسلبياته، و«نحن مع كل الجهود الاقتصادية والسياسية التي تضمن أمن واستقرار اليمن وتضمن إنهاء معاناة المواطن اليمني»، مشيرا إلى أن طرح «مقترح تشكيل هذه الهيئة، من كل الأطراف، جاء من أجل المساعدة في عدم انهيار الوضع الاقتصادي، خاصة بعد تعرض سعر الريال اليمني للانهيار في السوق مقابل الدولار، نتيجة استنزاف وسرقة ميليشيات الحوثي وصالح للاحتياطي النقدي ونحن ندرس هذا المقترح لنرى إيجابياته وسلبياته».
إلى ذلك، أنهت لجنة المعتقلين والأسرى والمخفيين قسرا، أمس، اجتماعا في الكويت، برعاية خبراء من الأمم المتحدة، وقد سلم ممثلو وفد الحكومة الشرعية في اللجنة قوائم بأسماء 2630 معتقلا وأسيرا ومختطفا من النشطاء السياسيين والصحافيين والنشطاء الحقوقيين، الذين يقبعون في سجون الميليشيات الحوثية، وحسب مصادر رسمية يمنية، فقد شملت تلك القوائم «بيانات خاصة عن المعتقلين ومحافظاتهم والمناطق التي اختطفوا منها وأماكن احتجازهم وزمن الاحتجاز وغيرها من المعلومات، بالإضافة إلى كشوفات ببيانات خاصة عن الأسرى لدى الميليشيات الانقلابية».
وبحسب ما اتفق عليه وأعلنه مبعوث الأمم المتحدة، فإنه من المفترض أن يجري إطلاق سراح نصف المعتقلين والمخفيين والأسرى قبيل حلول شهر رمضان المبارك، وتتصدر القوائم التي تقدم بها ممثلو وفد الشرعية في اللجنة، أسماء الأشخاص الذين نصت قرارات مجلس الأمن الدولي على إطلاق سراحهم، وفي مقدمتهم وزير الدفاع اليمني، اللواء الركن محمود سالم الصبيحي، الذي نشر الانقلابيون، لأول مرة قبل بضعة أيام، صورا له أثناء عملية أسره، إضافة إلى شقيق الرئيس هادي، اللواء ناصر منصور هادي، والقائد العسكري فيصل رجب.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.