«أوبك».. منظمة تتحدى أنباء موتها

استعادة دورها أول تحديات الفالح.. رغم تغير الأولويات والملابسات

قصة «وفاة» أوبك ليست جديدة، وهي قصة تتكرر في كل مرة تعجز أوبك فيها عن السيطرة على السوق (أ.ب)
قصة «وفاة» أوبك ليست جديدة، وهي قصة تتكرر في كل مرة تعجز أوبك فيها عن السيطرة على السوق (أ.ب)
TT

«أوبك».. منظمة تتحدى أنباء موتها

قصة «وفاة» أوبك ليست جديدة، وهي قصة تتكرر في كل مرة تعجز أوبك فيها عن السيطرة على السوق (أ.ب)
قصة «وفاة» أوبك ليست جديدة، وهي قصة تتكرر في كل مرة تعجز أوبك فيها عن السيطرة على السوق (أ.ب)

إذا سألت أي محلل في سوق النفط هذه الأيام عن منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، ففي الغالب ستسمع ردودًا مثل أوبك «ميتة»، أو «انتهى دور أوبك.. حيث إنها لا يمكن أن تؤثر في السوق»، وبالتالي لا يوجد أي اهتمام كبير من قبل المحللين بما سيحدث في اجتماع المنظمة يوم الخميس القادم الموافق الثاني من يونيو (حزيران).
وسيكون أول تحدٍ لوزير الطاقة السعودي الجديد خالد الفالح هو التعامل مع منظمة يصفها الجميع بأنها ميتة أو غير فاعلة. ولكن هل فعلاً ماتت أوبك؟ وهل أصبحت منظمة غير فاعلة؟ وهل ستتمكن أوبك من العودة للتأثير على السوق النفطية بنفس الحجم السابق لها؟
في الحقيقة إن قصة «وفاة» أوبك ليست جديدة، وهي قصة تتكرر في كل مرة تعجز أوبك فيها على السيطرة على السوق بأي شكل من الأشكال. ففي عام 1979. ارتفعت أسعار النفط بشكل كبير وغير مبرر، وذلك في أعقاب انقطاع النفط الإيراني نتيجة للثورة الإيرانية التي تسببت في إنهاء حكم الشاه. وأصبح سعر النفط في السوق الفورية أعلى بكثير من سعر النفط المعلن من قبل دول أوبك، إذ كان النظام حينها يقوم على أسعار نفط تعلنها الحكومات قبل قيام سوق التعاقدات الآجلة في نيويورك ولندن.
وخرج جيمس شيلسنجر وزير الدفاع الأميركي الأسبق في عهد الرؤساء جيرالد فورد وريتشارد نيكسون، والذي أصبح أول وزير للطاقة في أميركا في عهد الرئيس جيمي كارتر، ليهاجم أوبك على الفوضى الحادثة في السوق، قائلاً: «أوبك لا يوجد لها أي دور تلعبه بعد الآن». وجاءت هذه التصريحات من شيلسنجر في أبريل (نيسان) عام 1979. أي قبل شهرين من اجتماع منظمة أوبك الوزاري الاعتيادي في يونيو، والذي كان من أكثر الاجتماعات التي جذبت الإعلام الغربي لها.. حيث حضر نحو 500 صحافي ليغطوا ذلك الاجتماع حينها نظرًا للوضع الذي وصلت إليه الأسعار. ولم يكن شيلسنجر المسؤول الأميركي الوحيد الذي هاجم أوبك حينها، بل حتى السفير الأسبق للولايات المتحدة في السعودية جيمس أكينز قال عن أوبك في تلك الفترة: «لم يعد هناك أوبك».
ولكن ها نحن اليوم في يونيو عام 2016. وأوبك ما زالت موجودة؛ بل وقطعت شوطًا طويلاً وتمكنت من البقاء والصمود أمام الكثير من الأزمات، مثل أزمة عام 1985 عندما أصبح النفط من خارج أوبك منافسًا شرسًا للنفط من دول أوبك، وخصوصا ذلك القادم من بحر الشمال والمكسيك وكندا ومصر وعمان وغيرها.

جولة جديدة
وها هي أوبك اليوم تواجه صراعًا جديدًا في تاريخها، لن يكون الأول ولن يكون الأخير، ولكنه سيكون مختلفًا عن كل الصراعات الباقية.. فالنفط التقليدي الذي تنتجه أوبك يواجه نفطًا غير تقليدي، مثل النفط الصخري وغيره، وليس هو الحال كما في السابق حيث تصارعت «النفوط التقليدية».
وإذا ما كان النفط غير التقليدي مرتفع التكلفة فكذلك كان النفط التقليدي من بحر الشمال حينها مرتفع التكلفة مقارنة بنفط أوبك، حيث يكلف برميل بحر الشمال حينها نحو 15 إلى 18 دولارا بينما يكلف برميل أوبك 3 إلى 5 دولارات في ذلك الوقت.
وهناك ظرف آخر تغير وهو الطلب على النفط، فرغم نمو الطلب على النفط بشكل جيد في العام الماضي وهذا العام والتوقعات بنموه أكثر في السنوات المقبلة مع النمو السكاني السريع في الدول النامية، لم يعد النفط هو مصدر الطاقة المهيمن حيث بدأت الكثير من البدائل تصارعه في قطاع إنتاج الكهرباء وقطاع النقل.
وهناك تغير جوهري آخر هذه المرة، وهو أن السعودية أكبر دولة منتجة للنفط في أوبك بدأت في تنفيذ خطة مستقبلية اسمها «رؤية 2030»، تقوم في الأساس على بناء مستقبلها واقتصادها بعيدًا عن النفط. وفي ظل هذه الرؤية لا تولي المملكة نفس الاهتمام تجاه أسعار النفط مثلما توليه باقي دول أوبك، وهذا كان جليًا في تصريحات ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لوكالة بلومبيرغ الشهر الماضي حينما قال: «سواء كان النفط عند 30 أو 70 دولارا فالأمر سيان، لأننا لدينا برامجنا الاقتصادية التي لا تعتمد على سعر نفط عال. ولم تعد معركة الأسعار هي معركتنا بل معركة الدول الأخرى التي تعتمد عليها». سيكون هذا التوجه تحولاً كبيرًا في مسار منظمة أوبك، وسيتعين على الفالح أن يواجه هذا التحدي في أول اجتماع يحضره بصفته رئيس وفد المملكة إلى اجتماعات المنظمة، وأن يمسك العصا من المنتصف، بحيث يظهر اهتمام المملكة في أوبك وبقائها حتى وإن كانت أهدافها الآن لا تتناسب وتتفق مع أهداف باقي المنتجين فيها.

الضامن الوحيد
وسيتعين على الفالح أن يتولى إدارة هذه المنظمة التي فقدت فعاليتها في السوق بشهادة أبنائها وخصومها. ولكن الخبر الإيجابي في كل هذا هو أن أوبك لم تمت ولم تعلن وفاتها حتى الآن، إذ لا توجد منظمة قادرة على ضمان استقرار سوق النفط حاليًا سوى أوبك.
وفي الدوحة الأسبوع الماضي قال وزير الطاقة القطري عبد الله بن حمد العطية للصحافيين إن أوبك ليس بيدها الكثير حتى تفعله هذه الأيام لأنها لا تستطيع أن تدافع عن الأسعار لأنها ببساطة لا تعمل وفق نظام الحصص السابق.
وقال العطية: «إذا لا يوجد لدينا نظام للحصص فهذا معناه أن كل منتج يمشي في الطريق الذي يراه مناسبا وينتج كما يشاء».
وأوضح العطية أن هناك أمرًا آخر تواجهه أوبك الآن، وهو أنها لا تستطيع أن تضحي بحصتها السوقية لدعم الأسعار وتترك السوق لغيرها ليستفيد منه. ويقول: «ما الذي تريدونه من أوبك؟ أن تخفض إنتاجها حتى تتوازن السوق وتفقد حصتها ثم يزيد الإنتاج من خارجها مع تحسن الأسعار!!!».
ويضيف: «لا توجد هناك سوقان نفطيتان، سوق لأوبك وسوق لخارج أوبك.. هناك سوق واحدة وعلى الجميع العمل بعضهم مع بعض لإيجاد حل». أما المدير السابق لوكالة الطاقة الدولية كلود منديل، الذي كان يجلس إلى جوار العطية، فقد قال للصحافيين: «في الحقيقة لا أدري ما الذي يمكن أن تفعله أوبك في الاجتماع القادم!! إن قوى السوق اليوم أكبر من قوة أوبك ولا تستطيع أوبك أن تواجه قوى السوق بمفردها».
واقترح منديل على منظمة أوبك حلاً للخروج من هذا المأزق الذي تواجهه وهو أن تقوم المنظمة بمساعدة البلدان الأعضاء فيها على إيجاد حلول لتنويع اقتصاداتها، بدلاً من الاعتماد على النفط. وقال منديل إن وكالة الطاقة الدولية استمرت كل هذه السنوات لأنها تساعد الدول الأعضاء على إيجاد السياسات الناجحة ولم ينحصر دورها فقط في ضمان أمن مصادر وإمدادات الطاقة.

شهادة من خارجها
ولا أحد يعتقد بأهمية أوبك اليوم أكثر من الروس، لأن روسيا تعي تمامًا أنه لا توجد جهة قادرة على اتخاذ خطوات سريعة لإعادة التوازن للسوق سوى أوبك، حتى وإن كانت أوبك ضعيفة بسبب النزاعات الداخلية بين دولها الأعضاء؛ كما يقول الروس. وبالأمس قال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك في حساب وزارته على موقع «تويتر» إنه يعتقد أن من السابق لأوانه طي صفحة أوبك رغم الخلافات الداخلية بين أعضاء المنظمة. وأخفقت روسيا، وهي منتج عالمي رئيسي للنفط ومنظمة أوبك، حتى الآن، في التوصل إلى اتفاق للعمل معا لدعم أسعار الخام الضعيفة.
وتعقد التعاون المحتمل بين الطرفين بفعل خلافات داخل أوبك وبصفة خاصة بين السعودية وإيران، التي تحاول استعادة حصتها في السوق في أعقاب رفع العقوبات الدولية التي كانت مفروضة عليها بسبب برنامجها النووي.
وقال نوفاك في التغريدة: «تمر أوبك الآن بأزمة بسبب خلافات داخلية. ورغم ذلك.. لن أطوي صفحة تلك المنظمة». وفي أبريل الماضي أخفقت أوبك ومنتجون آخرون بقيادة روسيا في إبرام اتفاق لتثبيت الإنتاج للمساهمة في دعم الأسعار.
وأكد نوفاك أيضا أن مسألة تثبيت مستويات الإنتاج فقدت مغزاها بعد صعود أسعار النفط والتي تعافت من أدنى مستوياتها في أعوام عند نحو 27 دولارا للبرميل في يناير (كانون الثاني) إلى أقل قليلا من 50 دولارا. وسيجتمع أعضاء أوبك في فيينا الخميس، حيث من المتوقع على نطاق واسع ألا يتفقوا على أي خطة طويلة الأجل لتقليص الإمدادات أو حتى على اتفاق لتجميد إنتاجهم. وفي كل الأحوال، سيكون خالد الفالح هو نجم الاجتماع؛ ليس لأنه «وجه جديد»، ولكن لأنه يمثل تحولات كثيرة، فهو أول وزير للطاقة - وليس وزيرا للبترول - يحضر إلى المنظمة منذ خمسين عامًا.. وسينتظر الجميع لمعرفة ماذا سيقول أو يفعل الفالح.



وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
TT

وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)

قال وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، إنه يسعى لتغيير قواعد الديون التي تم التفاوض عليها بشق الأنفس داخل الاتحاد الأوروبي، واصفاً إياها بـ«الخطر الأمني» لأنها تمنع الإنفاق الضروري على الدفاع وغيرها من الأولويات.

وأضاف المرشح عن حزب «الخضر» لمنصب المستشار في مؤتمر صناعي في برلين يوم الثلاثاء: «هذه القواعد لا تتناسب مع متطلبات العصر»، وفق «رويترز».

وأشار هابيك إلى أن الحكومة الائتلافية تفاوضت بشكل غير صحيح على إصلاحات القواعد الأوروبية، دون أن يذكر كريستيان ليندنر، وزير المالية السابق المسؤول عن تلك المفاوضات.

وأدى نزاع حول الإنفاق إلى انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا في وقت سابق من هذا الشهر، بعدما قام المستشار أولاف شولتز بإقالة ليندنر، المعروف بتوجهاته المتشددة في مجال المالية العامة، ما فتح الباب لإجراء انتخابات مبكرة في فبراير (شباط) المقبل.

وفي إشارة إلى مطالبات بإعفاء الإنفاق الدفاعي من القيود المفروضة على الاقتراض بموجب الدستور، قال هابيك: «لا يمكننا التوقف عند مكابح الديون الألمانية». وأضاف أن ألمانيا قد تضطر إلى تحقيق مزيد من المدخرات في موازنتها لعام 2025 للامتثال لقواعد الاتحاد الأوروبي المالية، حتى إذا التزمت بالحد الأقصى للاقتراض بنسبة 0.35 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي كما ينص دستور البلاد.

وبعد أشهر من النقاشات، وافق الاتحاد الأوروبي في نهاية عام 2023 على مراجعة قواعده المالية. وتمنح القواعد الجديدة، التي دخلت حيز التنفيذ في أبريل (نيسان) الدول أربع سنوات لترتيب شؤونها المالية قبل أن تواجه عقوبات قد تشمل غرامات أو فقدان التمويل الأوروبي. وإذا اقترن مسار خفض الديون بإصلاحات هيكلية، يمكن تمديد المهلة إلى سبع سنوات.

وأشار هابيك إلى أن القواعد الجديدة قد تسمح بزيادة الاقتراض إذا أسهم ذلك في زيادة النمو المحتمل.

وردّاً على انتقادات هابيك، قال ليندنر إن الدول الأوروبية بحاجة إلى الالتزام بحدود إنفاقها، مشيراً إلى «قلقه الشديد» بشأن مستويات الديون المرتفعة في فرنسا وإيطاليا. وأضاف ليندنر لـ«رويترز»: «الوزير هابيك يلعب باستقرار عملتنا». وأكد قائلاً: «إذا شككت ألمانيا في قواعد الاتحاد الأوروبي المالية التي تفاوضت عليها بشق الأنفس أو خالفتها، فإن هناك خطراً في انفجار السد».