فوز أقصى اليمين الفرنسي يؤجل زيارة المهدي جمعة إلى باريس

رئيس هيئة الانتخابات في تونس: لا مفر من إجراء الانتخابات قبل نهاية السنة

المهدي جمعة
المهدي جمعة
TT

فوز أقصى اليمين الفرنسي يؤجل زيارة المهدي جمعة إلى باريس

المهدي جمعة
المهدي جمعة

أجل الفوز الساحق الذي حققه أقصى اليمين الفرنسي في الدور الأول من الانتخابات البلدية، زيارة المهدي جمعة رئيس الحكومة التونسية التي كانت مبرمجة إلى فرنسا خلال يومي 31 مارس (آذار) الحالي و1 أبريل (نيسان) المقبل.
ووفق تصريحات من مصادر في رئاسة الحكومة التونسية لـ«الشرق الأوسط»، فإن الحكومة الفرنسية طلبت من المهدي جمعة تأجيل الزيارة لتزامنها مع الإعلان عن نتائج الدور الثاني من الانتخابات البلدية التي ستجرى يوم الأحد 30 مارس الحالي ويعلن عن نتائجها بعد يوم واحد من إجرائها.
وفي هذا الشأن، قال عبد السلام الزبيدي، المكلف بالإعلام في رئاسة الحكومة، لـ«الشرق الأوسط» إن المهدي جمعة سيتحول مباشرة إلى الولايات المتحدة الأميركية في 4 أبريل المقبل في انتظار إعادة ترتيب البيت الفرنسي والتأكد من استمرار حكومة اليسار في دفة التسيير.
وتشير بعض استطلاعات الرأي إلى مطالبة الفرنسيين بنسبة قاربت 80 في المائة بإجراء تحوير حكومي يشمل بالخصوص رئيس الحكومة جون مارك أيرو.
وكان جمعة قد أعلن خلال لقاء إعلامي سابق اعتزامه التوجه إلى فرنسا والولايات المتحدة الأميركية تباعا بعد جولة قادته إلى خمس دول خليجية من 15 الى 19 مارس الحالي.
وبشأن الزيارة المرتقبة لجمعة إلى واشنطن، ذكرت مصادر حكومية تونسية لـ«الشرق الأوسط» أن رئيس الحكومة التونسية رفض مرافقة بعض رؤساء الأحزاب السياسية له إلى واشنطن. وأكدت المصادر أن جمعة رفض مشاركة رؤساء أحزاب من بينهم راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة والباجي قائد السبسي رئيس حركة «نداء»، وقال إنه يفضل الإبقاء على صفة «زيارة دولة» وأن تقتصر الدعوات على مسؤولين حكوميين ورجال أعمال ومستثمرين فحسب.
من ناحية أخرى، قال شفيق صرصار، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، في ندوة صحافية عقدها بالعاصمة التونسية أمس إنه «لا مفر من إجراء الانتخابات قبل نهاية السنة الحالية» وتابع: «تونس دولة قانون ومؤسسات، ومن غير المجدي خرق ما نص عليه دستور البلاد، خاصة الفصل 148 من الدستور».
واعترف صرصار بتعرض الهيئة لمجموعة من الصعوبات الواقعية والقانونية، لكنه أشار إلى أن هيئة الانتخابات مستعدة لهذه المحطة الانتخابية وأنه ما زال هناك من الوقت ما يكفي لإنجازها في أفضل الظروف شريطة تجاوز بعض العراقيل على غرار تمكين الهيئة من مقر مركزي ومقرات فرعية، وحسم مسألة الانتدابات صلب الهيئة، إضافة إلى تعديل قانون ديسمبر (كانون الأول) 2012 المتعلق بالهيئة قصد إعفائها من الخضوع لإجراءات الصفقات العمومية التي تشكل عبئا يعوق تقدم مراحل إعداد الظروف الملائمة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وبشأن تزامن الانتخابات التشريعية مع الرئاسية من عدمه وتمسك بعض الأطراف السياسية بإجراء الانتخابات الرئاسية أولا ثم التوجه نحو صناديق الاقتراع مجددا لانتخابات برلمانية، قال شفيق صرصار لـ«الشرق الأوسط» إن حسم هذا الخلاف ليس من صلاحيات هيئة الانتخابات، وهي ستلتزم في المقابل بما تحدده الأحزاب السياسية من خلال التحاور والتفاوض.
وأشار إلى أن هذا الموضوع تطغى عليه الصبغة السياسية، فهو، على حد تعبيره، «قرار سياسي بامتياز»، وأن الهيئة ملتزمة بمبدأ الحياد والاستقلالية عن كل الأطراف السياسية.
على صعيد متصل، وبشأن طريقة تسجيل الناخبين، وهي محل خلاف بين الفرقاء السياسيين (تسجيل إرادي أم تسجيل إجباري)، فقد أعلن رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات عن اعتماد الإرساليات القصيرة عبر الهواتف الجوالة أو عبر الإنترنت لتسجيل الناخبين في تونس وفي الخارج.



قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
TT

قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

بينما واصلت السلطات السورية الجديدة حملاتها لملاحقة خلايا تتبع النظام السابق في أحياء علوية بمدينة حمص وفي الساحل السوري، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، بأن قتالاً عنيفاً يدور بين الفصائل المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في منطقة منبج شمال سوريا.

وأشار «المرصد السوري» الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إلى مقتل ما لا يقل عن 28 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا في الاشتباكات في محيط مدينة منبج. وذكر «المرصد» أيضاً أن الجيش التركي قصف بعنف مناطق تسيطر عليها «قسد».

وجاء ذلك في وقت قالت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» إن القوات الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسع النطاق على عدة قرى جنوب منبج وشرقها، مؤكدة أنها نجحت في التصدي للمهاجمين الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات.

جانب من تشييع مقاتلَيْن كرديين قُتلا في معارك منبج ودُفنا في القامشلي بشمال شرقي سوريا يوم الخميس (أ.ف.ب)

وتريد تركيا طرد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكّل عماد «قوات سوريا الديمقراطية» من المنطقة؛ بحجة أنها فرع سوري لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً.

إلى ذلك، في حين كان التوتر يتصاعد في الأحياء ذات الغالبية العلوية في حمص خلال عمليات دهم بحثاً عن عناصر من النظام السابق وتصل ارتداداته إلى الساحل السوري، اجتمع نحو خمسين شخصية من المجتمع الأهلي بصفتهم ممثلين عن طوائف دينية وشرائح اجتماعية في محافظة طرطوس مع ممثلين سياسيين من إدارة العمليات العسكرية (التي تولت السلطة في البلاد الآن بعد إطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد). وعلى مدى أربع ساعات، طرح المشاركون بصراحة مخاوف المناطق الساحلية؛ حيث تتركز الغالبية الموالية للنظام السابق، وتم التركيز على السلم الأهلي والتماسك المجتمعي في سوريا عموماً والساحل السوري خصوصاً، بعد تقديم إحاطة سياسية حول الوضع في الداخل السوري والوضع الدولي، والتطورات الحالية وتأثيرها في الواقع السوري.

قوات أمنية خلال عمليات التمشيط في حمص الجمعة (أ.ب)

قالت ميسّرة الجلسة الصحافية، لارا عيزوقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشاركين في الجلسة التي نظّمتها «وحدة دعم الاستقرار» (s.s.u) مثّلوا أطيافاً واسعة من المجتمع المحلي، من مختلف الطوائف الدينية، والشرائح الاجتماعية، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين سياسيين من إدارة العمليات. وأكدت لارا عيزوقي أن أبرز مطلب للوفد الأهلي كان ضرورة إرساء الأمن، مشيرة إلى تقديم اقتراح بتفعيل لجان حماية محلية؛ بحيث تتولى كل منطقة حماية نفسها في المرحلة الراهنة لمنع الفوضى، مع الاستعداد لتسليم المطلوبين، على أن تُمنح ضمانات فعلية لمنع الانتقامات.

معتقلون يُشتبه بأنهم من النظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

وتابعت لارا عيزوقي أن الافتقار إلى الأمن، وحالة الانفلات على الطرقات، أديا إلى إحجام كثير من الأهالي عن إرسال أولادهم إلى المدارس والجامعات، وبالتالي حرمانهم من التعليم. وأشارت إلى أن الجلسة الحوارية تضمّنت مطالبات بالإفراج عن المجندين الإلزاميين الذين كانوا في جيش النظام السابق رغماً عنهم، وجرى اعتقالهم من قِبل إدارة العمليات.

ولفتت إلى أن الوفد الأهلي شدد أيضاً على ضرورة وضع حد لتجاوزات تحدث، مضيفة أنه جرت مناقشة مطولة لما جرى في قرية خربة معزة؛ حيث أقر الأهالي بخطأ حماية المطلوبين، وأن ذلك لا يبرر التجاوزات التي حصلت أثناء المداهمات.

يُشار إلى أن اشتباكات حصلت في طرطوس في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لدى ملاحقة قوى الأمن الضابط في جيش النظام السابق محمد حسن كنجو الملقب بـ«سفاح سجن صيدنايا»، وهو رئيس محكمة الميدان العسكري التي تُتهم بأنها السبب في مقتل آلاف المعتقلين.

ومما طرحه أهالي طرطوس، في الجلسة، مطلب صدور عفو عام، إذ إن هناك مئات من الشباب المتعلم اضطرهم الفقر إلى العمل في الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام. ويريد ممثلو الأهالي بحث إمكانية ضم هؤلاء إلى وزارة الدفاع مجدداً، لتجنّب الانعكاسات السلبية لكونهم عاطلين عن العمل. وحسب لارا عيزوقي، كشف ممثل الإدارة الجديدة عن نية «إدارة العمليات» إصدار عفو عام يستثني المتورطين بشكل مباشر في جرائم النظام السابق.

مواطنون في حمص خلال قيام قوات أمن الحكم الجديد بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)

ولفتت لارا عيزوقي إلى وجود ممثلين عن شباب بأعمار تتراوح بين 20 و30 سنة، وقالت إنهم يعتبرون أنفسهم ينتمون الى سوريا، لا إلى طائفة معينة ولا يريدون الهجرة ويتطلعون الى لعب دور في مستقبل سوريا، متسائلين عن كيف يمكن أن يحصل ذلك إذا تمّ تأطيرهم داخل مكوّن طائفي.

وحول تسريح الموظفين، عبّر مشاركون عن مخاوف من تسريح آلاف الموظفين لا سيما النساء من ذوي قتلى النظام واللواتي تعلن عائلاتهن -مع لفت النظر إلى اتساع رقعة الفقر وتعمّقها في الساحل خلال سنوات الحرب- حالة الإفقار الممنهجة التي طالت محافظة طرطوس بصفتها محافظة زراعية تدهورت زراعتها في السنوات الماضية.

أطفال في شاحنة بمدينة حمص الجمعة (أ.ب)

وشهدت مدينة طرطوس، بين مساء الخميس وصباح الجمعة، حالة توتر مع توارد أنباء عن جريمة قتل وقعت قرب «شاليهات الأحلام» حيث تستقر مجموعات من «فصائل إدارة العمليات». وحسب المعلومات، أقدم مجهولون على إطلاق نار على شخصين، مما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الأهالي طالبوا «هيئة تحرير الشام» التي تقود إدارة العمليات العسكرية، «بوضع حد للاعتداءات والانتهاكات التي تُسهم في زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي الذي تعيشه المنطقة».

وأشار «المرصد» إلى أن ملثمين مسلحين أعدموا أحد أبناء حي الغمقة الشرقية في مدينة طرطوس، وهو شقيق شخص مطلوب بقضايا جنائية، وذلك خلال تفقد القتيل شاليهاً يملكه في منطقة «شاليهات الأحلام».

وتشهد مناطق تركز العلويين في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية انفلاتاً أمنياً بسبب انتشار السلاح، وتحصّن مطلوبين من عناصر النظام السابق في أحياء وقرى، مما يثير مخاوف من تأجيج نزاع مناطقي.

يُشار إلى أن «إدارة العمليات العسكرية» استكملت، الجمعة، حملة التمشيط التي بدأتها في حمص يوم الخميس، وشملت أحياء العباسية والسبيل والزهراء والمهاجرين، بحثاً عن فلول ميليشيات النظام السابق. وأفيد باعتقال عشرات الأشخاص بينهم من أُفرج عنهم بعد ساعات فقط.